المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التلازم بين الإيمان والإسلام....للشيخ عبد المجيد الشاذلى



أهــل الحـديث
03-12-2013, 12:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


:التلازم بين الإيمان والإسلام.
ويتضح من هذه الآيات، يقول ربك عزَّ وجَلَّ في سورة البقرة: âقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ´ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ´ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ´ قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَá([1] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1)).
جمع([2] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn2)) بين لفظ الإيمان والإسلام, ثم أفرد لفظ الإيمان وأطلقه بعد ذلك في قوله تعالى: âفَإِنْ آمَنُوابمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُá فدخل في لفظ الإيمان عند الإطلاق معنى لفظَيْ الإيمان والإسلام المذكورين قبلاً.
وهي الحقيقة الشرعية للإيمان: توحيد الربوبية المتضمن والمستلزم لتوحيد الألوهية، ثم ذكر بعد ذلك توحيد العبادة: â وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ á، والإخلاص:â وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَá وهو الإسلام.
وفي قوله تعالى في سورة آل عمران: âقُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ á([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn3)).
جمع بين الإسلام والإيمان ثم أفرد لفظ الإسلام وأطلقه في قوله تعالى بعد ذلك: âوَمَن يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُّقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَá([4] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn4)).
وهذه هي الحقيقة الشرعية للفظ الإسلام: توحيد الألوهية المتضمن والمستلزم لتوحيد الربوبية، حيث دخل تحت لفظه معنى الإيمان والإسلام المذكورين قبلاً.
ويتضح هذا التلازم في قوله تعالى: âالَّذِينَ آمَنُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَá([5] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn5))، âإنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنيُّؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَá([6] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn6))، وقوله تعالى:âوَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْبِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُم مُّسْلِمِينَá([7] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn7))، وقوله تعالى: âفَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَالمُؤْمِنِينَ´ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيتٍ مِّنَ المُسْلِمِينَá([8] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn8)).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية([9] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn9)): «وقد وصف الله السحرة بالإسلام والإيمان معًا فقالوا: âآمَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ ´ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَá([10] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn10))،وقالوا: âوَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا á([11] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn11))، وقالوا: â إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوْلَ المؤْمِنِينَá([12] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn12))، وقالوا:âرَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَá([13] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn13)). ووصف الله أنبياء بني إسرائيل بالإسلام في قوله تعالى: âإِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَّحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا á([14] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn14))، والأنبياء كلهم مؤمنون ووصف الحواريين بالإيمان والإسلام فقال تعالى: âوَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَá([15] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn15))، وقال الحواريون: â نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَá([16] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn16))». أهـ.
ومن أجل هذا التلازم ترجم البخاري باب ”من قال أن الإيمان هو العمل“ عرَّف فيه الإيمان بالإسلام وهذا هو الوجه السابع:
يقول القسطلاني([17] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn17)): ثم استدل المؤلف ـ يعني البخاري ـ على مذهبه بقوله تعالى: â وَمَن يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ á أي غير التوحيد والانقياد لحكم الله تعالى âدِينًا فَلَن يُّقْبَلَ مِنْهُáجواب الشرط, ووجه الدلالة على ترادفهما أن الإيمان لو كان غير الإسلام لما كان مقبولا, فتعين أن يكون عينه, لأن الإيمان هو الدين والدين هو الإسلام لقوله تعالى: âإِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُá([18] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn18))، فينتج أن الإيمان هو الإسلام». أهـ.
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية([19] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn19)): «قال تعالى: â وَمَن يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُّقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَá، وقال تعالى: âوَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا á([20] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn20))، ولم يقل: ومن يبتغِ غير الإسلام علمًا ومعرفة وتصديقًا وإيمانًا، ولا قال: ورضيت لكم الإيمان تصديقًا وعلمًا، فإن الإسلام من جنس الدين والعمل والطاعة والانقياد والخضوع، فمن ابتغى غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه، والإيمان طمأنينة ويقين أصله علم وتصديق ومعرفة والدين تابع له». أهـ.
ويقول شيخ الإسلام([21] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn21)): «وقد ذكر الخطابي في ”شرح البخاري“ كلامًا يقتضى تلازمهما مع اقتران اسميهما, وذكره البغوي في ”شرح السنة“ فقال: قد جعل النبي r الإسلام اسمًا لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسمًا لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام، بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شيء واحد وجماعها الدين، ولذلك قال النبي r: «هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم» والتصديق والعمل يتناولهما اسم الإسلام والإيمان جميعًا يدل عليه قوله تعالى: â إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ á، وقوله تعالى: âوَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًاá، وقوله U: â وَمَن يَّبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُّقْبَلَ مِنْهُá فبََيَّن أن الدين الذي رضيه الله سبحانه وتعالى ويقبله من عباده هو الإسلام، ولا يكون الدين في محل الرضى والقبول إلا بانضمام التصديق إلى العمل». أهـ.

([1]) سورة البقرة، الآيات: 136-139.

([2]) إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا. أو يكون بينهما تلازم, فيجتمعان بالحقيقة الشرعية لكليهما كوصفين متلازمين لمدلول واحد هو الدين، يدل كل وصف على معناه وعلى الدين بالمطابقة وعلى الوصف الأخر باللزوم.

([3]) سورة آل عمران، الآية: 84.

([4]) سورة آل عمران، الآية: 85.

([5]) سورة الزخرف، الآية: 69.

([6]) سورة النمل، الآية: 81.

([7]) سورة يونس، الآية: 84.

([8]) سورة الذاريات، الآيتان: 35-36.

([9])مجموع الفتاوى، جـ1، ص 262.

([10]) سورة الأعراف، الآيتان: 121-122.

([11]) سورة الأعراف، الآية: 126.

([12]) سورة الشعراء، الآية: 51.

([13]) سورة الأعراف، الآية: 126.

([14]) سورة المائدة، الآية: 44.

([15]) سورة المائدة، الآية: 111.

([16]) سورة آل عمران، الآية: 52.

([17]) إرشاد الساري إلى صحيح البخاري، ص148.

([18]) سورة آل عمران، الآية: 19.

([19])كتاب الإيمان، ص291، طبعة دار بن الخطاب.

([20]) سورة المائدة، الآية: 3.

([21]) كتاب الإيمان، ص 277.
..............................................
المصدر كتاب وصية لقمان للإمام عبد المجيد الشاذلى رحمه الله