المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الأخوان



أهــل الحـديث
07-12-2013, 03:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الرسالة السادسة والثلاثون: رسالتة إلى الأخوان

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الأخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد، ما ذكرتم من قول الشيخ: كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة.

وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة، فهذا من العجب؛ كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مراراً؟

فإنَّ الذي لم تقم عليه الحجةُ:

هو الذي حديث عهد بالإسلام،

والذي نشأ ببادية بعيدة،

أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف،

فلا يكفّر حتى يعرَّف; وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هو القرآن، فمن بَلَغه القرآن فقد بلغته الحجة.

ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحجة؛ فإنَّ أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}.
وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها.
إن أشكل عليكم ذلك فانظروا قوله: صلى الله عليه وسلم في الخوارج: " أينما لقيتموهم فاقتلوهم " .وقوله: " شر قتلى تحت أديم السماء " .مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس أنَّ الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد، وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة ولكن لم يفهموها.
وكذلك " قتل علي رضي الله عنه الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار "، مع كونهم تلاميذ الصحابة مع مبادئهم وصلاتهم وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.
وكذلك إجماع السلف على تكفِير غلاة القدرية وغيرهم، مع علمهم وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً،ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم لأجل كونهم لم يفهموا.

إذا علمتم ذلك، فإنَّ هذا الذي أنتم فيه كفر . الناس يعبدون الطواغيت، ويعادون دين الإسلام، فيزعمون أنه ليس ردة، لعلهم ما فهموا الحجة، كل هذا بين؛ وأظهر مما تقدم الذين حرقهم علي فإنه يشابه هذا.
وأما إرسال كلام الشافعية وغيرهم، فلا يتصور يأتيكم أكثر مما أتاكم. فإن كان معكم بعض الإشكال، فارغبوا إلى الله تعالى أن يزيله عنكم، والسلام.