المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تخريج أذكار الصباح والمساء (( رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ))



أهــل الحـديث
15-12-2013, 10:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


من قال حين يُصبح وحين يُمسى ثلاثًا
((رضيتُ باللَّهِ رَبًّا وبالْإِسْلام دينًا وبمُحَمَّد نبيًّا 
كان حَقًّا على الله أن يرضيه الله يَوْم الْقِيَامَة))

حديث صحيح
بدون تقييده بالصباح والمساء

هذا الحديث
يرويه النسائي في الكبرى (9747) وفي عمل اليوم والليلة (4) من طريق خالد بن الحارث
ويرويه أبو داود (5074) من طريق حفص بن عمر .
ويرويه الحاكم في المستدرك (1905) من طريق وهب بن جرير .
ويرويه أحمد (23111) ومن طريقه بن عساكر في تاريخ دمشق (66/277) والحاكم (1905) من طريق سعيد بن عامر .
(قلت : وقع قلب أدى إلى تصحيف عند الحاكم في المستدرك ففيه :(( ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال : سمعت أبا عقيل هاشم بن بلال يحدث عن أبي سلام سابق بن ناجية ..)) ففيه تسمية ((أبي سلام)) بـ ((سابق بن ناجية )) وهو ناتج عن قلب للإسناد فالذي يروي عن الآخر على الحقيقة هو سابق بن ناجية عن أبي سلام – كما في جميع الطرق - ) من طريق محمد بن جعفر .
ويرويه بن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (صـ562)
ويرويه الطبراني في الدعاء (301) ومن طريقه بن حجر في نتائج الأفكار (2/372) من طريق سليمان بن حرب .
ويرويه البيهقي في الدعوات الكبير (28) من طريق عمر بن مرزوق .
ويرويه البغوي في شرح السنة (1321) من طريق النضر بن شميل .
ويرويه أحمد (18967) من طريق أسود بن عامر .
ويرويه أحمد (18969) من طريق هاشم بن القاسم .
ويرويه أحمد (23112) ومن طريقه بن عساكر في تاريخ دمشق (66/277) وبن حجر في نتائج الأفكار (2/372) من طريق عفان بن مسلم .
ويرويه بن أبي خيثمة في تاريخه الكبير (1039) من طريق عبدالرحمن بن مهدي .
ويرويه بن عساكر في تاريخ دمشق (66/276) من طريق سعد بن شعبة بن الحجاج .
ويرويه بن عساكر في تاريخ دمشق (66/276) من طريق عمرو بن مروان .
ويرويه بن حجر في نتائج الأفكار (2/372) من طريق عبدالله بن يزيد المقريء .
ويرويه بن حجر في نتائج الأفكار (2/372) أيضاً من طريق عبدالله بن رجاء .
جميعهم أعني ((خالد ،وحفص ، ووهب ، وغندر ، وسعيد ، وسليمان ، وعمر ، والنضر ، والأسود ، وهاشم ، و عفان ، وبن مهدي ، وعمرو ، والمقريء )) عن شعبة بن الحجاج عن أبي عقيل هاشم بن بلال السلمي عن سابق بن ناجية عن أبي سلام أَنَّهُ كَانَ فِي مَسْجِدِ حِمْصَ ، فَمَرَّ رَجُلٌ فَقُمْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : ((حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ  ، لَمْ تَدَاوَلَهُ الرِّجَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَالَ :(( أَتَيْتُ النَّبِيَّ  وَهُوَ يَقُولُ : ((مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقُولُ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثًا ، وَحِينَ يُمْسِي : ((رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ  نَبِيًّا ، إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.)).
هكذا رواه شعبة بن الحجاج.
ووافقه عليه هشيم بن بشير فقد :
روى النسائي في الكبرى (10324) وفي عمل اليوم والليلة (570) وعنه بن السني في عمل اليوم والليلة (69) من طريق علي بن حجر (وقد تصحف عند النسائي بـ(( علي بن خشرم )) والتصويب من تهذيب الكمال (10/126) وتحفة الأشراف (15675) )،
وروى عبدالغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (92) من طريق مسدد بن مسرهد .
وروى المزي في تهذيب الكمال (10/126) من طريق سريج بن يونس .
ثلاثتهم أعني :(( علي بن حجر ، ومسدد ، وسريج )) عن هُشَيْمٌ ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ بِلاَلٍ ، عَنْ سَابَقِ بْنِ نَاجِيَةَ ، عَنْ أَبِي سَلاَمٍ ، قَالَ : مَرَّ بِنَا رَجُلٌ طُوَالٌ أَشْعَثُ ، فَقِيلَ : إِنَّ هَذَا خَدَمَ النَّبِيَّ  ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ :(( أَخَدَمْتَ النَّبِيَّ  ؟)) قَالَ :(( نَعَمْ ))، قُلْتُ : ((حَدِّثْنِي عَنْهُ حَدِيثًا لَمْ تَدَاوَلْهُ الرِّجَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ)) ، قَالَ : ((سَمِعْتُهُ يَقُولُ : ((مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ :(( رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.))
ورواه مسعر بن كدام ، واختلف عليه في سنده ومتنه :
فروى بن أبي شيبة في مصنفه (27072) عن محمد بن بشر عن مسعر بن كدام بسنده عن أبي سلام من قوله ، مع ذكره لهذا الدعاء ثلاث مرات صباحاً ومساءً .
ورواه بن أبي شيبة أيضاً في مصنفه(29892) وفي مسنده (580) من قول النبي  مع ذكره لهذا الدعاء ثلاث مرات صباحاً ومساءً أيضاً .
وعنه بن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (صـ88) وكذا بن ماجه (3870) مع ذكره لهذا الدعاء صباحاً ومساءً لكن بدون ذكر العدد .
ومن طريق بن أبي شيبة رواه الطبراني في الكبير (22/367) وفي الدعاء (301) ومن طريق الطبراني أخرجه المزي في تهذيب الكمال (10/126) مع ذكره لهذا الدعاء صباحاً ومساءً لكن بدون ذكر العدد أيضاً .
وكذا رواه أبو الفضل الزهري في جزئه (319) وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6834) والخرائطي في مكارم الأخلاق ( المنتقى – 460) مع ذكره لهذا الدعاء ثلاث مرات صباحاً ومساءً .
هذا هو طريق محمد بن بشر عن مسعر بن كدام .
ووافقه على ذلك نصر بن مزاحم كما عند مردويه في أماليه (43) مع ذكره لهذا الدعاء ثلاث مرات صباحاً ومساءً ،
وموافقته لا تغني شيئاً إذ إنَّ نصر بن مزاحم واهي الحديث حكم الأئمة بترك حديثه . انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (3/160)
وخالفهما- أي ابن بشر ، وابن مزاحم - وكيعٌ بنُ الجراح واختلف عليه :
1- فروى أحمد (18968) بسنده عن سابق عن أبي سلام عن خادم النبي 
2- وخالفه أبو خيثمة فقد رواه ابنه عنه في تاريخه الكبير (1038) بسنده عن أبي السلام عن سابق خادم النبي  .
فحصل قلب في الإسناد .
ولعل الناظر فيه لأول وهلة يظن أنَّ الوهم جاء من جهة وكيع ، كما قال بن عبد البر في الاستيعاب (4/1681) قال :(( ورواه وكيع عن مسعر فأخطأ في إسناده فجعله عن مسعر عن أبي عقيل عن أبي سلامة عن سابق خادم النبي  وكذلك قال في أبي سلام أبو سلامة فقد أخطأ أيضاً . وبالله التوفيق.))
لكن هذا القلب – والله أعلم _ يظهر أنه من جهة مسعر بن كدام وذلك لما يلي :
1- أن وكيعاً تابعه على هذا القلب مصعب بن المقدام عند بن قانع في معجم الصحابة (405)
ومصعب كما قال بن حجر في التقريب ((صدوق له أوهام)) وقد أخرج له مسلم، في المتابعات ، فزال عنه ما كان يخشى من توهمه .
2- كما أنَّ الحديث محفوظ من طريق شعبة بن الحجاج وهشيم بن بشير ، وأمَّا مسعر فقد وهم في الإسناد ،وقد نسب أهل العلم الوهم في هذا السند إلى مسعر بن كدام رحمه الله تعالى
فقال أبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل (صـ366) :(( ووقع الوهم من مسعر بقوله فيه ((أبي سلام خادم النبي  عنه)) وكذلك هو أيضا في مصنف ابن أبي شيبة من طريق مسعر)) . أهـ
وقال الحافظ بن حجر في الإصابة (4/93) :(( وحديث شعبة في هذا هو المحفوظ)) أهـ.
وقال الحافظ أيضاً في تهذيب التهذيب (12/125) :(( وروى أبو داود حديثه والنسائي من رواية سابق عن أبي سلام عن رجل خدم النبي  . وهو الصواب))أهـ.
وقال المزي في تهذيب الكمال (33/396) :(( ..محمد بن بشر ، عن مسعر ، عن أبي عقيل ، وهو هاشم بن بلال ، عن سابق ، وهو ابن ناجية ، عن أبي سلام خادم النبي  ، عن النبي  قال :(( ما من مسلم أو إنسان ، أو عبد ، يقول حين يمسي وحين يصبح : رضيت بالله رباً ، وبالاسم ديناً ، وبمحمد نبياً إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة.))
هكذا وقع في هذه الرواية.
وروى أبو داود ، والنسائي في "اليوم والليلة" من رواية شعبة ، والنسائي أيضا" من رواية هشيم ، عن أبي عقيل ، عن سابق بن ناجية ، عن أبي سلام أنه كان في مسجد دمشق ، فمر به رجل فقالوا : هذا خدم النبي  ، فقام إليه. فذكره. وهذا هو الصحيح ))أهـ .
ويقول بن حجر في نتائج الأفكار (2/373) :(( ورواية شعبة ومن وافقه أرجح من رواية مسعر ،لأنَّ أبا سلام ما هو صحابي هذا الحديث ، بل هو تابعي شامي معروف ، واسمه ممطور )) أهـ .
قلت :لم يتفرد بذلك مسعرُ بنُ كدام بل تابعه روحُ بنُ القاسم ، لكن لا يفرح بها !!! :
فروى بن عدي في الكامل (5/47) من طريق يونس بن عبد الأعلى حَدَّثَنا ابن وهب أخبرني أبو سَعِيد التميمي عن روح بن القاسم ، عَن أبي عقيل عن سابق بن ناجية ، عَن أبي سلام قال:(( مر بنا رجل فقالوا :إ ن هذا قد خدم النبي  .قال : فقمت اليه فقلت :(( حَدَّثني شيئا سمعته من رسول الله  لم يتداوله الرجال بينك وبينه )) قَالَ :(( سَمِعْتُه يقول :((من قال : حين يصبح وحين يمسي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة))

ورواه أحمد بن سعيد الهمداني واختلف عليه فيه :
فرواه بن عدي (5/47) بمثل الإسناد السابق .
ورواه الطبراني في الدعاء (303) عن أبي سلام عن النبي 
وعلى كل حال فالحديث بهذا الإسناد ضعيف وذلك أنَّ في إسناده أبا سعيد شبيب بن سعيد التميمي ، وهو وإن كان ثقة إلاَّ أن رواية عبدالله بن وهب عنه منكرة وهذه منها ، وقد قال بن عدي في الكامل (5/47) :(( حدث عنه بن وهب بالمناكير)) وقال أيضاً :(( وكان شبيب إذا روى عنه ابنه أحمد بن شبيب نسخة يونس عن الزهري إذ هي أحاديث مستقيمة ليس هو شبيب بن سعيد الذي يحدث عنه بن وهب بالمناكير الذي يرويها عنه ولعل شبيباً بمصر في تجارته إليها كتب عنه بن وهب من حفظه فيغلط ويهم وأرجو ان لا يتعمد شبيب هذا الكذب ))
ولخص حاله الحافظ بن حجر في التقريب بقوله :(( لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ))
وعليه فهي متابعة ضعيفة منكرة ، لا تصلح لتقوية إبعاد جانب الوهم عن مسعر بن كدام رحمه الله .

وهناك متابعة أخرى في مسند الروياني (731) لكن لا يفرح بها أيضاً ، وفيه :(( حَدَّثَنا سُفْيَانُ ، حَدَّثَنا أَبِي ، حَدَّثَنا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ ، عَنْ سَابِقٍ ، عَنْ أَبِي سَلامٍ ، عَنِ النَّبِيِّ  ، قَالَ :(( مَنْ قَالَ : رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي ثَلاثًا ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.))
وهذه المتابعة لا تصح لأنَّ فيها علتين :
((الأولى)) في الإسناد سفيان بن وكيع بن الجراح وهو متروك، ولهذا يقول بن حجر في التقريب :(( كان صدوقا إلا أنه ابتلي بوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه)) و((قال البخاري ((يتكلمون فيه لأشياء لقنوه)) وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم:(( سألت أبا زرعة عنه؟ فقال:(( لا يشتغل به ))قيل له :كان يكذب؟ قال ((كان أبوه رجلا صالحا)) قيل له :كان يتهم بالكذب؟ قال(( نعم )) انظر تهذيب الكمال (11/202)
((الثانية)) الحديث بهذا الإسناد من رواية وكيع بن الجراح عن مسعر بن كدام – كما هو المعروف - وليس عن سفيان .
وعليه فهو أحد احتمالين :
1- إمَّا أن يكون ذلك تصحيفاً من النساخ .
2- وإمَّا أن يكون هذا مما أدخله عليه ورَّاقُه .
وعلى تقدير أيٍ منهما فالحديث بهذا الإسناد منكر لا يصح . والله أعلم .
إذن الحديث محفوظ من جديث شعبة بن الحجاج وهشيم بن بشير .
كلاهما يرويه عن أبي عقيل هاشم بن بلال السلمي عن سابق بن ناجية عن أبي سلام ، أَنَّهُ كَانَ فِي مَسْجِدِ حِمْصَ فَمَرَّ رَجُلٌ – [وفي رواية مَرَّ بِنَا رَجُلٌ طُوَالٌ أَشْعَثُ ، فَقِيلَ : إِنَّ هَذَا خَدَمَ النَّبِيَّ  ]- فَقُمْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ :-( أَخَدَمْتَ النَّبِيَّ  ؟ قَالَ : نَعَمْ)- فَقُلْتُ :حَدِّثْنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ  ، لَمْ تَدَاوَلْهُ الرِّجَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَالَ : ((أَتَيْتُ النَّبِيَّ  وَهُوَ يَقُولُ : مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقُولُ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثًا ، وَحِينَ يُمْسِي : رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ  نَبِيًّا ، إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.)).
قلت : في إسناده مجهول وهو سابق بن ناجية:
1- ذكره البخاري في تاريخه الكبير (4/201) وبن أبي حاتم في الجرح والتعديل (4/307) فلم يذكرا فيه جرحاً أو تعديلاً ، وذكره ابن حبان -ولم يصرح بتوثيقه - في الثقات (6/433) كعادته – رحمه الله تعالى – في ذكره لمن لم يذكرا فيه جرحاً أو تعديلاً.
2- أضف إلى ذلك أنَّه لم يرو عنه إلاَّ أبو عقيل هاشم بن بلال كما ذكر الذهبي في ميزان الاعتدال (2/109)
3- كذلك فهو مقل جداً من الأحاديث ، فلعل له حديثين فقط ، هذا أحدهما وأما الآخر فهو ما رواه أبو داود (3655):( حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عَقِيلٍ هَاشِمِ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ سَابِقِ بْنِ نَاجِيَةَ عَنْ أَبِى سَلاَّمٍ عَنْ رَجُلٍ خَدَمَ النَّبِىَّ  أَنَّ النَّبِىَّ  كَانَ إِذَا حَدَّثَ حَدِيثًا أَعَادَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.))- والله أعلم .
4- وقد تفرد بهذا الحديث فمثله لا يحتمل تفرده .
5- و لاسيما وهو في حكم المجهول . ومدار الإسناد عليه أيضاً .
كل ذلك يثبت أنَّه مجهول ، لم تسبر رواياته ، ولو علم فيه جرح أو تعديل لذكره الأئمة رحمهم الله تعالى .

وأمَّا أبو سلام فهو: ممطور أبو سلام الأسود الحبشي ويقال النوبي ويقال الباهلي الأعرج الدمشقي .
وكل من ترجم له سماه بـ (( ممطور ))إلاَّ ما وجد في مسند أحمد برقم (23112) وفيه :((أبي سلام : البرَّاء – رجل من أهل دمشق ))
ولعل ذلك لقبٌ له ، لا اسمٌ كما ظنه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة (11 / 32) حيث قال راداً على بن حجر في تسمية أبي سلام بأنَّه ممطور فقال:(( الجزم بأنه ممطور ، يدفعه رواية عفان المتقدمة عن شعبة ، ففيها أنه أبو سلام البراء ، فلعل الحافظ لم يقف عليها ، أو على الأقل لم يستحضرها عند تحريره لهذا البحث ، ثم إنني لم أجد له ترجمة في المصادر التي بين يدي الآن ، فهي علة أخرى في هذا الإسناد))
أي أنَّ أبا سلام مجهول ،ولهذا قال الألباني بعد ذلك :(( لجهالة سابق بن ناجية ، وشيخه أبي سلام)) وهذا ليس بصواب ، بل هو معروف – وسيأتي أقوال أهل العلم فيه –

وقد اختلف في نطق نسبته (( الحبشي )) هل هي بفتح الحاء والباء ، أو بضم الحاء وإسكان الباء ؟
1- فمنهم من يقول إنه :(( الحَبَشِي )) بفتح الحاء والباء ، وهو قول الجزري في اللباب (1/336) وأبي نصر بن ماكولا كما في الإكمال (2/384) ولكلامه تتمة في تاريخ دمشق (60/270).
2- ومنهم من يقول إنه : (( الحُبْشِي )) بضم الحاء وإسكان الباء ، وهو قول السمعاني في الأنساب (2/168) ونسب ذلك إلى يحي بن معين ثم قال :(( وهكذا قيده بعض الحفاظ وهو أبو محمد الاصيلي في كتاب الصحيح للبخاري))
وقد قال الجزري في اللباب(1/337) بعد ذكره لهذا الخلاف((وعلى الحقيقة فلا تؤخذ هذه الأشياء بالقياس وإنما تؤخذ نقلاً(يعني سماعاً )،لو أخذت قياسا لاضطرب الكلام وتعذرت الفائدة)) .أهـ
وبناءً على ذلك اختلف فيه هل هو من الحَبَشة ذلك الأقليم المعروف ؟
أو أنَّه من قبيلة عريبة يمنية تنسب إلى بطن من حمير يقال لها (( حبش ))؟
فمنهم من يرى الأول وهو قول عبدالغني بن سعيد الأزدي ،وتعقبه أبو زكريا عبدالرحيم بن أحمد بن نصر فقال ((أوهم عبد الغني في أبي سلام لأنه ليس من بلاد الحبش وإنما نسب إلى حبش بطن من حمير كذا ذكره يحيى بن معين وأبو عبيد )) كما في تاريخ دمشق (60/270)
ولعلَّ ذلك سبب في كونهم يطلقون عليه لقب (( النوبي ))
ومنهم من يرى الثاني وهم الجمهور ، وهذا هو قول حفيده معاوية بن سلام وأحمد بن حنبل و يحي بن معين والقاسم بن سلام ونصر بن ماكولا .
وعليه فالذي يظهر أنَّه يمني الأصل وينسب إلى بطن من حمير يقال له (( الحبشي ))ولعل لونه يميل إلى السواد فنسب إلى النوبة من أجل ذلك وقد قال ياقوت الحموي في معجم البلدان (5/309) عن النوبة :(( وبلدهم أشبه شيء باليمن .... وملوكهم يزعمون أنهم من حمير )) والله أعلم .
وقد اختلف في صحبته :
1- فأثبتها خليفة خياط كما ذكر ذلك بن عبدالبر في الاستيعاب (2/38)
2- وكذا أثبتها أبو أحمد الحاكم كما ذكر ذلك الحافظ بن حجر في الإصابة (4/93)
3- وكذا أثبتها بن عبدالبر في الاستيعاب (2/38)
4- وكذا أبو نعيم كما في معرفة الصحابة (3/2918)
ونفاها عنه غيرهم ،فمن نفى عنه الصحبه وعده من التابعين :
1- العجلي في ثقاته برقم (1959) و تاريخ دمشق (60/272)
2- وذكره ابن سعد في الطبقة الاولى من تابعي أهل الشام (7/309)
ثم إنَّ بن سعد وهم فعده من الطبقة التي تلي الصحابة من كان باليمامة من الفقهاء والمحدثين (6/78) واعترض عليه بن عساكر في تاريخ دمشق (60/267)فقال :(( هذا وهم ، وأبو سلام شامي ولا نعلمه دخل اليمامة))
3- ولعل المزي يميل إلى ذلك كما في تهذيب الكمال (33/396) وتحفة الأشراف (12050)
4- وبن حجر في الإصابة (4/93)
5- وذكره أبو زرعة الدمشقي في الطبقة الثالثة
6- و أحمد بن إبراهيم بن روح كما في تاريخ دمشق (60/269)
7- والدارقطني في ذكر أسماء التابعين (1279)

ومنهم من فرق بينهما كالذهبي فقال في المقتنى في سرد الكنى (صـ281)
((أبو سلام ممطور الحبشي الدمشقي الأسود))
ثم قال بعد ذلك :((أبو سلام مولى النبي  عنه سابق بن ناجية)) أهـ.
وهذا وهم من الذهبي ، بل إن الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى قال في الإصابة (4/93):((وأبو سلام المذكور هو ممطور الحبشي وهو تابعي وإنما لم أذكر هذه الترجمة في القسم الأخير لعد خليفة في موالي رسول الله  أبا سلام فلعله آخر لم يرو شيئا بخلاف صاحب الترجمة)) .

والذي يظهر – والعلم عند الله – أنه تابعي ، وهو الصواب إن شاء الله ،وقد اعتمد من أثبت صحبته على رواية مسعر بن كدام رحمه الله تعالى ، وسبق بيان وهمه .
ويدل على ذلك أيضاً أنَّه ورد هذا الإسناد في حديث آخر ذكره أبو داود (3655):(حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عَقِيلٍ هَاشِمِ بْنِ بِلاَلٍ عَنْ سَابِقِ بْنِ نَاجِيَةَ عَنْ أَبِى سَلاَّمٍ عَنْ رَجُلٍ خَدَمَ النَّبِىَّ  أَنَّ النَّبِىَّ  كَانَ إِذَا حَدَّثَ حَدِيثًا أَعَادَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.)) ولهذا يقول أبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل (صـ366) :(( وأخرجه أبو داود ايضا بهذا السند عن أبي سلام عن رجل خدم النبي  ((أنَّ النبي  كان إذا حدث حديثا أعاده ثلاث مرات)) فتبين بذلك ان أبا سلام ليس صحابياً بل هو ممطور المتقدم وأنَّ طريق ابن ماجه مرسلة ووقع الوهم من مسعر)) أهـ.

إذا ثبت أنَّ أبا سلام تابعي فما هي أقوال أهل العلم فيه ؟
قال فيه يحي بن معين :(( وكان من العباد )).
وقال العجلي:(( شامي تابعي ثقة )) .
وقال الترمذي : ((أبو سلام الحبشي اسمه ممطور وهو شامي ثقة))
وقال الدارقطني :((زيد بن سلام بن أبي سلام عن جده ثقتان )) .
وذكره بن حبان في كتاب الثقات .
((وكان يدخل على عمر بن عبد العزيز فيكرمه ويسمع منه ))
وقال عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش قال ((جد سلام ممطور لا بأس به معروف))
انظر تهذيب الكمال (28/486-487) والثقات لابن حبان (5/460) والثقات للعجلي (1959) وتاريخ دمشق (60/263-272) وسنن الترمذي (2444)
فهو ثقة معروف خلافاً لما قاله العلامة الألباني رحمه الله ، لكن أغلب روياته مرسلة
يقول الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب (10/296) :(( قلت – أي بن حجر - : قال ابن معين وابن المديني ((لم يسمع من ثوبان)) وقال أحمد(( ما أراه سمع منه)) وقال ابن أبي حاتم أبي يقول :((روى ممطور عن ثوبان وعمرو ابن عبسة والنعمان وأبي امامة مرسل)) فسألت أبي هل سمع من ثوبان فقال ((لا أدري)) وقال الدار قطني ((بينه وبين أبي مالك الاشعري عبدالرحمن بن غنم)) وقال أبو زرعة الدمشقي أخبرني مروان قال ((قلت لمعاوية سمع جدك من كعب))؟ قال :((لا أدري)) . أهـ.
وقال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل - (8 / 431):((وروى عن عمرو بن عبسة مرسل))
ويقول بن أبي حاتم في المراسيل (صـ215-216) :((ذكره أبي عن إسحق بن منصور عن يحيى بن معين قلت :هل سمع أبو سلام من ثوبان؟ قال:(( لا )) وقال أحمد بن حنبل :(( ما أراه سمع )) وقال علي بن المديني:(( لم يسمع ))
سمعت أبي يقول :((ممطور أبو سلام الأعرج الحبشي الدمشقي روى عن ثوبان والنعمان ابن بشير وأبي أمامة وعمرو بن عبسة مرسل))
سألت أبي :((هل سمع أبو سلام من ثوبان))؟ قال :((قد روى عنه ولا أدري سمع منه أم لا))
وقال أبو زرعة العراقي في تحفة التحصيل (صـ316):((قال العلائي روى عن حذيفة وأبي مالك الأشعري وذلك في صحيح مسلم ،وقال الدارقطني : لم يسمع منهما))
ولهذا يقول الذهبي في الكاشف (2 / 293) : ((قلت : غالب رواياته مرسلة ولذا ما أخرج له البخاري)) .
ويقول الذهبي في سير أعلام النبلاء (4 / 355) :((وكثير من ذلك مراسيل كعادة الشاميين يرسلون عن الكبار))
ولهذا يقول الحافظ بن حجر في التقريب ((ثقة يرسل ))
وبناءً على ما سبق يبقى الحديث ضعيفاً لجهالة سابق بن ناجية ، وأمَّا جهالة خادم النبي  فلا تضر ، لأنَّهم كلهم عدول رضي الله عنهم .
والغريب أنَّ الحافظ بن حجر قوى إسناده في فتح الباري (11/130)
وهذا الخادم يمكن أن يكون أنس بن مالك  فقد جاء في جامع الأصول لابن الأثير (4/243)برقم (2225) وفيه من رواية رزين :(( أبو إسلام ممطور الحبشي - رحمه الله- : قال : قلتُ لأنَسٍ : حَدِّثني حديثا سَمِعتَهُ من رسولِ الله  ))
ويمكن – أيضاً - أن يكون هذا الخادم هو ثوبان  مولى رسول الله  فقد جاء هذا الحديث بهذا اللفظ من مسنده لكنه حديث ضعيف جداً
فقد روى الترمذي (3389) والذهبي في تذكرة الحفاظ (3/968-969) من طريق عقبة بن خالد .
وروى الطبراني في الدعاء (304) ومن طريقه بن حجر في نتائج الأفكار (2/371) من طريق علي بن هاشم بن البريد .
وروى الخرائطي في مكارم الأخلاق (المنتقى – برقم (467) ومن طريقه الحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (2/371) والصيداوي في معجمه (صـ296) برقم (123) من طريق أبي مسعود عبدالرحمن بن الحسن الزجاج .
وروى الخرائطي في مكارم الأخلاق أيضاً (المنتقى – برقم (467) ومن طريقه الحافظ بن حجر في نتائج الأفكار (2/371) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي .
أربعتهم أعني (( عقبة ، وأبا مسعود ، وعلي بن هاشم ، والطنافسي )) عن أبي سعد سعيد بن المرزبان ، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن ثوبان قال : قال رسول الله :(( من قال حين يمسي رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا كان حقا على الله أن يرضيه))
ففي هذه الرواية أنها تقال مساءً ، مرة ً واحدة .
وفي رواية : تقييدها بالصباح والمساء ثلاث مرات .
وفي رواية :يقولها كذلك وهو ((ثانٍ رجليه ، قبل أن يكلم أحداً )).
لكنَّ الحديث بهذا الإسناد ضعيف لأنَّ فيه أبا سعد سعيد بن المرزبان :
ضعفه سفيان بن عيينة ، وترك حديثه حفص بن غياث ، وقال يحيى بن معين ((ليس بشيء)) زاد بن أبي مريم ((لا يكتب حديثه ))وقال أبو داود عن يحيى بن معين ((ليس بشيء )) وقال عمرو بن علي ((ضعيف الحديث متروك الحديث)) وقال أبو زرعة ((لين الحديث مدلس)) قيل: هو صدوق؟ قال ((نعم كان لا يكذب)) وقال أبو حاتم ((لا يحتج بحديثه)) وقال البخاري ((منكر الحديث)) وقال النسائي ((ضعيف)) وقال في موضع آخر ((ليس بثقة ولا يكتب حديثه)) انظر تهذيب الكمال (11/53-55)
قال الترمذي عقب هذا الحديث :(( هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه))
قال بن حجر في نتائج الأفكار (2/371):((ووقع في كلام الشيخ – أي النووي – أنه قال :((حسن صحيح غريب )) ولم أر لفظة صحيح في كتاب الترمذي لا بخط الكروخي الذي اشتهرت روايته من طريقه ، ولا بخط الحافظ أبي علي الصدقي من طريق أبي علي السنجي و لا في غيرهما من النسخ ، ولا في الأطراف فكأنَّ الشيخ رأه في نسخة ليست معتمدة )) أهـ

وتحسين الترمذي لهذا الحديث تعقبه العراقي في(( المغني عن حمل الأسفار الملحق بإحياء علوم الدين )) (1/399) فقال :((ورواه الترمذي من حديث ثوبان وحسنه وفيه نظر ففيه سعد بن المرزبان ضعيف جداً))
ولهذا قال الذهبي بعد أن أخرج هذا الحديث في تذكرة الحفاظ (3/969):(( غريب تفرد به عقبة فأخرجه الترمذي من حديثه وحسنه.))
قلت : وقول الذهبي ((تفرد به عقبة )) غير صحيح ، بل تابعه الطنافسي ، وعلي بن هاشم وأبو مسعود ، كما مرَّ معنا آنفاً .
فالذي يظهر – والعلم عند الله – أنَّ الحديث بهذا الإسناد ضعيف جداً .
وحتى لو كان من طريق أبي سلام عن ثوبان  فهو غير صحيح للانقطاع بينهما ، إذ إنَّ أبا سلام لم يسمع من ثوبان  كما مر معنا آنفاً - والله أعلم -

ثم إنَّ الحديث جاء أيضاً من مسند صحابي آخر مختلف في اسمه
فقد روى الطبراني في الكبير (20/355) برقم (838) ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1607) من طريق أحمد بن سليمان .
وروى بن قانع في معجم الصحابة برقم (1072) من طريق يحي بن غيلان الأسلمي .
كلاهما أعني :(( أحمد بن سليمان ، و يحي بن غيلان الأسلمي )) عن رشدين ين سعد عن حي بن عبدالله المعافري عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن المنيذر صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ  وَكَانَ يَكُونُ بِإِفْرِيقِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: ((مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، فَأَنَا الزَّعِيمُ لآخُذَ بِيَدِهِ حَتَّى أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.))
وهذا إسناد ضعيف .
فيه رشدين بن سعد . والجمهور على تضعيفه فقد ضعفه أحمد وقال يحيى ((ليس بشيء)) وقال عمرو بن علي وأبو زرعة ((ضعيف الحديث)) وقال أبو حاتم ((منكر الحديث وفيه غفلة ويحدث بالمناكير عن الثقات ضعيف الحديث)) وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ((عنده معاضيل ومناكير كثيرة)) وقال النسائي ((متروك الحديث)) وقال في موضع آخر ((ضعيف الحديث لا يكتب حديثه)) انظر تهذيب الكمال (9/193-195)
وفي إسناده أيضاً :
حيي بن عبدالله المعافري المصري وقد اختلف فيه :
فقال أحمد بن حنبل : ((أحاديثه مناكير)) ، وقال أيضاً: ((حيي ودراج وزبان هؤلاء الثلاثة أحاديثهم مناكير)) وقال البخاري ((فيه نظر)) وقال النسائي ((ليس بالقوي))
وذكر بن عدي عنه أحاديث بأسانيد مختلفة وانتقدها :حيث قال :(( ....ثنا عبد الله بن وهب عن حيي المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو عن النبي  ................. - ثم قال بن عدي -:(( وبهذا الإسناد خمس وعشرون حديثا عامتها لا يتابع عليها .)) ثم قال أيضاً :(( ...قال ثنا بن لهيعة قال حدثني حيي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو ..................- ثم قال - وبهذا الإسناد حدثناه الحسن عن يحيى عن بن لهيعة بضعة عشر حديثا عامتها مناكير )) وقال أيضاً :((......ولحيي بهذا الإسناد غير ما ذكرت وأرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة))
وذكره بن حبان في الثقات ، وقال بن معين :(( لا بأس به )) وقال بن حبان :(( حيي بن عبد الله المعافري من خيار أهل مصر ومتقنيهم وكان شيخا جليلا فاضلاً))
انظر التاريخ الكبير للبخاري (3/76) والجرح والتعديل (3/272) والكامل لابن عدي (3/387-390) وبحر الدم (243) والضعفاء للعقيلي (395) وتهذيب الكمال للمزي (7/488-489) والضعفاء والمتروكين للنسائي (162) ومشاهير علماء الأمصار (1501)
إذن من ضعفه أكثر ممن وثقه!!
فممن ضعفه احمد والبخاري والنسائي .
وخالفهم بن معين فقال : ((ليس بأس به)) ، وهذه العبارة فيما يظهر ليست توثيقاً لحيي بن عبدالله من يحي بن معين ، وذلك أنَّ يحي بن معين سئل عن حيي كما في رواية بن محرز (140) فقال :(( حيى بن عبد الله صالح الحديث ليس بذاك القوى))
ولهذا لا يبقى إلاَّ توثيق بن حبان ، فقد ذكره في الثقات بدون النص على توثيقه .
لكنه ذكره في مشاهير علماء الأمصار وقال :(( من خيار أهل مصر ، ومتقنيهم ، وكان شيخاً جليلاً فاضلاً ))
وأين توثيق بن حبان أمام جرح الإمام أحمد والبخاري والنسائي ، بل قال النسائي فيه بعد أن أخرج له حديثاً في الكبرى (1971) من طريقه فقال :((حيي بن عبد الله ليس ممن يعتمد عليه وهذا الحديث عندنا غير محفوظ))
وقال البيهقي في معرفة السنن (7/344) :(( وقد روي ذلك في حديث حُيَيّ بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِّي عن عقبة وليس بالقوي.))
ولما أخرج الحافظ بن حجر في بلوغ المرام حديث رقم (830) (( من فرق بين والدة وولدها...)) قال :(( رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَالْحَاكِمُ, وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ مَقَال)) وهو من رواية حيي بن عبدالله .
وعلى كلٍ فحيي إذا تفرد بالحديث فحديثه منكر كما قال الإمام أحمد : ((أحاديثه مناكير)). و الله أعلم .
وأمَّا صحابي هذا الحديث فقد اختلف في اسمه :
1- فقيل : ((المنتذر)) ، قال بن الأثير في أسد الغابة - (1 / 1045) :(( المنتذر - وقالوا : المنيذر - نسبه جعفر إلى يحيى بن يونس . وقد أروده ابن منده : المنذر وقال : وقيل : المنيذر))
وقال بن حجر في الإصابة (3/534) :(( المنتذر بوزن المنكدر ذكره جعفر المستغفري عن يحيى بن يونس الشيرازي واستدركه أبو موسى على بن منده وقد ذكره بن منده بصيغة التصغير وهو المعروف فقال المنذر ويقال المنيذر فذكر حديثه.))

2- وقيل :(( أبو المبتذل )) ذكره بن الأثير في أسد الغابة (1/1240) وساق هذا الإسناد لكن بـ(( أبي المبتذل )) ثم قال :(( رواه أحمد بن الطيب عن رشدين فقال : أبو المبتذل أبو المنتذر .))
3- وقيل :(( المنيذر ))قال بن حجر في الإصابة (3/465) :(( المنيذر – مصغراً - الأسلمي ويقال : الثمالي ويقال : هو المنيذر بصيغة التصغير وقيل بوزن المنتشر ذكره بن يونس وقال رجل من أصحاب النبي  روى عنه عبد الرحمن الحبلي ، وقال البغوي سكن إفريقية وروى حديثه رشدين بن سعد .))
4- وقيل:((المبتدر)) ، قال بن حجر في الإصابة (3/507) :(( المبتدر الإفريقي ذكره بن السكن بالموحدة ثم المثناة وهو تصحيف وإنما هو المنيذر بنون ثم معجمة بصيغة التصغير))
5- وقيل: ((أبو المنذر)) قال بن الأثير في أسد الغابة (1/1252): ((أبو المنذر . أورده جعفر كذلك))
6- وقيل :(( المنذر )) قاله بن الأثير في أسد الغابة (1/1046) .
وإذا تأملنا جيداً هذا الحديث بهذا الإسناد فسنخرج بأنَّ :
1- كل هذا الاختلاف في اسمه .
2- بالإضافة إلى أنَّه لم يرد التصريح بكونه صحابياً إلاَّ من طريق رشدين بن سعد المشهور بضعفه .
3- وليس لهذا الصحابي إلاَّ هذا الحديث
= كل ذلك يوجس في النفس نفي الصحبة عنه ، فإنَّ شرط إثبات الصحبة لراوٍ معين :
1- أن يكون الإسناد إليه صحيحاً .
2- وأن يكون الراوي عنه ثقة غير مدلس .
وهذا مما لم يتحقق هنا ، ولهذا يقول بن السكن كما نقله عنه بن حجر في الإصابة (3/465) :(( المنيذر الثمالي من مذحج ويقال من كندة وله حديث واحد مخرج حديثه عند أهل مصر وأرجو ألا يكون صحيحا وليس هو المشهور))
ولم يتفرد بهذا الحديث رشدين بن سعد بل تابعه عليه عبدالله بن وهب .
فقد قال أبو نعيم في معرفة الصحابة (6107) :(( رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حُيَيٍّ نَحْوَهُ ))أهـ
وقال بن حجر في الإصابة (3/465) :(( وتابعه بن وهب عن حيي ولكنه لم يسمه قال عن رجل من أصحاب النبي  وأخرجه بن منده))أهـ
لكن لا يمكن عد هذه متابعة لحديثنا وذلك لما يلي :
(( أولاً )) أنَّه لم يذكر الإسناد كاملاً حتى نتتمكن من معرفة الراوي عن بن وهب ، فقد يكون ضعيفاً ،أو حصل اضطراب في إسناده فأخل به في بقية الإسناد ،كما قال أبو نعيم أيضاً عقب ذكره لرواية بن وهب معلقاً ، قال :(( وَرَوَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ حَدِيثِ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُيَيٍّ، وَقَالَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَهُوَ وَهْمٌ، فَإِنَّهُ الْحُبُلِيُّ، وَلَيْسَ لِلسُّلَمِيِّ هَاهُنَا مَدْخَلٌ)) أهـ
(( ثانياً)) أنَّه لم يسمِ الصحابي فقال :(( عن رجل من أصحاب النبي  )) وعليه فقد يكون صحابياً آخر غير ((أبي المنيذر)) ،وبهذه الطريقة لا تثبت الصحبة لهذا الراوي ((أبي المنيذر)) والله أعلم .
(( ثالثاً )) ولو تمكنا من معرفة هذا السند عن بن وهب إلاَّ أنَّ في الإسناد حيي بن عبدالله المعافري وهو ضعيف كما سبق بيانه .
(( رابعاً )) ويضاف إلى ما سبق تفرد حيي بن عبدالله المعافري بهذا الحديث وهو ممن لا يحتمل تفرده – والله اعلم _
وعليه يبقى هذا الحديث ضعيفاً لضعف رشدين بن سعد وحيي المعافري ولعدم معرفتنا بسند بن وهب كاملاً – والله أعلم .

وللحديث شاهد آخر من حديث أبي سعيد الخدري 
فقد روى الطبراني في الأوسط (8742) والبيهقي في شعب الإيمان (4258) من طريق عبدالله بن صالح أن أبا شريح المعافري حدثه عن أبي هاني عن أبي علي الجنبي عن أبي سعيد الخدري : أنه سمع رسول الله  يقول :(( من رضي بالله رباً ، و بالإسلام ديناً ، و بمحمد رسولاً ، وجبت له الجنة.)) قال أبو سعيد : (فحمدت الله تعالى و كبرت و سررت به .) فقال رسول الله  : ((و أخرى يرفع الله بها في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء و الأرض - أو أبعد ما بين السماء و الأرض - قال : (قلت و ما ذاك يا رسول الله ؟) قال : ((الجهاد في سبيل الله الجهاد في سبيل الله ))
هذا لفظ البيهقي .
وفي رواية عند الطبراني :(( فحمدت وكبرت وشهدت )) وأيضاً ((وأخرى يا أبا سعيد يرفع الله بها أهلها)).
وهذا إسناد حسن:
فيه أبو هانيء حميد بن هانيء ((قال أبو حاتم ((صالح)) وقال النسائي ((ليس به بأس)) وذكره بن حبان في كتاب الثقات)) انظر تهذيب الكمال (7/402)
قلت : هو من رجال مسلم .
وفيه عبدالله بن صالح وهو كاتب الليث بن سعد ،اختلف فيه :
فمنهم من ضعفه :
كما قال عبد الله بن أحمد بن حنبل :((سألت أبي عنه؟ فقال كان أول امره متماسكاً ثم فسد بأخرة وليس هو بشيء)) قال :(وسمعت أبي ذكره يوما فذمه وكرهه) وقال علي بن المديني:((ضربت على حديث عبد الله بن صالح وما أروي عنه شيئا)) وقال النسائي ((ليس بثقة ))
ومنهم من وثقه وقبل حديثه والتمس له عذراً :
منهم يحي بن معين رحمه الله تعالى ، وقال أبو عثمان سعيد بن عمرو البرذعي :قلت لأبي زرعة : (أبو صالح كاتب الليث!!) فضحك وقال:(( ذاك رجل حسن الحديث)) وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم :(سمعت أبي ما لا احصي وقد قيل له إن يحيى بن عبد الله بن بكير يقول في أبي صالح كاتب الليث شيئاً !! فقال:(( قل له : هل جئنا الليث قط إلا وأبو صالح عنده فرجل كان يخرج معه في الأسفار وإلى الريف ، وهو كاتبه فينكر على هذا أن يكون عنده ما ليس عند غيره ))
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم سألت أبا زرعة عنه؟ فقال:(( لم يكن عندي ممن يتعمد الكذب وكان حسن الحديث)) وقال بن عدي فيه :(( وهو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في حديثه في أسانيده ومتونه غلط ، ولا يتعمد الكذب ، وقد روى عنه يحيى بن معين كما ذكرت))
وقال أبو حاتم الرازي :((سمعت أبا الأسود النضر بن عبد الجبار وسعيد بن عفير يثنيان على كاتب الليث)) وقال أيضا :((سمعت عبد الملك بن شعيب بن الليث يقول :(أبو صالح ثقة مأمون قد سمع من جدي حديثه وكان يحدث بحضرة أبي وأبي يحضه على التحديث)) وقال عبد العزيز بن عمران بن مقلاص المصري:(( كنا نحضر شعيب بن الليث وأبو صالح يعرض عليه حديث الليث فإذا فرغنا قلنا يا أبا صالح نحدث بهذا عنك فيقول نعم))
قلت : إنما عيب عليه أمور :
( أولها ) أنَّه روى عن الليث عن بن أبي ذئب أحاديث ، والليث لم يسمع من بن أبي ذئب، وهذا ما عابه به الإمام أحمد بن حنبل وكذا أحمد بن صالح المصري .
والجواب على ذلك ما ذكره أهل العلم منهم أبو حاتم حيث قال :(سمعت يحيى بن معين يقول :((أقل أحوال أبي صالح كاتب الليث انه قرأ هذه الكتب على الليث فأجازها له ويمكن أن يكون بن أبي ذئب كتب إليه بهذا الدرج يعني إلى الليث ))
(ثانيها ) انه يقع غلط في حديثه في أسانيده ومتونه.
والجواب على ذلك أيضاً بما ذكره أهل العلم فقد قال أبو حاتم ((الأحاديث التي أخرجها أبو صالح في آخر عمره فأنكروها عليه أرى أن هذا مما افتعل خالد بن نجيح وكان أبو صالح يصحبه وكان أبو صالح سليم الناحية وكان خالد بن نجيح يفتعل الكذب ويضعه في كتب الناس ولم يكن وزن أبي صالح وزن الكذب كان رجلا صالحا))
ولهذا روى الحاكم بسنده إلى أحمد بن محمد بن سليمان التستري أنه قال :((سألت أبا زرعة الرازي عن حديث زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب عن جابر عن النبي  في الفضائل؟
فقال:(( هذا حديث باطل كان خالد بن نجيح المصري وضعه ودلسه في كتاب الليث وكان خالد بن نجيح هذا يضع في كتب الشيوخ ما لم يسمعوا ويدلس لهم وله غير هذا)) قلت لأبي زرعة :(فمن رواه عن بن أبي مريم؟) قال :((هذا كذاب.)) قال التستري:(( وقد كان محمد بن الحارث العسكري حدثني به عن كاتب الليث وبن أبي مريم))
قال الحاكم أبو عبد الله:(( فأقول رضى الله عن أبي زرعة لقد شفى في علة هذا الحديث وبين ما خفي علينا فكل ما أتي أبو صالح كان من أجل هذا الحديث فإذا وضعه غيره وكتبه في كتاب الليث كان المذنب فيه غير أبي صالح))
(ثالثها ) أنَّـه اتهم بالكذب فقد قال عبد المؤمن بن خلف النسفي:(( سألت أبا علي صالح بن محمد عن أبي صالح كاتب الليث ؟ فقال:(( كان يحيى بن معين يوثقه وعندي كان يكذب في الحديث)) وقال احمد بن صالح :((عبد الله بن صالح متهم ليس بشيء))
وهذا الاتهام رده أهل العلم فقد قال أبو حاتم :(( لم يكن وزن أبي صالح وزن الكذب كان رجلا صالحاً)) وقال أبو زرعة :(( لم يكن عندي ممن يتعمد الكذب)) ويقول بن أبي حاتم :(( وسئل أبي عن أبي صالح كاتب الليث فقال مصري صدوق أمين))
ويمكن أن يقال إنَّ المقصود بوصمه بالكذب أي أنَّه يخطيء في الأحاديث ، ولا يراد به الكذب المعروف الذي هو ضد الصدق، وهذه لغة عند الحجازيين .
ويمكن أن يقال إنَّه يروي هذه الموضوعات لا أنَّه ينشأها من عنده .
وأيضاً فالأحاديث الموضوعة التي رويت من طريقه إنَّما أتي بها من قبل غيره مثل خالد بن نجيح المصري .
وعليه فحديثه إن شاء الله لا ينزل عن رتبة الحديث الحسن ، و لا سيما وروايته لهذا الحديث ليس من رواية الليث عن بن أبي ذئب .
ولهذ حكم بن القطان على حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث بأنَّها حسنة ( انظر بيان الوهم والإيهام (3/505))

ومع ذلك : لم يتفرد به عبدالله بن صالح بل تابعه عليه أبو الحسين زيد بن الحباب
فقد روى الحاكم (1904) من طريق يحي بن أبي طالب .
وروى النسائي في الكبرى (9748) وفي عمل اليوم والليلة (5) من طريق أحمد ين سليمان.
وروى أبو داود (1529) من طريق محمد بن رافع .
وروى بن حبان (863) من طريق محمد بن عبدالله بن نمير .
وروى أبو بكر بن شيبة في مصنفه (29893) وعنه عبد بن حميد (999) ومن طريق بن أبي شيبة رواه أبو الفضل الزهري في حديثه (320) وبن عبدالبر في التمهيد (16/318)
جميعهم أعني :((يحي ، وأحمد بن سليمان ، وبن رافع ، وبن نمير ، وبن أبي شيبة )) عن أبي الحسين زيد بن الحباب عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الإِسْكَنْدَرَانِىُّ حَدَّثَنِى أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلاَنِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَلِىٍّ الْجَنْبِىَّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ « مَنْ قَالَ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ».
وفي رواية ((وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) بزيادة الصلاة على النبي .
وفي رواية في آخر الحديث :(( قَالَ : فَفَرِحْتُ بِذَلِكَ وَسُرِرْتُ بِهِ. ))
وهذا حديث حسن أيضاً فإنَّ زيد بن الحباب وثقه يحي بن معين ،وبن المديني والعجلي وقال أبو حاتم ((صدوق صالح)) وقال أحمد بن حنبل :((زيد بن حباب كان صدوقا وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح ولكن كان كثير الخطأ)) وقال يحيى بن معين :((كان يقلب حديث الثوري ولم يكن به بأس)) انظر تهذيب الكمال (10/45-46)
ولهذا يقول بن حجر في التقريب :(( صدوق يخطىء في حديث الثوري )).
وحديثه هذا ليس من حديث الثوري .
فباجتماع عبدالله بن صالح كاتب الليث ، مع زيد بن الحباب يرتقي الحديث إلى درجة الصحيح لغيره ، والله أعلم .
ولهذا قال الحاكم في المستدرك :((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) ووافقه الذهبي.
وعبدالله بن صالح ، وزيد بن الحباب يرويانه عن أبي شريح عبدالرحمن بن شريح المعافري الاسكندراني (( وهو ثقة فاضل )) عن أبي هانيء .
وقد خالفه عبدالله بن وهب
فروى بن حبان (4612) من طريق أحمد بن عمرو بن السرح .
وروى النسائي في الكبرى (9749) وفي عمل اليوم والليلة (6) والبغوي في شرح السنة (2605) وأبو عوانة في مستخرجه (5927) ومن طريقه بن عساكر في (الأربعون في الحث على الجهاد ) برقم (11) وأبو الطاهر في أماليه (56) من طريق يونس بن عبد الأعلى .
وروى النسائي (3131)وفي الكبرى (9749) و (4324) وفي عمل اليوم والليلة (6)من طريق الحارث بن مسكين .
وروى البيهقي في الصغرى (4033) وفي الكبرى (19005) من طريق محمد بن عبدالله بن الحكم .
وروى سعيد بن منصور في سننه (2301) وعنه مسلم في صحيحه (4879) ومن طريق سعيد بن منصور رواه بن منده في الإيمان (248) .
جميعهم أعني :(( بن السرح ، وبن عبدالأعلى ، وبن مسكين ، وبن عبد الحكم ، وسعيد ابن منصور)) عن عبدالله بن وهب قال : أخبرني أبو هانئ الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن أبي سعيد الخدري : ( أن رسول الله  قال :(( يا أبا سعيد ! من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وجبت له الجنة)) ، فعجب لها أبو سعيد ، فقال :(( أعدها علي يا رسول الله ))، ففعل ثم قال : ((وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة . ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ))؟ قال : ((الجهاد في سبيل الله ، الجهاد في سبيل الله ، الجهاد في سبيل الله.)).
وفي رواية :(( وبمحمد  نبياً )) بزيادة الصلاة على النبي 
وفي رواية :(( الجهاد في سبيل الله )) مرةً واحدة .
وفي رواية :(( الجهاد في سبيل الله )) مرتان .
وفي رواية :(( الجهاد في سبيل الله )) ثلاث مرات .
وهذا إسناد صحيح ، ولم يتفرد به عبدالله بن وهب ، بل تابعه عليه الليث بن سعد - رحمه الله تعالى - كما ذكر ذلك الطبراني في معجمه الأوسط (8742) معلقا ًفقال :(( هكذا روى هذا الحديث أبو شريح عن أبي هانئ عن أبي علي ، ورواه الليث بن سعد وعبد الله بن وهب عن أبي هانئ عن أبي عبد الرحمن عن أبي سعيد ))
ولم أعثر على إسناد الليث بن سعد ، حتى أتحقق منه .
كذلك تابعهما على هذا الحديث خالد بن أبي عمران
فقد روى الطبراني في الأوسط (3167) من طريق شعيب بن يحي .
وروى الإمام أحمد (11102) من طريق يحي بن إسحاق السليحيني .
كلاهما أعني :(( شعيب ، ويحي )) عن عبدالله بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن أبي عبد الرحمن الحبلي أن أبا سعيد الخدري حدثه أن رسول الله  أخذ بيده فقال : ((يا أبا سعيد )) فقلت:( لبيك رسول الله ) قال :(( ثلاث من كن فيه وجبت له الجنة)) فقلت :( وما هي يا رسول الله؟) فقال :(( من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، قال :((والرابعة يا أبا سعيد لها من الفضل أفضل مما بين السماء والأرض مائة درجة وهي الجهاد ))
وهذا إسناد ضعيف فيه عبدالله بن لهيعة ، والجمهور على تضعيفه ، لكنه يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بوجود هذه المتابعات السابقة .
إذن متن الحديث صحيح ثابت .
لكن وقع الخلاف فيه : بين عبدالله بن وهب ، وأبي شريح عبدالرحمن بن شريح .
1- فأبو شريح يرويه عن أبي هانيء عن أبي علي الجنبي عن أبي سعيد الخدري 
2- بينما يرويه بن وهب عن أبي هانيء عن أبي عبدالرحمن الحبلي عن أبي سعيد الخدري 
وكلاهما ثقة فإمَّا أن نجمع بينهما وإمَّا أن نعدل إلى الترجيح بينهما .
والجمع بينهما: أن يقال :إنَّ أبا هانيء رواه عن هذين الاثنين وهما أبو علي ,وأبو عبدالرحمن فحدث به تارةً عن أبي علي الجنبي فسمعه منه أبو شريح عبدالرحمن بن شريح .
وحدث به تارةً أخرى عن أبي عبدالرحمن الحبلي فسمعه منه عبدالله بن وهب .
فلا تعارض بينهما و لاسيما والمتن متقارب :
إلاَّ أنَّ لفظ حديث أبي شريح:
من رواية زيد بن الحباب:((من قال رضيت بالله رباً.......................)) الحديث.
ومن رواية عبدالله بن صالح كاتب الليث :(( من رضي بالله رباً.............)) الحديث
وهي التي توافق - من حيث اللفظ - رواية عبدالله بن وهب .
ولا تعارض بينهما فيمكن أن يقولها المسلم بلسانه معتقداً بها في قلبه .
ويؤيد ذلك رواية خالد بن أبي عمران التي يرويها الإمام أحمد (11102) وفيها :(( عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ  بِيَدِي فَقَالَ:(( يَا أَبَا سَعِيدٍ ثَلَاثَةٌ مَنْ قَالَهُنَّ دَخَلَ الْجَنَّة ))َ قُلْتُ:( مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟) قَالَ:(( مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا )) ثُمَّ قَالَ :((يَا أَبَا سَعِيدٍ وَالرَّابِعَةُ لَهَا مِنْ الْفَضْلِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَهِيَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))
الشاهد من الحديث :(( ثلاثة من قالهنَّ )) ثم قال بعدها :(( من رضي بالله رباً...))الحديث.
فجمع بين القول بها ، وبين الاعتقاد بها ، وعليه فلا تعارض بين الحديثين لا من حيث الإسناد ، ولا من حيث المتن .
وإذا أردنا أن نرجح بين الحديثين فالراجح رواية عبدالله بن وهب وذلك لما يلي :
(( أولاً )) مكانة عبدالله بن وهب ومنزلته وشهرته مقدمة على مكانة أبي شريح عبدالرحمن بن شريح – كما هو معروف – ولهذا أخرج البخاري ومسلم لابن وهب ، بينما تفرد مسلم بالإخراج عن أبي شريح .
(( ثانياً )) أنَّ أبا شريح قد تفرد بهذا السند وهذا المتن فرواه عن أبي هانيء عن أبي علي الجنبي ولفظه :(( من قال رضيت بالله رباً ...)) وهذا لفظ زيد بن الحباب ، دون عبدالله بن صالح كاتب الليث .
بينما عبدالله بن وهب لم يتفرد بذلك بل تابعه على إسناده ولفظه ((الليث بن سعد)) وهو من هو علماً وفضلاً ومكانةً وليس هذا فحسب بل عززا بثالث وهو ((خالد بن أبي عمران)) جميعهم يرويه عن أبي هانيء عن أبي عبدالرحمن الحبلي وبلفظ :(( من رضي بالله رباً ..))
(( ثالثا ُ)) مما يرجح رواية عبدالله بن وهب من حيث لفظ الحديث ،الرواية الأخرى عن أبي شريح وهي رواية عبدالله بن صالح بلفظ :(( من رضي بالله رباً ...)) الحديث .
ولعلَّ هذا – والله أعلم - هو السبب الذي جعل الإمام مسلم رحمه الله تعالى يخرج في صحيحه رواية عبدالله بن وهب ، دون رواية عبد الرحمن بن شريح .
وعلى كلٍ فالجمع ممكن – كما سبق – والله تعالى أعلم .




وللحديث شاهد آخر من حديث عبدالله بن عباس 
رواه الطبراني في الأوسط (7472) حيث قال :(( حدثنا محمد بن شعيب نا أحمد بن إبراهيم ثنا محمد بن عمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن بن عباس قال:( قال رسول الله :((بحسب امرئ من الإيمان أن يقول رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا))
قال الطبراني :(( لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا محمد بن عمير الرازي ))
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/53) :(( قلت : ذكره ابن حبان في الثقات ))
وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (7/346):(( قلت : قد ذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 37) وقال :".. بن أبي الغريق الهمداني الكوفي .." .وذكر أنه روى عنه ابن نمير وأبو نعيم .وكذا في "تاريخ البخاري" و "الجرح والتعديل"لابن أبي حاتم ، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً .))أهـ.
قلت :
(( أولاً )) قوله :(( أبي الغريق )) خطأ مطبعي من النساخ – كما يظهر - والصواب :((بن أبي الغريف )) كما هو مسطور في كتاب الثقات لابن حبان ، وكذا هو في التاريخ الكبير للبخاري (1/194) والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (8/40) .
(( ثانياً )) من ذكره بن حبان والبخاري وبن أبي حاتم واسمه محمد بن عمير ثلاثة :
1- محمد بن عمير المحاربي يروى عن أبى هريرة روى عنه أشعث بن سليم عداده في أهل الكوفة .
2- محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب الدارمي يروى المراسيل روى عنه أبو عمران الجوني.
3- محمد بن عمير بن أبى الغريف الهمداني من أهل الكوفة يروى عن أبيه روى عنه بن نمير وأبو نعيم .
انظر ((الثقات (5/360)) التاريخ الكبير (1/194) الجرح والتعديل (8/40)
وتحديد أحدهم يحتاج إلى دليل وقد قال الطبراني :(( محمد بن عمير الرازي)) فنسبه إلى كونه :(( رازياً )) وهؤلاء كوفيون .
ولم أجد من ترجم له أو تكلم عنه ، ولم أجد من ذكره ضمن تلاميذ عروة بن الزبير أو ممن أخذ عنه ، فالذي يظهر- والعلم عند الله - أنَّه مجهول – والله أعلم –
وهذا المجهول لم يتفرد به فقد تابعه متابعة ناقصة أبو الأسود محمد بن عبدالرحمن يتيم عروة ذكر ذلك بن أبي حاتم حيث قال في العلل (1949):(( وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ ؛ رَوَاهُ أَبُو هَارُونَ الْبَكَّاءِ ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ  : ((حَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يَقُولَ : رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا ، وَبِالإِسْلامِ دِينًا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا.))
قَالَ أَبِي : ((هَذَا حَدِيث مُنْكَر بهذا الإسناد.))أهـ
فحكم عليه بالنكارة .
إذن حديث بن عباس ضعيف – والله أعلم –

وله شاهد من حديث زيد بن ثابت 
رواه عنه عطاء بن يسار واختلف عليه فيه :
فرواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (29894) مرسلاً : عن يزيد بن هارون أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ ، عَن صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ  :(( مَنْ قَالَ حِينُ يُمْسِي : رَضِيت بِاللهِ رَبًّا , وَبِالإِسْلامِ دِينًا , وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، فَقَدْ أَصَابَ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ.))
وهذا إسناد ضعيف جداً فيه علتان :
(( الأولى )) فيه محمد بن عبدالرحمن بن المجبر قال فيه بن معين ((ليس بشيء)) وقال النسائي وجماعة ((متروك)) وقال أبو زرعة ((واهي الحديث)) وقال بن حبان ((يتفرد بالمعضلات عن الثقات ويأتي بأشياء مناكير عن أقوام مشاهير لا يحتج به))
انظر الإكمال لرجال أحمد برقم ((782))
(( الثانية )) ويضاف إلى ذلك إرساله .
ورواه أبو نعيم مسنداً في معرفة الصحابة (2924)حيث قال :(( حدثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، ثنا أحمد بن إسحاق الوزان ، ثنا عمرو بن الحصين ، ثنا يحيى بن العلاء ، ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله  : « من قال : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، رضي الله به عبدا »
وهذا إسناد ضعيف جداً إن لم يكن موضوعاً لأنَّ فيه يحي بن العلاء البجلي أبا سلمة :
قال أحمد بن حنبل ((كذاب يضع الحديث)) وقال يحيى بن معين ((ليس بثقة)) وقال أبو حاتم عن يحيى بن معين ((ليس بشيء)) وقال عمرو بن علي والنسائي والدارقطني ((متروك الحديث)) وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ((غير مقنع)) وقال في موضع آخر ((شيخ واهي)) وقال أبو زرعة ((في حديثه ضعف)) وقال أبو حاتم ((سمعت أبا سلمة ضعف يحيى بن العلاء وكان قد سمع منه)) وقال في موضع آخر(( ليس بالقوي تكلم فيه وكيع)) وقال البخاري ((تكلم فيه وكيع وغيره)) وقال أبو داود ((ضعفوه)) وقال في موضع آخر ((ضعيف)) وقال عبد الرزاق ((سمعت وكيعا وذكر يحيى بن العلاء فقال كان يكذب حدث في خلع النعلين نحو عشرين حديثا)) وقال بن حبان(( ينفرد عن الثقات بالمقلوبات لا يجوز الاحتجاج به)) وروى له أبو أحمد بن عدي أحاديث ثم قال ((وله غير ما ذكرت والذي ذكرت مع ما لم أذكره كله لا يتابع عليه وكلها غير محفوظة والضعف على رواياته وحديثه بين وأحاديثه موضوعات)) انظر تهذيب الكمال (31/486-487)
بالإضافة إلى شيخ أبي نعيم وهو محمد بن أحمد بن علي بن مخلد أبو عبدالله الجوهري المعروف بابن المحرم قال فيه محمد بن أبي الفوارس :(( كان يقال في كتبه أحاديث مناكير ، ولم يكن عندهم بذاك )) وقال مرةً :(( ضعيف )) انظر تاريخ بغداد للخطيب (2/165) والمنتظم لابن الجوزي (7/45)
خلاصة البحث :
أنَّ الحديث لم يصح إلاَّ من حديث أبي سعيد الخدري  وليس فيه أنّـه من أذكار الصباح والمساء بل هو من أحاديث الأذكار المطلقة .
والله أعلم .