المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل مسند الشافعي من تأليف الإمام نفسه ؟



أهــل الحـديث
28-12-2013, 09:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
إن المتتبع لمسند تاج الفقهاء وإمام المحدثين الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ( 150 ـ 204 ) يجد أن كثيرا من أحاديث الشافعي ليست في هذا المسند ، وقد ذكر إمام الأئمة أبو بكر ابن خزيمة : أنه لا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة لم يودعها الشافعي كتابه .يحيى ابن منصور القاضي يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وقلت له هل تعرف سنة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتابه قال لا (1).
وهذه المقولة وإن كانت فيها مبالغة لا تسلم لقائلها ولا يرضى عنها الشافعي، فإن من يطالع كتب الشافعي ويقارن بين ما جاء فيها من السنن، وبين ما هو مدون من المسانيد والسنن يتبين له خلاف ذلك . لكن مع ذلك فإن ابن خزيمة قالها ولها عنده اعتبار ، على الأقل فإن الشافعي ذكر كثيرا من الأحاديث والآثار في كتبه ، وبالطبع لم يستوعب حاله كحال غيره من العلماء ، لكن كم من سنة وردت عنه صلى الله عليه وسلم لا توجد في هذا المسند ، بل لم ترتب أحاديثه المذكورة لا على المسانيد ، ولا على الأبواب ، وهو أمر غريب يشير إلى أن هذا المسند ليس من صنيع الإمام ، وإنما من صنيع شخص آخر ؛ حيث اكتفى بالتقاطها من كتاب الأم وغيره من كتب الشافعي كيفما اتفق له ، ولذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع ، ومن أراد الوقوف على حديث الشافعي مستوعبا ـ أو شبيه بالاستيعاب ـ فعليه بكتاب "معرفة السنن والآثار " للبيهقي رحمه الله ، فإنه تتبع ذلك بشكل كبير ، فلم يترك له في تصانيفه حديثا إلا ذكره ـ تقريبا ـ وأورده مرتبا على الأبواب .
لذلك نجد أهل العلم ينسبون هذا المسند إلى غير الإمام الشافعي ، وأنه لم يؤلفه بنفسه ، بل التقطه بعض النيسابوريين من الأم وغيرها من مسموعات أبي العباس محمد بن يعقوب المعروف بالأصم ـ ويروى أنه كان يكره ذكره بهذا اللقب ، لكنه اشتهر به ـ التي كان انفرد بروايتها عن الربيع بن سليمان تلميذ الشافعي ، أو أنه من جمع أبي العباس الأصم نفسه .
قال الذهبي رحمه الله (2) : قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ ـ يعني : الربيع بن سليمان ـ وَلَكِنْ مَا يبلغُ رُتْبَةَ المُزَنِيِّ، كَمَا أَنَّ المُزَنِيَّ لاَ يبلغُ رُتْبَةَ الرَّبِيْعِ فِي الحَدِيْثِ ، وَقَدْ رَوَى أَبُو عِيْسَى فِي (جَامعِهِ) عَنِ الرَّبِيْعِ بِالإِجَازَةِ، وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ طَرِيْقِهِ المُسْنَدَ للشَّافعِيِّ، انتقَاهُ أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ مِنْ كِتَابِ (الأُمِّ) ليَنْشَطَ لِرِوَايَتِهِ للرَّحَّالَةِ، وَإِلاَّ فَالشَّافِعِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- لَمْ يُؤلِّفْ مُسنَداً.
وقال الذهبي أيضا : مسند الشافعي لم يفرده الشافعي بل خرجه أبو جعفر محمد بن جعفر بن مطر لأبي العباس الأصم مما كان يروى عن الربيع عن الشافعي من كتاب الأم وغيره (3).
وقال ابن الصلاح (4) : و' مسند ' الشافعي المعروف ؛ ليس من جمع الشافعي وتأليفه ، وإنما جمعه من سماعات الأصم بعض أصحابه ، وكذلك لا يستوعب جميع حديث الشافعي ، فإنه مقصور على ما كان عند الأصم من حديثه .
وقال الحافظ ابن حجر في تعريفه بهذا الكتاب "(5): مسند الشافعي رحمه الله تعالى وهو: عبارة عن الأحاديث التي وقعت في مسموع أبي العباس الأصم عن الربيع بن سليمان من كتاب الأم والمبسوط التقطها بعض النيسابوريين من الأبواب ".

_______________________
(1) تاريخ ابن عساكر 51 / 370 .
(2) سير أعلام النبلاء 12 / 589 .
(3) تاريخ الإسلام 25 / 367 .
(4) طبقات الفقهاء الشافعية 1 / 292 .
(5) المعجم المفهرس ص: 39 .