المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زغل العلم \للذهبي



أهــل الحـديث
20-12-2013, 08:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


والمحدثون: فغالبهم لا يفقهون ولا همة لهم في معرفة الحديث ولا [في] التدين به، بل الصحيح والموضوع عندهم [بنسبة] إنما همتهم في السماع على جهلة الشيوخ، وتكثير العدد من الأجزاء والرواة، لا يتأدبون بآداب الحديث، ولا يستفيقون من سكرة السماع، الآن يسمع [الجزء] ونفسه تحدثه: متى يرويه أبعد الخمسين سنة! ويحك ما أطول أملك وأسوأ عملك، معذور سفيان الثوري إذ يقول فيما رواه أحمد بن يوسف التغلبي ثنا خالد بن خداش ثنا حماد بن زيد قال قال سفيان الثوري
- رحمه الله -: (لو كان الحديث خيرا لذهب كما ذهب الخير) .
صدق والله وأي خير في حديث مخلوط صحيحه بواهيه، وأنت لا تفليه ولا تبحث عن ناقليه، ولا تدين الله به.
أما اليوم في زماننا فما يفيد المحدث الطلب والسماع مقصود الحديث من التدين به، بل فائدة السماع [ليروي] فهذا والله لغير الله، خطابي معك يا محدث لا مع من يسمع ولا يعقل ولا يحافظ على الصلوات، ولا يجتنب الفواحش ولا قرش الحشائش ولا يحسن أن يصدق فيها، فيا هذا لا تكن محروما مثلى فأنا نحس أبغض المناحيس .
وطالب الحديث اليوم ينبغي له أن ينسخ أولا (الجمع بين الصحيحين و (أحكام عبد الحق) و (الضياء) ، ويدمن النظر [فيهم] ويكثر من تحصيل تواليف البيهقي فإنها نافعة، ولا أقل من مختصر كـ (الإلمام) [ودراسة] ، فإيش السماع على جهلة المشيخة الذين ينامون والصبيان يلعبون والشبيبة يتحدثون
ويمزحون، وكثير منهم ينعسون، ويكابرون، والقارىء يصحف، وإتقانه في تكثير (أو كما قال) ، والرضع يتصاعقون، بالله خلونا، فقد بقينا ضحكة لأولي المعقولات، يطنزون بنا هؤلاء هم أهل الحديث ، نعم ماذا يضر! ولو لم يبق إلا تكرار الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان خيرا من تلك الأقاويل التي تضاد الدين وتطرد الإيمان واليقين، وتردي في أسفل السافلين، لكنك معذور فما شممت للاسلام رائحة، ولا رأيت أهل الحديث، فأوائلهم كان لهم شيخ عالى الاسناد، بينه وبين الله واحد، معصوم عن معصوم، سيد البشر عن جبريل عن الله - عز وجل - فطلبه مثل أبي بكر وعمر، وابن مسعود وأبي هريرة الحافظ وابن عباس، وسادة الناس الذين طالت أعمارهم، وعلا سندهم وانتصبوا للرواية الرفيعة، [فحمل] عنهم مثل مسروق وابن المسيب والحسن البصري والشعبي وعروة وأشباههم من أصحاب الحديث، وأرباب الرواية والدراية، والصدق والعبادة، والإتقان والزهادة [الذين] من طلبتهم مثل الزهري، وقتادة، والأعمش، وابن جحادة وأيوب، وابن عون، وأولئك السادة الذين أخذ عنهم الأوزاعي والثوري ومعمر والحمادان وزائدة ومالك والليث وخلق سواهم، من أشياخ ابن المبارك ويحيى القطان وابن مهدي ويحيى بن آدم والشافعي والقعنبي وعدة من أعلام الحديث الذين خلفهم، مثل أحمد بن حنبل واسحاق وابن المديني ويحيى بن معين [وأبي خيثمة] وابن نمير وأبى كريب وبندار وما يليهم من مشيخة البخاري ومسلم و [أبي] داود والنسائي وأبى زرعة وأبى حاتم ومحمد بن نصر وصالح جزرة وابن خزيمة، وخلائق ممن كان في الزمن الواحد، منهم ألوف من الحفاظ ونقلة العلم الشريف.
ثم تناقص هذا الشأن في المائة الرابعة بالنسبة إلى المائة الثالثة، ولم يزل ينقص إلى اليوم، فأفضل من في وقتنا اليوم من المحدثين على قلتهم نظير صغار من كان في ذلك الزمان على كثرتهم.
وكم من رجل مشهور بالفقه والرأي في الزمن القديم أفضل في الحديث من المتأخرين، وكم من رجل من متكلمي القدماء أعرف بالأثر من سنية زماننا، فما أدركنا من أصحاب الحديث الا طائفة كقاضي ديار مصر وعالمها تقي الدين ابن دقيق العيد، والحافظ الحجة شرف الدين الدمياطي، والحافظ جمال الدين بن الظاهري، والشيخ شهاب الدين بن فرح ونحوهم.
وأدركنا من عكر الطلبة شهاب الدين ابن الدقوقي،
ونجم الدين ابن الخباز، والشيخ عبد الحافظ، ونحمد الله في الوقت أناس يفهمون هذا الشأن ويعتنون بالأثر كالمزي وابن تيمية والبرزالي وابن سيد الناس وقطب الدين الحلبي وتقي الدين السبكي والقاضي شمس الدين الحنبلى وابن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة وصلاح الدين العلائي وفخر الدين ابن الفخر وأمين الدين ابن الواني وابن إمام الصالح ومحب الدين المقدسي وسيدي عبد الله بن خليل، وجماعة سواهم [فيهم] العكر والغثاء، الله يستر والمرء مع من أحب، والسعيد من نهض وأهب، وعلى الطاعة أكب، والله الموفق والهادي.