المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أوكرانية وفلسطيني.. زوجان أسيران ووطن واحد!!



Venice
06-03-2007, 05:11 PM
اعجبتني هذه القصه وحبيت انقلها لكم انشاءالله تعجبكم:

غارت البسمات في الثغور، وتبللت العيون بزخات الدموع، انفطرت القلوب حزناً فلذات الأكباد خلف أسوار قاتمة لسنوات من العمر طويلة وحده الله يعلم نهايتها رغم تحديدها من قبل السجان.

الزمان يوم الثامن والعشرين من أيار عام 2002، المكان منطقة تسمى "بات يام" بالقرب من تل الربيع المحتلة، والحدث اعتقال، والأشخاص، هما زوجان اجتمع قلباهما على حب الوطن والمساهمة في تحريره.

أحد الزوجين فلسطيني الأصل والهوية، فهو إبراهيم سراحنة، أما الأخرى فهي إيرينا بلنسيكي أوكرانية الأصل أعلنت إسلامها منذ ارتباطها بإبراهيم وراحت تناضل معه من أجل حرية وطنه الذي أضحى وطناً وملاذاً لها ولطفلتيها "ياسمين وغزالة"، والتفاصيل على لسان الأب أبو يوسف سراحنة الذي ذاب قلبه شوقاً لرؤية محيا أبنائه دون جدار أو شبك يستحيل معه لمس تفاصيل الوجوه واحتضان القلوب لإذابة ألمها ووجعها المضني.

إيرينا بلينسكي "سراحنة" فتاة أوكرانية الأصل في السابعة والعشرين من عمرها كانت في زيارة سياحية لتل الربيع المحتلة جمعتها الصدفة بشاب فلسطيني ظاهره إنسان عادي كغيره من الشباب يحب الحياة، متمرس على التنقل بين البلدات الفلسطينية المحتلة بالداخل المحتل بحثاً عن عمل يؤمن من خلاله قوت أسرته الفقيرة بمخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم، غير أن باطنه كان مناضلاً مغواراً يهوى الوطن ويعشق الحرية.

ارتباط إبراهيم بإيرينا كان نتيجة طبيعية لحالة الاحترام والود التي تبادلاها وقد تكللت بالزواج فما كان من إبراهيم إلا أن خرج إلى عمان ومن ثَّم العروج إلى أوكرنيا لمقابلة والدّي إيرينا وطلبها للزواج وبالفعل تم الزواج وأثمر زواجهما فتاتين هما ياسمين وغزالة، يقول أبو يوسف لنا: "منذ لحظة الارتباط الأولى أعلنت إيرينا إسلامها وراحت تتعلم مفردات اللغة العربية لتتمكن من التواصل معنا وفهم ما نحادثها به، لم أشعر أنها أجنبية غريبة عني فقد استوطنت قلبي بهدوئها ورزانة عقلها وأخلاقها وصارت لي بنتاً وليس زوجة ابن "كنة".. يصمت: "لكنها غابت توارت بعيداً لسنوات لا أعرف متى ستنقضي وهل سأكون ما زلت حياً أم واراني التراب"، نعود به للحدث وتفاصيل الاعتقال والتهم الموجهة لفلذتي كبده إيرينا وإبراهيم، يقول الرجل السبعيني الذي بدا صوته يشدو لحن الألم لحالة الفراق الكبرى التي يحيا تفاصيلها ويكابد آلامها: "صعقت عندما وصلني نبأ اعتقاله وإيرينا وصعقت أكثر عندما علمت أن التهمة الموجهة إليه وزوجته إيرينا هي مساعدة الاستشهاديين"، وأضاف: "المحكمة الصهيونية العليا قضت على ابني إبراهيم بالأسر 6 مؤبدات و45 عاماً آخرين، في حين قضت على إيرينا بالاعتقال لمدة ثلاث سنوات ومن ثم الإبعاد إلى موطنها الأصلي أوكرانيا ولما أنهت مدة اعتقالها في 26/10/2005 رفضت العودة إلى بلدها وأصرت على البقاء في وطنها فلسطين حتى لو خلف قضبان الأسر وناشدت نادي الأسير والمؤسسات الحقوقية أن تعمل على إلغاء قرار الإبعاد وبالفعل ألغي القرار وصدر قرار بالأسر الفعلي لها مدة 20 عاماً ومنذ ذلك الحين وأنا أتناوب على زيارتي وأولادي الثلاثة إبراهيم وموسى وخليل ذوي المؤبدات".


إيرينا..الأم

بكلمات الوفاء الدامغة في القلب والوجدان راح الأب المتلوع شوقاً إلى أبنائه يحدثنا عن تلك الابنة التي استوطنت قلبه بحسن أخلاقها وسلوكها ونقاء قلبها، يقول أبو يوسف: "أحزنني كثيراً اعتقال إيرينا أكثر من حزني على اعتقال أبنائي الثلاثة وبخاصة أن قوات الاحتلال تتفنن في إذاقتهم العذاب والتنكيل بهن دون رحمة أو شفقة"، ويضيف: "تحتل مكانة خاصة في قلبي عن بقية زوجات أبنائي الستة فلم أعهدها يوماً إلا حنونة عطوفة عليّ وعلى زوجتي، كانت تأتيني كل صباح بأطباق الطعام الشهية التي تصنعها، لم تنادني إلا كما يناديني إبراهيم كانت تقول لي أنت أبي وعائلة إبراهيم هي عائلتي فحففتها برعايتي ومحبتي".

وتابع الأب المكلوم: "أبعث لها برسائل شوقي عبر إذاعة أمواج في برنامج خاص للأسرى تسمعها وتفهمها جيداً فهي تتقن العربية حديثاً وفهماً، عندما أذهب إليها في الزيارة تبادرني بابتسامتها وضحكاتها وكلماتها الرقيقية سمعت ما قلت لي أبي وتقول: "إن كلماتي ورسائلي تخفف عنها آلام الاعتقال ولحظات الافتقاد التي تعانيها لزوجها وطفلتيها ياسمين وغزالة"، يصمت قليلاً تتحشرج نبرات صوته ثم يواصل وصف تفاصيل الزيارة: "ما إن تنظر إلى ابنتها حتى تدمع عيناها تحاول أن تتلمس تفاصيل وجهها لكن يعجزها الشبك والزجاج الذي يحجب الرؤية فتبكي وأبكي معها وتعود لتوصيني خيراً بابنتها غزالة بعد أن فارقتها ياسمين إلى أوكرانيا مع والديها، فأؤكد لها أنها جزء من جسدي لا يمكنني أن أنسلخ عنها إلا إذا ووريت التراب، أما أنا فأوصيها بالدعاء الخالص لله أن يفك أسرها وزوجها إبراهيم لتعانق طفلتيها من جديد وتدسهما في أعماق قلبها".

غزالة ذات السنوات الخمس التي لم تحظ باحتضان أمها إلا مرة واحدة لمدة ثلاث دقائق فقط، فراحت تتناوب على زيارة والديها، تحيا على مفترق طرق بين المعتقلين، تود لو يوماً تحظى باجتماع الأب والأم معاً اللذين فرقهما الظلم الصهيوني وقضى بأن تعيش وحيدة مع جدها دون شقيقتها ياسمين التي اصطحبها جداها من جهة الأم إلى أوكرانيا.

إيرينا أحبت الوطن الفلسطيني وفضلت البقاء فيه أسيرة على الخروج منه ذليلة تاركة زوجها يواجه مصيره بالأسر وحده، اطمأنت لقضاء الله فهي تقرأ القرآن وتتدبر آياته.