المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسائل وأحكام الردّة والمرتدّين من كلام الشيخ الطاهر بن عاشور والعلامة الخضر حسين



أهــل الحـديث
17-11-2013, 12:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسمِ الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد .
فهذه نتف من كلام الشيخين : محمد الطاهر بن عاشور و محمد الخضر حسين رحمهما الله حول مسائل وأحكام الردّة والمرتدّين , نقلتها من باب إحياء تراث علماء الزيتونة والذي يزعم بنو علمان أنه يوافق أهواءهم الضالة وأفكارهم المنحرفة وفيه ردّ أيضا على دعاة الانهزاميّة أو الاعتدلال المزعوم والذين حرّفوا دين الله عز وجلّ إرضاء لليهود والنصارى وسائر الملل الكفرية.

1- تعريف الردّة :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور : "الردّة لقبٌ شرعيٌ على الخروج من دين الإسلام وإن لم يكن في هذا الخروج رجوع إلى دين كان عليه هذا الخارج " (1)

2- أمثلة لبعض موجبات الردّة :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور : "مثل السجود للصنم ، والتردد إلى الكنائس بحالة أصحاب دينها . وألحقوا بذلك إنكار ما علم بالضرورة مجيء الرسول به ، أي ما كان العلم به ضرورياً " (2)

وقال : "من كان من المسلمين متّبعاً للبَهائية أو البابية فهو خارج عن الإِسلام مرتدّ عن دينه تجري عليه أحكام المرتدّ . ولا يرث مسلماً ويرثه جماعة المسلمين ولا ينفعهم قولهم : إنا مسلمون ولا نطقهم بكلمة الشهادة لأنهم يثبتون الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ولكنهم قالوا بمجيء رسول من بعده . ونحن كفَّرنا الغُرابية من الشيعة لقولهم : بأن جبريل أرسل إلى علي ولكنه شُبّه له محمد بعليّ " (3)

وقال محمد المختار بن محمود المدرس بجامع الزيتونة بعد ذكره لصورة التجنيس وأنه يشتمل على التقاضي لدى غير قضاة الشرع : "حكم الله في المُتَجنّس هو أنه مرتدّ يعامل معاملة المرتدين" (4)

3- حكم المرتد في الإسلام :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسير قوله تعالى " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر..." :
" وقد أشار العطف في قوله : فيمت بالفاء المفيدة للتعقيب إلى أن الموت يعقب الارتداد وقد علم كل أحد أن معظم المرتدين لا تحضر آجالهم عقب الارتداد فيعلم السامع حينئذٍ أن المرتد يعاقب بالموت عقوبة شرعية ، فتكون الآية بها دليلاً على وجوب قتل المرتد " (5)

وقال الشيخ الخضر حسين : "شدّد الإسلام العقوبةَ على من ارتد عن الدين بعد أن لبس هديه القويم فأمر بدعوته إلى الإنابة والتوبة فإن رجع وإلا ضُربَ بالسيف على عنقه" (6)


4- استتابة المرتد :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور : "اختلف في ذلك علماء الأمة فقال الجمهور يستتاب المرتد ثلاثة أيام ويسجن لذلك فإن تاب قبلت توبته وإن لم يتب قُتل كافراً وهذا قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وبه قال مالك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه سواء كان رجلاً أو امرأة ، وقال أبو حنيفة في الرجل مثلَ قولهم ، ولم ير قتل المرتدة بل قال تسترق ، وقال أصحابه تحبس حتى تُسلم ، وقال أبو موسى الأشعري ومعاذ بن جبل وطاووس وعبيد الله بن عمرو وعبد العزيز بن الماجشون والشافعي يقتل المرتد ولا يستتاب ، وقيل يستتاب شهراً ." (7)

5- المرتدّ بالزندقة :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور : "شدد مالك وأبو حنيفة في المرتد بالزندقة أي إظهار الإسلام وإبطان الكفر فقالا : يقتل ولا تقبل توبته إذا أُخذ قبل أن يأتي تائباً " (8)

6- هل ترجع الأعمال التي عملها المرتدّ قبل الارتداد بعد توبته ؟

قال الشيخ الطاهر بن عاشور : " اختلف العلماء في المرتد عن الإسلام إذا تاب من ردته ورجع إلى الإسلام ، فعند مالك وأبي حنيفة أن من ارتد من المسلمين ثم عاد إلى الإسلام وتاب لم ترجع إليه أعماله التي عملها قبل الارتداد فإن كان عليه نذور أو أيمان لم يكن عليه شيء منها بعد عودته إلى الإسلام ، وإن كان حج قبل أن يرتد ثم عاد إلى الإسلام استأنف الحج ولا يؤخذ بما كان عليه زمن الارتداد إلاّ ما لو فعله في الكفر أخذ به وقال الشافعي إذا عاد المرتد إلى الإسلام عادت إليه أعماله كلها ما له وما عليه " (9)

7- لماذا أجبر المرتد ّ على البقاء في الإسلام ؟

قال الشيخ الخضر حسين : " جبر المرتد على البـقاء في الإسلام حذرا من تفرق الوحدة واختلال النظام، فلو خلي السبيل للذين ينبذون الدين جهرة ونحن لا نعلم مقدار من يرد الله أن يضله؛ نخشى من انحلال الجامعة وضعف الحامية، وأهل الردة وإن أصبحوا كاليد الشــلاء لا تعمل في الجامعة خيرا لا يخلو بقاؤهم في شمل المسلمين، وهم في صورة أعضاء صحيحة من إرهاب يلقيـه كثرة السواد في قلوب المحاربين. ثم إن لكل أمة سرائر من حيث الدولة، لا ينبغي لها أن تطلع عليها غير أوليائها، ومن كان متلبسا بصفة الإسلام شأنه الخبرة بأحوال المسلمين والمعرفة بدواخلهم، فإذا خلع ربقة الدين وقد كان بطانة لأهله يلقون إليهم سرائرهم اتخذه المحاربون أكبر مساعد وأطول يد يمدونها لنيل أغراضـهم من المؤمنين. هذا تأثير أهل الردة على الإسلام من جهة الدولة والسياسة. وأما تأثيرهم عليه من جهة كونه دينا قيما فإن المرتد يحمله المقلدون من المخالفين على معرفته بحال الدين والخبرة بحقيقته تفصيلا فيتلقون منه كل ما ينســبه إليـه من خرافات وضيعة أو عقائد سخيفة يختلقها عليه بقصد إطفاء نوره وتنفير القلوب منه، ولما كان عثرة في سبيل انتشار الدين وجبت إماطته كما يماطى الأذى عن الطريق. وفي جعل عقوبة المرتد إباحة دمه زاجر للأمم الأخرى عن الدخول في الدين مشايعة للدولة ونفاقا لأهله وباعث لهم على التثبت في أمرهم، فلا يتقلدونه إلا على بصيرة وسلطان مبين" (10)

8- حكمة تشريع قتل المرتد :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور : " وحكمة تشريع قتل المرتد مع أن الكافر بالأصالة لا يقتل أن الارتداد خروج فرد أو جماعة من الجامعة الإسلامية فهو بخروجه من الإسلام بعد الدخول فيه ينادي على أنه لما خالط هذا الدينَ وجدَه غير صالح ووجد ما كان عليه قبلَ ذلك أصلحَ فهذا تعريض بالدين واستخفاف به ، وفيه أيضاً تمهيد طريق لمن يريد أن ينسل من هذا الدين وذلك يفضي إلى انحلال الجامعة ، فلو لم يُجعل لذلك زاجر ما انزجر الناس ولا نجد شيئاً زاجراً مثل توقع الموت ، فلذلك جُعل الموت هو العقوبة للمرتد حتى لا يدخل أحد في الدين إلاّ على بصيرة ، وحتى لا يخرج منه أحد بعد الدخول فيه" (11)

9- الرد على شبهة معارضة تشريع قتل المرتد لقول الله تعالى "لا إكراه في الدين" :

قال الشيخ الطاهر بن عاشور : " وليس هذا - قتل المرتد -من الإكراه في الدين المنفي بقوله تعالى : " لا إكراه في الدين " على القول بأنها غير منسوخة ، لأن الإكراه في الدين هو إكراه الناس على الخروج من أديانهم والدخول في الإسلام وأما هذا فهو من الإكراه على البقاء في الإسلام ." (12)

10- أقسام طوائف المرتدّين :

قال الشيخ الخضر حسين : "إذا جئت تبحث عن حال من ارتدوا بعد الإسلام لا تجد سوى طائفتين : منهم من عانق الدين منافقا فإذا قضى وطره أو انقطع أمله انقلب على وجهه خاسرا وبعضهم ربى في حجور المسلمين ولكنّه لم يدرس حقائق الدين ولم يتلق عقائده ببراهين تربط على قلبه ليكون من الموقنين فمتى سنحت له شبهة من الباطل زلزلت عقيدته وأصبح في ريبة متردّدا " (13)

هذا وصلّى على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
--------------------------
(1) التحرير والتنوير ج2 ص332
(2) التحرير والتنوير ج2 ص336
(3) التحرير والتنوير ج22 ص46-47
(4) المجلّة الزيتونية ج1 م10 ص490
(5) التحرير والتنوير ج2 ص335
(6) الحرية في الإسلام ص65
(7) التحرير والتنوير ج2 ص335
(8) التحرير والتنوير ج2 ص336
(9) التحرير والتنوير ج2 ص332
(10) الحريّة في الإسلام ص65-66
(11) التحرير والتنويرج2 ص335
(12) التحرير والتنويرج2 ص33-336
(13) الحريّة في الإسلام ص66