المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحقيق المناط : للشيخ عبد المجيد الشاذلى رحمه الله



أهــل الحـديث
03-12-2013, 01:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أما تحقيق المناط فإن له مسلكان:
· المسلك الأول: تقديم الدلالة الاصطلاحية الشرعية على الدلالة العرفية الاستعمالية المستفادة من السياق، وتقديم العرفية الاستعمالية على الإفرادية الوضعية اللغوية المستفادة من وضع اللغة.
· المسلك الثاني: أن يكون للدلالة الاصطلاحية الشرعية صور تتمثل فيها يتولى السياق القرآني ذكرها على سبيل الحصر في مناسباتها.
وفي مجال الحديث عن الحكم، فلابد من التفريق بين ما ينقل عن الملة وما لا ينقل من الألفاظ والاستعمالات بضوابط لغوية مستفادة من تصرف الشارع في عباراته وبيان ذلك:
1- لفظ الكفر: إذا كان مُنَكَّرًا ومقيدًا([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)) لا ينقل وإذا كان معرفًا ومطلقًا([2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2))ينقل عن الملة.
2- لفظ الإيمان: إذا نفي الإيمان، وأثبت الإسلام بإشارة لفظية([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)) أو معنوية([4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4))، فإن هذا النفي هو للإيمان الواجب مع إثبات الإيمان المجمل، لأنه لا إيمان بلا إسلام، ولا إسلام بلا إيمان، وكذلك إذا نفي الإيمان من وجه وأثبته من وجه آخر، فإن هذا نفي للتمام، وهو الإيمان الواجب، وليس نفيًا للأصل وهو الإيمان المجمل، فلا ينقل من الملة.
وذلك مثل إدخال الولدان في مسمَّى الرجال في قوله تعالى: âوَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثَيَيْنِá([5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5)).
وإخراج الولدان من مسمَّى الرجال في قوله تعالى: âوَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَاá([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6))، وقوله تعالى: âإِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً á([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7)).
فأدخل الولدان في مسمَّى الرجال باعتبار ثبوت الأصل وأخرجهم من مسمَّى الرجال باعتبار نقص التمام، وإذا نفى الإيمان من كل وجه وعن كل اعتبار، ولم يثبته بأي وجه أو بأي اعتبار، ولم يثبت مع هذا النفي إسلامًا بإشارة لفظية أو معنوية، وتكرر النفي في مناسبات شتَّى، ووُصِفَ مرتكب نفس الفعل بأوصاف أخرى مثل الشرك أو النفاق أو الكفر أو نفي الصلة دلعلى أن المقصودمنالنفي هوعدم ثبوت الأصل فينقلعن الملة.
3- نفي الصلة: إذا كان من كل وجه فإنه ينقل عن الملة âفَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍá([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8))، âلَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍá([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9)). وإذا كان من وجه دون وجه لا ينقل عن الملة. وفي الحديث «قَالَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10)).
4- لفظ الشرك: الأصل فيه أنه ينقل عن الملة، إلا إذا قامت القرينة على كونه شركًا أصغر بدلالة اللفظ أو النص أو نص آخرعلى نفس الفعل.
5- لفظ النفاق: الأصل فيه أنه ينقل عن الملة، إلا إذا قامت القرينة على كونه شعبة من شعب النفاق أو أن الكفر فيه بالمآل وليس في الحال.
6- لفظ الفسق والظلم: حسب القرينة، ويستعمل اللفظان في القرآن فيما ينقل وفيما لا ينقل.
7- لفظة الضلال: حسب القرينة، ويستعمل في القرآن بمعني الكفر، البدعة، المعصية، الحيرة، وغالب استعماله في السنة بمعنى البدعة.
8- اللعن: إذا كان خبريًا وأبديًا([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11)) فإنه ينقل وإذا كان بمعنى الدعاء([12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn12)) والتأقيت فإنه لا ينقل.
9- والعذابالمهين في الكفار، والعذاب الأليم في الكفار والعصاة من الموحدين، بحسب السياق القرآني.
10- العذاب الأخروي إذا أفاد التأبيد مع الخلود في النار، أو أصحاب النارمع الخلود، أو القطع بعدم الخروج من النار وعدم دخول الجنة حتى يلجَ الجملُ في سَمِّ الخياط، أو تحريم الجنة فإنه فيما ينقل إذ مجرد قول لا يدخلون الجنة فمعناه لا يدخلون جنة معينة أو يتأخر دخولهم، والقول بالإلقاء في النار فمعناه دخولها، ولكن ليس معناه الخلود فيها والتأبيد، بل يخرج منها إلى الجنة إذا كان موحِدًا، والقول بأن هذا جزاؤه، فهذا وعيد متوقف على استيفاء شروط وانتفاء موانع، وقد لا يتحقق.
11- لفظ الفاحشة والفحشاء والمنكر والبغي والإثم والمعصية والذنب والسيئة والخِطء والخطيئة والغضب والكره والمقت والمكروه، فالأصل أنها فيما لا ينقل، وقد تستعمل فيما ينقل بقرينة تدل على ذلك.


([1])مثال ذلك قول النبيr: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ الطًَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيَّتِ» صحيح مسلم، كتاب الإيمان.

([2]) مثال ذلك قوله تعالى: â وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ á.

([3]) مثال ذلك قوله تعالى:âقَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَاá.

([4]) مثال ذلك قوله تعالى: âفَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِá.

([5]) سورةالنساء، الآية: 176.

([6]) سورةالنساء، الآية: 75.

([7]) سورةالنساء، الآية: 98.

([8]) سورةآل عمران، الآية: 28.

([9]) سورةالأنعام، الآية: 159.

([10])صحيح مسلم، كتاب الإيمان.

([11]) مثال ذلك قوله تعالى: âإِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَá.

([12])قال رسول اللهr: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُستوشِِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ...» صحيح البخاري.

([13]) سورةالشورى، الآية: 10.

([14]) سورةالأنعام، الآية: 114.

([15]) سورةالمائدة، الآية:50.

([16]) قال تعالى: âأَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداًá.
................................
فائدة أصولية من كتاب وصية لقمان للإمام عبد المجيد الشاذلى