المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحديث الشريف ومسألة الاستدلال النحوي



أهــل الحـديث
01-01-2014, 08:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الحديث الشريف ومسألة الاستدلال النحوي



الدكتور : دين العربي



[email protected]



الحديث الشريف واحد من طرائق الاستدلال النحوي ، وقد أثبت النحاة صحة الاستشهاد به شرط أن يثبت بلفظه عن الرسول r ، غير أن ذلك يحدث نادرا ، يقول السيوطي في هذه المسالة : « وأما كلامه r فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروي ، وذلك نادر جدا ، إنما يوجد في الأحاديث القصار ، على قلة أيضا ، فإن غالب الأحاديث مروي بالمعنى ، وقد تداولتها الأعاجم والمولدون قبل تدوينها ، فرووها بما أدّت إليه عباراتُهم فزادوا ونقصوا ، وقدموا وأخروا ، وأبدلوا ألفاظا بألفاظ ، ولهذا ترى الحديث الواحد في القصة الواحدة مرويا على أوجه شتى بعبارات مختلفة» ، فعلى الرغم من أن الحديث الشريف قطعي الأدلة في النحو إلا أن سبب التخوف من قبوله يرجع إلى أن أغلبه تداوله أناس لم تخلُ ألسنتهم من اللحن ، زد على ذلك فإن الحديث الشريف لم يكن مرويا في بوادي العرب فحسب بل في الحواضر الذين فسدت ألسنتهم .
دار جدل كبير بين علماء العربية حول مسألة الاستشهاد بالحديث الشريف في إثبات صحيح اللغة ،"مع أن كثيرا من الأحاديث دونت قبل أن يُدَوَّن الشعر العربي المتفق على الاحتجاج به ، وأن الحديث نثر ليس فيه من ضرورات الشعر شيء مما كان يستوجب تقديمه في الاحتجاج عليه" ، ومع ذلك كله وقف جل القدماء منه موقف الرفض ، وانقسموا حول المسألة فرقا ، فمنهم الرافضون كابن الضائع ( تـ 282ﻫ ) وأبي حيان ، وهؤلاء "لم يمتنعوا من الاستشهاد بالحديث النبوي في تقرير أحكام اللسان ، لاعتقادهم النقص في فصاحة الرسول r ، فهذا لا يخطر على بال أحد ألمَّ بشيء من سيرته ، فضلا عن علماء عرفوا أنه كان أفصح من نطق بالضاد ، وأوتي من جوامع الكلم وعلم ألسنة العرب مالا يجاريه فيه أحد سبقه أو جاء من بعده ، وإنما امتنعوا من ذلك لكثرة ما وقع في الحديث الشريف من الرواية بالمعنى ، وفي الرواة مولدون لم ينشأوا على النطق بالعربية الصحيحة" ، فكانت الرواية بعد ذلك سببا قويا في حدوث اللحن . ثم يأتي موقف المجوزين كابن خروف والسهيلي الذي في " أماليه قريب من سبعين حديثا استشهد ببعضها في تقرير أحكام نحوية" ، ومن المجوزين أيضا ابن مالك والرضي ( تـ 688ﻫ ) وابن هشام والدماميني ( تـ 828ﻫ ) وغيرهم كثر . وقد ظهر بين هذين الفريقين آخرُ وقف موقفا وسطا ، إذ رأى أصحابه جواز الاستشهاد بالحديث المروي لفظا وترك ما رُوي منه معنى ، كالسيوطي وغيره .