المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهمية الاعتناء بالقواعد والأصول الجامعة في ضبط العلم وتثبيته



أهــل الحـديث
01-12-2013, 03:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


أهمية الاعتناء بالقواعد والأصول الجامعة
في ضبط العلم وتثبيته

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبِه وسلم.

وبعد:
فمِن محاسن الشريعة وكمالِها وجلالها أن أحكامها الأصولية والفروعيَّة، والعبادات والمعامَلات، وأمورها كلها - لها أصولٌ وقواعدُ تَضبِط أحكامَها، وتَجمع مُتفرِّقاتِها، وتَنشر فروعها، وتردُّها إلى أصولها؛ فهي مبنيَّة على الحِكمة والصلاح، والهُدى والرحمة، والخير والعدل، ونفْي أضداد ذلك[1].

فلا يُمكن لطالب العلم أن يُحصِّل فيها تحصيلاً مُعتبَرًا إلا بمعرفة قواعد العلم وأصوله التي تُبنَى عليه مسائله.

فالطالب في دراسته إذا تلقَّى هذه القواعد الكلية، وفَهِم مَدلولاتها، ومدى تطبيقاتها، وكذا مُستَثنياتها، والأسباب التي قضَت بقَطعِ الفرع المُستَثنى عن قاعدته الكلية، وإلحاقه بقاعدة أو أصل آخَر - تمَّ له العِلم بالأصول والفروع، وضبطها واستحضارها؛ وذلك لأن الفروع لا حدَّ لها تَنتهي إليه؛ كما قال الحافظ ابن عبدالبرِّ[2].

ولذلك؛ ما مِن علم مِن علوم الشريعة إلا وقد كتَب فيه أهل العِلم قواعد جامِعة تَضبِطه وتُيسِّره لطلابه، ولولا هذه القواعد لبَقيَت الأحكام الفرعية مُشتَّتة دون أصول تُمسك بها؛ فهي كحبل العقد الذي يَجتمِع الخرز فيه، ولولا الحبل الذي يَنظِمه لانتثَر وصَعُب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا بدَّ أن يكون مع الإنسان أصول كلية تُردُّ إليها الجزئيات؛ ليتكلَّم بعِلم وعدل، ثم يَعرِف الجزئيات كيف وقعَتْ؟ وإلا فيَبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولَّد فساد عظيم"[3].

وقال الزركشي: "فإنَّ ضبْط الأمور المُنتشِرة المُتعدِّدة في القوانين المتَّحدة - هي أوعى لحِفظها، وأدعى لضَبطِها، وهي إحدى حِكَم العدد التي وُضِع لأجلها، والحكيم إذا أراد التعليم لا بد أن يجمع بين بيانَين: إجمالي تتشوَّف إليه النفوس، وتفصيلي تسكن إليه"[4].

وأختم هذه اللَّفتة بنصيحة جامعة ماتعة للشيخ العلامة ابن عثيمين:
"اعلم أن مِن أهمِّ ما يكون لطالب العلم: أن يعرف القواعد والأصول؛ لأنها هي التي تجمَع له العلم، أما معرفة المسائل مُفرَدةً فهذه لا تنفع إلا قليلاً، وسرعان ما يَنساها المرء، وكونه يعرف مسألة معيَّنة، هذا حلال، وهذا حرام، وهذا واجب، وهذا مَكروه، لا شك أنه نافع، ولكنه ليس مِن شأن طالب العلم، بل هذا مِن شأن غيره الذي يُخبَر عن حكم هذه المسألة.

فينبغي أن يكون عند طالب العِلم حصيلة مِن القواعد والأصول التي يَبني عليها، حتى إذا سُئل عن أي مسألة، ردَّها إلى هذه القاعدة.

لذلك أحثُّ طلَبة العِلم على معرفة القواعد والأصول؛ لأنها تُنمِّي مَواهبَهم، وتجمع لهم شوارِدَ العِلم.

ثم إن هذه القواعد قد يكون بعضُها موجودًا في القرآن الكريم، وبعضها موجود في السنَّة النبوية، وبعضها في كلام الصحابة، وبعضها في كلام الأئمة، وبعضها في كلام العلماء الذين هم دون الأئمة"[5].

فمن حُرِمَ الأصول، حُرِمَ الوصول.

والحمد لله ربِّ العالمين.

[1] "الرياض النضرة"؛ ضمن المجموعة الكاملة؛ لابن سعدي (1: 522).
[2] "جامع بيان العلم وفضله".
[3] "مجموع الفتاوى" (19: 203).
[4] "المنثور في القواعد" (1: 65، 66).
[5] "التعليق على القواعد والأصول الجامعة" (ص: 7، 8).


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/47341/#ixzz2mDoeH6Z7