تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : منصور البلوي: أشيطان رجيم أم ملاك منزه؟! قراءة نقدية



عميد اتحادي
30-12-2013, 09:50 AM
http://s.alriyadh.com/2006/11/22/img/211877.jpg (http://s.alriyadh.com/2006/11/22/img/211877.jpg)

نقول أولاً أن النقد هو مايتم فيه ذكر الإيجابيات سواء بسواء مع السلبيات .. عدا ذلك فلن يخرج الأمر سوى عن كونه شخصنة وتصفية حسابات أو عن كونه مجرد تطبيل (الكلمة الأكثر شيوعاً في الشارع الاتحادي اليوم)

ونقول ثانياً بأن هذا الموضوع قد تم طرحه في هذا التوقيت تزامناً مع لجنة التحقيق والتي تشير بعض الأنباء إلى أن منصور سيكون متورطاً فيها، خصوصاً بعد مقال الرياضية والذي فتح باباً من الجدل لايمكن إغلاقه بسهولة .. ولذا وجب علي كاتحادي شاهد على أكثر من عصر وكرجل أدعي أني حيادي أن أعبر عن وجهة نظري المجردة حيال الرجل المثير للجدل سواء اثناء أو حتى بعد ابتعاده عن دفة القرار الاتحادي..
...............................
مقدمة:

مشهد من الذاكرة: قبل 9 سنوات بالتمام والكمال وتحديداً في 1 ديسمبر 2004 خرجت من البيت ظهيرة ذلك اليوم هائماً على وجهي وانا غير مصدق بأن ماحدث قبل قليل هو حقيقة لاحلم .. هل ذلك الفريق الذي يرتدي الزي الأبيض مروضاً الشمشون الكوري وعلى أرضه بخماسية حولت التاج الآسيوي من سيؤول إلى جدة هو نفسه الاتحاد؟ هل كان نور ومناف وتشيكو وحمزة وتكر ومرزوق والصادق هم أنفسهم من خرجوا من ملعب عبدالله الفيصل بجدة قبلها بأسبوع واحد مطأطئي الرؤوس بعد ثلاثية مذلة؟!

وجدت أن مقر نادي الاتحاد سيكون الملاذ الوحيد علي ألتقي بالجمهور هناك لأصدق أن ماحدث كان حقيقة وليس فيلماً خيالياً بثته القناة السعودية!

يومها وجدت النادي خالياً سوى من ورشة عمل لأعمال بناء ووجدت مهندساً من دولة عربية يتحدث ساخطاً بأنه من غير المعقول أن كل ذلك العمل الضخم والمجهود بمقابل أجور محدودة!

وفجأة ظهر أحد أعضاء الرابطة والذي تربطني به سابق معرفة من المدرج والضحكة تعلو وجهه وهي يأخذني بالأحضان ألف ألف مبروك جابوها الرجال، سألته عن فراغ النادي من الجمهور فقال لي " زي منتا شايف النادي كله شغل، الجمهور كله اليوم رايح يحتفل في صالة جدة الساعة خمسة في مباراة السلة حقت الاتحاد والهلال"

ركبت سيارتي يومها وقد خرجت مقتنعاً بحقيقتين: الأولى أن الاتحاد فعلاً هو بطل آسيا وماشاهدته قبل ساعة كان حقيقة،، والثانية وهي الأهم أن نادي الاتحاد يمر بمرحلة انتقالية وأن العمل الدؤوب ليس على مستوى فريق كرة القدم فحسب إنما تعداه ليشمل حتى مرافق النادي..

ولم تمضي أسابيع على تلك الحادثة حتى بدأت نتائج العمل الذي كان يسخط بسببه المهندس العربي تظهر على أرض الواقع: في الاتحاد أول مركز إعلامي على مستوى الأندية، في الاتحاد أول متحف على مستوى الأندية، في الاتحاد مركز طبي ومعسكر 5 نجوم وقاعة متطورة للاجتماعات ومكتب فخم للرئيس يليق بهيبة النادي ،وكل تلك الإنجازات تحمل أسماء رموز للنادي لا أسماء لطوال العمر، الاتحاد يجني أولى ثمار عمل رئيسه الطموح "منصور بن حمدان البلوي"

اتهام..

تلك الإنجازات ليست من فلوسه .. الدعم كان من آل الشيخ وبن محفوظ وغيرهم .. فعلها من أجل الشهرة والشو ..

أقول بأن تلك الاتهامات وإن صحت فإنها لاتقلل من عمل الرجل الذي عرف كيف يستفيد من الدعم المالي والإعلامي ليقوم بما لم يقم به قبله إن كان من رؤساء الاتحاد أو من الأندية الأخرى.. كيف جعل من الاتحاد كمنشأة مبهرة هي تجربة رائدة قلدتها من بعده الأندية الأخرى..

وبعد هذه المقدمة، فما سيأتي هو تحليل للفكر الإعلامي والرياضي والمالي والشخصي لمنصور البلوي، بمراعاة ذكر الإيجابيات والسلبيات لكل تلك الجوانب..

الفكر الإعلامي:


أعتقد أن من أسباب الأزمات الحالية في الاتحاد هي الحرب الإعلامية الطاحنة التي تواجهها الإدارات المتعاقبة .. منذ تولي المرزوقي وحتى اللحظة لم تسلم أي إدارة من الطعن والتشكيك والتحريض وتعدى الأمر من الإساءة للإدارات إلى الإساءة إلى داعم الاتحاد الأول عبدالمحسن آل الشيخ .. تلك الآلة الإعلامية الضخمة هي إحدى سلبيات منصور البلوي والتي مازال النادي يعاني منها حتى الآن، ولكنها في المقابل وتحديداً في فترة رئاسته كانت من مزاياه .. فكيف ذلك؟

باختصار ماقام به منصور إضافة إلى تأسيس المركز الإعلامي هو أنه اشترى جريدة الرياضي من مالكها السابق الشهيل، وقام بجلب أشهر وأكبر الكتاب الصحفيين الاتحاديين على الساحة آنذاك حيث الشرقي والبكيري والمالي والعمودي وكعدور وأسماء أخرى صاعدة مثل أبو هداية وعاصم وأسماء أخرى لاتحضرني إضافة إلى تعيين سليط اللسان عدنان جستنيه كمدير للمركز الإعلامي.. كل تلك الأقلام والمجهودات الصحفية كانت تعمل بمثابة خط دفاع مكهرب إن كان عن الاتحاد حين يتعرض لهجوم من إعلام منتسب لأندية أخرى أو عن منصور ذاته حين كان يتعرض لهجوم من أشخاص منتسبين للاتحاد ..

صنعت الرياضي مع المركز الإعلامي سوراً طويلاً للاتحاد ولمنصور نفسه الذي أصبح يعمل باستقرار ويكسب اليوم بعد الآخر المزيد من الدعم الإعلامي والجماهيري فصنع لنفسه اسماً مايزال الأكثر شعبية في الساحة الاتحادية حتى اليوم..

ليس ذلك فحسب إنما نجحت الآلة الإعلامية الضخمة التي أسسها منصور في أن تنصف نادي الاتحاد رغم أنها أرادات تلميع منصور في المقام الأول.. فمثلاً كان يتم بعد نهاية كل موسم ذكر الإنجازات التي حققها نادي الاتحاد في مختلف المجالات الرياضية والثقافية والاجتماعية والاستثمارية ..

وتحديداً تم إنصاف الألعاب المختلفة في نادي الاتحاد وأنها أيضاً ماكينات منتجة للبطولات رداً على إعلام الجار الذي كان ومايزال يتغنى متبجحاً بأن ناديهم هو الوحيد من يحقق البطولات في كل الرياضات .. الألعاب المختلفة بالاتحاد تم إنصافها إعلامياً في فترة منصور البلوي فقط..

الفكر الرياضي:


خبر يعود لعام 2008: منصور البلوي يجتمع مع المدرب البلجيكي " غيريتس" ويقترب من التوقيع للاتحاد..

نعم غيريتس ذاته المدرب المميز في مسيرة فريق الهلال والذين مازالوا يتغنون به حتى اليوم .. منصور البلوي وقبل أن يتعاقد معه الهلال بعام كان يفاوضه ووصلت الماوضات إلى مرحلة متقدمة قبل أن يقرر آل الشيخ التعاقد مع المدرب البرازيلي كاندينو لأنه صاحب تجربة ناجحة مع الاتحاد في الدوري التمهيدي عام 2004 حين تصدر الدوري بلا هزيمة (( عام 2008 كان أول موسم تمت فيه إعادة بطولة الدوري لنظام النقاط بعد إلغاء المربع الذهبي))

حين نرى المسيرة الناجحة لغيريتس مع الهلال يمكن لنا أن ندرك مدى النظرة الفنية الثاقبة التي كان يتمتع بها منصور البلوي .. فريق الأحلام الهلالي في الفترة مابين 2009 حتى 2010 كان سيكون اتحادياً لو تم تنفيذ رؤية منصور البلوي..

أما على صعيد الخيارات للاعبين فقد اتبع منصور خطاً ثابتاً وهو تقوية الخطوط الدفاعية بلاعبين محليين، أما هجومياً فقد كان الاعتماد على ثلاثي أجنبي أحدهم صانع لعب مميز وفي المقدمة ثنائي هجومي أحدهما راس حربة هداف يتواجد في الصندوق والآخر مهاجم مساند مهاري سريع مشاكس .. وهكذا بكل بساطة تفوق فريق الاتحاد فنياً .. فكل الخطوط الخلفية يتواجد بها أفضل اللاعبين المحليين بينما هجومياً تم وضع الثقل في قوة أجنبية ضاربة مثل تشيكو وفاغنر في الوسط وكالون وكيتا وبرنس تاغو وماغنو الفيس في المقدمة ناهيك عن أسماء لم تحقق النجاح المأمول مثل اسيمو فيتش وبورغيتي وسيرجيو هيريرا .. لكن بعيداً عن حسابات النجاح والفشل، فالفكرة تتمثل في وجود رؤية ثابتة لتعاقدات الفريق الأول مع محترفيه الأجانب..

في المقابل فإن حرص منصور الزايد عن الحد لتقوية الفريق قد انقلب إلى نتائج سلبية في بعض النواحي .. أول تلك المشاكل كان انعدام الاستقرار الفني في الفريق ولنا أن نتخيل أنه في أول سنة رئاسية فقط تم التعاقد مع حوالي 10 لاعبين أجانب وهم : سيمبا - تشيكو - سيرجيو - ديمبا - جليرمي - جنتل - الشاطر - زاراتي - وفي فترة الاستعداد للموسم كان ثلاثي الاتحاد الأجنبي هو الجزائري زافور والمغربي الناطر ومحترف أفريقي لا أذكر اسمه!!

زاراتي مثلاً هو أحد الأسماء التي تم التعاقد معها في سنة 2004 .. زاراتي هو هداف الدوري الأرجنتيني في ذلك العام، يعني صفقة مميزة مافيها كلام، لكن الكارثة أن التعاقد مع اللاعب المميز تم قبل 3 أيام فقط من المباراة النهائية لدوري ذلك الموسم ضد الشباب ، وتم فرض اللاعب كأساسي في تشكيلة المباراة، ثم زاد الطين بلة بأن أعلن منصور أن أي لاعب سيصنع تمريرة هدف لزاراتي سيحصل على مكافأة قدرها 50 ألف!

لعب زاراتي في الشوط الأول دون أدنى تفاهم مع زملائه وكان الفريق الاتحادي يخوض النهائي وكأنه بعشرة لاعبين فقط .. ثم كان تصريح منصور دوره في القضاء على هوية الفريق حيث كان حرص جميع اللاعبين للتمرير إلى زاراتي للفوز بالمكافأة الموعودة! وفي النهاية خسر الاتحاد تلك المباراة رغم أنه كان الأكثر ترشيحاً والأكثر جاهزية وخبرة من منافسه ويخوضها على أرضه وأمام جماهيره وضاع مجهود دوري كامل!

وليس على مستوى الاجانب فحسب إنما حتى التعاقدات المبالغ فيها مع اللاعبين المحليين أثرت على هوية الفريق واستقراره فأصبح الفريق يلعب في كل مباراة بتشكيلة مختلفة ولم يتم الاستفادة من مواهب القاعدة الاتحادية والأهم أن أسلوب الأداء الاتحادي السريع والمتوارث من فترة ديمتري قد تم القضاء عليه بعد التعاقد مع لاعبي أندية أخرى وبعدد كبير وهم من ينتمي لثقافة فنية تختلف عن الثقافة الفنية للاعب الاتحادي المعتمدة على السرعة والقتالية والقوة..

الفكر المالي والاستثماري:


جزر البندقية في 2004 كانت مشروعاً استثمارياً واعداً وكان ماليء الدنيا وشاغل الناس في ذلك الوقت .. قام منصور بخطوة لقيت إشادات كبيرة وهي استثمار جزء من أموال الاتحاد في ذلك المشروع الواعد وبأسهم بلغ مقدارها 15 مليون ريال .. في النهاية اتضح أن مشروع البندقية هو مشروع مساهمات فاشل ولم يكن صاحبه الدريبي أكثر من مجرد أفاق! بطبيعة الحال لايلام منصور على ذلك كون أن الدريبي قام بالنصب على فئة كبيرة من أكبر رجال الأعمال في البلد، لكن ما يحسب لمنصور هنا هو فكره الاستثماري غير المسبوق على مستوى الأندية..

منصور أيضاً قام بخطوة استثمارية مميزة حين تعاقد مع الموهبة البرازيلية الصاعدة فاغنر لمدة 6 شهور فقط مقابل أن يكون جزءاً من بطاقة اللاعب مملوكاً للاتحاد وبالتالي فإن تم بيع عقد اللاعب لأي نادي في العالم فسيحصل الاتحاد على عائد من الصفقة .. وإضافة إلى الفائدة الفنية التي أضافها فاغنر إلى الفريق ومساهمته الفعالة في تحقيق دوري 2007 فقد استفاد النادي مالياً بعد أن تم بيع عقد فاغنر لنادي في روسيا بعدها بثلاث سنوات ودخل إلى الخزينة الاتحادية مبلغاً إضافياً في فترة رئاسة الدكتور خالد المرزوقي ..

وأستغرب هنا بالمناسبة عدم خوض الأندية السعودية لهذه التجربة الاستثمارية الناجحة مع مواهب أمريكا الجنوبية، ولنا أن نتخيل ماذا لو أن نادي الاتحاد قد دخل شريكاً في امتلاك عقد نيمار مثلاً ( الشراكة في عقد اللاعب لاتعني بالضرورة أن يلعب معنا) فكم كان سيدخل إلى الخزينة الاتحادية بعد انتقاله لبرشلونة؟

أيضاً في 2003 حين كان مشرفاً على فريق كرة القدم قام البلوي بالتعاقد مع النجم العالمي بيبيتو .. الصفقة ومنذ اليوم الأول تم التلميح بأنها لأغراض إعلامية واستثمارية أكثر من كونها لأغراض فنية فالمهاجم العالمي قد انخفض عطاؤه ومستواه لكنه مايزال يحظى ببريق الشهرة وللعلم فإن بيبيتو هو مبتكر أسلوب الفرحة الشهير بتحريك الأيدي على طريقة تحريك المولود والتي مازال يقوم بها حتى الآن أي لاعب كرة قدم رزق بمولود في يوم المباراة التي سجل بها هدف .. ونتيجة لتلك الصفقة تقدمت شركة لوتو لتتولى صناعة قمصان فريق الاتحاد وبمبلغ مجزي وتم جلب أكثر من معلن للنادي..

في المقابل فإن سياسة منصور التعاقدية أدت إلى كارثة استراتيجية يدفع الاتحاد ثمنها اليوم، ففي عهد منصور وكما يتفاخر هو ويشيد به أنصاره على الدوام بأن ثمن اللاعب السعودي قد ارتفع بشكل باهظ .. هذا الارتفاع أدى إلى أن يكون عقد لاعب واحد يساوي ميزانية النادي كاملاً قبل سنوات ..

كانت البداية في التجديد مع حمد المنتشري الذي تحصل على 8 ملايين ريال وهو مبلغ كان خيالياً في ذلك الوقت إذا علمنا أن صفقة مرزوق العتيبي قبلها بسنوات بلغت 9 ملايين ريال شاملة حصة اللاعب وناديه ووكيله وظلت تلك الصفقة ولعدة سنوات أغلى صفقة في تاريخ الملاعب المحلية، وفجأة يصبح ماتم دفعه في صفقة كاملة هو نفس ماتم دفعه للاعب واحد!! وبعدها انفرط العقد فكريري يجدد ب 10 ملايين ومناف وأسامة بأكثر من ذلك ثم نور ب 25 مليون ثم هزازي بأكثر من 10 ملايين وحتى تكر ومبروك والصقري ارتفعت أسعار عقودهم بشكل مبالغ فيه ومن هنا حلت الأزمة المالية الحالية، فإدارة النادي باتت عاجزة عن تسديد كل تلك المطالب الملزمة، والأسوأ أن أي لاعب جديد أصبح لايطالب بأقل مما كان يتقاضاه لاعبو الجيل السابق، وهكذا ومع ازدياد المطالبات والتي تزامنت لسوء الحظ مع انقطاع آل الشيخ وانتهاء عقد الاتصالات، أصبح الاتحاد في ورطة حقيقية بسبب ارتفاع ثمن اللاعبين ..

وإضافة إلى أن تلك التعاقدات أصبحت تمثل مصروفات تفوق بكثيرالسيولة المتوفرة، فإنها أصلاً لاتوازي قيمة اللاعب السعودي والذي لايصل سعره عالمياً إلى المليون دولار، هو بمثابة دفع ثمن سيارة بي ام دبليو في سيارة كورولا! والمشكلة الاخرى أن هذا الارتفاع في ثمن اللاعبين لم يحقق في المقابل النتائج المرجوة إن كان على صعيد نادي الاتحاد أو حتى على صعيد المنتخب والأندية الأخرى .. فمنذ التجديد مع منتشري بذلك المبلغ في 2008 لم يحقق ذلك الجيل للاتحاد سوى بطولتين فقط!! أما الأندية الأخرى والتي ارتفعت أيضاً أسعار لاعبيها فلم تحقق أي منجز خارجي، أما المنتخب والذي أصبح يضم قائمة من المليونيرات فقد حقق أسوأ نتائج في تاريخه منذ 30 سنة أعادت المنتخب السعودي لحالة ماقبل الثمانينات!

من ناحية أخرى يخطيء من يقول أن الاتحاد في عهد منصور لم يعاني من أي مشاكل مالية .. كانت هناك أيضاً متأخرات في الرواتب للعاملين وكانت هناك قضايا مرفوعة على النادي في الفيفا والتزامات متأخرة.. الوضع يشبه تماماً الوضع الحالي إنما الفرق الأساسي يتمثل في تواجد العضو الداعم آنذاك والذي كان يحل جميع العوائق المالية..

وأحد أبرز المشاكل المالية كانت أزمة العقد المزور لمحمد نور حين قام البلوي بتزويره في 2006، وأيامها حدثت أزمة صريحة بين محمد نور ومنصور البلوي حيث قدم نور شكوى رسمية للأمير نواف بن فيصل ورفع قضية على منصور متهمه بالتزوير، وأيامها بدأت الصحافة الموالية لمنصور بقيادة البكيري بشن حملات قوية على محمد نور ووصفته بالمغرور والمتخاذل وناكر الجميل مع إسقاطات عنصرية صريحة!! بعد تلك الشوشرة قام البلوي بتعويض نور بمبلغ مالي ليتراجع عن شكواه وهو ماحدث فعلاً حيث سحب نور شكواه وحمل المسؤولية لشقيقه عبدالقادر وأنه رفع القضية من غير علمه وموافقته، ومن هنا توترت العلاقة بين نور والقيادة الرياضية من جهة فتم إيقافه لمدة عام وإبعاده عن المنتخب لأكثر من 3 أعوام كما توترت العلاقة بين منصور والقيادة الرياضية والذين عاقبوه بعدها بسنة بالإبعاد في قضية كالون..

الفكر التطويري:
إضافة إلى ماتم ذكره سابقاً من تطوير مرافق النادي واستحداث أفكار إدارية جديدة غير مسبوقة محلياً، فمنصور أثناء إشرافه على الفريق في 2003 هو أول من قام بعمل لمسات تطويرية للفانيلة الاتحادية الكلاسيكية وأزال منها الجمود .. حافظ على الخطوط المقلمة التي صنعت هيبة الاتحاد وارتبطت في أذهان الاجيال لكنه في المقابل أضاف لمسات عصرية جمالية، فأصبحنا نرى تصميمات جديدة كل عام للفانيلة المقلمة وأصبح المصممون والحاكة يتفنون في الابتكار .. منصور صنع ثقافة جمالية في النادي.

شخصية منصور البلوي:


محب للشهرة ومطارد للفلاشات: ليس عيباً أن يكون الشخص محباً للشهرة والفلاشات مثلما يسخر من هم ضد منصور.. هناك فرق بين أن تكون محباً للفلاشات لأنك تغوى الظهور على طريقة الفريان وبين أن تكون هوايتك للفلاشات من أجل إعطاء عملك حقه من التقدير والأضواء، وهكذا هو منصور في رأيي، فالفلاشات بالنسبة له مجرد وسيلة لينال حقه الإعلامي وليست غاية مثل الفريان..

الطموح العالي والنفس الكبيرة: هي أبرز سمات منصور .. وإذا كان الكثير من أنصار منصور البلوي هنا قد عرفوه أثناء رئاسته للاتحاد، فأنا أعرفه قبل أكثر من 20 عاماً حين كان إدارياً لفريق كرة القدم
منصور في العام 1993 تعاقد مع صانع ألعاب وقائد المنتخب الأميركي وأفضل لاعب في بطولة القارات الأولى " هوجو بيريز"
ولمن يريد أن يتعرف على اللاعب فليكتب في يوتيوب Hugo Perez

وبعدها بسنة دخل في مفاوضات مباشرة مع المهاجم الأفريقي العالمي "رشيد ياكيني" في مفاوضات شغلت الرأي الرياضي العام محلياً وخارجياً، ورشيد ياكيني في تلك الفترة كان مثل وضع وشهرة سامويل ايتو وديديه دروجبا حالياً ..
وللمهتمين باللاعب فليكتبوا في يوتيوب Rashidi Yekini

إضافة إلى جلب أحد أفضل اللاعبين العرب في تلك الفترة المغربي عزيز أوزكات .. ولتقريب الفكرة لمن لايعرف أوزكات،فاللاعب يشبه في مسيرته وفي أسلوب لعبه وحتى في شكله مع لاعب سطيف الجزائري الحاج عيسى لمن يتذكر هذا اللاعب..

وبطبيعة الحال فإن أعمال الإصلاحات بالنادي والتعاقدات مع مدربين ومحترفين عالميين وأبرز نجوم المملكة والطموح في تحقيق البطولات الكبرى تدل على مدى الطموح العالي الذي يملكه الرجل ..

التفاؤل المستمر .. للحق أقول وأنه على الرغم من أنه حتى فترة منصور البلوي شهدت إخفاقات على مستوى فريق كرة القدم وخسرنا أيضاً بنتائج كبيرة وفقدنا بطولات سهلة ولم تكن كل الأيام عسل .. لكني مع ذلك أعترف بأن وجود منصور البلوي على قمة الهرم الإداري كان يبعث على الارتياح.

بعد أي إخفاق كان يظهر منصور بشجاعة ويعترف بوجود أخطاء ويعد بإصلاحات عاجلة، وهو ماكان يحدث فعلاً رغم أن البعض يعتبرون تصريحاته لمجرد التخدير!

منصور لم يكن يتوانى عن إبعاد مدرب أو لاعب أجنبي مهما كان اسمه وحجمه وشرطه الجزائي طالما أن وجوده لايفيد الفريق .. وهذا الامر وإن أثر على استقرار الفريق كما أشرت سابقاً في هذا الموضوع لكنه في المقابل يعكس رغبة منصور المستمرة في الإصلاح.. وتأكيداً على كلامي فبعد خسارة دوري 2004 والذي شهد خطأ التعاقد مع زاراتي، كان التعويض بعدها بشهور ببطولة آسيا أتبعها باللقب العربي الصعب ثم آسيوية أخرى ومشاركة مونديالية .. وبعد خسارة بطولتين متتاليتين أمام الأهلي في 2007 كان التعويض ببطولة الدوري في نفس الموسم وكان في طريقه للحفاظ على اللقب في الموسم التالي لولا ماحصل في قصة الإقالة حين خس الفريق بعض النقاط المؤثرة في تلك الفترة.

كثرة الوعود: يعيره البعض بفشل وعده في صفقة فيقو وصفقة ايتو واتي برشا واللاعب العزيز والخ من الصفقات التي وعد بها ولم تتم .. لكن في المقابل فمنصور هو أيضاً من جلب بورغيتي الهداف التاريخي لمنتخب المكسيك والحسن كيتا هداف الدوري السويسري،زاراتي هداف الأرجنتيني،ديمبا هداف الدوري البرازيلي، جليرمي مهاجم دولي في المنتخب البرازيلي ولعب بجوار رونالدو الأصلع،آسيمو فيتش قائد المنتخب السلوفيني، تشيكو أحد أبرز لاعبي الدوري البرازيلي،فاجنر الموهوب البرازيلي، كالون نجم الانتر ميلان، جوب هداف المنتخب الكاميروني والذي كان ايتو احتياطياً له، وسيرجيو هيريرا هداف الدوري الكولمبي وبمناسبة هيريرا فقد جاء للاتحاد وهو أبرز لاعب صاعد في كولمبيا وتم التنبؤ له بمستقبل كبير في الكرة العالمية ويشبه بداية مواطنه فالكاو، يعني تخيلوا أن فالكاو لعب في الاتحادقبل انتقاله لاسبانيا وهذا بالضبط ماحدث مع هيريرا..
هذا غير المدربين العالميين مثل يوردانيسكو وميتسو ووحيد خليلوفتش المدرب الحالي لمنتخب الجزائر والذي قادهم للمونديال .. وحتى وإن لم تكن تلك التعاقدات بأمواله الخاصة، فتكفي القدرة على جلب تلك الأسماء الكبيرة والقدرة التفاوضية للرجل والذي نجح في إقناع تلك الأسماء للعب في دوري يعتبر مغمور وضعيف عالمياً..

الجرأة: يكفي أن ترى حجم العمل المبذول في مهرجان اليوبيل الماسي لتأسيس الاتحاد .. ويكفي أن ترى الأعمال التطويرية والاقتراب من مناطق محظورة مثل منشآت النادي وقميص الفريق لتدرك مدى جرأة الرجل ..

ليس هذا فحسب إنما يملك الرجل جرأة حتى في اتخاذ القرارات الحاسمة لمصير الفريق الأول دون خوف من أي ردة فعل جماهيرية أو إعلامية أو شرفية، فمنصور لم يتردد للحظة في إبعاد المغفور له بإذن الله محمد الخليوي من النادي وهو أحد لاعبيه الرموز عبر التاريخ، ولم يقف ضد رغبة لاعبين يعتبرون من الأمهر في تاريخ الاتحاد مثل الحسن اليامي وخميس الزهراني في الاعتزال، ولكل من يتباكى على إبعاد لاعبي الجيل الذهبي الذين لم يتبقى منهم سوى أسامة أقول بأن منصور نفسه كان سيبعدهم كلهم بلا استثناء وبما فيهم نور منذ 2010 على الأقل، فمنصور الذي عرف عنه بتدليل اللاعبين وتهيئة كافة السبل لهم للإبداع هو نفس الشخص الذي عرف عنه عدم الرأفة بأي لاعب متخاذل مهما كان اسمه وتاريخه ونجوميته ومكانته ..

أيضاً تتمثل جرأة منصور في عدم تردده لمفاوضة أي لاعب يرى أن الفريق بحاجته، لايهمه في ذلك إن كان المنافس أحد أندية النفوذ محلياً أو حتى أحد أندية القمة أوروبياً وكثيراً مافعلها وفاوض لاعبين تفاوضهم أيضاً أندية أوروبية مرموقة، وكذلك لايهمه إن كان اللاعب الذي تتم مفاوضته يلعب في عرين الأسد بذاته وكثيراً مافعلها متحدياً الذات العام الأخضر والبشت الازرق..

منصور والمستقبل:

في حوار أجري قبل إقالته بشهور قال أتفاءل بالرقم 24 وقد أمضيت في رئاسة الاتحاد 4 سنوات وأتمنى أن يطيل بي العمر وتكون عندي القدرة لرئاسة الاتحاد لعشرين عاماً أخرى فأكون قد أتممت 24 عاماً .. أتساءل أحياناً ماذا لو استمر منصور منذ ذلك الحين ولم يحدث ماحدث؟
بطبيعة الحال لايعني استمراره بالضرورة هو الازدهار الدائم من ناحية بطولات فريق القدم تحديداً، لكنه على الأقل كان سيعني المزيد من العمل التطويري في النادي .. منصور منذ 2008 إلى اليوم ونحن على مشارف 2014 كان سيتعلم من أخطائه في جميع الجوانب الإدارية والرياضية والإعلامية والمالية..

منصور كما أسس ثقافة تعاقدية خاطئة أثرت على الاتحاد اليوم، لكنه ترك أيضاً إرثاً باهراً تستطيع أن تعيشه حين تتمشى في جنبات النادي وحين تتأمل في المتحف الاتحادي ومرافق النادي الفخمة التي حملت أسماء لرموزه عبر التاريخ..


وأخيراً الملف الشائك وقضية العنصرية ..

الحق أقول بأن هذا الملف هو أغبى مايطرح من مؤيدي وأعداء منصور على السواء .. فمنصور وإن كان قبلياً بالاسم، لكنه في النهاية هو من مواليد وتربية مدينة جدة ولهجته جداوية إلى حد كبير وقارنوها مثلاً بلهجة ابن عمه حامد .. منصور نشأ ودرس في جدة وفيها جيرانه وأصدقاؤه وشركاؤه، وهو امتداد لوالده العم حمدان رحمه الله والذي كانت له علاقات تجارية واسعة مع تجار جدة .. وحتى مايسوقه البعض من الخلاف البلوي الجمجومي هو مثير للامتعاض إذا ماعلمنا أن منصور البلوي كان أحد أعضاء مجلس إدارة الدكتور عدنان جمجوم رحمه الله "شقيق عادل" والمفارقة أنه حين عاد منصور للمشهد الاتحادي في 2002 عاد تحديداً في إدارة المهندس "حسن جمجوم" .. وكذلك حضر في مجلس إدارة البلوي أعضاء من الحضر ومن بيوتات جدة .. لم تكن إدارة منصور إدارة قبلية بحتة مثلما يسوق البعض !!

ولذا فإن العزف على هذا الوتر من الطرفين ليس أكثر من إضاعة للوقت واتخاذ منصور البلوي بحسناته وأخطائه كمطية لتفريغ أحقاد مدفونة من الطرفين!! منصور البلوي بحسناته وأخطائه هو رجل اتحادي أولاً وأخيراً وهو جزء من منظومة نادي الشعب المتقبلة للجميع وجزء من نسيج الفسيفساء الجداوي الذي يتشكل من عدة أطياف!!

وختاماً ..

فإن هذا الطرح هو مجرد اجتهاد مني لقراءة مرحلة منصور البلوي بحلوها ومرها دون انتقاص من نجاحاته ودون غض النظر عن سقطاته.. هو ليس بالملاك المنزه كما يطبل البعض وليس بالشيطان الرجيم كما يظن البعض الآخر، والأهم أن التعاطي معه ينبغي أن يكون بناء على عمله كرجل اتحادي لا بناء على أصوله العرقية ..

شكراً لوقت كل من قرأ