المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلم رواتب جديد للمعلمين ......!!!! - الفروقات حقنا وهدفنا



حقوق المعلمين
05-12-2013, 04:10 PM
أجاب وزيـر التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله على العديد من الأسئلة «الجريئة» التي طرحها عدد من الحضور والحاضرات في «اثنينية عبدالمقصود خوجة» منذ ثلاثة أيام وفي مقدمتها السؤال الذي لم يقله أحد ولكنه كان واردا في بعض الأذهان.
فقد تم اختياره لهذه الوزارة في (20 صفر 1430هـ) والسؤال هو عن علاقة سموه بطبيعة هذه الوزارة ووظائفها ومهامها الشائكة فقال:
•• صحيح إنه ليست لدي تجربة مباشرة في مجال التعليم وعندما بدأت أتقلد مسؤولياتي في إطار هذا المجال استدعيت خبراتي وتجاربي ومعارفي السابقة سواء في مراحل دراستي وتعليمي الأولى أو بعد سفري إلى بريطانيا في سن الخامسة عشرة لتعلم اللغة الإنجليزية أو حينما مكثت في أمريكا عدة سنوات لتلقي دراساتي الجامعية وما بعدها وبالذات في «ستانفورد» وفي أمريكا تحديدا تلقيت معظم معارفي الأولى والمتنوعة من إدارة إلى هندسة صناعية إلى التعرف على آفاق المعارف الأخرى .. وكذلك بعد عودتي إلى المملكة وانخراطي في العمل بمركز التنمية الصناعية التابع آنذاك لوزارة التجارة والصناعة ثـم في التعامل مع قضايا التنمية والتخطيط وبناء الاستراتيجيات وكذلك في مدرستي العظيمة الحرس الوطني في ظل رعاية وتوجيهات سيدي الملك عبدالله منذ عام ( 1412هـ ) حينما عملت وكيلا للحرس الوطني بالمنطقة الغربية .. وكذلك في عملي بعد ذلك في الاستخبارات العامة إلى جانب معلمي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وإلى أن شرفت بالعمل في هذه الوزارة الكبيرة والمهمة والواسعة والمتشعبة.
•• الأمير الوزير أكد في هذا اللقاء مرارا على القول «إن كل يوم يمر في حياتي كان يضعني أمام حقيقة واحدة هي أن حضارة الدول والشعوب تقوم على الإنسان . وأن تربـية العقول هي الأصعب لكنها تمثـل بالنسبة لي الاستثمار الأغلى والأثـمن .. فقد تـتلمذت على يد رجال عظماء في مختلف مراحل حياتي الدراسية في الداخل والخارج وكذلك في مختلف المواقع العملية في المملكة .. وتحديدا على يـد الملك خالد (يرحمه اللـه) .. وسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله (يحفظه الله).. فقد أولياني رعاية أدين لها بالكثير وتعلمت من توجيهاتهما الكثير والكثير ومن تعلم في مدارس بهذا التنوع وزخم المعارف في التجارب والخبرات لا بد وأن يكون مدركا لما تعنيه مسؤوليات بناء الأجيال وتنمية الوطن عبر مؤسسته التعليمية والتربوية الأولى.

* تطوير التعليم قادم *
•• عَرْض الأمير بمثـل هذه الصورة أقنع الحضور كثيرا بأن لديه ما يقدمه لهذه الوزارة بعد (4) سنوات بدت في نظر البعض محل سؤال: ماذا قدمت؟!
•• الوزيـر أجاب: لست من الذين لا يحبون مواجهة الحقيقة .. ولذلك أستطيـع القول إن وزارتكم كانت بحاجة إلى إعادة تنظيم .. إلى إعادة هيكلة .. إلى عمل جبار وضخم ينقلها من مفهوم التعليم إلى مفهوم التعلم.. يخلصها من أنماط التعليم التلقيني.. والانتقال بالبلاد وبالمجتمع إلى مرحلة جديدة نصنع فيها الإنسان الذي يفكر.. والذي يتدبر.. بشخصية مستقلة .. أي أن الوزارة كانت وماتزال للحقيقة بحاجة إلى عمل جبار لكي تكون حاضنة للأجيال .. وصانعة للمستقبل.. لذلك أقول إن الإخوة الذين يعملون معي «يجاهدون» لتغيير كل شيء .. لتطويـر المناهنج .. لتحديث الأنظمة الإدارية .. والتخلص من المركزية الشديدة .. للاهتمام بعصـب العملية التعليمية «المعلـم» ..إلى جانب الهموم الأخرى من مبان مدرسية .. إلى تغذية .. إلى تدريـب وتأهيـل.. إلى ميكنة للعملية التعليمية..
•• ولأن الحضور كانوا بحاجة إلى تحديد أكثر لما أنجز .. ولمازال في مرحلة التحضير والإعداد.. فإن الأمير فصل ذلك قائـلا:

* خارطة المستقبل كتبت في الطائف *
•• أدركت منذ البداية أن الوزارة تضم ثلثي أبناء الوطن .. وأنها مسؤولة عن مستقبل بلد .. وإن إدارتها بالصورة التي كانت قائمة فيها بحاجة إلى تغيير جذري.. وبالتالي فإن أول عمل أنجزته بعد اجتماع لي بأركان الوزارة في الطائف هو كتابة أول خطاب شامل للملك نشخص فيه مشكلات التعليم .. ونرسخ خارطة طريـق نحو المستقبـل.
فماذا قال الأمير في رسالته للملك؟
•• قلت لطويـل العمر: إن تطويـر التعليم في المملكة بات مسألة حتمية لكي نستطيع أن نعبر ببلادنا إلى بـر الأمان .. ونشارك هذا العالم في مسيرته نحو تطور حقيقي .. فالمناهج تحتاج إلى تغيير شامل وجذري .. وهيكلة مؤسسة التعليم بالكامل مطلب لا يقل أهمية أيضا والارتقاء بمستوى المعلم يعطينا في النهاية مخرجات أفضل وعقولا أكثر قدرة على التفاعل مع الإنسانية.
الأمـير يضيـف .. ولم يمض وقت طويـل حتى صدرت موافقته يرعاه الله على ما طلبناه.. ودعونا إليه.. واعتمدت لنا المخصصات التي ساعدتنا على الانطلاق .. فقد أعدنا هيكلة الوزارة ووزعنا الاختصاصات وألغينا المركزيـة الشديدة وأعطينا مديري التعليم بل ومديري المدارس صلاحيات غير مسبوقة .. لأنهم الأقدر على تسيير أمور منطقتهم أو مدرستهم في إطار سياسات عامة تبحث عن المنتـج الأفضل في النهاية .. عن العقل الأنضج والأقدر على إنتاج المعرفة الصحيحة..
•• وقبل أن يكمل الوزيـر كان هناك من يتساءل:
•• وأيـن وصلنا الآن في تحقيـق هذا الهدف .. وكأنه يريد القول إننا لم نلمس شيئا بارزا في هذا الاتجاه؟
•• أكمل الوزيـر: أنتم تعلمون أن العملية التعليمية والتربوية عملية تراكمية طويلة وغير ظاهرة بالسرعة التي يتحدث عنها البعض أو يريدها.. وصناعة العقول لا تـتـم في يوم وليلة .. والانتقال بالثقافة .. والتوسع في الإلمام بالمعارف يحتاج إلى قـرون .. لكننا مع ذلك سائرون في هذا الاتجاه.. وبالذات في مراجعة مناهج التعليم ومقـرراتـه ومفـرداتـه الدراسية .. والربط بين الوحدات .. وإعادة تنظيم العلوم وتبويـبها وتجنب الإغـراق في بعضها والضعف في البعض الآخر .. نحن نبني عقولا .. وليس أجسادا.. وبناء العقول يحتاج إلى صبر .. وإلى تعاون .. وإلى ثقة الجميـع بنا.

* إعادة بناء المعلم *
•• وماذا عن المدرس: سئـل الوزيـر؟!
•• المعلم هو الهم الأكبر .. لأن ما أراه وأسمعه ونحاول في الوزارة التوقف أمامه طويلا.. هو ضرورة إعادة بناء المعلم .. وتكوينه معرفيا .. وتربويـا .. وتأمين حقوقه بصورة أفضل .. فعلى مستوى التأهيل أوجدنا هيئة للتقويم.. لوضع معايـير علمية دقيقة لاختيار المعلم .. ولتأهيله .. وتكوين معارفه .. وخبراته .. ومهاراته من جديد .. لأن إعـداده بالصورة الأمثـل سيكون له تأثير كبير على العملية التعليمية وفي النهاية على عقول الطلاب والطالبات.
•• وماذا عن المدارس .. عن المباني .. عن التجهـيزات المدرسية المتطورة النائية عن مدارسنا؟
•• يجيب الأمير: الحقيقة إن وزارة التربية والتعليم .. ليست وزارة مبانٍ ومنشآت .. وإنما هي وزارة بناء عقول.. ومن هذا المنطلق اتجهت منذ سنتين إلى إقامة شركات متخصصة للقيام بعدة مهام تقوم بها الوزارة وتبعدها عن مسؤولياتها المباشرة ومنها شركة متخصصة في إقامة المباني المدرسية وفقا للمعايير التربوية والقواعد الهندسية المعروفة عالميا..
•• لكن هذه المشاريـع متـعـثرة .. وكثـير منها متوقف .. والفصول تعـج بأعداد هائلة من الطلاب .. وبعض المدارس تعمل فترتين .. والجميـع يشكون من تراجع العملية التعليمية بسبب أوضاع المدارس تلك؟
•• هذا صحيح في جانب .. وغير دقيق في جانب آخر .. صحيح أن العديد من شركات المقاولات لم تـفِ بالتزاماتها وسحبنا عقودها .. وصحيح في أن بعضها أخـل بالمواصفات أو تأخر عن مواعيد التسليم .. وتلك مسألة تحت الدراسة .. وعندما تـتولى كل هذه الأمور شركات متخصصة نقوم بدعمها ويتفرغ القطاع المختص لمسؤوليته الكاملة بالانصراف إلى العملية التربوية بدلا من الانشغال بهذه الأمور التي تستنزف الوقت والجهد والمال على حساب مهمتـنا الأساسية.. فإن العملية التعليمية تستفيد أكثر .. وهذا ما نعمل عليه الآن.
•• وماذا عن التجـهـيزات القاصرة في المدارس؟
•• الدولة جادة في إقامة الحكومة الالكترونية .. واعتماد التقنية العالية في العملية التعليمية هدف بارز من أهدافنا وهو جـزء من خطتـنا الشاملة (أرجوكم أعطونا وقت) قالها الأمـير بروح المودة والرجاء والمسؤولية التي أحس بها الحضور وشاركوه في همومه.

* رياض الأطفال أولوية *
•• أضاف الأمير الوزير يقول: نحن الآن مهتمون كل الاهتمام برياض الأطفال، بالعملية التربوية منذ الطفولة ونركز على سن ما بين سنتين وعشر سنين .. التي تمثـل مرحلة التأسيس لبنية تعليمية وتربوية صحيحة.. نحن نعد البناء من تحت .. من الأساس الأول وما نريده في الوزارة هو تعاون المنزل معنا .. ومساعدتنا على أن نبدأ صح .. وأن نتسلم طفلا يرعاه منزل منظم ومتعاون ومهيأ لاستقبال رسائلنا .. وإكمال جرعاتنا .. والتفاعل مع التوجهات الحميدة التي نعمل على غرسها في أطفالهم..
•• لكن المشروع كما يبدو شبه مـتـعـثر في نظر البعض؟
•• أحس الأمير بهذا فقال: «ليس متعثرا .. لكنه يتم بخطوات محسوبة .. نحن نريد البداية تكون صحيحة .. وهي عملية متداخلة يشارك فيها أكثر من طرف وأكثر من عامل. ونحن بصدد استكمال بعض الإجراءات للانطلاق بقوة في هذا الاتجاه لأن الاستثـمار الصحيح في الإنسان .. يبدأ باللبنة الأولى .. وهي لبنة هامة نريد أن تكون قوية وسليمة وقادرة على الصمود والاستـمـرار والنمو.

* تأهيل المعلم وحقوقه هدفنا *
•• الوزيـر سئـل بعد ذلك عن المعلم .. وعن حقوقه .. وعن مزاياه .. لمواكبة كل هذه التوجهات؟
•• أجاب: هناك سلم توظيف جديد في مراحله الأخيرة يصنف المعلمين على درجات ويعطيهم حقوقا ومزايا غير مسبوقة في ضوء عمليات التقيـيم والتأهيل والتدريب لكي يكون في مستوى المهمة الخطيرة التي كلف بها .. وهذا يعني أن عملية التأهيل والتدريب ستشمل القائمين على عملية التدريس الآن .. في الوقت الذي ستـمكن معايـير الاختيار الجديدة .. وكادر التوظيف وسلالم الترقية ودرجات النمو في هذا السلك الهام الذي لا يجب أن يدخله إلا مؤهل وقادر على تربية أجيال .. ستمكن الوزارة من معالجة مصدر الضعف الأول في البنية التعليمية الحالية.
•• هذا الكلام الهام .. كما بدا للحضور .. يأتي في إطار إعادة تقيـيم شامل للعملية التعليمية التي يلمس فيها الجميـع ضعفا في المخرجات .. والسلم الوظيفي الجديد وبرامج التدريب وإن أعطتنا نتائج عظيمة إلا أنها لن تظهـر قبل سنوات طويلة .. لكن الوزيـر ــ كما بدا لنا ــ مهموما بكل هذه الأمور وغارقا هو ووزارته في صناعة مستـقبـل حقيقي يبدأ بمعالجة نقطة الضعف الرئيسية هذه .. ورفع مستوى الاهتمام بالمعلم وهو محور الرحى.. ومصدر التغيير المرتقب والحقيقي ..
•• مسألة أخرى شغلت بعض الحضور .. وطرحت على الوزيـر الأمير بشفافية .. هي .. عدم الوقوف على أوضاع المدارس .. وذلك بالقيام بزيارات ميدانية مكثفة .. ومعرفة أوضاع العملية التعليمية عن قرب .. بدلا من إدارة العملية عن بعد .. ومن خلال المكاتب والتقاريـر؟

* الوزير .. لن يحل محل مدير التعليم *
•• أجاب الوزيـر على الملاحظة بمرارة وهو يقول: أتفق مع السائل حول أهمية الوقوف المباشر والإشراف التام والإكثار من مراقبة العملية التعليمية بصورة لصيقة. ومن أجل ذلك أعطيت الصلاحيات لمديري التعليم .. ولمديري المدارس إذا لم يقوموا بهذه المهمة فمن الذي سيقوم بها .. وزيـر التربية والتعليم ونوابه ووكلاؤه ..؟! هذا غير صحيح .. وغير صحي .. وغير ممكن .. إذا قصر مديرو التعليم ومديرو المدارس في أداء هذه المهمة فإنهم المسؤولون أمام الله (أولا) .. ثم أمام واجباتهم (ثانيا) .. وضمائرهم (ثالثا).. وأمامكم أيضا (الوزيـر في هذا الجانب بدا وكأنه يحمل مديري التعليم بالمناطق .. مسؤولية عدم رقابة العملية التعليمية مباشرة ومعالجة أوجه القصور أو رصد نقاط الضعف فيها عن كثب. فقد بدت له ــ على ما يبدو ــ ملاحظات على بعضها .. سواء في متابعة مشاريـع المنطقة التعليمـية أو في إدارة العملية التعليمية المنهجية أو في تحقيـق المستوى المطلوب من الانضباط الشامل .. وقد لاحظ الحضور وكأنه يحملهم أيضا مسؤولية القصور في متابعة أعمال الشركات المكلفة بإنجاز مشاريـع المباني المدرسية التي تأخر إنجازها وفقا للمواصفات المطلوبة وفي المواعيد (المقررة).
•• وماذا عن الخدمات المدرسية .. ومنها خدمات التغذية التي شهدت الكثير من المشكلات في فترة سابقة؟!
•• في هذا الشأن نبه الوزيـر إلى أن الوزارة في إطار خطتها الجديدة للتركيز على العملية التعليمية وبناء الإنسان أوكلت هذه المهمة أيضا إلى شركات متخصصة وهي بهذا التوجه الذي تـتابعه الوزارة باهتمام وتدرس إيجابياته .. تكون قد أشركت القطاع الخاص بصورة واسعة في الاضطلاع بجزء من الأعباء والمهام ومكنته من الاستفادة المحكومة بمنظومة متكاملة من الشراكات البناءة مع الوزارة .. وتأمل الوزارة في تحقيق الأهداف المرجوة من وراء ذلك أيضا..
•• ومرة أخرى .. عاد الوزيـر إلى الاعتراف بأن مشكلات الوزارة كثيرة .. ومتشعبة .. ومتداخلة مع كل فئات المجتمع .. ومستوياته الفكرية والعلمية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والاجتماعية .. لأن لكل منهم دوره ومسؤوليته في تصحيح أوضاع البيئة التعليمية وتمكينها من الانطلاق بعيدا عن المعوقات.
•• الوزيـر واجه أيضا انطباعا آخر لدى الحضور عن عدم إحداث تغيـيرات جذرية في المناهج.. فإذا كان مفهوما لماذا تأخرنا في تحقيـق مراجعة شاملة للمناهج الأدبية والدينية والثقافية .. فلأي أسباب تأخـر التغيـير بالنسبة للمناهج العلمية والمتخصصة التي لا يبدو أن هناك اختلافا حولها؟

* عقبات أمام تغيير المناهج *
•• الوزيـر بكل شفافية قال: حدث تغيـير كبير في المناهج ولكنه ليس كل التغيـير الذي نريده ونعمل على تحقيقه لإحداث النقلة النوعية الكاملة .. وليس عيبا أن نعترف أن هناك عقبات كبيرة نحاول أن نذليلها ونحاول أيضا أن نعالجها بهدوء وبموضوعية ووفقا للأهداف الكلية المرعية لتطويـر العملية التعليمية.. ومن الصعب أن نقفـز بسرعة .. أو أن نتخطى تلك العقبات بالسهولة التي نتصورها .. لكننا ماضون في الطريق المرسوم لنا لتصحيح أوضاع المناهج .. سواء في جانبها العلمي أو الثقافي .. ونحن نستعين في ذلك بكل الخبرات .. وبالدراسات العلمية تحقيقا للرؤيـة المستـقبلية المنشودة على المدى البعيد .. ونحاول الاستفادة من كل المعطيات ومن الدعم الكبير الذي نلقاه من الدولة ومن الملك شخصيا.
•• ولكن .. ماذا عن المستقبل على وجه التحديد..؟!
•• سئـل الوزيـر فأجاب: نحن بصدد استكمال استراتيجية التعليم الجديدة التي تغطي احتياجات البلاد لخمس وعشريـن سنة قادمة .. وهي استراتيجية تجمع بين الواقعية والطموح وتضع يدنا على المفاصل الأساسية لتطويـر التعليم التطويـر الحقيقي .. ونحن نعمل على إنجازها ليل نهار جنبا إلى جنب تسيـير العملية التعليمية اليومية .. بكل مشكلاتها وإفرازاتها وعقباتها ومنغصاتها.
•• أضاف الوزيـر يقول: لكن الجهد متواصل رغم كل هذا العناء ورغم قسوة الإعلام على الوزارة في بعض الأحيان .. ورغم تساؤلات المجتمع المتواصلة والمفتوحة .. ونحن نعترف أن لدينا قصورا في إيصال كل ما يدور في الوزارة إليكم لسبـبـين هما:
(أولا) إن إعادة بناء العملية التعليمية عملية معقدة ومركبة .. وطويلة ومستمرة .. وليست خبرا أو حدثا أو معلومة نسارع في الإعلان عنها ولذلك فإننا نعمل ونعمل ولا نريد التحدث إلا بعد أن ننجز ما نعتقد أن يجب الإعلان عنه في الاتجاه الذي ينشده الناس ويتوقعونه من وزارة تمس حياتهم .. وتشاركهم في منازلهم.. في عيشهم .. في مستـقبـل أولادهم ... أما السبب (الثاني) فإن لدينا في الحقيقة قصورا ملموسا في الناحية الإعلامية وفي العلاقات العامة بداخل الوزارة .. وهناك إدارة جديدة تحت الإنشاء لهذا الغرض سيتم ظهورها إلى حيـز الوجود بالمستوى الذي تنشدونه وبالصورة التي تـتطلعون إليها وبالمعلومة التي تستحق أن تنشر .. (فقط نريـد وقتا وصبرا)..
•• أما بالنسبة للإعلام (يقول الأمير الوزيـر) فإننا ندرك تمام الإدراك أنه شريك مهم لنا في جميـع خطواتنا فهو ينقل لنا الصورة التي يراها ونحن نتفاعل معه بالقدر الذي نراه محقـقا للأهداف المشتركة لكننا نتوخى منهم الحقيقة .. وإعطاء الرأي الموضوعي المتوازن وقبل هذا وذاك توخي المعلومة الصحيحة.
•• عاد الوزيـر ليؤكد للجميـع .. «أن مشكلتنا الحقيقية في هذه البلاد في الماضي وحتى اليوم هي نقص ورقة المعلومة .. هي توفر المعلومة الصحيحة وغير المشوشة .. أو الناقصة وغير الدقيقة .. وهذا يذكرني بحالنا قبل (20) عاما عندما عدت إلى المملكة وبدأت العمل في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية .. وكنت أذهب لأقف على أوضاع المصانع بهدف جمع معلومات منها لأغراض الدراسات التي كنا نقوم بها .. كنت أحصل على معلومات غير التي يحصل عليها زميـل آخر عن نفس المواقع التي زارها كل منا» ..
هذه المشكلة (يقول الوزيـر) مازالت موجودة وهي سبب تأخر الكثير من الدراسات وعلينا أن نعالجها ونصل فيها إلى حلول عملية.

* كفاءات وطنية تصنع المعلومة في الاستخبارات *
•• يضيف أيضا.. «وأنا بعملي في الاستخبارات العامة تعلمت كيف تـتوفر المعلومة وكيف تكون دقيقة ومهمة في اتخاذ القـرار وبالذات بعد أن انفتح الجهاز على كل العقول والخبرات من الجامعات والقطاع الخاص وكافة الفئات المدنية والعسكرية .. وبدأ الجميـع يعملون بتكاتف كبير في سبيل صناعة المعلومة التي تخدم أهداف الدولة وتساعد البلاد على المزيـد من النهوض.. وبذلك تغير المفهوم تجاه العمل في هذا الجهاز عندما أصبح الجميع شركاء فيه.
•• وعاد الحضور إلى طرح سؤال هام: عن رؤيـة سموه للمستـقبل .. مستـقبل المملكة في ضوء الاعتماد الكبير على مورد النفط فقط.

* الإنسان .. وليس النفط هو المستقبل *
•• أجاب الوزيـر على السؤال بسرعة فقال: ندرك هذا جيدا وندرك معه في هذه البلاد .. ويؤكد علينا بشأنه الملك عبدالله رعاه الله .. بأن نهتـم بالإنسان.. لأنه الاستـثـمار الحقيقي .. ولأنه المستـقبل .. ولأن الشباب هم الثروة الحقيقية التي يجب أن نراهن عليها .. وما برنامج الابتعاث الموسع إلا دليل على أننا ندرك تحديات المستـقبل وندرك أن مستـقبل هذه البلاد يتوقف على عملية إعادة بناء وحسن الاستـثـمار في الأجيال الجديدة..
•• وقد ذكَّرنا الأمير الوزيـر بحوار جرى بين الملك عبدالله عند زيـارته للصين عندما كان وليا للعهد والتقى خلالها بالرئيس الصيني في بداية التغيـير الشامل للوضع الاقتصادي والسياسي للصين .. يومها قال الرئيس الصيني للملك عبدالله: «نحن ندرك أهمية المملكة العربية السعودية في صنع تقدم دول العالم وشعوبه بفضل البترول الذي يوجد فيها باعتبارها أكبر مخزن لاحتياطي هذه الثروة .. عندها (يقول الأمير فيصل) تدخل الملك عبدالله وقال للرئيس الصيني: فخامة الرئيس البترول ليس هو ثـروتـنا الحقيقية .. فهو لا يشكل عندنا تلك الأهمية التي تـتحدثون عنها ..
•• هنا تعجب الرئيس الصيني ووقف .. قائلا:
فما هي ثروتكم إذن؟
•• ابتسم الملك وهو يقول: نحن بلد قداسة ولدينا مكة المكرمة والمدينة المنورة وبهما المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وحولهما تلتـف ملايـين شعوب الأرض المسلمة .. نحو دولة قيم إيمانية وعراقة وتاريخ يفوق في أهميته وقيمته ثـروة البترول .. ثم إننا بلد يمتلك ثروة أساسية أخرى هي ثروة الإنسان .. ولدينا خطط وبرامج تسعى إلى تنمية هذه الثروة .. وتؤهلها لتحقيق عوائد أكبر للوطن تفوق عوائد النفط .. وهنا .. نظر الرئيس الصيني للملك ووقف وهو يشد على يديه مودعا ويقول له: إذن فالمستـقبـل لكم .. بهذه الروح وبهذه العقلية (يقول الوزيـر) تسير هذه البلاد وللـه الحمد .. وبالتخطيط الجيد للمستـقبـل .. ونواته هذه الشراكة الوثيقة بين وزارة التربية والتعليم وبين مؤسسة الملك عبدالله ورجاله لرعاية الموهوبين «موهـبة» فنحن نعمل معا من أجل بناء عقول خلاقة ومبتكرة تماما كما حدث منذ يومين عندما افتتحت نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين معرض «ابتكار» ..
•• نحن إذن (يقول الوزيـر) نعمل على أكثر من صعيد .. ونـتحرك في أكثر من اتجاه.
•• وفي هذا الصدد ذكرنا الوزيـر بما تقوم به الدولة منذ بدأت التفكير العميق في المستـقبـل بإنشاء «مجموعة الأغـر» التي تكونت في البداية من (6) أشخاص ثم أصبحت كيانا فاعلا وقويا لوضع الخطوط العريضة لرؤى الدولة نحو المستـقبـل في الجوانب العلمية والاقتصادية والثقافية والاهتمام بالإنسان، واليوم وقد أصبحت لدينا وزارة للاقتصاد والتخطيط فإنها وبالتعاون مع المجلس الاقتصادي الأعلى تقوم بوضع استراتيجية شاملة لبلد ينمو بسرعة .. ويتحرك في كل اتجاه ولا أستبعد أن تخرج هذه الاستراتيجية في وقت ليس ببعيد .. ونحن في وزارة التربية والتعليم في مقدمة المستفيدين إن شاء الله من تطلعاتها وخططها وبرامجها لأننا الجهة الأولى التي تضع الأساس في البنية الأولى .. وهي صناعة العقول .. ومن هنا ندرك أهمية تطلعات الجميـع إلى أن تكون وزارة التربية على أعلى مستويات الأداء.. وهي تسعى إلى ذلك ولكن بتعاون الجميـع .. وتضافر جهودهم.

* قال لي الملك خالد *
•• الأمير الوزيـر ذكرنا أيضا في هذا الصدد بلقائه الأول بالملك خالد بن عبدالعزيز في الطائف بعد عودته من أمريكا من رحلة علاجية عندما سأله : أين أنت الآن يا فيصل وإلى أين تـتجه؟!، قلت له (يرحمه الله) أنا بين أيديكم حيثما توجهونني فإنه يشرفني خدمة بلادي، وكان الملك (يقول الأمير فيصل) يعرف أنني كنت مهتـما بالنواحي العلمـية وبالتخطيط الاستراتيجي من خلال دراساتي المعمقة في «ستانفورد» .. عندها قال لي: «عطنا رأيك في مشروع مجموعة التفكير» وهي مجموعة تكونت لبلورة رؤيـة مستقبلية عميقة لبلد ينشد المزيـد من النماء والتطور وشعرت في نفس اللحظة بعظم التكليف وفي نفس الوقت .. بأهمية الغوص في هذا التوجه القوى لبلدي نحو المستـقبـل .. حيث وجدت نفسي في صورة ما يجري .. وما يمكن أن تصبح عليه صورة بلادي .. وقد أتاح لي ذلك الاتصال بأكثر من شخص وأكثر من جهة وأكثر من مصدر لتدارس وبلورة خطط التنمية الخمسية التي بدأتها المملكة .. وتعاملت مباشرة مع الأخ هشام ناظر ومع الأخوين فايز بدر وفاروق أخضر يرحمهما الله .. وغصنا في دراسة وتحليل الواقع ووضع رؤى مستقبلية مهمة في مرحلة مبكرة.
•• وفي تلك الفترة (يقول الوزيـر ) ولدت فكرة (هيئة الجبيل وينبع) وكانت تحديا حقيقيا وكبيرا شكك الكثيرون في نجاحه في بداية ظهور الفكرة الهادفة إلى صنع بدائل أخرى للدخل الوطني .. واستـثـمار الثروات البترولية بصورة أفضل والبدء في مشاريـع الصناعة البتروكيماوية .. وها نحن اليوم نرى كم هي أصبحت استـثـمارا هاما وعظيما ومفصليا بالنسبة لنا.
•• هذا المشروع (يقول الأمير الوزيـر) يجعلنا نفكر الآن في تكراره من خلال مؤسسة التعليم .. وذلك بالاستـثـمار في العقول .. وبالتوسع في الكشف عن المواهب والقدرات الخلاقة وبالوصول إلى المستـقبـل المنشود من خلالها وسترون ذلك ــ إن شاء الله تعالى ــ في سنوات قادمة وملموسة.
•• أضاف الوزيـر (بطمأنينة) يقول: إن طموحنا كبير في هذا الاتجاه .. فنحن نعمل على أن يأتي إلينا شباب العالم من كل مكان .. ومن كل الدول لتلقي المعرفة من بلادنا بدلا من أن نذهب إليهم .. وفي هذا الصدد ذكرنا بحديث بينه وبين مسؤول كوري قال له إن شباب بلاده تدربوا على الأعمال الحرفية بالمملكة بالآلاف .. وعادوا ليخدموا بلادهم .. وتساءل الوزير: كيف يستفيد الآخرون منا .. ولا نستفيد نحن من أبنائنا؟.
•• يعود بنا (الأمير الوزيـر) إلى الوراء ويقول: «لقد قال لي الملك خالد وهو يكلفني بمهمة العمل مع مجموعة التفكير: «يا ولدي .. نحن نحتاج إلى الاعتماد على أنفسنا .. لأن الآخريـن لم يعطونا المعرفة التي نريدها .. إنهم أخذوا عقولنا ولم يصدروا لنا إلا الحديد والأسمنت .. وهذا ليس هو المهم عندنا» .. يعلق الأمير قائلا: «لقد صدق يرحمه الله .. ونبهنا إلى أن علينا أن نكون مصدر المعرفة الأولى ومصدرها إلى الغير .. وهذا ما عمل عليه الملك عبد الله يحفظه الله .. وما جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في (ثول) إلا دليل على ذلك .. إنها القوة العلمية الجاذبة للعقول من كل مكان .. وغدا ستكون محجة الجميـع ومصدر الخير لهذا البلد وأهله.

* التعليم رسالة وليس وظيفة *
•• لذلك يقول (الأمير / الوزيـر) إن مسؤوليتنا كبيرة لأن (58%) من موظفي الدولة مرتبطون بهذه الوزارة.. وعلينا أن نعرف كيف نوظف قدراتهم لخدمة رؤانـا المستقبلية العريضة .. ولاسيما في ظل قناعتنا الراسخة بأن التعليم رسالة وليس وظيفة .. وهذه الرسالة لن يضطلع بها الوزيـر وحده أو العاملون معه في الوزارة وإنما سيقوم بها هذا العدد الكبير من العاملين الذين يجب أن نوفـر لهم كل ما يساعد على أدائها على الوجه الأكمل.
•• الوزيـر سئـل أيضا: عن مشكلة الوزارة مع الأراضي وكذلك عن المدى الزمني الذي سنتخلص فيه من المباني المستأجرة.. فأجاب:
•• الحقيقة إن لدينا مشكلات في بعض الأراضي ولاسيما في المدن الرئيسية الكبيرة .. ونحن وإن كنا نـتـطلـع إلى إغلاق ملف المدارس المستأجرة خلال (5) سنوات إلا أننا نتمنى أن نوفق بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لأجل توفير المساحات الكافية على مستوى المملكة لكي نـتـخلص من مشكلة المباني التي لا تـتـلاءم مع أهدافنا ولا توفر الحد الملائـم من المواصفات .. وبالتالي تعيـق العملية التعليمية الصحيحة.. وتمنى سموه على القطاع الخاص أن يتعاون مع الوزارة وينجـز تعاقداته معها فيما يتصل بالمنشآت .. وكذلك بالتجهـيزات الكلية على مستوى المملكة.

* الثغر والصحراء كل اهتمامنا *
•• شيء آخر سئـل عنه الأمير الوزيـر (فيصل بن عبد الله) هو .. توثيق مسيرة التعليم في المملكة.. ومضاعفة الاهتمام بالمدارس والمعاهد التي وضعت لبنات التعليم في المملكة مثـل مدارس الفلاح بجدة .. وتحضير البعثات بمكة .. والمعهد العلمي بالطائف ومدرسة الصحراء بالمدينة وغيرها؟..
•• الوزيـر هنا كشف عن توجه موجود في الوزارة لمضاعفة الاهتمام بهذه المدارس .. وقال: إن أحدا ــ في هذه البلاد ــ لا يمكن أن ينسى الدور العظيم الذي قام به رواد التعليم في هذه البلاد والذين ساهموا في إنشاء هذه المدارس .. التي مازال بعضها يؤدي رسالته حتى الآن.. وبالتالي فإن الوزارة تعكف الآن على مشروع متكامل يخص هذه المؤسسات العلمية ذات التاريخ العظيم .. وسوف تحظى بالدعم والتوثيق وإقامة العديد من المعارض وإلقاء الأضواء عليها .. ومؤازرتها أيضا.
•• وكشف الوزيـر عن ملامح الاستراتيجية المستقبلية للتعليم فقال:
•• إن أي استراتيجية لا تأخذ في الاعتبار بمعطيات العصر .. ومتطلبات النمو السريـع الذي تشهده البلدان هي استراتيجية عاجزة .. ونحن لسنا في عزلة عن هذا العالم .. وعلينا أن نبلور خطة تأخذ في الاعتبار بمجمل الظروف التي تـمر بها منطقتنا والعالم سواء من الناحية الاقتصادية وأسواق العمل .. أو الأمنية ومقتضيات الاستـقرار .. أو الثقافية ودواعي الانفتاح على هذا العالم .. ويكفينا في هذا الصدد أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد أطلق دعوته إلى الحوار بين أرباب الثقافات والأديان .. لأن عقيدتنا السمحة تحث على ذلك وتدعو إلى التحاور والتقارب مع الآخر وليس من المعقول أن تكون بلادنا معزولة عن كل ذلك.
•• من هنا يقول الأمير الوزيـر: ننظر إلى العملية التربوية على أنها صناعة فكر وقيادة أمة نحو المستـقبـل وهي عملية غير هينة .. ودقيقة للغاية .. وتحتاج إلى تأنٍ وروية وإعمال للفكر وتوسع في الدراسة الجادة والعميقة ولا يعني هذا أننا سنحتاج إلى وقت طويل أبدا، لكنه يعني أننا نعكف على عمل كبير .. يتصل بأمة وليس ببلد واحد .. نحن بلد في أمة .. أليس كذلك ؟..
•• تساءل الوزيـر وترك الحضور يسبحون معه في رؤية حالمة .. ولكنها مطلوبة .. لاسيما وأن في هذه البلاد (كما يقول) من القدرات والكفاءات والعقول من يستطيـع أن يساهم مع الوزارة من خارجها في بلد له استراتيجية بهذا الحجم وهو ما فعلته الوزارة .. وتقيم من أجله مئات الورش العلمية بهدف تلاقح العقول .. واستخلاص النتائج التي نمطح إليها.
•• أضاف الوزيـر يقول: إن ما يحدث الآن هو أن المملكة تمر بمرحلة إعادة صياغة رؤيتها من الداخل في ضوء تجارب ورؤى دول العالم التي سبقتـنا بعد أن كانت رؤيتنا للداخل تأتينا من الخارج فقط..
وهذه المعادلة أو المزاوجة بين رؤيـة علمية وفرتها تجارب الآخرين وبين رؤيـة داخلية تستـلـهم خطوطها العريضة من الداخل وتعتمد على عقول أبنائها ..هي التي نسعى إلى الوصول إليها والفراغ منها خلال السنتين القادمتين على أكثر تقديـر.