المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هي حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا؟؟؟



أهــل الحـديث
16-11-2013, 07:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الفصل الأول :حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا :

النبي صلى الله عليه وسلم له حقوق علينا سوف نتناولها في المباحث التالية :

المبحث الأول: تصديقه عليه الصلاة والسلام والإيمان به واتباع سنته وطاعته :

وهذا هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله ، وقد أمر الله عباده بطاعة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ)الأنفال 20.

إتباع الرسول شرط لمحبة الله :

فقد أمر الله عباده المؤمنين باتباعه صلى الله عليه وسلم والاقتداء بسنته ، وجعل ذلك شرط محبته عز وجل ودليلها ، فقال تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)آل عمران31.

نفي الإيمان عمن لم يقبل بحكمه ويسلم لقضائه ويرضى بأمره صلى الله عليه وسلم:

فلا يتحقق إيمان أحد حتى يقبل حكمه ويسلم لقضائه ويرضى بأمره قال تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)النساء65.\


وطاعة الرسول سبب للهداية ولدخول الجنة :

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صصصقال: (كلُّأمتييدخلونالجنةَإلام� �أبى . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنةَ ، ومن عصاني فقد أبى)صحيح البخاري.
وقال تعالى :( فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)الأعراف158.

عدم التصديق بالله ورسوله ومخالفة أمره صلى الله عليه وسلم سبب للعذاب:

حذر الله من مخالفته والخروج عن أمره صلى الله عليه وسلم فقال: (فلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)النور63.
وقال تعالى( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )النساء115.
وقال تعالى (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا )الفتح 13.
وهناك موضوع هام لابد أن نخوض فيه نظرا لأهميته وقيام الكثيرين بالتحقير من السنة ومن منزلتها في التشريع الإسلامي وحتى ظهرت فرقة ضالة تلقب نفسها بالقرآنين وهؤلاء لا يأخذون إلا بالقرآن ويردون السنة ، فالقرآن عندهم هو المصدر الوحيد للتشريع الإسلامي ، وهذا الموضوع هو حجية السنة.

حجية السنة :

للسنة النبوية مكانة عظيمة في التشريع الإسلامي ، فهي الأصل الثاني بعد القرآن الكريم ، والتطبيق العملي لما جاء فيه ، وهي الكاشفة لغوامضه ، المجلية لمعانيه ، الشارحة لألفاظه ومبانيه ، وإذا كان القرآن قد وضع القواعد والأسس العامة للتشريع والأحكام ، فإن السنة قد عنيت بتفصيل هذه القواعد ، وبيان تلك الأسس ، وتفريع الجزئيات على الكليات ، ولذا فإنه لا يمكن للدين أن يكتمل ولا للشريعة أن تتم إلا بأخذ السنة جنباً إلى جنب مع القرآن ، وقد جاءت الآيات المتكاثرة والأحاديث المتواترة آمرة بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والاحتجاج بسنته والعمل بها ، إضافة إلى ما ورد من إجماع الأمة وأقوال الأئمة في إثبات حجيتها ووجوب الأخذ بها.
كما أن السنة وحي كما أن القرآن وحي قال تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)النجم3 – 4.


أولا :أدلة الكتاب :

دلت آيات القرآن الكريم على حجية السنة ، ووجوب متابعة النبي صلى الله عليه وسلم و وجوب طاعته ، والتحذير من مخالفته وتبديل سنته ، وأن طاعته طاعة لله ، ومن ذلك ما يلي :
1- قوله سبحانه (يـا أيـها الذين آمـنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم)محمد: 33.
2- وقوله تعالى:(من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً (النساء: 80 .
3- وقوله:(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب (الحشر: 7 .

أدلة السنة:

وأما السنة فقد ورد فيها ما يفوق الحصر ، ويدل دلالة قاطعة على حجية السنة ولزوم العمل بها ، ومن ذلك ما يلي :

1) الأحاديث التي يبين فيها صلى الله عليه وسلم بأنه قد أوحي إليه القرآن وغيره ، وأن ما بينه وشرعه من الأحكام فإنما هو بتشريع الله تعالى له ، وأن العمل بالسنة عمل بالقرآن ، وأن طاعته طاعة لله ، ومعصيته معصية لله جل وعلا :
× فعن المقداد بن معد يكرب الكندي أن رسول الله صصصقال(ألاإنيأوتيتالكتابو� �ثلهمعه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه.....) أبي داودصححه الألباني.
والمقصود أن هذا الرجل يريد الأخذ بالقرآن فقط دون السنة ولا شك أن في هذا ضلال مبين .

× وعن أبي موسى الأشعري أن رسول اللهصصصقال (إنمامثليومثلُمابعثنيالله� �به، كمثلِ رجلٍ أتى قومًا فقال : يا قوم إني رأيتُ الجيشَ بعيني ، وإني أنا النذيرُ العريانُ ، فالنجاءَ ، فأطاعه طائفةٌ من قومِه فأدْلجوا ، فانطلقوا على مهلِهم فنجوا ، وكذَّبّتْ طائفةٌ منهم فأصبحوا مكانَهم ، فصبَّحهمُ الجيشُ فأهلكهم واجتاحهم ، فذلك مثل من أطاعني فاتَّبعَ ما جئتُ به ، ومثل من عصاني وكذب بما جئتُ به من الحقِّ)صحيح الخاري.
النذيرُ العريانُ : الذي ينذر قومه ويخوفهم الله ولا يكتم عنه سرا.
فأدْلجوا:فساروا من أول الليل.
ومعنى الحديث: أن مثل رسول الله ومثل ما جاء به من السنة كمثل رجل أتى قوما فقال يا قوم إني رأيت الجيش بعيني أي جيش الأعداء يريد أن يغير عليكم وأنا أنذركم ولا أكتم عنكم سرا ، فالنجاة من الجيش ، فأطاعه طائفة من قومه فساروا من أول الليل وساروا على مهل فرارا من الجيش فنجوا ، وكذبته طائفة منهم فبقوا مكانهم فأتى الجيش في الصباح فأهلكهم واجتاح مكانهم ، فمن أطاع الرسول فهو الناجي كما نجا هؤلاء القوم الذين أطاعوا هذا الرجل ، ومن كذب الرسول هلك كما هلك هؤلاء القوم الذي اجتاحهم الجيش .
× وعنأبي هريرة أن رسول الله صصصقال(منأطاعَنيفقدأطاعَا� �لهَ، ومن عصانِي فقد عصَى اللهَ .....)صحح البخاري.
× و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صصصقال: (كلُّأمتييدخلونالجنةَإلام� �أبى . قالوا : يا رسولَ اللهِ ، ومن يأبى ؟ قال : من أطاعني دخل الجنةَ ، ومن عصاني فقد أبى)صحيح البخاري.
2) الأحاديث التي يأمر فيها عليه الصلاة والسلام بالتمسك بسنته وأخذ الشعائر والمناسك عنه ومن ذلك ما يلي:
× فعن أبي هريرة أن رسول اللهصصصقال (تركتُفيكمشيئَينِ، لن تضِلوا بعدهما : كتابَ اللهِ ، و سُنَّتي ، و لن يتفرَّقا حتى يَرِدا عليَّ الحوضَ)صححه الألباني.
× فعن حجر بن حجر أن رسول الله صصصقال (فعليكمبسنتيوسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها ، وعَضّوا عليها بالنواجذِ) أبي داود وصححه الألباني.
× فعن مالك بن الحويرث أن رسول الله صصصقال )وصلواكمارأيتمونيأصلي)صحيح البخاري،
× وعن جابر بن عبدالله أن رسول اللهصصصقال(خذوا عني مناسككم)صححه الألباني.

المبحث الثاني :محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

محبة رسول الله تابعة لمحبة الله تعالى ولازمة لها وتليها في المرتبة: فيجب محبة الرسول أكثر من أي شيئ آخر مما سوى الله ، ومحبة الرسول تابعة لمحبة الله ولازمة لها لأنها هي محبة في الله ولأجله تزيد بزيادة محبة الله في قلب المؤمن وتنقص بنقصها ، فعن أنس بن مالك أن رسول اللهصصصقال(لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ)صحيح البخاري.
ويجب أن يكون الرسول أحب إلي المرء من نفسه : فعن عبدالله بن هشام (كنَّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وهو آخُذٌ بيدِ عمرَ بنِ الخطابِ ، فقال له عمرُ : يا رسولَ اللهِ ، لأَنْتَ أحبُّ إليَّ مِن كلِّ شيءٍ إلا مِن نفسي ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: لا ، والذي نفسي بيدِه ، حتى أكونَ أحبَّ إليك مِن نفسِك. فقال له عمرُ : فإنه الآن ، واللهِ ، لأَنتَ أحبُّ إليَّ مِن نفسي ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمرُ )صحيح البخاري.
فمحبة الرسول واجبة ومقدمة على محبة كل شيئ سوى محبة الله ، ومحبته تقتضي ما يلي:
1- تعظيمه وتوقيره صلى الله عليه وسلم .
2- إتباعه صلى الله عليه .
3- تقديم قوله على كل أحد من الخلق.
4- تعظيم سنته.
ما هو السبب في محبة رسول الله ؟
رسول الله صصصهو الذي دعا إلى الله وعرَّف به وبلغ شريعته وبين أحكامه فما حصل للمؤمنين من خير في الدنيا والآخرة فعلى يد رسول الله .

محبة الرسول سبب لحلاوة الإيمان وسبب لدخول الجنة :

فعن أنس بن مالك أن رسول الله صصصقال (ثلاثٌمَنكُنَّفيهِوجَد حلاوَةَ الإيمانِ : أن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سِواهما ، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلا للهِ ، وأن يَكرهَ أن يَعودَ في الكُفرِ كما يَكرهُ أن يُقْذَفَ في النارِ)صحيح البخاري.
وعن أنس بن مالك (أن رجلًا سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الساعةِ ، فقال : متى الساعةُ ؟ قال : ( وماذا أعْدَدْتَ لها ؟ ) . قال : لا شيء ، إلا أني أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال : (أنتمعمَنأحْبَبْتَ) . قال أنسٌ : فما فرِحْنا بشَيْءٍ فرَحَنا بقولِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (أنتمعمَنأحْبَبْتَ)صحيح البخاري.

ما هي علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم؟

لمحبته صلى الله عليه وسلم علامات منها ما يلي :
1- الاقتداء به وإيثار شرعه وتقديمه على أهواء النفس .
2- ذكره بالصلاة عليه كما شرع .
3- محبة أصحابه وأهل بيته وما يحبه صلى الله عليه وسلم.

المبحث الثالث : تعزيره وتوقيره وتعظيم أمره صلى الله عليه وسلم:

فقد قال تعالى:( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)الفتح 8- 9.
و عن عمرو بن العاص قال: (وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل فيعينيمنه . وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له)صحيح مسلم.
وخير تعظيم لرسول الله تعظيم سنته وهديه عليه الصلاة والسلام وتعظيم أمره ونهيه وعدم تقديم رأي أحد مهما كان على رأيه ، لا كما يفعل كثير من الناس اليوم فتقول لهم : قال الرسول ..... فيقولون لك: إن الشيخ الفلاني يقول كذا أو الأستاذ فلان يقول كذا أو أخبار اليوم تقول كذا.
وقد أنكر ابن عباس على قوم يقول لهم: قال الله ، وقال الرسول ، فيقولون: قال أبو بكر وعمر، وحذرهم من أن يحل عليهم عذاب من الله.
وكذلك ما يفعله كثير من العوام وغيرهم ممن ينتسبون إلى الدعوة من السخرية بسنته عليه الصلاة والسلام وممن يحرص عليها في ملبسه وهيئته ومختلف أموره فيسخرون منهم ، بل ذلك من أمور الكفر التي اتصف بها المنافقون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم .

ومن توقيره صلى الله عليه وسلم وتعزيره : الذب عن عرضه إذا تعرض له سفيه وبذل لأجل ذلك الغالي والنفيس:

وهذا مقتضى محبته صلى الله عليه وسلم وتعظيم شأنه وقدره ، وهو واجب على كل مسلم ، ولايتصور أن يوجد مسلم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم بحق وصدق ثم لايهب لنصرته والذب عن عرضه الشريف.
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يبذلون مهجهم وأرواحهم دون الشوكة تصيب قدمه الشريفة صلى الله عليه وسلم فكيف بما فوق ذلك وأعظم؟

ولكن ما المقصود بالتعزير والتوقير؟

يقولُ شيخُ الإسلامِ بن تيمية :(التعزيرُ: هو اسمٌ جامعٌ لنصرهِ وتأييدهِ ومَنْعُهُ منْ كُلِّ ما يؤذِيهِ ، والتوقيرُ : اسمٌ جامعٌ لكُلِّ مافيهِ سكينةٌ وطمأنينةٌ منْ الإجلالِ والإكرامِ ، وأنْ يُعاملَ منَ التَّشريفِ والتَّكريمِ والتَّعظيمِ بِما يَصونهُ عنْ كُلِّ ما يُخْرِجُهُ عنْ حَدِّ الوقارِ ).
ولا يجوز الإستهزاء برسول الله بأي نوع من الإستهزاء ، قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً )الأحزاب57 .
وقال تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )التوبة : 61 .

تعظيم الرسول لا يعنى الغلو في حقه والإطراء في مدحه :

إن تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعني الغلو في حقه والإطراء في مدحه .
والمقصود بالغلو: تجاوز الحد في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، بمجاوزة الحد في قدره وذلك بأن يرفع عن مرتبة العبودية والرسالة ويجعل له شيء من خصائص الإلهية بأن يدعى ويستغاث به من دون الله ويحلف به .
والإطراء : هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإطراء في مدحه ، وقد حذَّر النبيُّ من الغلو في مدحه عليه الصلاة والسلام ، فقال(لا تُطروني كما أَطْرَتِ النصارى عيسَى ابنَ مريمَ ، فإنَّما أنا عبدُه ولكن قولوا : عبدُه ورسولُه) صحيح البخاري.
وإذا كان هذا في حقه صصصفغيره من البشر أولى أن لا يزاد في مدحهم ، فمن زاد في مدحه صصص أو في مدح غيره من البشر فقد عصى الله تعالى.

سب الرسول يتنافى مع تعظيمه وتوقيره ، فما هو حكم من سب الرسول؟

أجمع العلماء على أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين فهو كافر مرتد يجب قتله .
وهذا الإجماع قد حكاه غير واحد من أهل العلم كالإمام إسحاق بن راهويه وابن المنذر والقاضي عياض والخطابي وغيرهم .
وأدلة ذلك ما يلي :
1- قال تعالى( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة 64 : 66 .
فهذه الآية نص في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر ، فالسب بطريق الأولى ، وقد دلت الآية أيضاً على أن من تنقص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفر ، جاداً أو هازلاً .
2- وعن عبدالله بن عباس (أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتقع فيه فينهاها فلا تنتهي ويزجرها فلا تنزجر . قال : فلما كانت ذات ليلة ، جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتشتمه أخذ المغول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها ، فوقع بين رجليها طفل فلطخت ما هناك بالدم . فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فجمع الناس فقال أنشد الله رجلا فعل ما فعل ، لي عليه حق ، إلا قام . فقام الأعمى يتخطى الناس ، وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! أنا صاحبها ، كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي ، وأزجرها فلا تنزجر ، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين ، وكانت بي رفيقة ، فلما كانت البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك ، فأخذت المغول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألااشهدوا : أندمهاهدر)أبي داود وصححه الألباني
المِغْوَلُ : سَوْطٌ أَو عصًا في باطنه سِنانٌ دقيقٌ .
فهذا الرجل الأعمى كانت له أم ولد ، وأم الولد تكون جارية أنجب منه فتصير أم ولدا وهذه تختلف عن باقى الإماء حيث تصبح حره بموت سيدها ، وهذه المرأة أنجبت لهذا الرجل ابنان وكانت رفقية به ولكنها كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم فوضع الأعمى المغول في بطنها وأتكأ عليها حتى ماتت ، وعندما أصبح الناس في الصباح ذكروا ذلك لرسول الله فأخبرهم الرسول أن لو لي حق على من فعل ذلك فيقوم ، فقام الأعمى وأخبر ما كان من أمرها ، فأشهد النبي من حضر أن دمها هدر ، والظاهر من هذه المرأة أنها كانت كافرة ولم تكن مسلمة ، فإن المسلمة لا يمكن أن تقدم على هذا الأمر الشنيع . ولأنها لو كانت مسلمة لكانت مرتدةً بذلك ، وحينئذٍ لا يجوز لسيدها أن يمسكها ويكتفي بمجرد نهيها عن ذلك .

إذا تاب من سب النبي صلى الله عليه وسلم فهل تقبل توبته أم لا ؟

× اتفق العلماء على أنه إذا تاب توبة نصوحا ، وندم على ما فعل ، أن هذه التوبة تنفعه يوم القيامة ، فيغفر الله تعالى له.
× واختلفوا في قبول توبته في الدنيا ، وسقوط القتل عنه .
فذهب مالك وأحمد إلى أنها لا تقبل ، فيقتل ولو تاب .
واستدلوا على ذلك بالسنة والنظر الصحيح :
أولا : السنة :
فعَنْ سَعْدٍ بن أبي وقاص قَالَ :( لمَّا كانَ يومُ فَتحِ مَكَّةَ أمَّنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ النَّاسَ إلَّا أربعَةَ نفَرٍ وامرأتَينِ وسمَّاهُم وابنُ أبي سَرحٍ فذَكرَ الحديثَ قالَ وأمَّا ابنُ أبي سَرحٍ فإنَّهُ اختَبأ عندَ عثمانَ بنِ عفَّانَ فلمَّا دعا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ النَّاسَ إلى البَيعةِ جاءَ بِه حتَّى أوقفَه علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ يا نَبيَّ اللَّهِ بايِع عبدَ اللَّهِفرفعَرأسَهفنظرَإلي هِثلاثًاكلُّ ذلِك يَأبَى فبايعَه بعدَ ثلاثٍ ثمَّ أقبلَ علَى أصحابِه فقالَ أما كانَ فيكُم رجلٌ رشيدٌ يقومُ إلى هذا حَيثُ رآني كفَفتُ يَدي عن بيعتِهِ فيقتلُهُ فقالوا ما نَدري يا رسولَ اللَّهِ ما في نَفسِكَ ألا أومأتَ إلَينا بعينِكَ قالَ إنَّهُ لا ينبَغي لنبيٍّ أن تَكونَ لَه خائنةُ الأعينِ )أبي داود وصححه الألباني.
وهذا نص في أن مثل هذا المرتد الطاعن لا يجب قبول توبته ، بل يجوز قتله وإن جاء تائبا .
وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح من كتبة الوحي فارتد وزعم أنه يزيد في الوحي ما يشاء ، وهذا كذب وافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو من أنواع السب ، ثم أسلم وحسن إسلامه ، فرضي الله عنه .
ثانيا : النظر الصحيح :
فقالوا : إن سب النبي صلى الله عليه وسلم يتعلق به حقان ؛ حق لله ، وحق لآدمي .
فأما حق الله فظاهر : وهو القدح في رسالته وكتابه ودينه .
وأما حق الآدمي فظاهر أيضا: فإنه أدخل المَعَرَّة على النبي صلى الله عليه وسلم بهذا السب ، وأناله بذلك غضاضة وعاراً .
والعقوبة إذا تعلق بها حق الله وحق الآدمي لم تسقط بالتوبة ، كعقوبة قاطع الطريق ، فإنه إذا قَتَل تحتم قتله وصلبه ، ثم لو تاب قبل القدرة عليه سقط حق الله من تحتم القتل والصلب ، ولم يسقط حق الآدمي من القصاص ، فكذلك هنا ، إذا تاب الساب فقد سقط بتوبته حق الله تعالى ، وبقي حق الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسقط بالتوبة .
فإن قيل : ألا يمكن أن نعفو عنه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عفا في حياته عن كثير ممن سبوه ولم يقتلهم ؟
فالجواب :
كان النبي صلى الله عليه وسلم تارة يختار العفو عمن سبه ، وربما أمر بقتله إذا رأى المصلحة في ذلك ، والآن قد تَعَذَّر عفوُه بموته ، فبقي قتل الساب حقاًّ محضاً لله ولرسوله وللمؤمنين لم يعف عنه مستحقه ، فيجب إقامته .
وخلاصة القول :
أن سب النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المحرمات ، وهو كفر وردة عن الإسلام بإجماع العلماء ، سواء فعل ذلك جاداًّ أم هازلاً ، وأن فاعله يقتل ولو تاب ، مسلما كان أم كافراً ، ثم إن كان قد تاب توبة نصوحاً ، وندم على ما فعل ، فإن هذه التوبة تنفعه يوم القيامة ، فيغفر الله له .

المبحث الرابع :الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

لقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)الأحزاب56.
والصلاة من الله ثناؤه على أنبيائه ، والصلاة من الملائكة الاستغفار، ومن الناس الدعاء والتعظيم والتكريم.

فائدة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

1- أنها سبب في غفران الذنوب وتفريج الهموم :
عن أبي بن كعب (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا ذَهَبَ ثُلُثا اللَّيلِ قامَ فقالَ : يا أيُّها النَّاسُ اذكُروا اللَّهَ اذكُروا اللَّهَ جاءتِ الرَّاجفةُ تتبعُها الرَّادفةُ جاءَ الموتُ بما فيهِ جاءَ الموتُ بما فيهِ ، قالَ أُبيٌّ : قلتُ : يا رسولَ اللَّهِ إنِّي أُكْثِرُ الصَّلاةَ علَيكَ فَكَم أجعلُ لَكَ مِن صلاتي ؟ فقالَ : ما شِئتَ قالَ : قلتُ : الرُّبُعَ ، قالَ : ما شئتَ فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ ، قُلتُ : النِّصفَ ، قالَ : ما شِئتَ ، فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ ، قالَ : قلتُ : فالثُّلُثَيْنِ ، قالَ : ما شِئتَ ، فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ ، قلتُ : أجعلُلَكَصلاتيكلَّها قالَ : إذًا تُكْفَى هَمَّكَ ، ويُغفرَ لَكَ ذنبُكَ)الترمذي وصححه الألباني.
فَكَم أجعلُ لَكَ مِن صلاتي: فكم أجعل لك من دعائي.
أجعلُلَكَصلاتيكلَّها: المقصود أن يجعل وقت دعائه كله صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أنها سبب في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم :
فعن عبدالله بن مسعود أن رسول الله قال (أولىالناسبييومالقيامةأكث� �هم علي صلاة)حسنه الألباني.
3- أنها سبب في إجابة الدعاء :
فعن فضالة بن عبيد (سمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يَدعو في صلاتِهِ لم يُمجِّدِ اللَّهَ تعالى ولم يُصلِّ علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَعجِلَهذاثمَّ دعاهُ فقالَ لَهُ أو لغيرِهِ إذا صلَّى أحدُكُم فليَبدَأ بتَمجيدِ ربِّهِ جلَّ وعزَّ والثَّناءِ علَيهِ ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ يَدعو بَعدُ بما شاءَ)أبي داود وصححه الألباني.
والصلاة عليه من أعظم الذكر وتستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة في المواضع التالية:
1- إذا ورد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم :
فعن الحسين بن علي بن أبي طالب أن رسول الله صصصقال :(البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي)صححه الألباني.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صصصقال (رغِمَأَنفُرجلٍ ذُكِرتُ عندَهُ فلم يصلِّ عليَّ ، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخلَ علَيهِ رمضانُ ثمَّ انسلخَ قبلَ أن يُغفَرَ لَهُ ، ورغمَ أنفُ رجلٍ أدرَكَ عندَهُ أبواهُ الكبرَ فلم يُدْخِلاهُ الجنَّةَ)الترمذي وصححه الألباني.
رغم أنف : أي ذُلَ ، والمعنى أن الرسول قد دعا على من ذكر عنده ولم يصلي عليه بالذلة والصغار.
2- الصلاة عليه في المجالس :
فعن أبي هريرة أن رسول اللهصصصقال (ماجَلَسقومٌمجلسًالم يذكروا اللهَ فيه ولم يُصلُّوا على نبيِّهم إلَّا كان عليهم تِرةٌ فإن شاءَ عذَّبَهم وإن شاءَ غفَر لهم)الترمذي وصححه الألباني.
3- الصلاة عليه عند سماع المؤذن :
فعن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صصصقال(إذا سمعتُمُ المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ . ثمَّ صلُّوا عليَّ . فإنَّهُمَنصلَّىعليَّصلاةً صلَّى اللَّهُ عليه بِها عشْرًا . ثمَّ سلوا اللَّهَ ليَ الوسيلَةَ . فإنَّها منزِلةٌ في الجنَّةِ لا تنبغي إلَّا لعبدٍ من عبادِ اللَّهِ . وأرجو أن أكونَ أنا هو . فمن سأل ليَ الوسيلةَ حلَّتْ لهُ الشَّفَاعةُ)صحيح مسلم.
4- الصلاة عليه عند دخول المسجد والخروج منه:
فعن فاطمة بنت رسول اللهصصص(كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا دخلَ المسجِدَ يقولُ بِسمِ اللَّهِ والسَّلامُ علَى رسولِ اللَّهِاللَّهُمَّاغفِرليذ ُنوبيوافتَحلي أبوابَرحمتِكَوإذا خرجَ قالَ بسمِ اللَّهِ والسَّلامُ على رسولِ اللَّهِ اللَّهمَّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبوابَ فضلِك)بن ماجة وصححه الألباني.
5- الصلاة عليه في التشهد الأخير:
وهو ركن من أركان الصلاة أو واجب طبقا للرأي الراجح ، وأما الصلاة عليه في التشهد الأول فهي مستحبة.
6- الصلاة عليه في صلاة الجنائز بعد التكبيرة الثانية.
7- قبل الدعاء:
وذلك لحديث فضالة بن عبيد المتقدم.
8- عند ختم الدعاء:
وذلك لقول عمر بن الخطاب: (إنالدعاءَموقوفٌبينَالسما� �ِوالأرضِ ،لا يَصْعَدُ منه شيءٌ حتى تُصَلِّيَ على نبيِّك صلى الله عليه وسلم )الترمذي وحسنه الألباني.
9- يوم الجمعة يستحب فيه الإكثار من الصلاة عليه:
فعن شداد بن أوس أن رسول الله صصصقال (إنَّمنأفضلِأيَّامِكميومَ� �لجمعةِ، فيهِ خلقَ آدمُ ، وفيهِ النَّفخةُ ، وفيهِ الصَّعقةُ ، فأَكثروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ ، فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ , فقالَ رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ، كيفَ تعرضُ صلاتنا عليْكَ وقد أرمتَ ؟ يعني بليتَ ، فقالَ : إنَّ اللَّهَ قد حرَّمَ على الأرضِ أن تأْكلَ أجسادَ الأنبياء)بن ماجة وصححه الألباني.




من كتاب السراج المنير في شرح العقيدة الإسلامية





لتحميل الكتاب أدخل على الرابط التالي - في الملتقى - المرفقات أسفل الموضوع




http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807)