المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتياتنا بين صراع الأجيال والتهميش .



أهــل الحـديث
27-11-2013, 03:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



تشعر أعداد متزايدة من الفتيات بوجود فاصل زمني ومساحة من التفكير المختلف بينها وبين الجيل أو الأجيال التي تسبقها, وتؤدي الاختلافات في طرق التفكير والسلوك إلى احتفاظ كل طرف بنظرة مسبقة عن الطرف الآخر غالباً ما تكون نمطية وتحتوي على العديد من الأحكام الجاهزة والبديهيات غير القابلة للنقاش والتغيير, فبينما تنظر الفتيات إلى الأجيال الأكبر من أهل ومربين ومسئولين ومثقفين على أنهم أكثر محافظة وجموداً وتمسكاً بالأعراف والضوابط الاجتماعية، ويأخذون عليهم تسلطهم في التعامل مع الأجيال الجديدة عبر التعليمات التي تتصف بغلبة الأوامر والنواهي، وانعدام قيم التفاهم والحوار وممارسة الوصاية على الفتيات والتدخل في اختياراتهم الشخصية على مستوى المهنة أو الزواج أو التعليم، وربما حتى في اللباس والمظهر إلخ، لايرى الكبار في الفتيات إلا الحماس والاندفاع وقلة الخبرة ويتهمونهن بعدم تحمل المسؤولية واللامبالاة والطيش .

ولا يقتصر تهميش الفتيات على مجرد إحساسهم بأنهن مهملات ومتروكات لشأنهن، إذ أن المؤشرات التي تدلل على انخفاض فرصهم بالمقارنة مع فرص الجيل الأكبر، واضحة من خلال ما نسميه بفرض "الحراك الجيلي" على الصعيد المهني فمن الناحية المهنية يلاحظ وجود قيم تربط الحراك الإداري والمهني بمعايير تتصل بالأقدمية والعلاقات الشخصية، أكثر من ارتباطها بالكفاءة والإنجاز الفردي، لهذا من النادر أن نجد الفئات الفتيات في مواقع القرار رغم أن تحصيلهم العلمي قد يكون أعلى من تحصيل رؤسائهم في العمل, وهذا ما يخلق الشعور بالغبن ويحرم المجتمع من طاقات جديدة وقادرة على العطاء.

وهذا من المؤسسات والجمعيات والتي تشترك في غالبيتها في حصر إدارتها وقياداتها بكبار السن لدرجة أن بعضهم لم يبارح كرسيه منذ جلوسه عليه قبل عشرات السنين .

فعلينا أن نعتقد ونؤمن بأن إتاحة الفرصة للفتيات لعيش تجاربهن وتكوين خبراتهن لا يتطلب سوى تمكن هؤلاء من تحصيل المعارف والعلوم الضرورية والتعلم من أخطائهن واختياراتهن المعبرة عن وعيهن، أما النصائح وإتباع أساليب الوعظ والحماية، فإنها على الأغلب لا توصل إلى الغايات المرجوة.

إذن، فتمرد الفتيات وسخطهن في فترتنا الراهنة هذه، ليس إلا البوادر الأولى لظاهرة سنظل نعايشها طويلاً، إلا إذا استطعنا أن نهتدي إلى الطبيعة التي نستطيع بها أن نطور من أنفسنا ورضانا بهؤلاء الفتيات، على نحو يعمل حساباً لمطالب الجيل التالي بطريقةٍ طبيعيةٍ لا تحتاج إلى تنبيه صارخ من أفراد الجيل الجديد، ولا إلى مقارنة عنيدة من أفراد الجيل القديم, ومثل هذه الخطوة تحتاج دون شك، إلى طريقة في فهم الأمور من منظور إسلامي ومرجعية ثقافية طرية .