المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابطال الاجماع



أهــل الحـديث
30-11-2013, 08:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الفصل الثاني: رد الشبهات
الشبهة الأولي: احتجوا بقوله تعالي: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء: 115] .
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: لا سبيل للمؤمنين غير سبيل الله وسبيل رسوله صلي الله عليه وسلم، والذي لولاه لما كانوا مؤمنين.
الوجه الثاني: معلوم ان (ال) من ألفاظ العموم فتشمل هذه الآية جميع المؤمنين، فلا يجوز تخصيص الآية ببعض المؤمنين (أهل العلم) .
الوجه الثالث: مشاقة الرسول صلي الله عليه وسلم وحدها توجب هذا الوعيد.
________________________________________
الوجه الرابع: لا يكون الشخص مستحقا لهذا الوعيد الا بعد ان يتبين له الحق (الهدي) ، وينبغي التنبه الي ان أقوال الرجال التي لم يرد دليل يعضدها ليست من الهدي في شئ، فالهدي هو ما انزله الله لا ما شرعه البشر، قال تعالي: {قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب} [سبأ: 50] ، وقال تعالي: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [التوبة: 33] ، وقال تعالي: {وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به} [الجن: 13] ، وقال تعالي:... {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} [النجم: 23] ، وقال تعالي: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [القصص: 50] ، وقال تعالي: {قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (35) وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون} [يونس: 35، 36] ، وقال تعالي: {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم} [آل عمران: 101] ، وقال تعالي: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} [طه: 123] .
________________________________________
الوجه الخامس: قال تعالي في الاية التي تليها: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا} [النساء: 116] ، فمن اشرك العلماء في وضع دين لم ينزله الله فهو مشرك.
ادعي قوم ان الاية خاصة بالمؤمنين الذين نزلت فيهم الاية، الا ان هذا القول مردود، قال الصنعاني: "وإجماع المؤمنين عند نزول الآية غير معهود إذا لإجماع في عصره صلى الله عليه وسلم والمعهود عند نزولها هو الإيمان واتباع الكتاب والسنة"اهـ (1) .
قلت: ويلزم القائل بان المراد بها المؤمنين الذين نزلت فيهم ان يحصر من امن قبل نزول الاية ويتبع سبيلهم.
الوجه السادس: رسول الله صلي الله عليه وسلم اول المؤمنين، واذا جاء قول الرسول صلي الله عليه وسلم كان إتباعه واجبا، وان لم يجمع الناس.
الوجه السابع: يستحيل ان يأمر الله مؤمنا بإتباع أقوال المؤمنين وهو _ أي المؤمن - منهم.
لقد اعترف مثبتي الإجماع بعدم دلالة الآية علي الإجماع.
قال الغزالي: "والذي نراه أن الآية ليست نصا في الغرض، بل الظاهر أن المراد بها أن من يقاتل الرسول ويشاقه ويتبع غير سبيل المؤمنين في مشايعته ونصرته ودفع الأعداء عنه نوله ما تولى، فكأنه لم يكتف بترك المشاقة حتى تنضم إليه متابعة سبيل المؤمنين في نصرته والذب عنه والانقياد له فيما يأمر وينهى. وهذا هو الظاهر السابق إلى الفهم، فإن لم يكن ظاهرا فهو محتمل"اهـ (2) .
__________
(1) إجابة السائل شرح بغية الآمل (ص: 143) .
(2) المستصفى (ص: 138) .
________________________________________
وقال امام الحرمين أبو المعالي الجويني: "بل أوجه سؤالا واحدا يسقط الاستدلال بالآية فأقول إن الرب تعالى أراد بذلك من أراد الكفر وتكذيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والحيد عن سنن الحق وترتيب المعنى ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين المقتدين به نوله ما تولى فإن سلم ظهور ذلك فذلك وإلا فهو وجه في التأويل لائح ومسلك في الإمكان واضح فلا يبقى للمتمسك بالآية إلا ظاهر معرض للتأويل ولا يسوغ التمسك بالمحتملات في مطالب القطع وليس على المعترض إلا أن يظهر وجها في الإمكان ولا يقوم للمحصل عن هذا جواب إن أنصف"اهـ (1) .
قال الصنعاني: "ولهذا صرح شارح غاية السؤال ومن قبله الإمام المهدي في المعيار بأن الآية حجة ظنية وقد تقرر أنه لا يثبت هذا الأصل بالأدلة الظنية"اهـ (2) .
الشبهة الثانية: احتجوا بقوله تعالي: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43] .
الجواب:
الآية لا تتحدث عن سؤال العلماء من امة محمد صلي الله عليه وسلم، وانما المراد اهل الذكر من الامم السابقة، يدل علي هذا سياق الآية والآية التي تليها، وإذا افترضنا جدلا ان الآية تتحدث عن العلماء فليس فيها دليل علي حجية الإجماع، وإنما فيها سؤال أهل الذكر وهم أهل الكتاب والسنة، قال تعالي: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} [ص: 29] ، وقال تعالي: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [النحل: 44] ، فمن لم يفت بالكتاب والسنة فليس من أهل الذكر، وإذا علمنا الدليل من الكتاب والسنة وجب علينا إتباعه سواء اجمع الناس علي العمل به او لم يجمعوا.
__________
(1) البرهان في أصول الفقه (1/ 262) .
(2) إجابة السائل شرح بغية الآمل (ص: 143) .
________________________________________
الشبهة الثالثة: احتجوا بقوله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59] .
الجواب:
الوجه الاول: غالب من يستدل بهذه الاية لا يكملها، لو اكمل الاية لوقع فيما يخشي لأن فيها مقتله، قال تعالي: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} [النساء: 59] .
ففي هذه الاية طرفان:
الطرف الاول: الذين امنوا.
والطرف الثاني: أولي الأمر.
وقد أمرنا الله عز وجل عند وقوع النزاع بين الطرفين بالرد إلي كتابه وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، فاذا خالف مؤمن (عالما كان او جاهلا) - أولي الأمر، وجب الرد الي الكتاب والسنة وفي هذا إبطال للإجماع.
وقد قدمت هذا الوجه مع ان حقه التأخير، لاني لا اسلم ان المراد بأولي الأمر: العلماء.
________________________________________
الوجه الثاني: الصحيح ان المراد بأولي الأمر الحكام والأمراء، قال تعالي: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} [النساء: 83] ، فالاية لا تتحدث عن مسائل العقيدة او الفقه او التفسير وانما تتحدث عن شأن الحرب والامارة فينبغي علي الناس رد الامور المتعلقة بالامن والخوف الي الامراء والحكام، ومما يوكد ذلك قوله تعالي: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} [آل عمران: 159] ، فرب العزة يأمر النبي صلي الله عليه وسلم بالشوري، لكن هل امره ان يشاور الناس في حكم شرعي، الجواب: لا والف لا، قال تعالي: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} [الأحزاب: 36] .
الشبهة الرابعة: احتجوا بقوله تعالي: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} [التوبة: 100] .
الجواب:
________________________________________
الوجه الأول: هذه الآية في سورة النساء، وسورة النساء نزلت في عام خيبر في السادسة من الهجرة، ويلزم المحتج بهذه الآية أن يحصر أسماء السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ثم حصر أقوالهم، ولم أجد - فيما اعلم – من حقق هذا الأمر.
الوجه الثاني: الاحتجاج بهذه الآية علي إجماع جميع الصحابة باطل، لان عدد من اسلم بعد نزول هذه الآية تجاوز الألفان.
الشبهة الخامسة: احتجوا بقوله صلي الله عليه وسلم «إن أمتي لا تجتمع على ضلالة» (1) .
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: جاء هذا الحديث من عدة طرق لا تخلو من مقال، وقد ضعف هذا الحديث عدد من أهل العلم وصححه آخرون والراجح ضعفه.
الوجه الثاني: لو صح الحديث لما كان فيه دلالة علي حجية الإجماع، لان امة النبي صلي الله عليه وسلم من حين نزول الوحي عليه الصلاة والسلام إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها، ويدخل في ذلك المسلم والكافر، وقد ادعي قوم ان المراد بالأمة هنا امة الإجابة فنقول لهم حسنا، هل الاشاعرة والماتردية والمعتزلة والصوفية والمرجئة والجهمية وغيرهم من أصحاب المذاهب الضالة من امة محمد صلي الله عليه وسلم ام لا؟.
وهل الزناة، وشاربي الخمر، والنساء، والصبيان، والموالي، والعوام من امة محمد صلي الله عليه وسلم ام لا؟.
لن يجد القوم الا أن يقولوا نعم، فنقول لهم: تخصيصكم للعلماء تخصيص بلا دليل.
__________
(1) رواه ابن ماجة في السنن (ح 3950) ، وابن ابي عاصم في السننة (ح 84) ، والطبراني في مسند الشاميين (ح 2069) ، وابن بطة في الابانة (ح 118) ، والحاكم في المستدرك (ح 400) ، واللائكائي في شرح أصول اعتقاد اهل السنة (ح153) ، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه 1/409.
________________________________________
الشبهة السادسة: احتجوا بقوله صلي الله عليه وسلم «لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» (1) .
الجواب:
راجع ما ذكرناه في نقضنا للشبهة السابقة، ونزيد عليها فنقول:
إذا افترضنا جدلا أن اتفاق العلماء حجة، فما قولكم اذا حقق طالب علم مسألة معينة فراجع فيها المخطوط والمطبوع وتبين له الناسخ من المنسوخ والمطلق من المقيد والعام من الخاص والصحيح من الضعيف من الادلة وجمع أقوال السلف فيها، فهل يؤخذ بقوله؟ .
وإذا خالف هذا الطالب العلماء في قولهم فهل يتحقق الإجماع بدونه ام تعتبر المسألة خلافية؟ .
الوجه الثاني: هل كان العالم الذي ينقل الإجماع علي علم بجميع العلماء (عربا كانوا ام أعاجم) وأماكن سكنهم، ثم بعد ذلك هل رحل إليهم جميعا ودون أقوالهم.
الوجه الثالث: ما هو الحد الفاصل بين العالم وطالب العلم والعامي، وبمعني أخر هل توجد شروط لابد من استيفائها حتي يكون المرء عالما مثلا هل يشترط حفظ القران وحفظ كذا ألف من الأحاديث.
الشبهة السابعة: احتجوا بقوله صلي الله عليه وسلم: «... وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة , كلها في النار إلا ملة واحدة» , قالوا: وأي ملة تنفلت من النار؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي» (2) .
الجواب:
الوجه الأول: لم يقل النبي صلي الله عليه وسلم ان سبيل النجاة ما كان عليه أصحابي وانما قال: (ما أنا عليه وأصحابي) فلابد من الدليل، وإذا جاء الدليل كان اتباعه لازما، سواء اتفق أصحابه عليه او لم يتفقوا.
__________
(1) رواه البخاري (ح 7311) ، ومسلم (ح 1921) ، واحمد في مسنده (ح 18135) ، والدارمي في السنن (ح 2476) ، وغيرهم من حديث المغيرة بن شعبة.
(2) رواه ابن وضاح في البدع (ح250) ، والمروزي في السنة (ح59) ، والاجري في الشريعة (ح23) ، والطبراني في المعجم الكبير (ح62) ، وابن بطة في الابانة الكبري (ح1) ، والحاكم في المستدرك (ح444) ، واللائكائي في شرح أصول اعتقاد اهل السنة (ح145) .
________________________________________
الوجه الثاني: اذا افترضنا جدلا ان اتفاق أقوال الصحابة توجب الحجية وتكون شرعا في دين الله، لزم معرفة عدد الصحابة، مع العلم بأن العلماء الي يومنا هذا – فيما اعلم - لم يقطعوا بالعدد الفعلي للصحابة (1) ،
__________
(1) اختلف أهل العلم في كثير من الأشخاص، هل لهم صحبة ام لا، وسأذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر: إياس بن عبد الله بن أبي ذباب الدوسي،، وأمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية،، أسير بن جابر، وتمام بن العباس بن عبد المطلب وقيل تمام بن قثم..تفرد بالرواية عنه ابنه جعفر، وجندب بن كعب الأزدي، وجعدة بن هبيرة بن أبي وهب المخزومي ابن بنت أم هانئ، والحارث بن بدل النضري وقيل: الحارث بن سليم بن بدل، وحبيب بن مسلمة الفهري أبو عبد الرحمن، وحصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم بن سالم بن غاضرة بن سلول بن خيشنة بن سلول بن كعب، وخالد بن عبيد الله بن الحجاج السلمي وقيل: ابن عبيد مختلف في صحبته حديثه عند ابنه الحارث، وخالد بن عبد الله بن حرملة المدلجي، وخالد أبو معبد بن خالد الجدلي، ودغفل بن حنظلة الشيباني نسابة العرب، من بني عمرو بن شيبان، وراشد بن حبيش، وسعد بن الأخرم، أبو المغيرة، وسفيان بن هانئ بن جبر بن عمرو أبو هانئ الجيشاني، وشيبة بن عبد الرحمن السلمي، وشرحبيل بن السمط بن الأسود بن جبلة الكندي، وشفي بن مانع أبو عثمان الأصبحي، وصخر بن قدامة العقيلي مختلف في صحبته حديثه عند الحسن، والصلت أبو زبيد روى عنه ابنه زبيد بن الصلت، وعبد الله بن جبير الخزاعي أبو عبد الرحمن مختلف في صحبته، حديثه عند سماك بن حرب، وعبد الله بن خباب بن الأرت، وعبد الله بن خالد بن أسيد المخزومي، وعبد الله بن زغب الإيادي، وعبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب، وعبد الله بن مخمر، وعبد الرحمن بن يزيد بن راشد وقيل: ابن رافع، وعبد الرحمن بن عائش الحضرمي وقيل: الجهني، وأزهر بن حميضة، والأسود بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وبجاد ويقال بجار بن السائب بن عويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم ابن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، وجبير بن الحويرثن وحكيم بن معاوية النميري، وخالد بن اللجلاج، وخباب مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، وخلاد بن السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري، وزياد بن عياض الأشهلي، وساعدة الهذلي، وسعد بن الأخرم، وسعد مولى قدامة بن مظعون، وصعصعة بن معاوية، وصيفي بن ربعي بن أوس، وطارق بن المرقع، وعبد الله بن شبيل الأحمسي، وعبد الله بن المنتفق اليشكري، وعمرو بن أبي خزاعة، وعطاء الشيبي القرشي، العبدري، وقهيد بن مطرف، أو ابن أبي مطرف، والأكثر يقولون ابن مطرف الغفاري، وكثير بن شهاب الحارثي، وكدير الضبي، ومحمد بن صيفي بن أمية بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، ومدرك بن عوف البجلي، ويزيد بن قتادة، وأبو الأخنس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي، وأبو ثعلبة الخشني، وأبو عنبة الخولاني، وجعدة بن هبيرة بن أبي وهب، وعمرو بن ذي النور، وأزهر بن حميضة، والأسود بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، وأسير بن جابر، والأقرع الغفاري، وأمية بن خالد بن عبد الله بن أسيد الأموي، وإياس بن عبد الله الدوسي، وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف الثقفي، وخالد بن عبد الله بن حرملة المدلجي، وعبد الله بن أبي ميسرة، وعبد الرحمن بن عائش الحضرمي، وعبد الرحمن بن يزيد بن رافع وقيل ابن يزيد بن راشد الأنصاري، وعبيد بن دحي الجهضمي بصري، وعبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي، وعبيد بن نضيلة الخزاعي، وعروة بن معتب، وعطاء بن إبراهيم وقيل: إبراهيم بن عطاء الثقفي، وعطاء بن عبيد الله
________________________________________
وأقصي ما قيل في عددهم – فيما اعلم – مائة الف وأربعة عشر الفا من الصحابة، كما صرح بذلك ابو زرعة الرازي (1) .
قلت: اتحدي كل من له صلة بالعلم ان يأتيني وبالسند الصحيح عن صحابي او تابعي مر علي جميع الصحابة (ذكرهم وأنثاهم، وكبيرهم وصغيرهم، والأحرار منهم والموالي) .
وأنا علي يقين لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه ان أحدا من الناس لن يستطيع ان يثبت ذلك لأن من الصحابة من امن ثم قتل في بداية دعوته صلي الله عليه وسلم، ومنهم من اسلم يوم الفتح او بعده، كما ان الشرع لم يكن قد يكتمل فبعض الأحكام نزلت ثم نسخت بل وبعضها نسخت ثلاث مرات، والبعض الأخر لم ينسخ، ولا يتصور ان أحدا من الصحابة صنف ديوانا كتب فيه جميع أقوال الصحابة، ومن المعلوم ان أبا الطفيل عامر بن واثلة هو أخر الصحابة موتا والذي توفي فمن الذي كتب قوله مع أقوال من مات في أول الأمر كابي أمامة أسعد بن زرارة (2) .
الشبهة الثامنة: احتجوا بقوله تعالي: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران: 110] .
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: في هذه الاية دليل علي ان امة محمد صلي الله عليه وسلم أفضل الأمم، وبالطبع امة محمد صلي الله عليه وسلم تشمل الصحابة، وتشمل غيرهم، فمن قصر الآية علي الصحابة فقط اخطأ،
__________
(1) المقنع في علوم الحديث (2/ 497) ، رسوم التحديث في علوم الحديث (ص145) .
(2) توفي في السنة الثانية للهجرة.
________________________________________
قال الزجاج: "وقال بعضهم معنى (كنتم خير أمة) هذا الخطاب أصله إنه خوطب به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يعم سائر أمة محمد، والشريطة في الخيرية ما هو في الكلام وهو قوله عز وجل: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) : أي توحدون الله بالإيمان برسوله لأن من كفر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوحد الله، وذلك أنه يزعم أن الآيات المعجزات التي أتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذات نفسه، فجعل غير الله يفعل فعل الله، وآيات الأنبياء، لا يقدر عليها إلا الله عز وجل، ويدل على أن قوله: (وتؤمنون بالله) : تقرون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - نبي الله، قوله عز وجل: (ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم) "اهـ (1) .
وقال الشوكاني: "قوله: كنتم خير أمة هذا كلام مستأنف، يتضمن بيان حال هذه الأمة في الفضل على غيرها من الأمم، وكان، قيل: هي التامة، أي: وجدتم وخلقتم خير أمة"اهـ (2) .
الوجه الثاني: لا يعرف المعروف والمنكر بالرأي وإنما بالأدلة من الكتاب والسنة، وإذا جاء الدليل وجب العمل به وان لم يعمل به احد، ويجب علينا إتباع الدليل فنجعله امامنا لا خلفنا، وهذا هو الحق.
الوجه الثالث: لا يلزم من قول الصحابي الذي يعلم له مخالف، عدم وجود المخالف فعدم النقل ليس نقلا للعدم، كما ان عدم العلم بالمخالف لا يستلزم معرفة جميع الصحابة بقول القائل لتعذر ذلك، بل وصول الصحابي إلي الآلاف الصحابة اقرب للمحال، ولو افترضنا جدلا أنهم علموا لما جاز لنا ان نعتبر سكوتهم إقرار، فلا يجوز ان ننسب لأحد ما لم يقله والا كنا كاذبين، فالإنسان قد يسكت لجهله بالحق، او لجهله بالراجح من الادلة، او لهيبة الآخر، او لاعتقاده ان الخلاف سائغ، الي غير ذلك.
__________
(1) معاني القرآن وإعرابه (1/ 456)
(2) فتح القدير (1/ 425)
________________________________________
قال الإمام ابن حزم – رحمه الله -: "ونحن نوجدكم أنهم قد علموا ما أنكروا وسكنوا عن إنكاره لبعض الأمر نا يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود نا أحمد بن دحيم بن خليل نا إبراهيم بن حمادة نا إسماعيل بن إسحاق القاضي نا علي بن عبد الله هو ابن المديني نا يعقوب بن إبراهيم بن سعد نا أبي عن محمد بن إسحاق الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود أنه وزفر بن أوس بن الحدثان أتيا عبد الله بن عباس فأخبرهما بقوله في إبطال العول وخلافه لعمر بن الخطاب في ذلك قال فقال له زفر فما منعك يا ابن عباس أن تشير عليه بهذا الرأي قال هبته نا حمام بن أحمد نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي ثنا الدبري نا عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر فلما استخلف عمر تركهما فلما توفي عمر ركعهما قيل له ما هذه قال إن عمر كان يضرب الناس عليهما نا جهم نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي الديري نا عبد الرزاق عن معمر أخبرني هشام بن عروة عن أبيه أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب جاء عمر بن الخطاب بأمة سوداء كانت لحاطب فقال إن العتاقة أدركت وقد أصابت فاحشة وقد أحصنت فدعاها عمر فسألها عن ذلك فقالت نعم من مرعوش بدرهمين وهي حينئذ تذكر ذلك لا ترى به بأسا فقال عمر لعلي وعبد الرحمن وعثمان أشيروا علي فقال علي وعبد الرحمن نرى أن ترجمها فقال عمر لعثمان أشر فقال قد أشار عليك أخواك قال عزمت عليك إلا أشرت علي برأيك قال فإني لا أرى الحد إلا على من علمه وأراها تستهل به كأنها لا ترى به بأسا فقال عمر صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا عمن علمه فضربها عمر مائة وغربها عاما"اهـ (1) .
وقال: "وقال ابن عباس قولا فقيل له أين كنت عن هذا أيام عمر فقال هبته"اهـ (2) .
__________
(1) الإحكام في أصول الأحكام (4/ 180) .
(2) الإحكام في أصول الأحكام (6 / 95) .
________________________________________
وقال: "وقد ذكر أبو موسى حديث الاستئذان فتهدده عمر بضرب ظهره وبطنه فصح بهذا أن سكوتهم قد يكون تقبة للإسلام أو لئلا يقع تنازع واختلاف وقد يكون تثبتا أو لما شاء الله عز وجل وليس قول أحد لا سكوته حجة إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن قوله وسكوته حجة"اهـ (1) .
وقال: "وقد خالف بعض التابعين الصحابة بحضرتهم فما أنكر الصحابة عليهم ذلك كما أنكروا عليهم مخالفة ما رووه كفعل ابن عمر في ابنه إذ روى حديث الخذف وحديث النهي عن منع النساء إلى المساجد فقال ابنه لا تفعل ذلك فأنكر ابن عمر ذلك إنكارا شديدا وكان لا ينكر على من خالفه في فتياه وكذلك سائر الصحابة رضي الله عنهم كإنكار ابن عباس على عروة وغير معارضة حديث النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وعمر وكإنكار عمران ابن الحصين إذ ذكر حديث الحياء على من عارضه بما كتب في الحكمة وكقول أبي هريرة إذا حدثتك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تضرب له الأمثال في حديث الوضوء مما مست النار ووجدنا ابن عباس لم ينكر على عكرمة مخالفته له في الذبيح ولم ينكر أبو هريرة على من خالفه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في إفطار من أصبح جنبا وجميعهم رضي الله عنهم على هذا السبيل لا ينكر على من يخالفه في فتياه وينكر على من خالف روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم أشد الإنكار"اهـ (2) .
__________
(1) الإحكام في أصول الأحكام (6 / 96) .
(2) الإحكام في أصول الأحكام (6 / 102) .
________________________________________
قال الصنعاني: "فإن السكوت من العلماء على أمر وقع من الآحاد أو من خليفة أو غيره من فعل محظور أو ترك واجب لا يدل على جواز ما وقع، ولا على جواز ما ترك فإنه إن كان الواقع فعلا أو تركا لمنكر وسكتوا ولم يدل سكوتهم على أنه ليس بمنكر لما علم من أن مراتب الإنكار ثلاث باليد أو اللسان أو القلب وانتفاء الإنكار باليد واللسان لا يدل على انتفائه بالقلب وحينئذ فلا يدل سكوته على تقريره لما وقع حتى يقال قد أجمع عليه إجماعا سكوتيا إذ لا يثبت أنه قد أجمع الساكت إذا علم رضاه حتى يقال رضاه بالواقع ولا يعلم ذلك إلا علام الغيوب، وبهذا يعرف بطلان القول بأن الإجماع السكوتي حجة "اهـ (1) .
الوجه الرابع: اذا افترضنا جدلا ان قول الصحابي، بلغ آلاف الصحابة ولم ينكر عليه احد لما كان اتفاقهم حجة، لعدم ورود دليل يبين حجية اجماع الصحابة بدون ان يستندوا الي دليل من الكتاب او السنة فقط، واذا قال قائل: قد يكون معهم دليل خفي علينا، قلنا له: عندنا يقين علي عدم وجود دليل، وعندك ظن، ومعلوم ان اليقين لا يزول بالظن، قال تعالي: {إن الظن لا يغني من الحق شيئا} [يونس: 36] ، ايضا قولكم هذا ناتج عن احتمال، والدليل اذا تطرق اليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
الوجه الخامس: تناقض القائلون بحجية قول الصحابي الذي لم يعلم له مخالف، يدل علي فساد قولهم، وقد ذكرت بعض اقوال لصحابة لم يعلم من خالفهم فيها، لتكون بمثابة الالزامات، وغالبا لا يلتزموا بها، بل يختاروا منها ما يوافق اهوائهم، ويحاولوا ان يصرفوا الاخر عن هذه الاقوال.
1. حلق شعر عانة الميت:
__________
(1) سبل السلام (ص490-491) .
________________________________________
قال ابن حزم – رحمه الله _: "وروينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة: أن سعد بن أبي وقاص حلق عانة ميت وهم يعظمون مخالفة الصاحب الذي لا يعرف له مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم -، وهذا صاحب لا يعرف له منهم مخالف"اهـ (1) .
2. دية الضرطة:
قال ابن قدامة: "ومن ضرب إنسانا حتى أحدث، فإن عثمان - رضي الله عنه - قضى فيه بثلث الدية. وقال أحمد: لا أعرف شيئا يدفعه. وبه قال إسحاق. وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: لا شيء فيه؛ لأن الدية إنما تجب لإتلاف منفعة أو عضو، أو إزالة جمال، وليس هاهنا شيء من ذلك. وهذا هو القياس، وإنما ذهب من ذهب إلى إيجاب الثلث؛ لقضية عثمان؛ لأنها في مظنة الشهرة، ولم ينقل خلافها، فيكون إجماعا، ولأن قضاء الصحابي بما يخالف القياس. يدل على أنه توقيف. وسواء كان الحدث ريحا أو غائطا أو بولا. وكذلك الحكم فيما إذا أفزعه حتى أحدث"اهـ (2) .
3. جواز قطع الأيدي في بيع المصاحف:
قال ابن حزم: "فقالوا: مثل هذا لا يقال بالرأي، فلم يبق إلا أنه توقيف، ولم يقولوا ههنا فيما صح عن ابن عمر مما لم يصح عن أحد من الصحابة خلافه من إباحة قطع الأيدي في بيع المصاحف، وعن الصحابة جملة"اهـ (3) .
4. جواز تنكيس الوضوء:
قال ابن حزم: "وقد روينا عن علي بن أبي طالب وابن عباس جواز تنكيس الوضوء، ولكن لا حجة في أحد مع القرآن إلا في الذي أمر ببيانه وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مما تناقض فيه الشافعيون فتركوا فيه قول صاحبين لا يعرف لهما من الصحابة مخالف"اهـ (4) .
__________
(1) المحلى بالآثار (3/ 408) .
(2) المغني (8/ 433) .
(3) المحلى بالآثار (7/ 547) .
(4) المحلى بالآثار (1 / 311) .