المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبويا فين ؟



مفيد النويصر
28-02-2007, 12:13 PM
(27 سنة قضيتها ممسحة تحت (رجول) كل من هب ودب، صاير مثل لعبة في يد طفل، ما أشوف أي فرق بيني وبين أي لعبة سوى إن اللعبة ما تحس وأنا أحس.
كل نقطة تفتيش أسمع فيها كلام، ما تتحمله الكلاب.. لو انسرقت أروح أشتكي لمين؟ لو صار لي حادث مروري وكنت أنا المظلوم، راح أنسجن !
افترض إني تحولت لإرهابي أو مروج مخدرات أو حرامي أو قواد.. هل راح يعذرني القانون؟ بالتأكيد لا..
طيب أفترض إني زورت هوية واشتغلت واتزوجت وفتحت بيت ورزقني ربنا بطفل، وبعدها اكتشفوا أمري، هل راح يعذرني القانون أو راح يوقف جنبي أحد ويقول هذا ضحية المجتمع؟ بالتأكيد لا.
وبالتأكيد راح يكون مصير طفلي نفس مصيري وراح يسأل أمه: أبويا فين؟).

أبويا فين؟.. سؤال مهند اليومي لأمه التي لا تعرف إلى أين هرب هذا الحقير الذي تركها وترك ابنه وهرب !.. هرب من المرأة التي أحبها وتزوجها بمحض إرادته، أو نزوته، بيد أنه أفاق عندما أبصر ابنه، لا لشيء سوى لأنه يحمل لون بشرة أمه السوداء ؟
بلغ مهند العاشرة.. وبدأ لسانه يعرف الطريق إلى السؤال الذي يلح عليه كلما تذوق مرارة القهر والظلم والحرمان والطرد في حلقه: (أبويا فين)؟
حينما يُضرب من أبناء الحي، يعود لأمه باكياً يسألها: (أبويا فين)؟
وحينما يرى الأطفال بملابس العيد، يعود لأمه باكياً يسألها: (أبويا فين)؟
وحينما يضربه أحد المعلمين في المدرسة، يعود لأمه باكياً يسألها: (أبويا فين)؟
الإجابة المعتادة دائماً (بكرة راح يجي).. لكن مهند الصغير علم مع الوقت أن أباه لن يأتي.. مهند الذي تفتح وعيه أخيراً على الكارثة الاجتماعية التي نعيشها، أدرك أن أباه الهارب فر بعرقه ولون بشرته من ذلك العار الأسود.

مشهد الأم التي تحمل حفنة من الأواني القديمة والخرق البالية مطرودة من البيت الذي عجزت عن سداد إيجاره لسنوات، لا يزال يطارد رأس مهند الذي وجد نفسه في ذلك اليوم هو وأمه فريستين ألقي بهما إلى كلاب الشوارع.. العروض التي قدمت في ذلك الزمن للمرأة السوداء التي كانت لا تزال تحتفظ بفتنتها، كانت مغرية، بيد أن المرأة التي وعت الدرس جيداً أبت أن تقدم لحمها لكلب آخر ينهشه ثم يرمي ببقاياه في أقرب حاوية نفايات.

مهند الذي اعتاد عشاء الجمعيات الخيرية وبقايا صالات الأفراح بلغ أخيراً عامه الخامس عشر.. توجه بشهادة ميلاده ليستخرج بطاقة أحوال مدنية ظناً منه أنه مثله مثل أي مواطن، بيد أن المراهق التعس اكتشف أن حلقات المأساة لم تنته بعد، بل ربما تكون قد بدأت في ذلك اليوم، حينما عجز عن إكمال تعليمه الثانوي لأنه لا يحمل بطاقة أحوال، وعلم أيضاً أن مستقبل أيامه مرتبط بذلك الغائب الذي لن يعود، وأن شهادة ميلاده التي يحملها لا قيمة لها.. وبين إدارة الأحوال المدنية، والمحاكم، والإمارة، وجميع الدوائر الحكومية التي لها علاقة بقضية مواطن أسود اختفى والده في ظروف غامضة، ويحمل شهادة ميلاد فقط، بدأت دوامة مواعيد ومعاملات دوائرنا الحكومية وصالات محاكمنا.. (المسؤول مشغول.. القاضي ماهو موجود.. هيئة التمييز تبغى.. الإمارة تبغى.. الأحوال تبغى.. يا ابني لا تستعجل العجلة من الشيطان.. روح وتعال بعد يومين.. أسبوعين.. شهرين.. جيب شهود.. جيب ورقة من العمدة.. جيب أمك !).

وقف مهند يراقب مجتمعنا وهو يحتفل ببداية الألفية الجديدة، أشياء كثيرة تبدلت.. ألوان جدران الدوائر الحكومية وسياراتها وزي منسوبيها، حتى المحاكم وصلت إليها التقنية، لكن القوانين وطريقة التعامل كما هي، وكأن العالم مضى بعيداً تاركاً خلفه ذلك المراهق الأسود بلا أب.. بلا تعليم.. بلا عمل.. مديونا.. وبلا هوية تثبت أنه إنسان، وبلا حيلة يدفع بها الموت عن أمه العجوز المريضة.
لم يترك الشاب باباً لم يطرقه، حتى باب حقوق الإنسان الذي ظل يطارد بينه وبين باب الأحوال المدنية معاملته الزئبقية التي بدأ أنها ستكلفة الركض وراءها بقية عمره، من دون فائدة.

بسبب هذه المراجعات طرد مهند من كل الوظائف الهامشية التي عمل فيها، ونتيجة لذلك أصبح مهند لا يجد قوت يومه في بعض الأحيان، وتدهورت حالته الصحية نتيجة لسوء التغذية وقلة النوم وحالة القلق والاكتئاب التي يعيشها، أما مسألة أن يتعالج في أحد المستشفيات الحكومية فهذا أمر مستحيل لأنه لا يحمل هوية لفتح ملف، أما المستشفيات الخاصة التي لا يستطيع أن يدفع تكاليفها فهي كالمنشار مع كل حركة من يد الأطباء سيدفع مقابلها آلاف الريالات، علماً أنهم يعالجون جزءا ويفسدون أجزاء.

هذه قصة حقيقية مختصرة لإنسان قذف به أحد المواطنين وهرب، تاركاً خلفه نطفته السعودية، يسأل أمه: أبويا فين؟ بيد أن القضية أعمق من ذلك بكثير فكان حقه أن يسأل اليوم بعدما يئس من أن يعثر على والده: المجتمع فين؟.. المسؤولين فين؟.. الضمائر فين؟


أخوكم المواطن / مفيد النويصر

أمل عبدالعزيز
28-02-2007, 03:21 PM
,
,

مفيد

والله العظيم لا أجد إجابة لهذا الطفل سوى:

ليتك لم تكُن
أو أنك أباك لم يوجَد من الأصل واستغفر الله العظيم

.
.

.بصدق مهند / وكثير مثله لابد من وقفة جادة من وطننا ومسئولينا حياله
كي ينال حقه الذي حرمه إياه ذاك الرجل المجرم صاحب أكبر جريمة تنتهك في حق الوطن.
.

شكراً لقلبك مثل هذا الحضور

فايز ماجد
28-02-2007, 04:26 PM
قصة مؤثرة

قصة مهند

وهي تتكرر كثيراً

ويكون وقعها أشد في مجتمعاتنا

يعطيك العافية

اخوي مفيد النويصر

تحياتي لك

قلب بلا نبض
28-02-2007, 06:47 PM
مفيد شكرا لك لطرحك مشكلة هي

داء انتشر في العصر

سؤال يُطرح: هل سينجو هذا الاب من عقاب الله؟؟؟
لا طبعا لانه تخلى عن ابنه وترك زوجته وهي لها حق عليه


اما بالنسبة للمجتمع:

فقد طغت عليهم الاناينة

طغى عليهم حب الدنيا

فلن يعذرو احدا لما حدث له

هل ذنب هذا الطفل ان يكون ضحية

الم نفسي يعيش معه طول وقته

او يحقد على من حوله والمجتمع...

او يعيش يتالم واباه يرفل في ثياب السعادة

ماذنبه لو تحول مجرم هارب
او مروج مخدرات

او سارق مسجون

لم لانلتفت لمثل هؤلاء

اين الاباء
اين مشاعرهم التي يدعونها

اين مشاعر الابوة التي فقدت في هذا الزمن

اين ضمائر السامعين للاسف
ذهبو ادراج الرياح

ونسو ضمائرهم في غمرة الدنيا

اما المسؤلين لااعتقد انه يهمهم بل هم من يلومون
فهم يرفلون في النعمة هذ مايهمهم

للاسف ضاعت مراقبة الله والخوف منه
اين نحن من عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه
فلم يكن في عهده فقير؟؟

ياللخسارة ضاعت الرجولة والضمائر في زمن
الخيانة والهروب والانشغال بالملذات


شكرا لك

دمت

سرررراب
01-03-2007, 02:11 PM
هذه قصة مهند وللاسف يوجد كل يوم الألف من ممن يعيشون

نفس وضع مهندكل ذنبه في الحياه أن والده شخص مستهر لم يخف الله عزوجل ولم

يعلم من الزواج سواء تلبية رغبات فقط وعندما يشعربمسؤولية الأطفال يخرج وقفل الباب

وراء للأبد غير مهتم بذلك الطفل البريء من صلبه وجعله يواجة حياه مريره ظالمة من مجتمع لا يرحم

وقوانين صارمة تطوقه أينما ذهب لا تكلف على نفسها ولو لثواني لمعرفة وضع ذلك الطفل ومحاولة

أيجاد الاستثناء له....

كم من الاباء او للاسف أن نطلق عليهم لفظ أب كيف يكون أب ويترك أطفال من صلبه للمجتمع وأحياناً

قد يترك بنات وكلنا يعرف كيف يكون وضع المرأة بدون محرم...

للاسف وجودنا بين رجال لا يعرفون إلا تلبية رغباتهم فقط دون ولو لدقائق بمحاولة معرفة النتائج السلبية

لها وما قد يسببوه من ظلم لطفل بريء كل ذنبه أنه ولد لأب مراهق وطفل مدلل...

الموضوع جداً مؤلم فمع وجود هذه الفئه من الأباء وكلنا نعرفهم إلا أن المجتمع للاسف لا يرحم

ولا يحاول تخفيف جراح ذلك الطفل بل العكس تماماً تعاملة معاملة طفل الخطيئة وتقفل كل الأبواب

في وجهه...

أخي القدير: مفيد النويصر..

يعطيك العافية على موضوعك الرائع...

شحروره
02-03-2007, 10:35 AM
البداية ..

مشكلة الرجل ورغاباته الدونيه ....!!
تنتهي بتعذيب طفل ...
سيقتص حقة من والده أو مايسمى بوالده يوم لاينفع مال ولا بنون .....!!


المشكلة ..
أن قضية مهند مكرره والدوائر الحكومية تقف بل تجلس بل ناااائمة حيال هذا الوضع ....!!
فـ الى متى ياوطني الغالي يضل الوضع مزري ....!!
الى متى تجدد الأجهزه وسيارات المسؤلين
وتضل الأنظمة قابعة بالملفات تنتظر من يطلع عليها وينفذها ......!!



تحياتي

ناصر الراشد
03-03-2007, 03:19 AM
لاحول ولاقوة الا بالله

بصرااحه قصه محزنه

ولكن نسال الله الهدايه لمثل هؤلاء الاباء

اخي كل الشكر لك لطرح مثل هذه القضيه التي نتمنى من الله زوالها