المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة امرأة ... ؟!



سيف الله المسلول
21-03-2007, 09:44 PM
جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يوماَ في المسجد .. وأصحابه حوله .. جلس كالقمر وسط النجوم في ظلام الليل .. يُعلّمهم .. يُؤدبهم .. يزكيهم .. اكتمل المجلس بكبار الصحابة .. وسادات الأنصار.. وبالأولياء .. والعلماء ..


وإذا بامرأة متحجبة تدخل باب المسجد .. فسكت عليه الصلاة والسلام ، وسكت أصحابه .. وأقبَلَت رُويداً .. تمشي وجلاً وخشية .. رمت بكل مقاييس البشر وموازينهم .. تناست العار والفضيحة .. لم تخشى الناس .. أو عيون الناس .. وماذا يقول الناس ..

أقبلت تطلب الموت .... نعم تطلب الموت .. فالموت يهون إن كان معه المغفرة والصفح .. يهون إن كان بعده الرضا والقبول .. حتى وصلت إليه عليه الصلاة والسلام .. ثم وقفت أمامه .. وأخبرته أنها زنت !! وقالت : ( يا رسول الله أصبت حدًا فطهرني ) ..


ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! هل استشهد عليها الصحابة ؟! هل قال لهم : اشهدوا عليها ؟ لا ، احمرّ وجهه حتى كاد يقطر دماً .. ثم حوّل وجهه إلى الميمنة .. وسكت كأنه لم يسمع شيئاً ..


حاول الرسول صلى الله عليه وسلم أن ترجع المرأة عن كلامها .. ولكنها امرأة مجيدة .. امرأة بارّة .. امرأة رسخ الإيمان في قلبها وفي جسمها .. حتى جرى في كل ذرة من ذرات هذا الجسد .. فقالت واسمع ماذا قالت .. قالت : أُراك يا رسول الله تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك .. فوا الله إني حبلى من الزنا .! فقال : ( اذهبي حتى تضعيه ) .


ويمر الشهر تلو الشهر .. والآلام تلد الآلام .. حملت طفلها تسعة أشهر .. ثم وضعته .. وفي أول يوم أتت به وقد لفَّته في خرقة .. وقالت : يا رسول الله .. طهرني من الزنا .. ها أنا ذا وضعته فطهرني يا رسول الله .. فنظر إلى طفلها .. وقلبه يتفطر عليه ألمًا وحزنًا .. لأنه كان يعيش الرحمة للعصاة ، والرحمة للطيور، والرحمة للحيوان ..

قال بعض أهل العلم : بل هو صلى الله عليه وسلم رحمة حتى للكافر ، قال الله : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .. من يُرضع الطفل إذا قتلها ؟! من يقوم بشئونه إذا أقام عليها الحد ؟ فقال : ارجعي وأرضعيه فإذا فَطَمْتيه فعودي إليّ .. فذهبت إلى بيت أهلها .. فأرضعت طفلها .. وما يزداد الإيمان في قلبها إلا رسوًّا كرسوِّ الجبال ..


وتدور السنة تعقبها سنة .. وتأتي به في يده خبزا يأكلها .. يا رسول الله قد فطمته فطهرني .. عجبًا لها ولحالها ! أي إيمانٍ هذا الذي تحمله .. ما هذا الإصرار والعزم .. ثلاث سنين تزيد أو تنقص .. والأيام تتعاقب .. والشهور تتوالى .. وفي كل لحظة لها مع الألم قصة .. وفي عالم المواجع رواية ..


ثم أتت بالطفل بعد أن فطمته ، وفي يده كسرة خبز .. وذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قالت : طهرني يا رسول الله .. فأخذ – صلى الله عليه وسلم – طفلها وكأنه سلَّ قلبها من بين جنبيها .. لكنه أمْر الله .. العدالة السماوية .. الحق الذي تستقيم به الحياة ..


قال عليه الصلاة والسلام : " من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين ".. ويؤمر بها فتدفن إلى صدرها ثم ترجم .. فيطيش دم من رأسها على خالد بن الوليد .. فسبَّها على مسمع من النبي صلى الله عليه وسلم , فقال عليه الصلاة والسلام : مهلا يا خالد " والله لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لَقُبِلت منه " ..

وفي رواية أن النبي – صلى الله عليه وسلم – " أمر بها فَرُجمت ، ثم صلّى عليها ، فقال له عمر - رضي الله عنه - : تُصلي عليها يا نبي الله وقد زنت ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لقد تابت توبة ، لو قُسّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسِعَتْهُم ، وهل وجدتَ توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى" !


إنه الخوف من الله .. إنها الخشية لم تزل بتلك المؤمنة حين وقعت في حبائل الشيطان .. واستجابت له في لحظة ضعف .. نعم أذنبت .. ولكنها قامت من ذنبها بقلبٍ يملأه الإيمان .. ونفسٍ لسعتها حرارة المعصية .. نعم أذنبت .. ولكن قام في قلبها مقام التعظيم لمن عصت .. إنها التوبة يا عبدَ الله .. نعم إنها التوبة يا عبدَ الله ..


أيها الأخوة في الله .. لقد جعل الله في التوبة ملاذاً مكيناً .. وملجأً حصيناً .. يلجئ إليه المذنب معترفا بذنبه مؤملاً في رب .. نادماً على فعله .. غير مصرٍ على خطيئته .. يحتمي بحِمى الاستغفار.. يتبع السيئة الحسنة .. فيكفر الله عنه سيئاته .. ويرفع من درجاته ..


التوبة الصادقة يا عبد الله .. تمحو الخطيئات مهما عظمت حتى الكفر والشرك قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ .. فتح ربكم أبوابه لكل التائبين .. يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار .. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل .. يخاطبنا في التنزيل فيقول " قُلْ يا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) .. ويقول : ( وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً ) ..

وفي الحديث القدسي .. " يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم " ومن ظن أن ذنباً لا يتسع لعفو الله فقد ظن بربه ظن السوء . فلا اله إلا الله ما عظمها من نداءات .. وما أوسعها من رحمة .. وما أجلَّه من ربٍ غفورٍ رحيم ..
جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: " إذا أذنب عبد فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفر لي فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنبا آخر فذكر مثل الأول مرتين أخريين حتى قال في الرابعة: فليعمل ما شاء " .. يعني مادام على هذه الحال كلما أذنب ذنباً استغفر منه غير مُصر ..


وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : أحدنا يذنب ، قال : " يكتب عليه ". قال : ثم يستغفر منه قال : " يغفر له ويتاب عليه ". قال : فيعود فيذنب . قال : يكتب عليه ". قال : ثم يستغفر منه ويتوب. قال : " يغفر له ويثاب عليه. ولا يمل الله حتى تملوا " أخرجه الحاكم في مستدركه

" آلا بذكر الله تطمئن القلوب " من أراد الحياة الطيبة السعيدة فعليه بالإيمان بالله والعمل الصالح .. " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " !


وأما من أعرض عن الله وحارب ربه بالمعاصي .. فلا ينتظر إلا الهمَّ والنكد .. والقلق والتمزق .. والحيرة والفزع .. " ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا " فمع المعصية يصبح المال عذاب .. والولد فتنة .. والجاه مصيبة ..

قال بعضهم : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍ فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب " .. فهل آن للعبد أن يرجع إلى ربه ويغتنم جوده وكرمه .. وحلمه ورحمته .. فليلجأ إلى مولاه .. ويستغفره من كل ذنب .. ويتوب إليه من كل سيئة ؟


يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل ِ
ويرى نياط عروقها في مخِّهـا والمخَّ في تلك العظام النحَّلِ


ويرى مسار الدم في أعضائها متنقلا من مفصلٍ إلى مفصلِ
اغفر لعـــبد تاب من زلاته ما كان منه في الزمان الأولِ


ومن أراد طيب العيش .. وسعادة الحياة وراحة البال .. وقرار النفس وحسن العاقبة .. فعليه بالاستغفار .. فكل كربة تفرج بالاستغفار .. وكل هم يزول بالاستغفار .. وكل حزن يذهب بالاستغفار .. والله أعلم وصلى الله على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه ..

منقول

TαlαL
22-03-2007, 07:56 AM
سيف جزاك الله الف خير وبارك الله فيك

وسلمت على النقل الرائع

أهلاوي أصيل
22-03-2007, 10:08 AM
سيف الله المسلول : يعطيك العافية وجزاك الله كل خير

أين نحن من أولئك الناس الذين وقر الإيمان في قلوبهم وأصبح كالجبال الرواسي

تقبل تحياتي

خــــالـــــد
22-03-2007, 10:30 AM
سيف الله المسلول
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21450&d=1150313192
الله يعطيك العافية أخوي

وتسلم على هذا الطرح

بارك الله فيك
http://www.sfsaleh.com/vb/attachment.php?attachmentid=21451&d=1150313192

ناصر الراشد
22-03-2007, 12:41 PM
لا اله الا الله

الله واكبر

اخي سيف الله

جزااك الله خير على نقل القصه الاكثر من رااائعه

ونسال الله ان يغفر لنا ذنوبنا ويتقبل تويتنا

(*)~سدوومة~(*)
22-03-2007, 01:44 PM
اين نجد مثل هذه المراه في زمننا هذا

يزني الانسان وكانه لم يرتكب اثما ولا خطيئه ... وكأن الزني امر عادي

وينقل عبر القنوات ولا حسيب ولارقيب نسال الله السلامة والعافيه

جزاك الله خير وماقصرت ...

سيف الله المسلول
22-03-2007, 08:48 PM
الله يجزاكم الجنه