المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مفهوم التسامح الديني حقيقته , والرد عليه



أهــل الحـديث
15-11-2013, 09:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مفهوم التسامح الديني حقيقته , والرد عليه


مقتطفات من المقالة /

1- إن كل جريمة ترتكبها كل مجموعة دينية أو عرقية أو ثورية في أنحاء العالم , لا تنسب في لغة الإعلام الغربي , إلى الدين الذي تنتمي إليه تلك المجموعة , أو حتى الفرد إلا حين تصدر عن مسلمين , فيقال رأساً ( الإرهاب الإسلامي ) أو ( الإرهابيون المسلمون ) , ولا يقال لجرائم الصرب الفظيعة في البوسنة وكوسوفا ( إرهاب أرثذوكسي ) , ولا لعمليات الألوية الحمراء في إيطاليا ( إرهاب كاثوليكي ) , ولا لتفجيرات الجيش السري الإيرلندي ( إرهاب بروتستانتي ) , ولا لإعمال القمع التي يمارسها الجيش اليهودي يومياً ( إرهاب يهودي ) , بل ولا يُقال لمجازر الهنود القوميين , وهدمهم لمساجد المسلمين ( إرهاب هندوسي ) , ولا لعمليات الجيش الأحمر الياباني ( إرهاب بوذي ) . كما لا توصف حملات التشويه والتشهير الإعلامي ضد الإسلام في الغرب بالتطرف وعدم التسامح .


2- إن تحسين صورة الإسلام في أذهان الغربيين , والناس أجمعين , وإبراز محاسن الإسلام , لا يكون إلا بالتمسك به , والتأدب بآدابه , والدعوة إليه , ولا يكون ابداً بإنتقاصه , واجترائه , والتخلي عن شيء منه قرباناً إلى الكافرين , ومولاة لهم دون المؤمنين .



الحمدالله رب العالمين وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد :


مقدمة /

إن المسلم عندما يكون بعيداً عن التأصيل العلمي أو التمسك بإصول علمية يعود إليها , فإنه بمثابة المبنى الذي لا أصول له يتساقط عند كل عارض يعرض عليه , ولهذا عندما أتت المفاهيم الغربية كالتسامح الديني وتاريخية النص ونسبية الحقيقة والتيسير الديني انقسم الناس إلى قسمين , قسم تسلح بالكتاب والسنة وعرض هذه المفاهيم فرد عليها بعدل وإنصاف , وبل ورفض بعضها كنسبية الحقيقة وتاريخية النص
وقسم أخذ هذه المفاهيم وجعل غايته اثباتها من القرآن , ولم البحث حقيقتها هدفاً له , بل أراد أن يثبتها فقط , ولهذا عندما بحث في القرآن وجد ما يدعم حجته حول أي مفهوم منها فطار فرحاً ورقص طرباً بهذا الإنتصار وذهب ليجاهد بأدلته التي وجدها , وهذا قد وقع في الفتنة كما قال تعالى ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم )
على الرواية الثانية في الوقف على الآية
فهو قد قرأ القرآن وفي قلبه زيغ فأستل من القرآن ما يدعم هذا الزيغ , ولهذا عندما يجد دليل في القرآن يناقض ما ذهب إليه فإنه يذهب إلى تأويل هذا الدليل أو تحريف معناه أو البحث عن معنى له من كتب العجم الذين فسروا القرآن على غير لغة قريش , أو الذهاب إلى أن هذا الدليل من العهد المدني أو إلى أنه من العهد المكي أو لابد من إعادة قراءته قراءة جديدة موافقة للنص , وفي نفس الوقت تجد الدليل الذي يعرج عليه في قضية مفاهيم التقارب مع الغرب دليلاً تم تفسيره على منهج أهل السنة والجماعة ويرفض أن تفسر الأدلة التي تناقض أدلته على نفس المنهج , ولم يعلم أن القرآن لا يناقض بعضه بعضاً , وأن ما كان ظاهره التعارض مع أدلة أخرى فإنه يُحمل على علل قررها أهل العلم مثل الناسخ والمنسوخ والمقيد والمطلق والمجمل والمفصل .
والقرآن كتاب حفظه الله من التحريف اللفظي والمعنوي ولن يدخله التحريف ابداً مهما حاول اعداؤه , حتى يرفعه الله إليه في آخر الزمان , كما ورد ذلك في الأدلة في باب أشراط الساعة
هناك قضية هي نقطة بحث بين المسلمين الذين يختلطون كثيراً مع العجم وهي قضية التسامح الديني , وهذه القضية ما كانت تبحث لولا الله ثم قوة العدو وضعف المسلمين فالمسلم سابقاً , كان مصدر العلم والحضارة والتحضر , وكان العجم يتقربون إليه بل ويتنازلون عن بعض معتقداتهم وأصولهم في أديانهم لكي يتقاربوا معه , والآن انقلبت الآية فكانت هناك شرذمة تحاول أن تتنازل عن أصول الدين الإسلامي والمسلمات , لإجل التقارب والتسامح ويستدل بدليل من القرآن ويرمي بباقي الأدلة القرآنية أو السنية لإجل أنه وجد دليل يدعم حجته ويرفض كل دليل يناقض الرأي الذي وصل إليه , قال تعالى ( افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض ) فآمن ببعضه لهواه وكفر ببعضه لهواه .

قضية التسامح الديني عند الإتجاه العقلاني /

إن كان للنصارى عذر في الدعوة إلى هذه الفكرة العلمانية التي تخلصهم من تسلط رجال الدين ( المحرف ) وطغيانهم , فما عذر بعض أبناء المسلمين عندما يتهافتون لترويج هذه الفكرة العلمانية التي تعارض أحكام الإسلام خاتم الأديان الذي تكفل الله بحفظه , وجعله صالحاً مصلحاً لأتباعه إلى يوم الدين ؟ ! .
يقول الأستاذ فهمي هويدي ( إن ديار المسلمين ينبغي أن تظل ملكاً للمسلمين وغير المسلمين , بغير تسلط ولا أفضلية من أحد على أحد , لأنه لا فضل لإنسان على إنسان إلا بتقواه وعمله الصالح )
قلتُ: أنظر إلى تحريف معنى قوله تعالى ( إن اكرمكم عند الله اتقاكم ) هذا في فضل المسلم على المسلم في التقوى , فهل يقول عاقل أن المشرك التقي أفضل من المسلم الفاجر
شتان بين الأمرين !
ويقول ايضاً : ( لابد من الإعتراف بأن هناك إحياءً دينياً على الجانبين – الإسلامي والمسيحي – في مصر الأمر الذي كان ينبغي أن يُقابل بما يستحقه من حفاوة مصحوبة بجهود جادة وحثيثة لإستثمار ذلك الإحياء , لكي يصبح قاعدة لنهضة إيمانية تستهدف إشاعة المودة والتراحم بين الناس , وعمارة الدنيا مع عمارة الآخرة )
ويقول الدكتور حسن الترابي في أثناء حديثه عن مصطلح أهل الذمة : ( ورغم إدراكي ما لهذا المصطلح من واقع سلبي , فإن فهمنا له هو ما يدفعنا إلى الليبرالية والتسامح ) وقصد بالتسامح هنا التعددية الفكرية والسياسية والإجتماعية .
ويدعو الدكتور أحمد كمال أبو المجد إلى المساواة الكاملة بين المسلمين وغير المسلمين حيث يقول في رؤيته التي أيدها أصحابه ( إن الموقف الإسلامي الصحيح من الأقليات غير المسلمة داخل الأقطار الإسلامية موقف واضح .... وهو موقف يقوم على المحاور الآتية :
اولاً : المساواة الكاملة بين المسلمين وغير المسلمين ... )
وتمد فكرة التسامح رواقها عند أبي المجد لينادي بضرورة مراجعة أحكام أهل الذمة , حيث يقول : ( إن فكرة أهل الذمة تحتاج إلى إعادة وتأمل ومراجعة من جانب الأطراف جميعاً , فالذمة ليست مواطنة من الدرجة الثانية .. )
ويطول كلامهم في قضية التسامح فمنهم من يجيز تولية غير المسلمين المناصب الرئاسية وغيرهم يرى أن المواطنة هي الأصل في هذه القضية , وغيره يقول وبكل خنوغ وخضوع بعيداً عن عزة الإسلام والإعتزاز به ( هذا الحل يرفع عن كاهل المشرع المسلم المعاصر كثيراً من الحرج الدولي والسياسي والاجتماعي )
الرد عليهم :
يقول الدكتور احمد القاضي حفظه الله إجابة على هذه الدعوة , حيث قال : ( إن مفهوم التسامح الذي يتكئ عليه دعاة التجديد مفهوم فضفاض يتضمن حقاً وباطلاً , يحتم ضرورة الإستفصال على المدلول المراد :
1- فإن أريد بالتسامح : العفو والصفح في المعاملة , بالتنازل عن بعض الحقوق الشخصية مالية أو معنوية , أو ما يحيله الشرع الإسلامي إلى اجتهاد ولاة أمور المسلمين في معاملة الحربيين من المنّ أو الفداء , حسب ما تقتضيه السياسية الشرعية أو منع الذميين والمعاهدين والمستأمنين في المجتمع الإسلامي حقوقاً مدنية , وإذناً في البقاء على دينهم وعباداتهم , من غير إكراه لهم على اعتناق الإسلام , فهو حق جاء به الإسلام , وحفل به تاريخه , وفاق به جميع الأنظمة القديمة والحديثة , وقد شهد له بذلك الأعداء , فهو بهذا المدلول فضيلة خلقية , ومنهج نبيل في العلاقات الدولية , والتنظيم الإجتماعي , لا يثلم عقيدة , ولا يهدر كرامة , ولا يضيع حقاً .
2- وإن كان التسامح يعني المداهنة , وإعطاء الدنية في الدين , وتسوية المسلمين بالمجرمين , وإدانة سبيل السابقين الأولين من المؤمنين , وإباحة جناب المجتمع المسلم لجحافل المنصرين والملحدين لإشاعة الفاحشة الفكرية والخليقة في الذين آمنوا بإسم ( الحرية الدينية ) و ( التعددية الثقافية ) , و( التنوع الحضاري ) وما شابهها في زخرف القول , بحجة تحسين صورة الإسلام والمسلمين في أذهان الغربيين , فما هذا بتسامح , بل خنوع واستجداء , ونزع للباس التقوى )

كلمة أخيرة /

يتضح من هنا أن دعوة التسامح التي ينادي بها الإتجاه العقلاني , دعوة تدعو إلى الخنوع والإستجداء , بينما تجد الغرب لا يكف إعلامه ليل نهار , عن أذى المسلمين والسخرية بأهله , إن كل جريمة ترتكبها كل مجموعة دينية أو عرقية أو ثورية في أنحاء العالم , لا تنسب في لغة الإعلام الغربي إلى الدين الذي تنتمي إليه تلك المجموعة , أو حتى الفرد إلا حين تصدر عن مسلمين , فيقال رأساً ( الإرهاب الإسلامي ) أو ( الإرهابيون المسلمون ) , ولا يقال لجرائم الصرب الفظيعة في البوسنة وكوسوفا ( إرهاب أرثذوكسي ) ولا لعمليات الألوية الحمراء في إيطاليا ( إرهاب كاثوليكي ) , ولا لتفجيرات الجيش السري الإيرلندي ( إرهاب بروتستانتي ) ولا لإعمال القمع التي يمارسها الجيش اليهودي يومياً ( إرهاب يهودي ) , بل ولا يُقال لمجازر الهنود القوميين , وهدمهم لمساجد المسلمين ( إرهاب هندوسي ) , ولا لعمليات الجيش الأحمر الياباني ( إرهاب بوذي ) . كما لا توصف حملات التشويه والتشهير الإعلامي ضد الإسلام في الغرب بالتطرف وعدم التسامح

إن تحسين صورة الإسلام في أذهان الغربيين , والناس أجمعين , وإبراز محاسن الإسلام , لا يكون إلا بالتمسك به , والتأدب بآدابه , والدعوة إليه , ولا يكون ابداً بإنتقاصه , واجترائه , والتخلي عن شيء منه قرباناً إلى الكافرين , ومولاة لهم دون المؤمنين .
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين

منقول بتصرف من كتاب ( تجديد الدين لدى الإتجاه العقلاني الإسلامي المعاصر )
للدكتور أحمد بن محمد اللهيب . . .