المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : {{ الفوائد الزمرديّة من الفتوى الحمويّة . }}



أهــل الحـديث
07-12-2013, 09:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

الفوائد الزمرديّة من الفتوى الحمويّة .

الحمدُ لله وكفى ، والصلاةُ والسّلام على النّبي المصطفى مُـحَـمَّـدٍ – صلَّى الله عليه وسلّم – أمّا بعدُ : بطاقة الكتاب :
اسم الكتاب : الفتوى الحموية الكبرى .
المؤلّف : شيخ الإسلام أحمد ابن تيميّة – رحمه الله - .
دراسة وتحقيق : حمد بن عبد المحسن التويجري .
دار النّشر : مكتبة دار المنهاج – الرياض - .
تاريخ الطبعة ورقهما : 1430 هـ ، الطبعة الأولى .


********************

فبعدَ قراءة الفتوى الحموية لشيخ الإسلام ابن تيميّة – رحمه الله ربُّ الأنام – تبيّن لي ما يلي :
أولا : إنّ شيخ الإسلام قد أسهبَ في النقولات إسهابًا وإطنابًا كثيرًا حتى لم أشعر بشخصيّة شيخ الإسلام في كتابه ، ما دفعني إلى قول هذا : أنّي كنتُ أريدُ أن أنتقيَ لكم من كلامه لا من كلام غيره ، وهذا ما جعل الانتقاء قليلا .
ثانيًا : إنّ نقولات شيخ الإسلام تدلُّ على أمورٍ كثيرةٍ جدًا :
أولها : سرعة استحضاره واستدعائها .
ثالثها : قوة حفظه لهذه الأقوال . أو وجودها في مظانّها .
رابعها : الإنصاف في كلامه على المخالف ، وانظر لمّا تكلم عن الباقلاني – رحمه الله - .
خامسها : إنّ هذا الكتاب أي - الحموية - كما يقول المحقق قد كتبه شيخ الإسلام في وقت مبكر من حياته وهذا يعطيكَ فكرةً عن عقل ابن تيمية ورجاحة عقله ، وتعامله مع النّصوص .
سادسها : أنّ ابن تيمية قد أفادَ الأمة في حفظه لهذه النصوص للعلماء ؛ إذ إننا قد لا نجد مثلا أقوال ابن زمنين ، أو الهروي ، أو ابن خفيف وغيرهم ، وتكون قد ضاعت مثل ضاع غيرها من نصوص العلماء وبهذا جعلنا ابن تيمية نقرأها في كتبه .

وبعد هذا الكلام ليحق لنا أن نفخر أن ابن تيمية واحدٌ من علماء أمتنا ، ومن أنجبته الأمة ، ونحمدَ الله تعالى وعزّ ، أن جعلنا مسلمينَ ، وعلى عقيدة صافيّة مثل الماء ، نقيّة بيضاء كالثوب الأبيض .... فالحمدُ لله من قبلُ ومن بعدُ .
********************
أولا : من كلام المحقق :
ص 13 : إنّ هذا الكتاب يُعدُّ من أقوى الردود على مذهب الأشاعرة ، وهذا المذهب الذي عالجه شيخ الإسلام .

ص 56 : أمّا معنى العنوان : فإطلاق مسمّى الفتوى عليها ؛ لأنّ أصل الكتاب هو حواب لاستفتاء وردَ على الشيخ .
ووصفها بالحمويّة ؛ لأنّ السؤالَ واردُ من حماة .
وهنا سؤال يطرح نفسه : ما وجه وصفها بالكبرى ؟ وهل هناك حمويّة صغرى ؟؟
بحثتُ فلم أجد إجابة وافية ، سوى ما أشار إليه ابن عبد الهادي في العقود الدريّة حينما سردَ مؤلفات شيخ الإسلام وذكر منها : الحمويّة الصغرى .
أمّا محمد عبد الرزاق حمزة : فيذكر في مقدمة الطبعة الرابعة للكتاب – الحموية – أنّ شيخ الإسلام كتب هذا الجواب أولا ، فانتشر بين النّاس بم أعاده الشيخ مرة ثانية ، وزاد فيه زيادات أخرى ، بإضافة بعض النقول عن بعض الأئمة ، فصارت الحمويّة بأيدي النّاس صغرى وكبرى . وإلى هذا الرأي ذهبَ قصيُّ محب الدين الخطيب في تقديمه للطبعة الرابعة للكتاب . والله أعلم .

ص 83 : من الذين ردّوا على كتاب الحموية ابن جهبل ، ويرى ابن جهبل أن ابن تيميّة حاول في جوابه الحمويّة إثبات الجهة لله .


********************


الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

يقول شيخ الإسلام في مسألة العلو :
ص 214 : ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من السلف الأمة، لا من الصحابة والتابعين، ولا عن أئمة الدين، الذين أدركوا زمن الأهواء والاختلاف حرف واحدا يخالف ذلك، لا نصا ولا ظاهرا.
ولم يقل أحد منهم قط إن الله ليس في السماء، ولا أنه ليس على العرش، ولا أنه بذاته في كل مكان، ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل، ولا أنه تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصبع ونحوها، بل قد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خطب خطبته العظيمة يوم عرفات في أعظم مجمع حضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يقول: ألا هل بلغت فيقولون: نعم، فيرفع أصبعه إلى السماء وينكبها إليهم، ويقول: اللهم اشهد غير مرة وأمثال ذلك كثير.

ص 221 : ثم عامة هذه الشبهات التي يسمونها دلائل إنما تقلدوا أكثرها عن طواغيت المشركين أو الصابئين أو بعض ورثتهم الذين أمروا أن يكفروا بهم، مثل فلان وفلان، أو عمن قال كقولهم لتشابه قلوبهم: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمً } .

ص 221 : ولازم هذه المقالة ألا يكون الكتاب هدى للناس ولا بيانا ولا شفاء لما في الصدور ولا نورا ولا مردا عند التنازع، إنا نعلم بالاضطرار أن ما يقوله هؤلاء المتكلفون أن الحق الذي يجب اعتقاده لم يدل عليه الكتاب والسنة لا نصا ولا ظاهرا، وإنما غاية المتحذلق أن يستنتج هذا من قوله: { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد } وقوله: { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } وبالاضطرار يعلم كل عاقل أن من دل الخلق على أن الله ليس على العرش ولا فوق السماء ونحو ذلك بقوله: { هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } لقد أبعد النجعة، وهو إما ملحد أو مدلس، لم يخاطبهم بلسان عربي مبين، ولازم هذه المقالة أن يكون تركُ الناس بلا رسالة خير لهم في أصل دينهم؛ لأن مردهم قبل الرسالة وبعدها واحد، وإنما الرسالة زادتهم عمى وضلالا.

ص 225 : ثم أصل هذه المقالة -مقالة التعطيل للصفات- إنما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين؛ لأن أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة في الإسلام هو الجعد بن درهم، وأخذها عنه الجهم بن صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه . وقد قيل: إن الجعد أخذ مقالته عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم .
فهذه أسانيد جهم ترجع إلى اليهود والصابئين والمشركين والفلاسفة الضالين إما من الصابئين وإما من المشركين .

ص 253 : وإذا كان أصل هذه المقالة - مقالة التعطيل والتأويل - مأخوذا عن تلامذة المشركين والصابئين واليهود فكيف تطيب نفس مؤمن - بل نفس عاقل - أن يأخذ سبل هؤلاء المغضوب عليهم والضالين ويدع سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ؟ !

ص 255 : ثم القول الشامل في جميع هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه أو بما وصف به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث، قال الإمام أحمد - رضي الله عنه - لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو بما وصف به رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا يتجاوز القرآن ولا الحديث، ومذهب السلف أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاجي؛ بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه؛ لا سيما إذا كان المتكلم أعلم الخلق بما يقول، وأفصح الخلق في بيان العلم، وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد .

ص 257 : فإنه إذا قال القائل: لو كان الله فوق العرش للزم أن يكون إما أكبر من العرش أو أصغر أو مساويا، وكل ذلك محال ونحو ذلك من الكلام، فإنه لم يفهم من كون الله على العرش إلا ما يثبت لأي جسم كان على أي جسم كان، وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم، أما استواء يليق بجلال الله ويختص به فلا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها.

ص 261 : ويكفيك دليل على فساد قول هؤلاء أن ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل، بل منهم من يزعم أن العقل جوّز أو أوجب ما يدعيه الآخر، أن العقل أحاله .
فيا ليت شعري بأي عقل شيء يوزن الكتاب والسنة، فرضي الله عن الإمام مالك بن أنس حيث قال: أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاءنا به جبريل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم – لجدلِ هؤلاء .

ص 266 : وأما المنحرفون عن طريقهم فهم ثلاث طوائف: أهل التخييل، وأهل التأويل، وأهل التجهيل.
فأهل التخييل: هم المتفلسفة ومن سلك سبيلهم، كمتكلم ومتصوف، فإنهم يقولون: إن ما ذكره الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور، لا أنه بين به الحق، ولا هدى به الخلق، ولا أوضح الحقائق، ثم هم على قسمين:
منهم من يقول: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم الحقائق على ما هي عليه، ويقولون: إن من الفلاسفة الإلهية من علمها، وكذلك من الأشخاص الذين يسمونهم أولياء من علمها، ويزعمون أن من الفلاسفة أو الأولياء من هو أعلم بالله واليوم الآخر من المرسلين، وهذه مقالة غلاة الملحدين من الفلاسفة والباطنية، باطنية الشيعة وباطنة الصوفية.
ومنهم من يقول: بل الرسول - صلى الله عليه وسلم - علمها لكن لم يبينها، وإنما تكلم بما يناقضها، وأراد من الخلق فهم ما يناقضها؛ لأن مصلحة الخلق في هذه الاعتقادات التي لا تطابق الحق .


ص 269 : أما أهل التأويل فيقولون: إن النصوص الواردة في الصفات لم يقصد بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يعتقد الناس الباطل، ولكن قصد بها معانٍ وبين لهم تلك المعاني ولا دلهم عليها، ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها، ومقصوده امتحانهم وتكليفهم إتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه، ويعرفوا الحق من غير جهته، وهذا قول المتكلمة الجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم في شيء من ذلك .


ص 273 : وأما الصنف الثالث : وهم أهل التجهيل فهم كثير من المنتسبين إلى السنة وأتباع السلف يقولون إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يعرف معاني ما أنزل الله عليه من معاني الصفات، ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقون الأولون عرفوا ذلك .


ص 274 : فإن التأويل يراد به ثلاث معانٍ :
فالتأويل في اصطلاح كثير من المتأخرين هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن بذلك.
فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهره تأويلات عن اصطلاح هؤلاء، وظنوا أن مراد الله بلفظ التأويل ذلك، وأن للنصوص تأويلا مخالفا لمدلولها لا يعلمه إلا الله أو يعلمه المتأولون.
ثم إن كثيرا من هؤلاء يقولون: تُجرى على ظاهرها فظاهرها مراد، مع قولهم: إن لها تأويلا بهذا المعنى لا يعلمه إلا الله، وهذا تناقض وقع فيه كثير من هؤلاء المنتسبين إلى السنة من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم.

ص 275 : والمعنى الثاني : أن التأويل هو تفسير الكلام سواء وافق ظاهره أو لم يوافقه ، وهذا هو التأويل في اصطلاح جمهور المفسّرين وغيرهم .

ص 277 : والمعنى الثالث : أنّ التأويل هو الحقيقة التي يؤول الكلام إليها ، وإن وافقت ظاهره .

ص 280 : وقال الشعبي : ما ابتدع أحد بدعة إلا وفي كتاب الله بيانُها .

ص 281 : وقال مسروق : ما قال أصحاب محمد – صلّى الله عليه وسلّم – عن شيءٍ إلا وعلمه في القرآن ولكن علمنا قَصُرَ عنه .

ص 282 : روى أبو بكر البيهقي في الأسماء والصفات، بإسناد صحيح عن الأوزاعي قال: كنا -والتابعون متوافرون- نقول: إن الله -تعالى ذكره- فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته، فقد حكى الأوزاعي وهو أحد الأئمة الأربعة في عصر تابعي التابعين الذين هم: مالك إمام أهل الحجاز، والأوزاعي إمام أهل الشام، والليث إمام أهل مصر، والثوري إمام أهل العراق، حكى شهرة القول في زمن التابعين بالإيمان بأن الله فوق العرش وبصفاته السمعية.

ص 285 : وروى أبو بكر الخلال في كتاب السنة : عن الأوزاعي قال: سئل مكحول والزهري عن تفسير الأحاديث، فقال: أَمرّوها كما جاءت، وروى أيضا عن الوليد بن مسلم قالت: سألت مالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي عن الأخبار التي جاءت في الصفات، فقالوا: أمرّوها كما جاءت، وفي رواية قالوا: أمرّها كما جاءت بلا كيف.

ص 287 : فقولهم -رضي الله عنهم- أمروها كما جاءت رد على المعطلة، وقولهم: بلا كيف، رد على الممثلة.
والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم، والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين، وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور أمر جهم المنكر لكون الله فوق عرشه والنافي لصفاته؛ ليعرف الناس أن مذهب السلف كان خلاف ذلك، ومن طبقتهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهما.


ص 308 : وابن أبي حاتم أن هشام ابن عبيد الله الرازي صاحب محمد بن الحسن قاضي الري حبس رجلا في التجهم فتاب، فجيء به إلى هشام ليطلقه، فقال: الحمد لله على التوبة، فامتحنه هشام فقال: أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه؟ فقال: أشهد أن الله على عرشه، ولا أدري "ما بائن من خلقه"، فقال: ردوه إلى الحبس فإنه لم يتب .


ص 317 : وروى اللالكائي والبيهقي عن عبد الله بن المبارك: أن رجلا قال له: يا أبا عبد الرحمن، إني أكره الصفة -عَنَى: صفة الرب- فقال له عبد الله بن المبارك: أنا أشد الناس كراهة لذلك، ولكن إذا نطق الكتاب بشيء قلنا به، وإذا جاءت الآثار بشيء جسرنا عليه، ونحو هذا.
أراد ابن المبارك: أننا نكره أن نبتدئ بوصف الله من ذات أنفسنا حتى يجيء به الكتاب والآثار .


ص 320 : وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة: من لم يقل: إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، وجب أن يُستتاب فإن تاب وإلا ضُربت عنقه، ثم ألقي على مزبلة لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل القبلة ولا أهل الذمة، وذكره عنه الحاكم بإسناد صحيح.


ص 327 : وفي الصحيح عن أنس بن مالك قال: كانت زينب تفتخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات . وهذا مثل قول الشافعي.


ص 339 : من كلام ابن زمنين :
((ثم قال في باب: الإيمان بالنزول، قال: ومن قول أهل السنة: أن الله ينزل إلى السماء الدنيا، ويؤمنون بذلك من غير أن يحدوا فيه حدا، وذكر حديثا من طريق مالك, وغيره. إلى أن قال: وأخبرنا وهب, عن ابن وضاح, عن زهير بن عباد, قال: من أدركت من المشايخ: مالك, وسفيان الثوري, وفضيل بن عياض, وعيسى, وابن المبارك, ووكيع, كانوا يقولون: النزول حق.
قال ابن وضاح: سألت يوسف بن عدي, عن النزول؟ قال: نعم. أؤمن به, ولا أحد فيه حدا. وسألت عنه ابن معين؟ فقال: أُقِرُّ به, ولا أحد فيه حدا ))


ص 344 : مثل ما ذكره أبو سليمان الخطَّابي في رسالته المشهورة في "الغنية عن الكلام وأهله", قال:
فأما ما سألتَ عنه من الصفات, وما جاء منها في الكتاب والسنة, فإن مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف؛ وإنما القصد في السلوك: الطريقة المستقيمة بين الأمرين، دين الله تعالى بين الغالي فيه, والمقصر عنه .


ص 353 : وقال الحافظ أبو نعيم في كتابه "محجة الواثقين ومدرجة الوامقين" -تأليفه-: وأجمعوا أنّ الله فوق سماواته, عالٍ على عرشه, مستو عليه، لا مستول عليه كما تقول الجهمية, أنه بكل مكان خلافا لما نزل في كتابه: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } .


ص 268 : وقال الإمام أبو عبد الله الحارث بن إسماعيل بن أسد المحاسبي في كتابه المسمى "فهم القرآن", قال في كلامه على الناسخ والمنسوخ: وأن النسخ لا يجوز في الأخبار. قال: لا يحل لأحد أن يعتقد أن مدح الله وأسمائه وصفاته يجوز أن ينسخ منها شيء... إلى أن قال: وكذلك لا يجوز إذا أخبر أن صفاته حسنة عليا أن يخبر بعد ذلك أنها دنية سفلى, فيصف نفسه بأنه جاهل ببعض الغيب, بعد أن أخبر أنه عالم بالغيب, وأنه لا يبصر ما قد كان, ولا يسمع الأصوات, ولا قدرة له, ولا يتكلم, ولا الكلام كان منه, وأنه تحت الأرض لا على العرش -جل وعلا عن ذلك- .


ص 397 : من كلام أبي عبد الله محمد بن خفيف :
((ثم ما رواه مسلم البطين عن ابن عباس أن الكرسي موضع القدمين، وأن العرش لا يقدر قدره إلا الله. وذكر قول مسلم البطين نفسه، وقول السدي، وقول وهب بن منبه، وأبى مالك. وبعضهم يقول: موضع قدميه، وبعضهم يقول: واضعا رجليه عليه. ثم قال: فهذه الروايات قد رويت عن هؤلاء من صدر هذه الأمة؛ موافقا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - متداولا في الأقوال، ومحفوظا في الصدور، لا ينكره خلف عن سلف ، ولا ينكر عليهم أحد من نظرائهم. نقلتها الخاصة والعامة مدونة في كتبهم؛ إلى أن حدث في آخر الأمة من قلل الله عددهم؛ ممن حذرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مجالستهم، ومكالمتهم، وأمرنا ألا نعود مرضاهم، ولا نشيع جنائزهم.
فقصد هؤلاء إلى هذه الروايات فضربوها بالتشبيه، وعمدوا إلى الأخبار؛ فعملوا في دفعها على أحكام المقاييس، وكفَّروا المتقدمين، وأنكروا على الصحابة، وردوا على الأمة الراشدين؛ فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل. ثم ذكر المأثور عن ابن عباس وجوابه لنجدة الحروري . ))


ص 489 : القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقِلاني المتكلم وهو أفضل المتكلمين المنتسبين إلى الأشعري؛ ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده .


ص 498 : كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ فِي كَلَامِهِ اَلْمَشْهُورِ عَنْهُ، اَلَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: (اِقْبَلُوا الْحَقَّ مِنْ كُلِّ مَنْ جَاءَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا -أَوْ قَالَ فَاجِرًا- وَاحْذَرُوا زَيْغَةَ اَلْحَكِيمِ، قَالُوا: كَيْفَ نَعْلَمُ أَنَّ اَلْكَافِرَ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ؟ قَالَ: إِنَّ عَلَى اَلْحَقِّ نُورًا) أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ.


ص 504 : الكلام عن لفظ المعيّة :
ومثل هذه الألفاظ يسميها بعض الناس مشككة، لتشكيك المستمع فيها، هل هي من قبيل الأسماء المتواطئة، أو من قبل المشتركة في اللفظ فقط، والمحققون يعلمون أنها ليست خارجة عن جنس المتواطئة؛ إذْ واضع اللغة إنما وضع بإزاء القدْر المشترك، وإن كانت نوعا مختصا من المتواطئة فلا بأس بتخصيصها بلفظ.

ص 505 : ثم من تَوهمَّ أن كون الله في السماء بمعنى أن السماء تحيط به وتحويه، فهو كاذب إن نقله عن غيره، وضال إن اعتقده في ربه، وما سمعنا أحدا يفهمه من اللفظ، ولا رأينا أحدا نقله عن أحد، ولو سئل سائر المسلمين هل تفهمون من قول الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - إن الله في السماء أن السماء تحويه؟ لبادر كل أحد منهم إلى أن يقول: هذا شيء لعله لم يخطر ببالنا.

ص 512 : وحتى إن جل المعتزلة تُدخل عامة الأئمة مثل مالك وأصحابه، والثوري وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وإسحاق بن راهويه، وأبي عبيد، وغيرهم في قسم المشبهة.

ص 513 : وقد صنف أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءًا أسماه تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة، وذكر فيه كلام السلف وغيرهم من معاني هذه الألقاب، وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يلقب أهل السنة بلقب افتراه، يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد؛ وكما أنَّ المشركين كانوا يلقبون النبي - صلى الله عليه وسلم - بألقاب افتروها.
فالروافض تسميهم نواصب، والقدرية يسمونهم مُجبرة، والمرجئة يسمونهم شكاكا، والجهمية تسميهم مشبهة، وأهل الكلام يسمونهم حشوية ونوابت وغثاء وغثرا، إلى أمثال ذلك، كما كانت قريش تسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - تارة مجنونا، وتارة شاعرا، وتارة كاهنا، وتارة مفتريا.
ص 516 : قالوا - ( أي السلف من كلام المحقق في الهامش ) - : وهذه علامة الإرث الصحيح والمتابعة التامة، فإن السنة هي ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتقادا واقتصادا وقولا وعملا؛ فكما أن المنحرفين عنه يسمونهم بأسماء مذمومة مكذوبة وإن اعتقدوا صدقها بناء على عقيدتهم الفاسدة، فكذلك التابعون له على بصيرة، الذين هم أولى الناس به في المحيا والممات باطنا وظاهرا.

ص 532 : فأما المتوسط من المتكلمين فيخاف عليه ما لا يخاف على من لم يدخل فيه, وعلى من قد أنهاه نهايته, فإن من لم يدخل فيه فهو في عافية, ومن أنهاه قد عرف الغاية, فما بقي يخاف من شيء آخر, فإذا ظهر له الحق وهو عطشان إليه قَبِلَهُ، وأما المتوسط فمتوهّم بما تلقاه من المقالات المأخوذة تقليدا لِمُعَظّمِه وتهويلا.


ص 532 : ويعلم العليم أنهم من وجه مستحقون ما قاله الشافعي - رضي الله عنه - حيث قال: حُكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر, ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام .
ومن وجه آخر إذا نظرت إليهم بعين القَدَرِ والحيرةُ مستولية عليهم, والشيطان مستحوذ عليهم- رحمتهم وترفقت عليهم. أوتوا ذكاء وما أوتوا زكاء، وأعطوا فهوما وما أعطوا علوما، وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة: { فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .

ص 534 : ومن كان عليما بهذه الأمور تبين له بذلك حذق السلف, وعلمهم وخبرتهم حيث حذروا عن الكلام ونهوا عنه وذموا أهله وعابوهم, وعلم أن من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد إلا بُعدا .
فنسأل الله العظيم أن يهدينا الصراط المستقيم الذين أنعم عليهم ، غير المغضوب عليهم ولا الضالّين ، آمين .
********************
انتهى
ولله الحمدُ من قبل ومن بعد .
أخوكم الذي يدعو لبعضكم في ظهر الغيب :
أبو سليمان الخليلي .
ضحى يوم السبت 4 – صفر – 1435 هـ . 7 – 12 – 2013 .