المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( الــمُــؤَذنـُـونَ .. وفَـضَائِلـُهـُم )



أهــل الحـديث
05-11-2013, 11:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


هذا بيانٌ في ماللمؤذنين المؤمنين من فضائل ، وما في عملهم العظيم من أجرٍ وثواب ؛ لعل في ذلك ما يُحفزهم للقيام بـ " الأذان " على أكمل وجهٍ ، لا سيما في هذا الزمان الذي كم فيه من مساجدَ تشكو من إهمالِ رفع الأذان فيها كل وقت ! .

( يقول الله تعالى : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ " سورة فُصلت ، آية : 33 " .

يقول عز وجل : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ ﴾ ، أي دعا عباد الله إليه .

﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ ، أي وهو في نفسه مهتدٍ بما يقوله ، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعدٍّ ، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه ، وينهون عن المنكر ويأتونه ، بل يأتمر بالخير ، ويترك الشر ، ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى .

وهذه عامة في كل مَن دَعا إلى خيرٍ وهو في نفسه مُهتدٍ .

ورسول الله ﷺ أولى الناس بذلك كما قال محمد بن سيرين ، والسُّدي ، وعبدالرحمن بن زيد بن أسلم .

وقيل المراد بها ' المؤذنون الصُّلَحاء ' ، كما ثبت في صحيح مسلم أن رسول اللهِ ﷺ قال : « المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة » .

وفي السُّنن مرفوعاً : « الإمامُ ضَامِنٌ ، والمؤذنُ مؤتمَن ؛ فأرشد اللهُ الأئمةَ ، وغفرَ للمؤذنين » .

وقال ابنُ أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن عروة الهروي ، حدثنا غسان قاضي هراة ؛ وقال أبو زرعة : حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن مطر ، عن الحسن عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أنه قال : " سهامُ المُؤذنين عند الله تعالى يوم القيامة كسهام المجاهدين ، وهو بين الأذان والإقامة كالمتشحِّط في سبيل الله تعالى في دَمِهِ " .

قال : وقال ابنُ مَسعود - رضي الله عنه - : " لو كنت مؤذناً ما باليتُ أن لا أحج ، ولا أعتمر ، ولا أجاهد ! " .

قال : وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " لو كنتُ مؤذِّنا لكمُل أمري ، وما باليت أن لا أنتصب لقيام الليل ولا لصيام النهار " .

قال: وقالت عائشة - رضي الله تعالى عنها - : " ولهم هذه الآية : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ ، قالت : فهو المؤذن ، إذا قال ' حي على الصلاة ' ، فقد دعا إلى الله " .

وهكذا قال ابن عمر - رضي الله عنهما - ، وعكرمة : " إنهـا نزلت في المؤذنين " .

وقد ذكر البغوي عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أنه قال في قوله عز وجل : ﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ : " يعني صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة " .

ثم أورد البغوي حديث عبد الله بن المُغفل - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ : « بين كل أذانين صلاة » - ثم قال في الثالثة - : « لمن شاء » .

وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من حديث عبدالله بن بريدة عنه .

وحديث الثوري عن زيد العمي ، عن أبي إياس معاوية بن قرة ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، قال الثوري : لا أراه إلا قد رفعه إلى النبي ﷺ « الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة » ، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي في ' اليوم والليلة ' كلهم من حديث الثوري به ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن .

ورواه النسائي أيضاً من حديث سليمان التيمي ، عن قتادة ، عن أنس به .

والصحيح أن الآية عامة في المؤذنين ، وفي غيرهم ، فأما حال نزول هذه الآية فإنه لم يكن الأذان مشروعاً بالكلية ، لأنها مكية ، والأذان إنما شُرع بالمدينة بعد الهجرة حين أريَه عبد الله بن عبد ربه الأنصاري - رضي الله عنه - في منامه ، فقصه على رسول الله ﷺ ، فأمره أن يلقيه على بلال - رضي الله عنه - ، فإنه أندى صوتًا - كما هو مقرر في موضعه - .

فالصحيح إذن أنها عامة كما قال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ ، فقال : " هذا حبيب الله ، هذا ولي الله ، هذا صفوة الله ، هذا خِيرة الله ، هذا أحب أهل الأرض إلى الله ، أجابَ الله في دعوته ، ودعا الناس إلى ما أجابَ الله فيه من دعوته وعمـل صالحاً فـي إجابتـه ، ﴿ وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ ، هذا خليفة الله ) انتهى باختصار .

★ المصدر : ( تفسير ابن كثير ) ، 7 / 164 - 165 .

( جزى اللَّهُ تعالى خيراً مَن أعانَ على نشر هذا الموضوع ؛ وقد قال النبيُِّ ﷺ : " مَن دَلَّ عَلَى خَيرٍ فلَهُ مِثلُ أجرِ فَاعِلِهِ " رواه مسلم في ' صحيحه ' برقم ' 1893 ' ) .

والحَمدُ للَّه رَبِّ العَالَمين .