المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة مقالات منشوره 2



عافت مطر الجلال الجميلي
10-04-2007, 12:38 AM
Tuesday 14th December, 1999 G No. 9937 جريدة الجزيرة الثلاثاء 6 ,رمضان 1420 العدد 9937


عطور التاريخ
عافت مطر الجميلي

العجلة تطحن الأرواح,, والصبر يطحن الجبال، وسيأتي يوم نقلبهم فيه عن ظهورنا,, ونحرر شعبنا، فما دامت جبال الكوكاز (القوقاز) الخضراء في مكانها، وما دام نهر التيرك الهادر ينتصب من احشائها، وما استمر تبادل الليل والنهار، وما دامت الحياة قائمة على وجه الأرض، فلن تعدم جبالنا الرجال الشجعان,, الأبطال,, العاقلين,, الأمناء,, الأشداء, لا أنجبت أم شيشانية أو اي أم مسلمة في هذا الكون لزوجها وليداً عديم الحياء، خائناً، جباناً, وإذا أنجبت فلا عاش تحت الشمس, جعل الله الآخرة للأبطال الذين ماتوا قبل الأوان في حماية هذه الجبال الأم من العدوان، والفخر لمن عاش منهم على هذه الأرض المباركة يوم الشهداء, لم يكن سعد الله جينحوي أحد القادة الميدانيين الشيشان في جيش الإمام شامل يتكلم من فراغ وهو يؤكد بكلمته تلك ان حجارة جبال القوقاز سوف ينبجس منها رجال أفذاذ يملؤون الدنيا بطولة وشجاعة، ولم تكن مبالغة يمتص بها آثار الهزيمة ويهون على أهل قريته مصابهم عقب سقوط غروزني عام 1859م واستسلام الإمام شامل لقوات روسيا القيصرية في حرب القوقاز الأولى، فقد كان يستقرىء المستقبل ويتوسم النجابة في وجوه الأطفال الذين رضعوا الجهاد وتفتقت مداركهم عليه ثم زرعوا بذرة الكفاح فحصدها أبناؤهم واحتوتها عقولهم ونبتت عليها جلودهم فأصبح الجهاد جزءاً من حياتهم مثله مثل الطعام والشراب وصدق حدس القائد سعد الله ولم يخيب الله ظنه فقد خرج من جبال القوقاز شامل آخر هو جوهر دوداييف,, الضابط برتبة لواء بالجيش السوفيتي (سابقاً) الذي يأمر افراد الجيش المسلمين بالصلاة في وقتها، والذي قدم النصيحة للجنود الشيوعيين عقب ملاحظته انتشار الأمراض والتآكل في أقدامهم بأن يغسلوا ارجلهم خمس مرات في اليوم والليلة ليشفوا من المرض، هذا الجوهر النادر تمت مبايعته وعلى القرآن الكريم من قبل الشعب الشيشاني على القتال لآخر رجل تحت قيادته وخطته العسكرية باعتباره (إمام الجهاد) لشعوب شمال القوقاز الاسلامية، ارتدى كفنه في مواجهة الغزو الروسي البشع واعلن استقلال الشيشان عن روسيا الاتحادية عام 1991، وقاتل بكل بسالة قتال من لا يرهب الموت فهو يحبه كحب الشعب الروسي الملحد للحياة وهو يعلم علم اليقين ما أعده الله للشهداء من الفلاح في الحياة الباقية وما ينتظرهم من النعيم وكله أمل أن يرزقه الله الشهادة، وقد تحقق له ما أراد فخر صريعاً وفاضت روحه على أرض المعركة وضجت جبال القوقاز فرحاً وانتشت طرباً بعد ان لثمت ثغورها بأكواب من دمائه التي سالت مع سفوحها لتمتزج بنهر التيرك، تاركاً خلفه من رفقاء السلاح أسوداً تتلاطم امواج زئيرها وتتكسر على صخور الجبال التي تعرفها جيداً وتطرب لسماعها وستبقى كذلك إلى أن يأذن الله لهذه الضراغم أن تطرد آخر حشرة روسية وتستقر في عرينها غروزني مرفوعة هاماتها بعد أن تنتقم من المعتدين، فالشعب الشيشاني له شريعته الخاصة في الانتقام، (الانتقام) شريعة أزلية ليس بين الشيشان فحسب ولكن جميع شعوب شمال القوقاز التي وصفها خير وصف الاديب والروائي الروسي ليرمنتوف في كتابه عن القوقاز والذي يحمل اسم بطل من هذا الزمان حين كتب عن شعوب القوقاز ما يلي: (شرسة القبائل التي تقطن تلك الجبال هدفها الحرية,, والكفاح قانونها الوحيد,, قوية في صداقاتها لكنها أقوى في الانتقام ولا تدين لسيد يملي عليها من علو، تجزي الخير بالخير وترد الشر بالشر,,
** والشعب الشيشاني شعب عظيم استطاع بكل جدارة ان ينقش بصمته الخاصة به على حجر صدر التاريخ لتبقى افعاله العظيمة راسية كجبال القوقاز، وكيف لا يكون عظيماً شعب خرج من رحمه الائمة غازي محمد وشامل وجوهر دوداييف وأصلان مسخادوف ورفاقه، وكيف لا يكون عظيماً شعب تحدى الغزاة وناضل وقاوم الاحتلال لأكثر من مائة وستين عاماً عانى خلالها الأمرين، كيف لا يكون عظيماً شعب صمد في وجه القياصرة وقتل منهم نصف مليون بين جندي وضابط وجنرال ولم يرعبه استشهاد نصف الشعب وتدمير المدن وحرق المزروعات في سياسة (الأرض المحروقة) التي اتبعها القياصرة في حرب القوقاز الأولى، كيف لا يكون عظيما شعب حافظ على هويته ودينه وبذرة الجهاد في دماء أبنائه بالرغم من موت ربع مليون نسمة بسبب البرد والجوع في سيبيريا بعد ان استبدلها ستالين بجبال القوقاز لتكون منفى للشعب الشيشاني ظناً منه أنه سيخضع شعباً لا يعرف الخضوع إلا لربه، وكيف لا يكون عظيماً شعب عطر صفحات التاريخ بعظائم صنائعه, لا شك أن شعباً هذه حاله يقف له التاريخ إعجاباً واحتراماً.
** شعب الشيشان العظيم يحتاج لمشاركة من إخوانه المسلمين في أنحاء العالم، يحتاج لوقفة كل مسلم حسب قدرته المادية والمعنوية، فإن لم تكن المشاركة بحمل السلاح والجهاد جنباً الى جنب فليكن الجهاد بالمال والدعاء لهم بالنصر وحث القادرين مادياً على التبرع لهم وشرح ما يعانونه من الجوع والبرد في هذا الشتاء القارس البرودة وخصوصاً أنهم في منطقة تغطيها الثلوج طوال فصل الشتاء.
المراجع:
1 جمهورية الشيشان الاسلامية: ما هو المستقبل؟ مقال للدكتور احمد موسى الشيشاني - جريدة الجزيرة العدد رقم 8142 الصادر في 12 شعبان 1415ه.
2 لنا كلمة/ فهد البكران، جريدة الجزيرة العدد رقم 8128 بتاريخ 28/7/1415ه.
3 (الروليت الروسي) في جمهورية الشيشان: هل تكون الرصاصة من نصيب يلتسين؟