المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حضارة الإسلام



أهــل الحـديث
09-11-2013, 03:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


حضارة الإسلام
ليس الإسلام في حقيقته وواقعه دينا فحسب ، و لكنه دين ، ومجتمع ، و حضارة ، وهو دسن له القدرات الذاتية ما يمكنه من التبلور و التناسق ، بحيث يظل دائم القوة ، دائم الحيوية ، دائم الشباب ، لا يضعف و لا يجمد ، ولا يتوقف ، ولا يتعارض مع طبائع الأمم و الشعوب في زحفها على درب الحياة .
وهو مجتمع يبني الحياة على أساس من المحبة ، و التعاون ، و المساواة التامة ، من مبادئه المائدة 2
< يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم > الحجرات 12
< لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه > حديث.
و هو حضارة ، ولكنها حضارة إنسانية عالية تعترف بالمادة و لروح معا ، يترتب على هذا الاعتراف صيانة النتائج العقلية ، و تسخيرها في مصلحة الناس ، فكلما تقدمت الإنسانية في مجال العلم و الكشف ، ازداد إيمانها بخالق الكون ، و تضاعف تواضعها لجلاله و برها بمخلوقه .
هذه هي الحضارة الإسلامية في صورتها الكاملة ، تنبع من قلب الإنسان و ضميره ، و من إيمانه و بره و من نزاهته و عدله ، و من صلته بربه ، و خشيته من خالقه .
و الذي نسجله في طمأنينة النفس ، وهدوء العقل ، هو أن الحضارة الإسلامية باعترافها بجسم الإنسان و روحه معا ،
و مطالبتها بالتوازن بلين مطالبهما ، هي الحقة ، التي تستهدف بمبادئها و تعالمها راحة الإنسان و سعادته ، وعزته وكرامته ، و توفر له المناخ الصالح لممارسة حياته بكامل الحرية ، على أساس ما حباه الله من مواهب ، وخصائص ، وميزة هبها عن سائر الحيوانات .
أما الحضارة العصرية المادية ، التي تمهل الجانب الروحي ، وتطرحه من حسابها ، وترى – رؤية علمية – أن الإنسان خلق لخدمة جسده ، وتأسيسه على حساب الروح ، فحضارة غير إنسانية ، لأنها تناقض < فطرة الله التي فطر الناس عليها > الروم 30.
و من هنا كانت هذه الحضارة سببا لشقاء الإنسان و ارتكاسه في حمأة آسنة ، و انحطاطه إلى درك الحيوانية.
إن الحضارة الإسلامية العظيمة ، تقول : إن الإنسان روح و جسد ، و إن الدنيا ستعقبها الآخرة ، و إن الموت بعده بعث ، و إن البعث بعده حساب و جزاء ، ومن هنا حددت غاية الإنسان ، و حدد منهاجه في الحياة ، و اتضحت فيها السبل و المعالم ، فلم يدع الله الناس لنزواتهم و شهواتهم ، و أهوائهم ، يعيشون ذئاب غابة ، ويحيون بالظفر و الناب ، يأكل القوي منهم الضعيف كما هو الوضع في الحضارة العصرية الزائفة .
و ليست هناك أدل على إفلاس هذه الحضارة ، مما وصل إليه الإنسان اليوم ، و هل هناك في عالم الواقع أو عالم الخيال جاهلية أخس و أسوأ من جاهلية هذا العصر ؟.
إن مشكلة العالم اليوم تنحصرفي التنكر للقيم ، و موازين الأخلاق ، و لا يمكن لأي مذهب أو دين أن يصوغ هذه القيم فبجعلها في طبيعة السلوك ، و أن يغرس معنى الخلق فيجعله في طبيعة الخلق ، و واقع السعي غير الإسلام.