المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال عن اسم الدهر هل يسمى الله تعالى به ؟



أهــل الحـديث
28-11-2013, 05:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الفضلاء أرجو أن تفيدوني في هذه المسألة لأنها حقا أشكلت علي وهي :
جاء في الحديث القدسي يقول الله تعالى : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ . يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } ففي هذا الحديث نص صريح يقول الله تعالى فيه (أنا الدهر ) والدهر هنا اسم
فظاهر النص تسمي الله تعالى بالدهر لكن أهل العلم يقولون لا يسمى الله تعالى بالدهر لأن الدهر هو الزمان والله تعالى ليس هو الزمان باتفاق العقلاء ولأن الزمان عارض والعارض لا يقوم بنفسه وإنما يقوم بغيره فإذا كان كذلك فكيف يكون هو الخالق لغيره ؟! وهذا ما فهمته من كلام شيخ الإسلام بن تيمية
لكن قد يعترض على هذا القول المعطلة ويقولون لنا أنتم وقعتم في التعطيل الذي رميتمونا به وهو أنكم جريتم في اسم الدهر نفس مجرانا فأنتم أولا شبهتم الله تعالى بالزمان المخلوق ثم فررتم منه إلى تعطيله ثم حرفتم المعنى الظاهر له إلى معنى آخر وكان الواجب عليكم أن تلتزموا بأصولكم
فإن قيل لكن اسم الدهر اسم جامد ليس فيه معنى جليل يليق بالله تعالى
فقد يقال لنا أن اسم الدهر يدل على معنى جليل وهو أنه الدائم الأزلي الأبدي هذا أولا
ثانيا أن الدهر في حق الله تعالى ليس كالدهر المخلوق وهو كقولك الله تعالى سميع والإنسان سميع
فالدهر لما يضاف لله تعالى يكون بمعنى يليق به تعالى وهو الديمومة والأزلية والأبدية
وأما الدهر المضاف للمخلوق فهو الزمن الذي يبلى والمقدر بالحركات وتعاقب العوارض فلماذا شبهتم الدهر المضاف لله تعالى بالدهر المضاف للمخلوق ؟!
أيضا النص صريح في الحديث يقول الله تعالى (أنا الدهر ) فيقال لنا وانتم يا من تدعون مذهب السلف تقولون الله تعالى (ليس هو الدهر ) وهذه معارضة صريحة لصريح الوحي !
فإن قيل نحن لم نسمي الله تعالى بالدهر لأن الدهر جاء مبينا في الحديث نفسه وهو أن الله تعالى يقلب الليل والنهار ) فيكون إطلاق اسم الدهر في الحديث على الله تعالى هو من باب إطلاق الإسم والمراد به الفاعل له ومصرفه ومقلبه وهذا يوجد في اللغة كقوله عليه الصلاة والسلام ( اتقوا اللعانين الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم ) قال أهل العلم المقصود باللعانين هما المتخلي في الطريق والظل وإنما أطلق اسم اللعانين عليهما من باب إطلاق الإسم والمراد به المتسبب باللعن ونحو ذلك
فقد يجاب على هذا أن الأصل عدم التأويل والتأويل الذي يصرف اللفظ عن ظاهره إنما يصار إليه إذا تعذر الظاهر على إفادة المعنى الصواب وهو هنا غير متعذر لأن معنى الدهر المضاف لله تعالى ليس هو الزمان وإنما هو الديمومة بالأزل والأبد وهو معنى صحيح ولأنه كذلك يجوز أن نقول أيضا وهو أي الله تعالى يقلب الليل والنهار فاجتمع المعنيان معنى الديمومة الأزلية والأبدية ومعنى تقليب الليل والنهار وإعمال كلا المعنيين أولى من إهمال أحدهما إذ ليس في أحد المعنيين معنى باطل

قال شيخ الإسلام :
إذَا تَبَيَّنَ هَذَا : فَلِلنَّاسِ فِي الْحَدِيثِ قَوْلَانِ مَعْرُوفَانِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ . أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ خَرَجَ الْكَلَامُ فِيهِ لِرَدِّ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ أَوْ مَنَعُوا أَغْرَاضَهُمْ أَخَذُوا يَسُبُّونَ الدَّهْرَ وَالزَّمَانَ يَقُولُ أَحَدُهُمْ قَبَّحَ اللَّهُ الدَّهْرَ الَّذِي شَتَّتَ شَمْلَنَا وَلَعَنَ اللَّهُ الزَّمَانَ الَّذِي جَرَى فِيهِ كَذَا وَكَذَا . وَكَثِيرًا مَا جَرَى مِنْ كَلَامِ الشُّعَرَاءِ وَأَمْثَالِهِمْ نَحْوُ هَذَا كَقَوْلِهِمْ : يَا دَهْرُ فَعَلْت كَذَا . وَهُمْ يَقْصِدُونَ سَبَّ مَنْ فَعَلَ تِلْكَ الْأُمُورِ وَيُضِيفُونَهَا إلَى الدَّهْرِ فَيَقَعُ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فَعَلَ تِلْكَ الْأُمُورَ وَأَحْدَثَهَا وَالدَّهْرُ مَخْلُوقٌ لَهُ هُوَ الَّذِي يُقَلِّبُهُ وَيُصَرِّفُهُ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : قَوْلُ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ وَطَائِفَةٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالصُّوفِيَّةِ : إنَّ الدَّهْرَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَاهُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ . وَرَوَوْا فِي بَعْضِ الْأَدْعِيَةِ : يَا دَهْرُ يَا ديهور يَا ديهار وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الْأَوَّلُ لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْآخِرُ لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ ؛ فَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ إنَّمَا النِّزَاعُ فِي كَوْنِهِ يُسَمَّى دَهْرًا بِكُلِّ حَالٍ . فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ – وَهُوَ مِمَّا عُلِمَ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ – أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ هُوَ الدَّهْرَ الَّذِي هُوَ الزَّمَانُ أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى الزَّمَانِ ؛ فَإِنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الزَّمَانَ الَّذِي هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ

قلت : فهنا رد شيخ الإسلام هذا الإسم لأنه قال أنه بمعنى الزمان
فيقول قائل : هو بمعنى الزمان للمخلوق أما بإضافته لله تعالى فلا وأنت قد وافقت أهل القول الثاني وهو قول بعض أهل الحديث أن معنى الدهر هو القديم الأزلي وقلت هذا المعنى صحيح

أرجو من الأخوة المتخصصين أن يدلوا بدلوهم حتى تتضح المسألة وأنا والله ما طرحتها لكي أشوش على الإخوان وإنما لأنه حصل عندي فيها بعض التساؤلات ومنهجنا أننا نعتقد العقيدة بعلم وبينة
والله تعالى أعلم