المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل أنا مجيب ام متلعثم



تاجر مواشي
27-11-2013, 07:30 AM
اغنام - ابل - دواجن - طيور


هل أنا مجيب ام متلعثم (http://www.aghnam.com.sa/vb/showthread.php?t=283648)





كانت البداية عندما قرأت أن سفيان الثوري رحمهـ الله كان لديهـ قبرا في منزلهـ يرقد فيهـ

وبعد أن يرقد ينادي الله : رب ارجعون .. رب ارجعون

ثم يقوم منتفضا ويقول : هاقد رجعت فماذا أنت فاعل




حدث أن فاتتني صلاة الفجر .. وهي صلاة من كان يحافظ عليها ثم فاتتهـ فسوف يحس بضيقهـ شديدهـ طوال اليوم ..

تكرر معي نفس الأمر في اليوم الثاني .. فقلت لابد وأن في الامر شيئا ..
ثم تكرر ذلكـ للمرة الثالة على التوالي .. هنا كان لابد أن أقف مع نفسي وقفة حازمة حتى لاتركن لمثل ذلكـ فتذهب بي إلى النار ..

قررت ان أدخل القبر حتى أؤدب نفسي .. فلابد من أن ترتدع وأن تعلم ان هذا هو منزلها ومسكنها الى مايشاء الله ..

لكنني كل يوم أقول لنفسي دع هذا الامر غدا ..

وجلست أسوف في هذا الامر حتى فاتتني صلاة الفجر مرة أخرى .. حينها قلت : كفى ..

وأقسمت أن يكون الامر هذهـ الليلة ..


ذهبت بعد منتصف الليل حتى لايراني أحد .. وقفت قليلا أأدخل من الباب أم أتسور السور ؟!

اتجهت صوب الباب فلعل حارس المقبرة غير موجود

لكن إن كان موجود سأوقظهـ وربما منعني أو طلب مني المجيء في النهار وحينها يضيع قسمي .. فقررت أن اتسور السور ..

تلثمت .. رفعت ثوبي واستعنت بالله وتسلقت ..

برغم انني دخلت هذهـ المقبرة مرات ومرات مشيعا .. إلا أنني أحسست أنني أراها لأول مرة .. ورغم أنها كانت ليلة مقمرة .. إلا أنني أكاد أقسم أنني مارأيت أشد منها سوادا .. كانت تلف المكان ظلمة حالكهـ .. سكون رهيب ..


هذا هو صمت القبور بحق .

تأملتها كثيرا من اعلى السور .. واستنشقت هواءها .. نعم إنها رائحة القبور .. اميزها عن ألف رائحة ..
رائحة الحنوط .. رائحة تحمل طعم الموت والبلى ..

جلست أتفكر للحظات مرت كالسنيين .. إيهـ أيتها القبور .. ما أشد صمتكـ ..

وما أشد ماتخفيهـ .. ضحكـ ونعيم .. وصراخ وعذاب أليم .. ماذا سيقول لي أهلكـ لو حدثتهم ؟
لعلهم سيقولون مقولة الحبيب صلى الله عليه وسلم : (( الصلاة الصلاة وماملكت أيمانكم ))

قررت أن أهبط حتى لايراني أحد في هذهـ الحالهـ .. فلو رآني أحد فسيقول إنني مجنون أولدي مصيبة ..

وبالفعل لدي مصيبة كبيرهـ .. وأي مصيبة أكبر من ضيلع صلاة الفجر عدة مرات ..

هبطت داخل المقبرة .. أحسست حينها برجفة في القلب .. التصق بالجدار ولا ادري ممَّ أحتمي ؟
عللت ذلكـ لنفسي بأنهـ خشية المرور فوق القبور وانتهاكها ..

أنا لست جبانا .. لكنني شعرت بالخوف حقاً !!

نظرت الى الناحية الشرقية حيث القبور المفتوحة فاغرة أفواهها تنتظر ساكنيها ..

إنها أشد بقع المقبرة سواد .. كأنها تناديني .. مشتاقة إليَّ : متى ستكون فيّ ؟

أمشي محاذرا بين القبور .. وكلما تجاوزت قبرا تساءلت : أشقي أم سعيد ؟

شقي بسبب ماذا ؟ أضيع الصلاة مثلي ؟ أم كان من اهل الفواحش والربا ؟ ربما كان عاقا لوالديهـ .. أو كان من أهل الغناء والطرب ؟

لعل من تجاوزت قبرهـ الان كان يظن انهـ أشد اهل الارض قوة .. وأن شبابهـ لن يفنى .. وأنهـ لن يموت كمن مات قبلهـ .. أو انهـ كان يقول : مازال في العمر بقية .. ففاجاهـ هادم اللذات ..

سبحان من قهر الخلق بالموت ...

أبصرت الممر .. حتى اذا وصلت إليهـ وضعت قدمي عليهـ أسرعت نبضات قلبي فالقبور عن يميني وعن يساري
بدأت أولى خطواتي .. بدأت وكانها دهر .. أين سرعة قدميَّ .. ما أثقلهما الآن ..


رفعت بصري الى الناحية الشرقية .. تمنيت أن تطول المسافة ولاتنتهي أبدا لأنني أعلم ماينتظرني هناكـ ..

أعلم .. فقد رأيت القبر كثيرا .. ولكن هذهـ المرة مختلفة تماما ..


أفكار عجيبة أكاد أسمع همهمة خلف أذني .. خفت أن أنظر خلفي .. خفت ان أرى أشخاصا يلوِّحون إليَّ من بعيد ..

خيالات سوداء تعجب من القادم في هذا الوقت ..

بالتأكيد إنها وسوسة من الشيطان .. لايهمني شيء طالما قد صليت العشاء في جماعة ..

أخيرا .. أبصرت القبور المفتوحة .. أقسم للمرة الثانية أنني مارأيت أشد منها سواداً ..

كيف أتتني الجرأة ! وكيف أوصلتني بخطواتي إلى حافة القبر ؟!
بل كيف سأنزل في هذهـ الحفرة الضيقة ؟!
وأي شيء ينتظرني داخلها ؟

فكرت بالاكتفاء بالوقوف أو ان أُكفِّر عن قسمي .. ولكن لا .. لن أصل إلى هنا ثم أقف .. يجب أن أكمل

لن انزل إلى القبر مباشرة .. بل سأجلس خارجه قليلا حتى تأنس نفسي ..
ما أشد ظلمتهـ .. وما أشد ضيقهـ ..

كيف لهذهـ الحفرة الصفيرة أن تكون حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنة ؟ سبحان الله

يبدو أن الجو قد ازداد برودة .. أم هي قشعريرة في جسدي من هول هذا المنظر ؟!

هل هذا صوت الريح ؟! ليست ريحا .. لا أرى ذرة غبار في الهواء !! هل هي وسوسهـ أخرى ؟!!

استعذت بالله من الشيطان الرجيم .. أنزلت شماغي ووضعتهـ على الارض ثم جلست وقد ضممت ركبتي أمام صدري أتأمل هذا المشهد العجيب ..
إنهـ المكان الذي لامفر منهـ أبدا ..

سبحان الله نسعى لكي نحصل على كل شيء .. وهذهـ هي النهاية : لاشيء ...

كم تنازعنا في هذهـ الدنيا .. اغتبنا .. تركنا الصلاة .. آثرنا الغناء على القرآن ..
والكارثة أننا نعلم أن هذا مصيرنا .. وقد حذرنا الله منهـ ورغم ذلكـ نتجاهل .!

أشحت بوجهي ناحية القبور وناديت بصوت خافت وكاني أخشى أن يرد عليَّ أحد :

يا أهل القبور .. مالكم ؟ أين أصواتكم ؟ أين أبناؤكم عنكم اليوم ؟
أين أموالكم ؟ أين وأين .. كيف هو الحساب ؟

أخبروني عن ضمة القبر ..!
أخبروني عن منكر ونكير .. أخبروني عن حالكم مع الدود !

سبحان الله .. نستاء إذا قدَّم لنا أهلنا طعاما باردا أو لايوافق شهيتنا .. واليوم .. نحن الطعام ..

لابد من النزول إلى القبر .. قمت وتوكلت على الله أنزلت رجلي اليمنى ثم الاخرى , افترشت شماغي وانطرحت على ظهري ووضعت رأسي وانا أفكر .. ماذا لو انهال عليَّ التراب فجأة ؟!

ماذا لو ضُم القبر عليَّ مرة واحدة ؟!

أغلقت عينيَّ حتى تهدأ ضربات قلبي .. حتى تخف هذهـ الرجفة في جسدي ..

ما أشدهـ من موقف وانا حي , فكيف سيكون وأنا ميت ؟

فكرت أن انظر الى اللحد .. هو بجانبي والله لا أعلم شيئا أشد ظلمة منهـ ..

ياللعجب !! رغم أنني في حفرة مغلقة إلا أنني أشعر بتيار من الهواء البارد يتسلل اليّ !!

كم هي قارسة برودة الخوف !
خفت أن انظر اليهـ فأرى عينان تلمعان في الظلام وتنظران إليَّ بقسوة .. أو أن أرى وجها شاحبا لرجل تكسوهـ علامات الموت ناظرا إلى الاعلى متجاهلني تماما ..

حينها قررت أن لا انظر إلى اللحد .. ليس بي من الشجاعة ان أخاطر وأرى أيَّا من هذهـ المناظر رغم علمي ان اللحد خال .. ولكن تكفي هذهـ المخاوف حتى أمتنع تماما عن النظر إليهـ ..

تذكرت قول رسول الله صلى الله عليهـ وسلم : (( لااله إلا الله .. إن للموت لسكرات ))

تخيلت جسدي عند نزول الموت يرتجف بقوة وأنا أرفع يدي محاولا إرجاع روحي ..
تخيلت صراخ أهلي عاليا من حولي : أين الطبيب ؟! أين الطبيب ؟!

( فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين )

تخيلت الاصحاب يحملونني ويقولون : لاالهـ الا الله .. تخيلتهم يمشون بي سريعا إلى القبر .. وتخيلت أحب أصدقائي إليَّ وهو يُسارع لأن يكون أول من ينزل إلى القبر ..تخيلتهـ يضع يديهـ تحت رأسي ويطالبهم بالرفق حتى لا أقع .. يصرخ فيهم : جهزوا الطوب ..

وتخيلت أحمد .. يجري ممسكا ابريقا من الماء يناولهم إياهـ بعدما حثوا عليَّ التراب ..
تخيلت الكل يرش الماء على قبري ..

تخيلت شيخنا يصيح فيهم : ادعوا لأخيكم فإنهـ الآن يسأل .. ادعوا لأخيكم فإنهـ الآن يُسأل ..

ثم رحلوا وتركوني فردا وحيدا ..

تذكرت قول الله تعالى : (( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم )) نعم صدق الله . . تركت زوجتي .. فارقت أبنائي .. تخليت عن مال أو هو تخلى عني ..

تخيلت كأن ملائكة العذاب حين رأوا النعش قادما ظهروا بأصوات مفزعة .. وأشكال مخيفة .. ينادي بعضهم بعضا :
أهو العبد العاصي ؟
فيقول الاخر : نعم .
فيقال : أمشيع متروكـ أم محمول ليس لهـ مفر ؟
فيجيبهـ الاخر : بل محمول إلينا ليس لهـ مفر .

فيُنادى : هلموا إليهـ حتى يعلم أن الله عزيز ذو انتقام .

رأيتهم يمسكون بكتفي ويهزونني بعنف قائلين : ماغركـ بربكـ الكريم ؟

ماغركـ بربكـ الكريم حتى تنام عن الفريضة ..

مالذي خدعكـ حتى عصيت الواحد القهار ؟

أهي الدنيا ؟ أما كنت تعلم انها دار فناء ؟ وقد فنيت !
أهي الشهوات ؟ أما تعلم أنها الى زوال ؟ وقد زالت !
أم هو الشيطان ؟ أما علمت أنهـ لكـ عدو مبين ؟

أمثلكـ يعصي الجبار .. والرعد يسبح بحمدهـ والملائكة من خيفتهـ ..؟!

لانجاة لكـ منا اليوم .. اصرخ ليس لصراخكـ مجيب (http://www.aghnam.com.sa/vb/tags.php?tag=%E3%CC%ED%C8) ..

فجلست أصرخ : رب ارجعون .. رب ارجعون

وكأني بصوت يهز الفضاء ويزلزل المقبرة يملأني يئسا ويقول :

( كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )

بكيت ماشاء الله أن أبكي ..

ثم قلت : الحمد لله رب العالمين .. مازال هناكـ وقت للتوبهـ ..

استغفر الله العظيم وأتوب اليهـ ..

قمت مكسورا .. وقد عرفت قدري .. وبان لي ضعفي ..

أخذت شماغي وأزلت ماعلق بهـ من تراب القبر وعدت وأنا أردد قول جبريل للحبيب صلى الله عليهـ وسلم :

( عش ماشئت فإنكـ ميت , وأحبب من شئت فإنكـ مفارقهـ , وأعمل ماشئت فإنكـ مجزى بهـ )

وفي نهاية هذهـ القصة الخياليهـ لكن أعلم أن هناكـ ثلاث أسئله أعرفها وأعرف أيجابتها
فهل أنا مجيب ام متلعثم
من ربكـ ؟؟
من نبيكـ ؟؟
مادينكـ ؟؟




اتمنى ان تكون في هذهـ القصهـ عظة وعبرهـ لقلوب كثيرهـ غفلت كثيرا وتمادت في المعاصي ..








المصدر: منـتـديات أغـــنـام (http://www.aghnam.com.sa/vb) - من قسم: الــمــنــتـــــدى الـــعـــــــــــام (http://www.aghnam.com.sa/vb/forumdisplay.php?f=23)


ig Hkh l[df hl ljguel