المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكبرات الصوت في المساجد



أهــل الحـديث
07-11-2013, 06:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مكبرات الصوت في المساجد

كان الصوت الوحيد الذي يرفع خارج المسجد في زمن النبي، صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين والتابعين لهم بإحسان هو صوت المؤذن. كانوا يختارون صاحب الصوت الحسن، وكانت جُمَلُ الآذان لاتزيد على بضع عشر جملة يمكن للمؤذن أن يكملها بدقيقة واحدة. لم تكن هناك آيات تقرأ، ولا صلوات ترتل مع الأذان، ولاتطويل ولاتلحين ولامقامات ولا مكبرات صوت، ولاتنافس بين المؤذنين.

في زماننا هذا لم يكتف القائمون على المساجد برفع الأذان بمكبرات الصوت، ولكنهم أضافوا كل هذه الصلوات والأدعية وأصبح الأذان طويلاً ومملا. ولم يكتفوا بنقل الأذان، ولكنهم نقلوا الإقامة أيضا، والصلوات الخمس وخطب الجمعة والتراويح والمحاضرات حتى أصبح ذلك مؤذياً لكثير من الناس.

ماذا لو كان هناك شخص مريض يريد أن ينام؟ ماذا لو كان هناك طالب لديه إمتحان ويريد أن يركز؟ ما ذا لو كانت هناك امرأة من ذوات الأعذار تريد أن تنوّم رضيعها؟ ما ذا لو كان الناس لايريدون سماع المواعظ والدروس من شخص بعينه؟ لقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، لايكثر من المواعظ خشية أن يمل أصحابه، وهو المسدد بالوحي والذي يحبه أصحابه أكثر من أنفسهم.

حتى في المسجد الحرام يُبَلّغ المؤذنون خلف الإمام بأعلى أصواتهم وبمكبرات الصوت المنتشرة في كل مكان، ويطيلون جداً حتى أنني كثيرا ما أفقد التركيز في صلاتي. فهل نحن بحاجة إلى تبليغهم؟ لقدكان التبليغ مشروعا حين كان لايسمع صوت الإمام، أما الآن فصوت الإمام يصل إلى كل مكان. ثم هل نحن بحاجة إلى هذا التطويل؟ وإلى هذا الصوت المرتفع مع كل هذه المكبرات التي تصُم الآذان؟ وربنا عز وجل، يقول (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) ويذكر لنا من حِكَمَ لقمان، عليه السلام، قوله: (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير)؟ِ وهي وصية والد حكيم لولد لم يكن يستخدم مكبرات الصوت.

هل هناك من يتأمل محاسن الشريعة بين القائمين على المساجد ويعيد المساجد إلى ما كانت عليه، مكانا للعبادة المخلصة والطمأنينة التامة والسنن الرحيمة والأخلاق الفاضلة والعلم الصحيح المؤسس على الكتاب والسنة، الذي يدخل قلوب السامعين قبل آذانهم؟

لقد وقف إبراهيم، عليه السلام، وحده فوق جبل أبي قبيس قبل أربعة آلاف عام ودعا الناس إلى الحج فأسمع الله صوته، واستجاب الخلق لدعوتة على مر الأزمان. لأنها دعوة حق خرجت من رجل صِدْق فلاتحتاج إلى مكبرات ولا إذاعات ولا فضائيات ولا أحزاب ولا نقابات ولامؤتمرات ولا اعتصامات ولا مظاهرات ولادعايات ولا انتخابات ولا رشاوي ولا هبات. لأنها كلمة طيبة فهي (كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا). وكذلك هي الكلمات النافعة ترفرف بها الأرواح الطيبة إلى حيث يشاء مولاها ولاتتقيد بزمان ولابمكان ولا بإنسان.

(ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)

والله أعلم