المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فأن مع العسر يسرا



عميد اتحادي
16-11-2013, 05:30 AM
*قال تعالى : " فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا "

المتأمل في هاتين اﻵ****يتين يعي حقيقة آﻻ****هية عظيمة وسنة من سنن الله في عباده أﻻ**** وهي أن مع العسر ﻻ****بد أن ياتي اليسر بلطف وخفاء يؤكد لنا معنى اسم الخالق اللطيف الذي يوصل عباده ﻷ****قدارهم بلطف عجيب ﻻ****تدركه العقول .
وقد قال تعالى :"إن مع العسر يسرا " ولم يقل بعد العسر يسرا تأكيدًا على أن العسر ﻻ****بدَّ أن يجاوره يسر , فالعسر ﻻ**** يخلو من يسر يصاحبه ويﻼ****زمه ...
و كل الحادثات وان تناهت فموصول بها فرج قريـــب .

ولكي نفهم هتين اﻵ****يتين لنتأمل قول ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا فهو يقول : " لو كان العسر في حجر لتبعه اليسر حتى يدخل فيه فيخرجه ولن يغلب عسر يسرين " فتعريف العسر في اﻵ****يتين دﻻ****لة على أنه عسر واحد بينما تنكير اليسر في اﻵ****يتين دﻻ****لة على تكراره, فكل عسر مهما بلغ من الصعوبة مابلغ فإن آخره التيسير المﻼ****زم له ,وتأكيد ذلك قوله تعالى:" سيجعل الله بعد عسر يسرا "

ففي بطن العسر إﻻ**** وهناك يسر كثير وهذا وعد الله وسنته في عباده, وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : " أن الفرج مع الكرب " وكلما اشتدت اﻷ****زمة كلما كان ذلك إيذانًأ بانقضاءها وزوالها, وأشد أوقات الليل حلكة هو ما يسبق طلوع الفجر , وما بعد الضيق إﻻ**** الفرج ...
و كما أنه ﻻ**** يعرف انشراح الصدر إﻻ**** من ركبه الهم والضيق فكذلك ﻻ**** يعرف الفرج إﻻ**** من ناله الكرب ,فبضدها تتبين اﻷ****شياء, ومهما أحلولكت دون العبد الخطوب فﻼ**** بد أن يتلو الظﻼ****م نهار يبدد عتمته..
والله ما لك غير الله
و قال الشافعي:
وما من شدة إﻻ**** سيأتي من بعد شدتها رخــــاء
وقال آخر :
دع المقادير تجري في أعنتها وﻻ**** تبيتن إﻻ**** خالي البــــــال
ما بين غفوة عين وانتباهتهــا يغير الله من حال إلى حـال

و معرفة هذا اﻷ****مر تجعل العبد ﻻ**** تستغرقه لحظات العسر بل ينتظر اليسر القريب من الله ,
واليسر الموعود في اﻵ****ية هو نتيجة حتمية ﻻ****بد منها إﻻ**** أنها نتيجة مشروطة ﻻ****بد لها من مقدمات تستجلبها وهي كالتالي:

اﻹ****يمان ويﻼ****زمه العمل الصالح والتقوى:قال الله تعالى: " من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "

وفي المقابل قال تعالى :" ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا"
كما قال تعالى: (فأما من أعطى وأتّقى. وصدق بالحسنى. فسنيسره لليسرى)كما قال، (ومن يتق اللّه يجعل له مخرجاً)، (ومن يتق اللّه نجعل له من أمره يُسراً).
الصبر :
فبعد تكرار حقيقة أن اليسر رديف العسر جاء اﻷ****مر بالصﻼ****ة إذ هي من اسباب استجﻼ****ب الصبر , والذي هو بدوره القنطرة التي ﻻ****بد أن يعبر عليها العبد للوصول إلى اليسر ,و غالبا ما يربط الله بين الصبر والصﻼ****ة كمتﻼ****زمتين , قال تعالى :" واستعينوا بالصبر والصﻼ****ة " و الصبر زاد إﻻ**** وينتهي أما الصﻼ****ة فهي زاد العبد الذي ﻻ**** ينقطع .
الدعاء :
ومن أعظم اﻷ****دعية في إذهاب الهمّ والغم واﻹ****تيان بعده بالفرج : الدعاء العظيم المشهور الذي حثّ النبي صلى الله عليه وسلم كلّ من سمعه أن يتعلّمه ويحفظه :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَ أَحَداً قَطُّ هَمٌّ وَﻻ**** حَزَنٌ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجِﻼ****ءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِﻻ**** أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجا قَالَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَﻻ**** نَتَعَلَّمُهَا فَقَالَ بَلَى يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا رواه اﻹ****مام أحمد في المسند 1/391 وصححه اﻷ****لباني في السلسلة الصحيحة رقم 198
وقد كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال : (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) الترمذي.
دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَﻼ**** تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ﻻ**** إِلَهَ إِﻻ**** أَنْتَ.. رواه أبوداود

اﻻ****ستغفار :
كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم :" من لزم اﻻ****ستغفار
جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم مخرجاً ورزقه من حيث ﻻ**** يحتسب " سنن ابي داود وابن ماجه .
التوكل على الله عز وجل وتفويض اﻷ****مر إليه :
قال تعالى " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " أي كافيه جميع ما يهمه من أمر دينه ودنياه .
فالمتوكل على الله قوي القلب ﻻ**** تؤثر فيه اﻷ****وهام ، وﻻ**** تزعجه الحوادث لعلمه أن ذلك من ضعف النفس ومن الخور والخوف الذي ﻻ**** حقيقة له ، ويعلم مع ذلك أن الله قد تكفل لمن توكل عليه بالكفاية التامة، فيثق بالله ويطمئن لوعده ، فيزول همه وقلقه ، ويتبدل عسره يسرا ، وترحه فرحا، وخوفه أمنا فنسأله تعالى العافية وأن يتفضل علينا بقوة القلب وثباته بالتوكل الكامل الذي تكفل الله ﻷ****هله بكل خير، ودفع كل مكروه وضير. " الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ,ابن سعدي

فاللكرب نهاية مهما طال أمره ، وأن الظلمة لتحمل في أحشائها الفجر المنتظر .
وقال تعالى: (وﻻ**** تيأسوا من روح الله إنه ﻻ**** ييأس من روح الله إﻻ**** القوم الكافرون).*