المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أحمد بن عبد الكريم



أهــل الحـديث
12-12-2013, 12:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الرسالة الثالثة والثلاثون:رسالته إلى أحمد عبد الكريم

...

ومنها رسالة أرسلها جواباً لرجل من أهل الحسا، يقال له:

أحمد بن عبد الكريم، وكان قد عرف التوحيد، وكفّر المشركين. ثم إنه حصل له شبهةٌ في ذلك، بسبب عبارات رآها في كلام الشيخ تقي الدين، ففهمَ منها غيرَ مرادِ الشيخ، رحمه الله، قال فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد بن عبد الوهاب، إلى أحمد بن عبد الكريم؛ سلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

أما بعد، فقد وصل مكتوبك تُقرر المسألة التي ذكرتَ، وتذكر أنَّ عليك إشكالاً تطلب إزالته.

ثم ورد منك مراسلة تذكر أنك عثرتَ على كلام للشيخ أزالَ عنك الإشكال، فنسأل الله أن يهديك لدين الإسلام.

وعلى أي شيء يدل كلامه؟

على أنَّ من عبد الأوثان عبادةٌ أكبر من عبادة اللات والعزى، وسبَّ دين الرسول بعد ما شهد به، مثل سب أبي جهل، أنه لا يَكفُر بعينه؛ بل العبارةُ صريحةٌ واضحةٌ في تكفير مثل ابن فيروز وصالح بن عبد الله وأمثالهما، كفراً ظاهراً ينقل عن الملة فضلاً عن غيرهما.

هذا صريح واضح في كلام ابن القيم الذي ذكرتَ، وفي كلام الشيخ الذي أزالَ عنك الإشكال، في كفر من عبد الوثن الذي على قبر يوسف وأمثاله، ودعاهم في الشدائد والرخاء، وسب دين الرسل بعد ما أقرَّ به، ودانَ بعبادة الأوثان بعد ما أقر بها. وليس في كلامي هذا مجازفة، بل أنت تشهد به عليهم، ولكن إذا أعمى الله القلب فلا حيلة فيه.

وأنا أخاف عليك من قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ}

والشبهة التي دخلتْ عليك، هذه البُضَيعة التي في يدك، تخاف تتغدى أنت وعيالك إذا تركتَ بلد المشركين، وشاك في رزق الله، وأيضاً قرناء السوء أضلوك كما هي عادتهم، وأنت والعياذ بالله تنْزل درجة درجة أول مرة في الشك، وبلد الشرك وموالاتهم والصلاة خلفهم، وبراءتك من المسلمين مداهنة لهم، ثم بعد ذلك طحت على ابن غنام وغيره، وتبرأت من ملة إبراهيم، وأشهدتهم على نفسك باتباع المشركين من غير إكراه لكن خوف ومداراة، وغابَ عنك قوله تعالى في عمار بن ياسر وأشباهه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ}إلى قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ} ،

فلم يستثن الله إلا مَن أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان، بشرط طمأنينة قلبه. والإكراه لا يكون على العقيدة، بل على القول والفعل؛

فقد صرَّح بأنَّ مَن قال المكفّر أو فعلَه فقد كَفَرَ، إلا المكرَه بالشرط المذكور، وذلك أنَّ ذلك بسبب إيثار الدنيا لا بسبب العقيدة.


فتفكر في نفسك: هل أكرهوك وعرضوك على السيف مثل عمار أم لا؟ وتفكر هل هذا بسبب أن عقيدته تغيرت أم بسبب إيثار الدنيا؟ ولم يبق عليك إلا رتبة واحدة وهي: أنك تصرح مثل ابن رفيع تصريحاً بمسبة دين الأنبياء، وترجع إلى عبادة العيدروس وأبي حديدة وأمثالهما.

ولكن الأمر بيد مقلب القلوب.

فأول ما أنصحك به: أنك تفكر هل هذا الشرك الذي عندكم هو الشرك الذي ظهر نبيك صلى الله عليه وسلم ينهى عنه أهل مكة؟ أم شرك أهل مكة نوع آخر أغلظ منه؟ أم هذا أغلظ؟ فإذا أحكمت المسألة، وعرفت أنَّ غالبَ مَن عندكم سمع الآيات، وسمع كلام أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين، وأقرَّ به وقال: أشهد أنَّ هذا هو الحق، ونعرفه قبل ابن عبد الوهاب، ثم بعد ذلك يصرح بمسبة ما شهد أنه الحق، ويصرح بحسن الشرك وأتباعه، وعدم البراءة من أهله.

فتفكر هل هذه مسألة أو مسألة الردة الصريحة التي ذكرها أهل العلم في الردة؟ ولكن العجب من دلائلك التي ذكرت كأنها أتت ممن لا يسمع ولا يبصر.