المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما المقصود بالإيمان بالكتب وما هي أقسام الناس حيالها؟ وما الفرق بين القرآن والكتب السابقة عليه؟



أهــل الحـديث
10-11-2013, 09:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الكتاب الثالث : الإيمان بالكتب الإلهية:

الباب الأول : المقصود بالإيمان بالكتب والغاية منها :

الإيمان بالكتب الإلهية هو أحد أصول الإيمان وأركانه .
والإيمان بالكتب: هو التصديق الجازم بأنها حق وصدق ، وأنها كلام الله عز وجل فيها الهدى والنور والكفاية لمن أنزلت عليهم .
ونؤمن بما سمى الله منها ومالم يسم منها :
فنؤمن بما سمى الله منها وهي القرآن والتوراة والإنجيل والزبور ، وما لم يسم منها ؛ فإن لله كتبا لا يعلمها إلا هو سبحانه.
الإيمان بالكتب مجمل ومفصل :
1- مجمل :
بالإيمان بالكتب السابقة ، ويكون بالإقرار بها بالقلب واللسان .
2- مفصل:
بالإيمان بالقرآن ؛ فإنه إيمان مفصل ، يكون بالإقرار به بالقلب واللسان ، واتباع ما جاء فيه ، وتحكيمه في كل كبيرة وصغيرة ، والإيمان بأنه كلام الله ، منزل غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود.
وإنزال الكتب من رحمة الله بعباده لحاجة البشرية إليها:
لأن عقل الإنسان محدود ، لا يدرك تفاصيل النفع والضرر، وإن كان يدرك الفرق بين الضار والنافع إجمالاً ، والعقل الإنساني أيضا تغلب عليه الشهوات ، وتلعب به الأغراض والأهواء ، فلو وكلت البشرية إلى عقولها القاصرة ؛ لضلت وتاهت ، فاقتضت حكمة الله ورحمته أن ينزل هذه الكتب على المصطفين من رسله ؛ ليبينوا للناس ما تدل عليه هذه الكتب ، وما تتضمنه من أحكامه العادلة ووصاياه النافعة وأوامره ونواهيه الكفيلة بإصلاح البشرية ، قال تعالى حين أهبط آدم أبا البشرية من الجنة: (فإما يأتينكم مني هدىً فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة 38.
وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)الأعراف35.
الباب الثاني : أقسام الناس حيال الكتب السماوية :
انقسم الناس حيال الكتب السماوية إلى ثلاثة أقسام:
1- قسم كذب بها كلها :
وهم أعداء الرسل من الكفار والمشركين والفلاسفة.
2- قسم آمن بها كلها :
وهم المؤمنون الذين آمنوا بجميع الرسل وما أنزل إليهم ؛ كما قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)البقرة 285 .

3- قسم آمن ببعض الكتب وكفر ببعضها:
وهم اليهود والنصارى ومن سار على نهجهم ، الذين يقولون:(نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ) البقرة91 .
بل هؤلاء يؤمنون ببعض كتابهم ويكفرون ببعضه ؛ كما قال تعالى فيه(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة85 .
ولا شك أن الإيمان ببعض الكتاب أو ببعض الكتب والكفر بالبعض الآخر كفر بالجميع ؛ لأنه لا بد من الإيمان بجميع الكتب السماوية وبجميع الرسل ؛ لأن الإيمان لا بد أن يكون مؤتلفا جامعا ، لا تفريق فيه ولا تبعيض ولا اختلاف ، والله تعالى ذم الذين تفرقوا واختلفوا في الكتاب ؛ كما قال تعالى(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)البقرة176 .
وسبب كُفْر من كفَرَ بالكتب أو كفر ببعضها أو ببعض الكتاب الواحد هو اتباع الهوى والظنون الكاذبة ، وزعمهم أن لهم العقل والرأي والقياس العقلي ، ويسمون أنفسهم بالحكماء والفلاسفة ، ويسخرون من الرسل وأتباعهم ، ويصفونهم بالسفه ؛ كما قال تعالى(فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)غافر83.
الباب الثالث :ما الفرق بين القرآن والكتب السابقة ؟
1- الكتب السابقة كانت لآجال معينة ولأوقات محددة ،أما القرآن الكريم فقد أنزله الله لكل الأجيال من الأمم في كل الأوطان إلى يوم القيامة ، والقرآن ناسخ لكل ما قبله من الكتب.
2- الكتب السابقة وكل حفظها إلى الذين استحفظوا عليها من البشر؛ كما قال تعالى(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ)المائدة44 .
أما القرآن تولى الله حفظه بنفسه ؛ لأن وظيفة هذا الكتاب لا تنتهي إلا بنهاية حياة البشر على الأرض ؛ قال تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)الحجر9.
وقال تعالى:(لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)فصلت42 .
الباب الرابع :الإيمان بالقرآن يستوجب تصديق الخبر وتنفيذ الأمر:
فيجب أن نصدق كل ما جاء به من الأخبار وننفذ كل ما جاء به من الأوامر ، ويجب تحكيم هذا القرآن في جميع الخلافات ، ويجب رد جميع النزاعات إليه ، وقد جعل الله التحاكم إلى غير كتابه تحاكما إلى الطاغوت ؛ قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)النساء60 .
و الطاغوت : من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد.
وقد ذم الله المدَّعين للإيمان بالكتب كلها ، وهم يتركون التحاكم إلى الكتاب والسنة ، ويتحاكمون إلى بعض الطواغيت ، فعن عبدالله بن عمر قال(أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهموما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم )بن ماجة وصححه الألباني.
وفي هذا الحديث من الفوائد الجامة العظيمة ما يلي:
1- أن كثرة الزنا والفاحشة والإعلان بها يؤدي إلى الإصابة بالطاعون وسائر الأمراض الفتاكة التي لم تكون موجودة من قبل .
2- أن نقص المكيال والميزان يؤدي إلى قلة الماء وقلة الزرع والمجاعة وجور السلطان على رعيته .
3- أن منع الزكاة يؤدي إلى منع المطر ولولا البهائم التي لا ذنب لها لا يمطر الناس.
4- أن نقض عهد الله ورسوله بعدم تصديق خبر الله ورسوله وعدم تنفيذ أمر الله ورسوله يؤدي إلى تسليط الله للعدو على المسلمين فيأخذ أموالهم وخيراتهم .
5- أن عدم تحكيم شرع الله كلية أو عدم تحكيمه تحكيم جزئي بتخير ما يطبق حسب الهوى يؤدي إلى أن يكون بأس المسلمين بينهم فيقاتل بعضهم بعضا ويجور بعضهم على بعض .
وعدم التحاكم إلى كتاب الله من أعظم أسباب تغيير الدول ونشوب الفتن والتناحر بين الشعوب :
وذلك لأن الإيمان بالكتاب يوجب التحاكم إليه ، فمن ادعى الإيمان بالكتاب وهو يتحاكم إلى غيره ؛ فهو متناقض في دعواه ، والكتاب لا يتجزأ ؛ فيجب تطبيقه كله ، والعمل به كله ، في كل المجالات ؛ في العقائد ، والعبادات ، والمعاملات ، وفي الأحوال الشخصية ، والجنايات ، والحدود ، وفي الآداب والسلوك ، قال تعالى(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)المائدة44 .
وقال (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)المائدة45 .
وقال (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة 47.
وقال تعالى(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)النساء65 .



من كتاب السراج المنير في شرح العقيدة الإسلامية




لتحميل الكتاب أدخل على الرابط التالي - في الملتقى - المرفقات أسفل الموضوع


http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807)



http://www.ahlalhdeeth.com/vb/images/buttons/quote.gif (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=2012168)