المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تخريج أذكار الصباح والمساء ((صْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ..... ))



أهــل الحـديث
17-12-2013, 09:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ : ((كَانَ النَّبِيُّ  إِذَا أَصْبَحَ قَالَ : ((أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ ، وَكَلِمَةِ الإِخْلاَصِ ، وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ  ، وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مسلماً ، وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.))
هذا حديث
يرويه أحمد في مسنده (15363) عن وكيع بن الجراح .
ويرويه النسائي في الكبرى (10103) وفي عمل اليوم والليلة (345) والبيهقي في الدعوات الكبير (26) من طريق أبي داود عمر بن سعيد الحفري .
ويرويه النسائي في الكبرى (10104) وفي عمل اليوم والليلة (346) من طريق قاسم بن يزيد الجرمي .
ويرويه الدارمي (2730) وكذا محمد بن بشر العكري في فوائده برقم (3) من طريق محمد بن يوسف الفريابي .
جميعهم أعني :(( وكيع ، وأبا داود الحفري ، وقاسم الجرمي ، والفريابي )) عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه قال :(( كانَ النَّبِيُّ  إِذَا أَصْبَحَ قَالَ : ((أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ ، وَكَلِمَةِ الإِخْلاَصِ ، وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ  ، وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مسلماً ، وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.))
وجميع الذين رووا هذا الحديث عن سفيان الثوري – وسيأتي غيرهم - نصوا على ((أنَّ النبي  كان يقولها إذا اصبح)) ، إلاَّ وكيع بن الجراح فقد تفرد بزيادة :(( وإذا أمسى )) مما يدل على شذوذ هذه اللفظة ، ولا سيما أنَّ من خالفه هو أوثق منه وهو يحي بن سعيد القطان وقد قال أحمد بن حنبل :(( يحيى بن سعيد أثبت من هؤلاء يعني من وكيع وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأبي نعيم)) وقال أحمد بن الحسن الترمذي : سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن يحيى بن سعيد ووكيع فقال :(( لم تر عيني مثل يحيى بن سعيد )) كما في تهذيب الكمال ( 31 / 337) - والعلم عند الله –



كما رواها عن سفيان الثوري يحي بن سعيد القطان واختلف عليه فيه :
فرواه عن يحي القطان :
1- أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (27071) و (29887) وعن بن أبي شيبة رواه عنه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (1930) وكذا بن أبي غرزة في مسند عابس الغفاري برقم (4) ومن طريق بن أبي شيبة رواه أبو الفضل الزهري في حديثه (317) .
2- وأحمد بن حنبل في مسنده (15367)
3- وعمرو بن علي الفلاس عند النسائي في الكبرى (9743) وفي عمل اليوم والليلة (1)
4- ومسدد بن مسرهد في ((مسنده)) كما في إتحاف الخيرة المهرة (6084) ومن طريقه الطبراني في الدعاء (294) لكن رواه عن معاذ بن المثنى عن مسدد
وبن السني في عمل اليوم والليلة (35) لكن عن أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي عن مسدد.
ورواه بن حجر في نتائج الأفكار (2/401) من طريق الطبراني في الدعاء لكن عن أبي خليفة عن مسدد كما عند بن السني .
ولا مانع من ذلك فالذهبي يقول في سير أعلام النبلاء (10/594) :
(( ولمسدد ( مسند ) في مجلد رواه عنه معاذ بن المثنى ، ومسند آخر صغير يرويه عنه أبو خليفة )) أهـ
فلعل هذا الحديث رواه مسدد في مسنده الكبير وكذا الصغير فرواه عنه الاثنان ، ورواه الطبراني في الدعاء عن أبي خليفة وسقط من النسخة المطبوعة ، ولا سيما والحافظ بن حجر يقول في نتائج الأفكار (2/401):(( وقرأت على فاطمة بنت المنجأ بالسند الماضي مراراً إلى الطبراني في الدعاء قالا حدثنا أبو خليفة ....)) أهـ
فقوله :(( مراراً إلى الطبراني في الدعاء )) قرينة قوية تدل على تثبت الحافظ بن حجر من ذلك ، ولا سيما والطبراني لم يتفرد بذلك بل تابعه على هذا الإسناد أحمد بن المظفر بن يزداد أبو محمد السقاء كما عند بن حجر في نتائج الأفكار .وبن السني كما سبق.
جميعهم أعني :(( مسدد ، وأحمد ، وبن أبي شيبة ، وعمرو بن علي الفلاس )) عن يحي بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه .
وخالفهم محمد بن بشار
كما عند النسائي في الكبرى (9744) وفي عمل اليوم والليلة (2) فرواه عن يحي بن سعيد القطان عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن ذر بن عبدالله عن بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه .
فمحمد بن بشار
1- زاد في الإسناد في رواية سفيان رجلاً وهو (( ذر بن عبدالله ))
2- وأبهم التابعي.
و لاشك أنَّ رواية الجماعة مقدمة وأرجح على رواية الفرد ولا سيما أنَّ من خالفه هم أئمة التصنيف والنقد كالإمام أحمد ، ومسدد بن مسرهد ، وبن أبي شيبة ، ومعهم عمرو بن علي الفلاس .
فالإسناد عن يحي بن سعيد القطان هو إسناد سفيان الثوري عن سلمة عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى ، وليس كما روى محمد بن بشار .
ولعلَّ محمد بن بشار اشتبه عليه حديث سفيان الثوري بحديث شعبة .فإنَّ شعبة قد روى هذا الحديث بنفس الإسناد السابق الذي رواه محمد بن بشار ، ولهذا حصل هذا الاختلاف ،
ويظهر أنَّ مرجع هذا الاختلاف – في الظاهر - من شعبة بن الحجاج رحمه الله تعالى .
فقد رواه محمد بن بشار أيضاً عند النسائي في الكبرى (9745) وفي عمل اليوم والليلة (3) عن محمد بن جعفر عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن ذر بن عبدالله عن بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه
ويدل على أنَّ منشأ هذا الاختلاف هو شعبة :
(( أولاً )) أنَّ محمد بن بشار لم يتفرد بهذا الإسناد فقد تابعه عليه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده (15360) فرواه عن محمد بن جعفر بهذا الإسناد.
(( ثانياً )) أنَّه لم يتفرد محمد بن جعفر بهذا الإسناد فقد تابعه عليه وهب بن جرير عند البيهقي في الدعوات الكبير (27) .
(( ثالثاً )) تابعهما عبدالرحمن بن مهدي عند أحمد (15364) فرواه عن شعبة بن الحجاج عن سلمة بن كهيل عن ذر بن عبدالله عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه .
وقد جاء في رواية عبدالرحمن بن مهدي التصريح باسم التابعي المبهم وهو (( سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى ))
ولهذا يقول الحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (2/402) :(( وخالف شعبةُ سفيانَ ، فرواه عن سلمة بن كهيل عن ذر بن عبدالله عن بن عبدالرحمن بن أبزى ، فزاد في السند رجلاً وأبهم التابعي ))
إذن شعبة رواه تارةً بإبهام التابعي ، ورواه تارة بذكر اسمه .
و لاشك أنَّ سفيان الثوري رحمه الله أكثر ضبطاً لأسماء الرجال من شعبة ، ولهذا ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى أنَّ شعبة بن الحجاج رحمه الله لتشاغله بحفظ المتون كان يخطيء أحياناً في أسماء الرجال
ولهذا يقول ابن معين:(شعبة ثقة ثبت،ولكنه يخطئ في أسماء الرجال ويُصحف)
وقال أبو زرعة (العلل لابن أبي حاتم (1/27) ):((وكان أكثر وهم شعبة في أسماء الرجال))
وقال أبو حاتم (العلل لابن أبي حاتم (1/27) ):((وشعبة ربما أخطأ في أسماء الرجال))
قال أحمد:( ما أكثر ما يخطئ شعبة في أسامي الرجال)
وقال أحمد (تاريخ بغداد (9/259) ): (كان شعبة يحفظ ، لم يكتب إلا شيئا قليلا ،وربما وهم في الشيء)
وقال العجلي(تهذيب الكمال (12/494) وتاريخ بغداد (9/264) ):( شعبة ثقة ثبت في الحديث ،وكان يخطئ في أسماء الرجال قليلاً) .
وعند الترجيح بينهما فسفيان الثوري مقدم على شعبة كيف لا وقد قدمه شعبة بن الحجاج على نفسه كما نقل ذلك وكيع بن الجراح عن شعبة أنَّه قال :(( سفيان أحفظ مني ))
وقال يحيى بن سعيد القطان ((ليس أحد أحب الي من شعبة ولا يعدله أحد عندي وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان))
وقال أبو عبيد الآجري :(سمعت أبا داود يقول:(( ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء الا يظفر به سفيان، خالفه في أكثر من خمسين حديثا القول قول سفيان))
وقال أبو داود ((وبلغني عن يحيى بن معين قال :((ما خالف أحد سفيان في شيء الا كان القول قول سفيان)) انظر تهذيب الكمال (11/154-168) .
ومع ذلك فلم يتفرد سفيان الثوري بذلك بل تابعه عليه محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى كما عند النسائي في الكبرى (9746) فرواه عن سلمة عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه به .
فأسقط في الإسناد (( ذر بن عبدالله )) لكن جعل تابعي هذا الحديث (( سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى )) بخلاف رواية الجماعة عن سفيان فإنَّ تابعيه هو (( عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى ))
وهذا إسناد ضعيف فيه محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ كثير الخطأ ، كما قال النسائي . لكن يمكن أن يكون متابعاً لسفيان الثوري ، ولهذا يقول بن حجر في نتائج الأفكار (2/402) :(( فوافق سفيان في إسقاط ذر ، لكن قال : عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى .)) أهـ.

ولكن عند التأمل الدقيق في حديث شعبة ، فإنَّه يظهر أنَّ شعبة رحمه الله تعالى ليس هو منشأ هذا الاختلاف !!!!
بل إنَّه لا يوجد اختلاف أصلاً ،بين سفيان وشعبة ، وإنما الحديث حدث به سلمة بن كهيل تارةً عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه فسمعه منه سفيان الثوري فحدث به كما سمعه .
وحدث به سلمة بن كهيل أيضاً لكن عن ذر بن عبدالله عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى فسمعه شعبة منه فحدث به ،تارةً بذكر اسم التابعي ، وتارة بإبهامه .
ولهذا روى النسائي في سننه الكبرى (10105) وفي عمل اليوم والليلة (347) فقال :(( أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ شُعْبَةَ ، يَقُولُ : ((أَتَيْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي ابْنَ أَبِي لَيْلَى ، فَقُلْتُ : أَقْرِئْنِي عَنْ سَلَمَةَ حَدِيثًا مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ  ،)) فَحَدَّثَ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ : ((إِذَا أَصْبَحَ : أَصْبَحْنَا عَلَى الْفِطْرَةِ فَذَكَرَ الدُّعَاءَ.))
قَالَ شُعْبَةُ : (( فَأَتَيْتُ سَلَمَةَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ )) فَقَالَ : ((لَمْ أَسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى عَنِ النَّبِيِّ  فِي هَذَا شَيْئًا)) ، قُلْتُ : ((وَلاَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ؟)) قَالَ : لاَ ، قُلْتُ : ((وَلاَ حُدِّثْتَ عَنْهُ ؟)) قَالَ : ((لاَ ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ ذَرًّا يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ  ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ .))
فَرَجَعْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِي : فَدَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدٍ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى مِنْ ذَرٍّ ؟ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ : أَيْنَ ذَرٌّ مِنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ؟ قَالَ : هَكَذَا ظَنَنْتُ ، قُلْتُ : هَكَذَا تُعَامِلُ بِالظَّنِّ ؟.))
ففي هذه القصة ما يبين أنَّ شعبة رحمه الله تعالى لم يخطيء في إسناد هذا الحديث أو أنه وهم فيه، وهذه القصة قرينة تنفي عن شعبة ذلك ،
يضاف إلى ذلك أنَّ عبدالله بن عبدالرحمن هو أخو سعيد بن عبدالرحمن فلا يمنع أن يكون الأخوان قد سمعا هذا الحديث من أبيهما فروياه عنه ، فسمعه سلمة بن كهيل عن عبدالله بن عبدالرحمن مباشرة ، وسمعه عن سعيد بواسطة ذر بن عبدالله عن سعيد .كما قال ذلك العلامة الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة (6/488).
إذن هذا الاختلاف في الحقيقة منشأه سلمة بن كهيل رحمه الله تعالى ، ومع ذلك لا يمنع – كما قلنا سابقاً – أن يكون سلمة بن كهيل سمعه من عبدالله ومن ذر عن سعيد أخي عبدالله.
وعليه فحديث سفيان الثوري َ فيه عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى :
والذي يظهر أن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى:
1- معروف بالرواية عن أبيه .
2- وقد روى عنه جمع من الرواة وهم الأجلح بن عبد الله الكندي وأسلم المنقري وثعلبة بن سهيل والحسن بن عمران العسقلاني وسلمة بن كهيل وصالح شيخ ليحيى بن سعيد القطان وعمران بن سليمان المرادي الكوفي ومنصور بن المعتمر كما ذكر ذلك المزي في تهذيبه (15/195)
3- وقد ورد ما يدل على شيءٍ من علمه وذلك ما رواه البخاري تعليقاً في باب تفسير سورة آل عمران :(( وقال سعيد بن جبير وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى : الراعية : المسومة)) وهو عند الطبري في تفسيره لهذه الآية في سورة آل عمران (6/252) وانظر تغليق التعليق لابن حجر (4/188)
4- وروى له أبو داود ، وكذا النسائي في الكبرى وفي عمل اليوم والليلة فلم يوثقه ولم يجرحه
5- وترجم له البخاري في التاريخ الكبير (5/132)
6- وبن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/94) فلم يذكرا فيه جرحاً أو تعديلاً
7- وذكره بن حبان كعادته في الثقات (7/9)
8- وقد حسن حديثه الإمام أحمد كما قال الاثرم : قلت لأحمد:(( سعيد وعبد الله اخوان؟)) قال:(( نعم )) قلت :((فأيهما أحب اليك ؟)) قال :((كلاهما عندي حسن الحديث.)) انظر سؤالات الأثرم برقم (14) تهذيب التهذيب (5/290)
9- وإذا كان سعيد أخو عبدالله ثقةً ، وقال الإمام أحمد في حديثه بأنَّه حسن دلنا ذلك على أنَّ عبدالله كذلك ثقة أو هو أقرب إلى ذلك بجامع ما بينهما من حسن الحديث .
10- إذن أقل درجات عبدالله أن يكون حديثه من قبيل الحديث الحسن
فعبارة الحافظ بن حجر في التقريب بأنَّه ((مقبول)) أي عند المتابعة . فيها نظر!!!
كيف والحافظ بن حجر نفسه في نتائج الأفكار (2/401)يقول :((هذا حديث حسن ))
بل هو الذي نقل عبارة الإمام أحمد بن حنبل السابقة في تهذيبه.
وقد صحح هذا الحديث النووي رحمه الله تعالى في الأذكار فقال :(( وروينا في كتاب بن السني بإسناد صحيح عن عبدالرحمن بن أبزى ..ثم ذكر الحديث ))
وتعقبه الحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (2/402) بقوله :(( ومع هذا الاختلاف لا يتأتى الحكم بصحته .))أهـ. أي أنَّه لا يرتقي إلى درجة الصحيح بل يبقى في درجة الحسن .
والظاهر أنَّ الحديث صحيح لغيره وذلك أنَّ عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى قد تابعه عليه أخوه سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى كما مرَّ معنا آنفاً ، وهو ثقة كما قال النسائى: ((ثقة.)) وذكره ابن حبان فى كتاب الثقات (4/288)، وأخرج له البخاري ومسلم ،وقال فيه الإمام أحمد ((حسن الحديث ))كما سبق ، فلا مانع حينئذٍ - من مجموع الطريقين وكلاهما حسن الحديث وأحدهما وثقه النسائي على تشدده في ذلك – أن يرتقي الحديث من الحسن إلى الصحيح لغيره . والله أعلم .
وسفيان الثوري وشعبة بن الحجاج تابعهما يحي بن سلمة بن كهيل ، وهو ممن لا يفرح بمتابعته وذلك أنَّه رواه عن أبيه واختلف عليه فيه :
1- فروى عبدالله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه برقم (21144) عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحي بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن جده يحي عن سلمة عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزى عن ابيه عن أبي بن كعب  .
2- وخالف إسماعيلَ = يحي الحماني ، ومحمد بن عبدالوهاب الحارثي، فروياه عن يحي بن سلمة عن سلمة بن كهيل عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب 
وهذا إسناد ضعيف جداً فيه العلل التالية :
1- فيه إبراهيم بن إسماعيل بن يحي بن سلمة بن كهيل ((قال عبد الرحمن بن أبي حاتم ((كتب أبي حديثه ولم يأته ولم يذهب بي إليه ولم يسمع منه زهادة فيه، وسألت أبا زرعة عنه؟ فقال :(يذكر عنه أنه كان يحدث بأحاديث عن أبيه ثم ترك أباه فجعله عن عمه لأن عمه أحلى عند الناس وأحاديث قد جعلها عن عمه عن سلمة عن الأعمش وعن سلمة عن أبي إسحاق)) وقال أبو جعفر العقيلي حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال :((كان بن نمير لا يرضى إبراهيم بن إسماعيل ويضعفه قال روى أحاديث مناكير)). انظر تهذيب الكمال (2/48)
2- وفيه أبوه إسماعيل بن يحي وهو متروك كما قال الدارقطني في سؤالات البرقاني برقم (10) وقال بن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (1/123) :(( قال الأزدي متروك الحديث))
3- وفيه أيضاً يحي بن سلمة بن كهيل وهو متروك ،قال فيه يحيى بن معين ((ضعيف الحديث)) وقال مرة أخرى((ليس بشيء)) وقال أبو حاتم ((منكر الحديث ليس بالقوي)) وقال البخاري ((في حديثه مناكير)) وقال الترمذي ((يضعف في الحديث)) وقال النسائي(( ليس بثقة)) وذكره بن حبان في كتاب الثقات (7/595) وقال ((في أحاديث ابنه إبراهيم بن يحيى عنه مناكير)) انظر تهذيب الكمال (31/362-363)
4- وفي سند الطبراني يحي بن عبدالحميد الحماني قال عنه الحافظ بن حجر في التقريب :(( حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث))
5- وجاءت زيادة منكرة في متن هذا الحديث من طريق إبراهيم بن إسماعيل التي رواها عبدالله في زوائده وهي :(( وإذا أمسينا مثل ذلك )) ولم ترد عند الطبراني من طريق محمد الحارثي ولا يحي الحماني ، فدل هذا على أنَّ إبراهيم تفرد بها وهو ممن لا يحتمل تفرده .
6- وفيه قوله :(( وسنة نبينا محمد )) بدل ((ودين نبينا محمد)) وهي لفظة منكرة، تفرد بها إبراهيم بن إسماعيل .
7- كذلك وجود نكارة في سند هذا الحديث حيث جعل من مسند أبي بن كعب  يرويه عنه عبدالرحمن بن أبزى  مع أنَّ الحديث حديث عبدالرحمن بن أبزى ، وليس من حديث أبي بن كعب  وهذا دليل على الضعف الشديد عند يحي بن سلمة .
وبناءً على ما سبق فهذا الحديث بهذا السند ضعيف جداً لما قدمناه ، ولهذا يقول الهيثمي في مجمع الزوائد (10/71): (( رواه عبدالله وفيه إسماعيل بن يحي بن سلمة بن كهيل وهو متروك )) – والله أعلم –
لكنَّ الحديثَ صحيحٌ من حديث عبدالرحمن بن أبزى  كما سبق بيانه
وبقي أن ننبه على بعض الأمور :
(( أولاً )) جميع روايات هذا الحديث جاءت مخصصةً له بالصباح دون المساء ، وأمَّا زيادة (( المساء )) فلم ترد إلاَّ من رواية وكيع بن الجراح وقد خالف الثقات في ذلك ومنهم من هو أوثق منه كيحي القطان ، وسبق بيان ذلك .
((ثانياً )) جميع الروايات وردت بلفظ (( وكلمة الإخلاص))
إلاَّ رواية وكيع عن سفيان السابقة بلفظ((وعلى كلمة الإخلاص )) ووافقته رواية محمد بن جعفر عن شعبة . والخطب سهل فإنَّ الواو حرف عطف على نية تكرار العامل ، لكن كما قلت الجميع على ((وكلمة الإخلاص )) بدون حرف الجر ((على )) والتقيد به أولى .
(( ثالثاً )) جميع الروايات بلفظ (( أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص )) إلاَّ رواية عند النسائي بلفظ :(( أصبحنا على الفطرة والإخلاص )) من طريق محمد بن بشار التي خالف فيه الثقات في إسناد هذا الحديث – كما مرَّ معنا – وهنا أيضاً تفرد محمد بن بشار بهذه اللفظة من بين جميع من روى هذا الحديث ، ولاشك أنَّ رواية العامة مقدمة على رواية غيره و لاسيما وهم أهل التصنيف وأئمة النقد ، كابن أبي شيبة وأحمد ومسدد وعمرو الفلاس وجميعهم يروونه عن يحي القطان .
كما وافق يحي القطان بقية الرواة عن سفيان الثوري مثل وكيع بن الجراح وغيره – كما مر معنا –
(( رابعاً )) الأكثرية على قول (( ودين نبينا محمد )) ووردت كذلك بقلة ((وعلى دين نبينا محمد )) والأمر واسع لأن العطف على نية تكرار العامل ,
((خامساً )) الأكثرية على ذكر الصلاة على النبي  بعد قوله ((ودين نبينا محمد )) وورد بقلة عدم ذكر الصلاة عليه  .
((سادساً)) الجميع قد اتفقوا على لفظة (( وملة أبينا إبراهيم ))
وود عند البيهقي في الدعوات الكبير من طريق أبي داود الحفري عن سفيان ما لفظه ((وملة إبراهيم أبينا )) بتأخير لفظة (( أبينا ))
وورد عند البيهقي أيضاً في الدعوات من طريق وهب بن جرير عن شعبة ما لفظه ((وملة إبراهيم )) فقط . بدون ذكر لفظة (( أبينا))
ورواية الجميع مقدمة على روايتيهما .
وقول الطبراني في الدعاء (294) (( ولم يذكر سفيانُ (( أبينا )) )
فلعله يقصد من طريق مسدد بن مسرهد ، وأنَّ الأكثر ورودها في متن الحديث من غير هذا الطريق ،
((سابعاً )) وردت لفظة (( حنيفاً مسلماً )) في رواية سفيان الثوري من طريق وكيع بن الجراح ، وقاسم بن يزيد الجرمي ، ومحمد بن يوسف الفريابي .
وخالفهم أبو داود الحفري فاقتصر على لفظة (( حنيفاً )) بدون ذكر لفظة (( مسلماً))
وأمَّا يحي القطان فروى عنه بن أبي شيبة في مصنفه ، فتارةً يذكرها وتارة لا يذكرها
وأمَّا في رواية شعبة فقد اتفق وهب بن جرير وعبدالرحمن بن مهدي على الاقتصار على لفظة (( حنيفاً )) دون ذكر لفظة (( مسلماً )) وخالفهما محمد بن جعفر فقال
(( حنيفاً مسلماً ))
والذي يظهر – والعلم عند الله – أنَّ الأمر واسع فلعل الذي لم يذكرها اقتصر على
(( حنيفاً )) من باب الاختصار .
(( ثامناً )) أكثر الروايات على ذكر :(( كان رسول الله  إذا أصبح قال : أصبحنا ..))
وورد بقلة (( أنَّ النبي  قال : أصبحنا.... )) و لافرق بينهما ، وورد بقلة أيضاً :(( كان رسول الله  يعلمنا إذا أصبح أحدنا أن يقول .....)) وجاءت من طريق يحي بن سلمة بن كهيل وهو متروك ، وكذا من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن يحي بن سلمة بن كهيل ، فلا تثبت بهذا الإسناد ،
لكنها جاءت بسند حسن عند الطبراني من طريق معاذ بن المثنى عن مسدد عن يحي القطان عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبزى عن أبيه قال : كان رسول الله  يعلمنا إذا أصبح أحدنا أن يقول أصبحنا ...)) الحديث .
(( تاسعاً )) أكثر الروايات على قوله  :(( وما كان من المشركين ))
وورد عند أحمد (15364) قوله :(( ولم يكن من المشركين ))
وورد عند البيهقي في الدعوات (27) قوله :(( ولم يك من المشركين ))
وورد عند النسائي في الكبرى (9743) و(9744) وفي عمل اليوم والليلة (1) و(2) قوله :(( وما أنا من المشركين ))
و لاشك أنَّ رواية العامة وهي (( وما كان من المشركين )) مقدمة على رواية من ذكرنا ، ولا سيما كونها توافق أكثر الآيات القرآنية التي تصف إبراهيم  بذلك
كما قال تعالى :{وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }البقرة135
وقال تعالى :{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }آل عمران67
وقال تعالى:{قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }آل عمران95
وقال تعالى : {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }الأنعام161
وقال تعالى:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَاكَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}النحل123
وورد في موضع واحد في القران ((ولم يك من المشركين )) وهو قوله تعالى : {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120
إذن عامة آيات القرآن تصف إبراهيم  بأنَّه (( ما كان من المشركين ))
وعليه فنص هذا الذكر هو :(( أصبحنا على فطرة الإسلام ، وكلمة الإخلاص ودين نبينا محمد  وملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين )) وهو مخصوص بالصباح دون المساء ،فلا يذكر ضمن أذكار المساء .
والله أعلم .
قلت : جاء عند البزار (1911) قوله :
(( حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَائِدَةُ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ  إِذَا أَصْبَحَ قَالَ :((أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ ، وَكَلِمَةِ الإِخْلاَصِ ، وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )) ، وَإِذَا أَمْسَى قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ : وَحَدَّثَنِي زُبَيْدُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ النَّبِيِّ .))
وعلق عليه المحقق بقوله :(( لم أجد من أخرجه بهذا السند والمتن )) ثم أحال على متن آخر سبق تخريجه وهو :(( أمسينا وأمسى الملك لله ، والحمد لله لا إله إلاَّ الله وحده ...))الحديث. والله أعلم .