المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما المقصود بالبدعة؟وما هي أنواعها؟وماهو حكمها؟



أهــل الحـديث
31-10-2013, 06:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المبحث الخامس : البدعة:
المطب الأول تعريف البدعة :
هي كل اعتقاد أو قول أو فعل أو ترك تعبّد به لله تعالى ، وليس في الشرع ما يدل على مشروعيته.
المطب الثاني :أقسام البدعة:
القسم الأول: بدعة في العادات:
كابتداع المخترعات الحديثة وهذا مباح لأن الأصل في العادات الإباحة.
القسم الثاني : بدعة في الدين:
وهذا محرم لأن الأصل فيه التوقف قال رسول الله صصص(من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ)متفق عليه.
وفي رواية صصص(من عملَ عملا ليسَ عليهِ أمرُنا فهو ردٌّ)صحيح مسلم.
ومعنى فهو رد : أي أعماله مردودة أي غير مقبولة.
وقال رسول الله صصص(من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي , عضوا عليها بالنواجذ , و إياكم و محدثات الأمورفإن كل بدعة ضلالة)صححه الألباني.
وعن أنس بن مالك أن رسول الله صصصقال (إن الله احتجزالتوبة، على كل صاحب بدعة) صححه الألباني.
المطلب الثالث :أنواع البدع في الدين :
وتنقسم البدع في الدين إلى أقسام هي :
1- البدعة الاعتقاية :
وهي اعتقاد خلاف ما أخبر الله به وأخبر به رسوله صصص ، وسبب هذه البدعة هي تقديم العقل على النقل في باب تصديق الخبر.
ومن أمثلة هذه البدعة:
× بدعة التمثيل و التعطيل في صفات الله.
× بدعة نفي القدر أو القول بالجبر.
× الابتداع باستعمال علم الكلام والاعتماد على العقل البشري .
× اعتقاد أن الأولياء يتصرفون في الكون ونحو ذلك.
2- البدعة العملية :
وهي التعبد لله بغير ما شرع ، وسبب هذه البدعة هو تقديم العقل على النقل في باب تنفيذ الأمر ، وتنقسم إلى أقسام هي :
* القسم الأول : البدعة في أصل العبادة :
وذلك بإحداث عبادة لم تُشرع ، وليس لها أصل في الشرع ومثال ذلك ما يلي:
× أن يحدث صلاة غير مشروعة كصلاة الرغائب وهي من البدع المحدثة في شهر رجب ، وتكون في ليلة أول جمعة من رجب بين صلاة المغرب والعشاء ، و يسبقها صيام الخميس الذي هو أول خميس في رجب ، وصلاة الألفية في ليلة النصف من شعبان وسميت بذلك لقراءة سورة الإخلاص فيها ألف مرة ، لأنها مائة ركعة ، يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات .
× إحداث صيام غير مشروع أصلا .
× البناء على القبور، والدعاء عندها ، وبناء المساجد عليها .
× إحداث أعياد غير مشروعة كأعياد الموالد وليلة النصف من شعبان والسابع والعشرين من رجب وغيرها ، وأعياد النيروز والربيع ورأس السنة الهجرية والميلادية والاحتفال بميلاد المسيح وأعياد الميلاد وعيد الحب وغيرها من الأعياد التي ما أنزل الله بها من سلطان.
* القسم الثاني: البدعة بالزيادة أو النقص في عبادة مشروعة:
كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا ، أو صلى الظهر بركوعين أو سجودين أو يصوم رمضان إثنين وثلاثين يوما أو أربعون يوما مثلا.
* القسم الثالث : الإتيان بالعبادة على صفة محدثة:
أي يؤدى العبادة المشروعة علىى صفة غير مشروعة :
× كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعيه مطربة كما يفعل الصوفية.
× التشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
× من يصوم قائما لا يجلس وفي الشمس لا يستظل ، ومن يصوم الدهر فلا يفطر.
× من يلتزم في الذكر بكيفيات وهيئات معينة وأعداد معينه كالصوفين الذين يلتزمون بأوراد معينه من قرآن وأذكار بأعداد معينة في أيام معينة فهذا ورد يوم السبت وهذا ورد يوم الأحد وهكذا وهذا الذكر يذكر356 مرة ، وهذا الذكر يذكر1000 مرة ، وهذا الذكر يذكر313 مرة وهكذا.
× قراءة القرآن والفاتحة على وجه الخصوص على المقابر والأموات فأصل قراءة القرآن مشروع لكن قراءته على هذه الصفة بدعة .
× الجهر بالنية في الصلاة فالنية محلها القلب أما التلفظ بها فبدعة.
* القسم الرابع: المواظبة على عبادة مشروعة في وقت معين:
وذلك بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع ، ومن ذلك :
× تخصيص يوم النصف من شعبان وليله صيام وقيام فإن أصل الصيام والقيام مشروع ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل.
× تخصيص ليلة السابع والعشرين من رجب بقيام أو دعاء معين أو تخصيص نهارها بالصيام أو تخصيص رجب بعمرة معينة.
× تخصيص ليلة القدر بعمرة معينة.
3- بدعة الترك :
وهي ترك المباح أو ترك ما طلب فعله تعبداً.
ومن أمثلة هذه البدعة: ترك أكل اللحم تعبُّداً ، وترك الزواج تعبُّداً.
المطلب الرابع :حكم البدعة :
وردت أدلة كثيرة تدل على تحريم البدع والتغليظ على مبتدعها وفاعلها ، ومن أهمها ما يلي :
× قوله تعالى(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)الشورى: 21 .
× قوله صصص(من أحدث في أمرِنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌ)متفق عليه.
× وقولهصصص(من عملَ عملا ليسَ عليهِ أمرُنا فهو ردٌّ)صحيح مسلم.
× وقوله صصص(من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي , عضوا عليها بالنواجذ , و إياكم و محدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)صححه الألباني.
× وما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة الثلاثة الذين أرادوا أن يزيدوا على عبادة النبي ، فقال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً ، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فقال رسول الله صصص(أنتمُ الذين قلتُم كذا وكذا ؟ أما واللهِ إني لأخشاكم للهِ وأتقاكم له ، لكني أصومُ وأُفطِرُ ، وأُصلِّي وأرقُدُ ، وأتزوَّجُ النساءَ ، فمَن رغِب عن سُنَّتي فليس مني)صحيح البخاري.
* والتحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة إلى ما يلي:
1- كفر صراح :
× كالطواف بالقبور تقربا إلى أصحابها وتقديم الذبائح والنذور لها ودعاء أصحابها والاستغاثه بهم.
× وكأقوال غلاة الجهمية والمتعزلة ، وهذة البدع الشركية محل بحثها في مطلب الشرك الأكبر وقد فصلنا ذلك الأمر في موضعه.
2- من وسائل الشرك ومنها:
× البناء على القبور والصلاة والدعاء عندها.
× الزار:
والزار من أنواع الدجل والشعوذة التي يستخدمها المشعوذون في علاج من مسَّه الجان - ‏حسب زعمهم- فيقيمون له حفلات صاخبة يرقص عليها المريض ومن يشاركه في مكان ‏يملؤه البخور، وأحياناً يرددون ألفاظاً لا تفهم ، وهذا كله من البدع المنكرة التي زينها ‏الشيطان لأوليائه ، فلا يجوز فعلها ولا حضورها بل ولا السكوت عليها ، لما تشتمل عليه ‏من شركيات ، ومخالفات شرعية ، ويلزم المسلم التحذير من هذا المنكر ، ونصح المسلمين لا سيما ضعاف العقول الذين ‏يصدقون مثل هذا ، ويقبلون عليه ، وإرشادهم إلى العلاج الشرعي لمن به مس ، وذلك ‏بالقرآن الكريم والأدعية المأثورة ، مع اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ، والتحصن بالذكر ‏صباحاً ومساء وبالمواظبة على النوافل.‏
3- فسق اعتقادي :
كبدعة الخوراج والقدرية والمرجئة في أقوالهم واعتقادتهم المخالفة للأدلة الشرعية.
4- معصية :
كبدعة التبتل والصيام قائما في الشمس والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.
المطلب الخامس: أمثلة للبدع الأكثر إنتشارا :
البدع كثيرة ، وقد سبق ذكر كثير منها ، وسأذكر بشيء من التفصيل بدعتين من أخطر البدع العملية ، وأكثرها وقوعاً والتي لا تصل إلى حد الشرك الأكبر ، ولكن أدى ابتداعهما والتساهل بهما إلى الوقوع فيه فيما يلي:
الغصن الأول :التوسل البدعي:
* تعريف التوسل بشكل عام :
التوسل هو إتخاذ وسائل للوصول إلى المرغوب والمطلوب وقد تكون الوسائل مشروعة وقد لا تكون مشروعة ، والتوسل في الاصطلاح له تعريفان:
الأول: تعريف عام: وهو التقرب إلى الله تعالى بفعل المأمورات وترك المحرمات.
الثاني: تعريف خاص بباب الدعاء: وهو أن يذكر الداعي في دعائه ما يرجو أن يكون سبباً في قبول دعائه ، أو أن يطلب من عبد صالح أن يدعو له.
قال تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا)الإسراء 75.
ومعنى الآية :أولئك الذين يدعوهم المشركون من الأنبياء والصالحين والملائكة مع الله ، يتنافسون في القرب من ربهم بما يقدرون عليه من الأعمال الصالحة ، ويأمُلون رحمته ويخافون عذابه ، إن عذاب ربك هو ما ينبغي أن يحذره العباد ، ويخافوا منه.
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)المائدة35.
ومعنى الآية : يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ، خافوا الله ، وتَقَرَّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه ، وجاهدوا في سبيله ؛ كي تفوزوا بجناته.
فالوسيلة في الآيتن السابقتين معناها: الأعمال الصالحة .
file:///C:/Users/DELL/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.png أنواع التوسل :
والتوسل في أصله ينقسم إلى قسمين:
v القسم الأول: التوسل المشروع:
وهذا القسم يشمل أنواعاً كثيرة ، يمكن إجمالها فيما يلي:
1- التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته:
كما قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)الأعراف :180.
وذلك بأن يدعو الله تعالى بأسمائه كلها كأن يقول اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن تغفر لي ، أو أن يدعو الله تعالى باسم معين من أسمائه تعالى يناسب ما يدعو به كأن يقول: اللهم يا رحمن ارحمني ، أو أن يقول: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن ، أو أن يدعو الله تعالى بجميع صفاته كأن يقول: اللهم إني أسألك بصفاتك العليا أن ترزقني رزقاً حلالاً ، أو أن يدعوه بصفة واحدة من صفاته تعالى تناسب ما يدعو به ، كأن يقول: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ، أو يقول مثلاً: اللهم انصرنا على القوم الكافرين إنك قوي عزيز.
2- الثناء على الله تعالى، والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في بداية الدعاء:
عن فضالة بن عبيد قال : (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته ، لم يمجد الله ، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(عجلت أيها المصلي . ثم علمهم رسول الله وسمع رسول الله رجلا يصلي فمجد الله وحمده وصلى على النبي فقال رسول الله : ادع تجب وسل تعط)النسائي وصححه الألباني.
ومن ذلك أن يثني على الله تعالى بكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ، التي هي أعظم الثناء على الله تعالى ، كما توسل بها يونس عليه السلام في بطن الحوت ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول في توسله مثلاً: لا إله إلا الله ، اللهم صل على محمد ، اللهم اغفر لي.
ومن ذلك سورة الفاتحة ، فشطرها الأول ثناء على الله تعالى ، وآخرها دعاء.
3- أن يتوسل العبد إلى الله تعالى بعباداته القلبية ، أو الفعلية ، أو القولية ، أو غيرها:
كما في قصة الثلاثة أصحاب الغار، فأحدهم توسل إلى الله تعالى ببره بوالديه ، والثاني توسل إلى الله تعالى بإعطاء الأجير أجره كاملاً بعد تنميته له ، والثالث توسل إلى الله تعالى بتركه الفاحشة ، وقال كل واحد منهم في آخر دعائه: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه.
ومن ذلك أن يقول الداعي: اللهم إني أسألك بمحبتي لك ولنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ولجميع رسلك وأوليائك أن تنجيني من النار، أو يقول: اللهم إني صمت رمضان ابتغاء وجهك فارزقني السعادة في الدنيا والآخرة ، وهكذا.
4- أن يتوسل إلى الله تعالى بذكر حاله ، وأنه محتاج إلى رحمة الله وعونه:
كما في دعاء موسى عليه السلام(رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) القصص:24 .
فموسى عليه السلام توسل إلى ربه جل وعلا باحتياجه للخير أن ينزل عليه خيراً وفضلا.
5- التوسل بدعاء الصالحين رجاء أن يستجيب الله دعاءهم:
وذلك بأن يطلب من مسلم حي حاضر أن يدعو له.
كما في قول أبناء يعقوب عليهم السلام له (يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) يوسف:97 ، وكما في قصة الأعرابي الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو بنزول المطر، فدعا صلى الله عليه وسلم ، وكما في قصة المرأة التي طلبت منه عليه الصلاة والسلام أن يدعو الله لها بأن لا تتكشف ، وكما طلب عمر رضي الله عنه ومعه الصحابة في عهد عمر من العباس أن يستسقي لهم ، أي أن يدعو الله أن يغيثهم بنزول المطر.
فهذه التوسلات كلها صحيحة ؛ لأنه قد ثبت في النصوص ما يدل على مشروعيتها ، وأجمع أهل العلم على ذلك.
v القسم الثاني: التوسل الممنوع:
لما كان التوسل جزءاً من الدعاء ، والدعاء عبادة من العبادات ، كما ثبت في الحديث: (الدعاء هو العبادة)، وقد وردت النصوص الصحيحة الصريحة بتحريم إحداث عبادة لم ترد في النصوص الشرعية ، فإن كل توسل لم يرد في النصوص ما يدل على مشروعيته فهو توسل بدعي محرم ، ومن أمثلة هذه التوسلات المحرمة:
1- أن يتوسل إلى الله تعالى بذات نبي أو عبد صالح ، أو الكعبة، أو غيرها من الأشياء الفاضلة:
كأن يقول: اللهم إني أسألك بذات أبينا آدم عليه السلام أن ترحمني أو أسألك بذات نبينا محمد عليه السلام أن تشفيني.
2- أن يتوسل بحق نبي أو عبد صالح أو الكعبة أو غيرها:
كأن يقول : اللهم إني أسألك بحق نبيك أو بحق الكعبة أو بحق الحسين أو بحق الدسوقي أو بحق البدوي أو بحق الرفاعي أو بحق الدسوقي أن تشفيني.
3- أن يتوسل بجاه نبي أو عبد صالح أو بركته أو حرمته أو بحق قبره ونحو ذلك.
كأن يقول : اللهم إني أسألك بجاه نبيك أو ببركة نبيك أو بحرمة نبيك أو بحق قبر نبيك أن ترحمني.
فلا يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى بشيء من هذه التوسلات ، ولذلك لم يثبت في رواية صحيحة صريحة أن أحداً من الصحابة أو التابعين توسل إلى الله تعالى بشيء منها ، ولو كان خيراً لسبقونا إليه ، وقد نقلت عنهم أدعية كثيرة جداً ، وليس فيها شيء من هذه التوسلات ، وهذا إجماع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين على عدم مشروعية جميع هذه التوسلات.
الغصن الثاني : البدعة الثانية: إقامة الأعياد والاحتفالات البدعية:
شرع الله تعالى لأهل الإسلام عيدين يفرحون فيهما بما أنعم الله به عليهم من إدراك المواسم الفاضلة ، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى ، كما شرع لهم عيداً ثالثاً وهو يوم الجمعة ، وهو يتكرر في كل أسبوع يجتمع فيه المسلمون لصلاة الجمعة وسماع الذكر في خطبتها - وهو عيد نسبي- فلا يجوز للمسلمين التعبد لله تعالى بإحداث أعياد واحتفالات أخرى تتكرر بتكرر الأيام أو الشهور أو السنين.
فلا يجوز تخصيص شيء من الأزمنة ، سواء من الليالي ، أم الأيام ، أم الشهور، أم السنين بعبادة أو عبادات معينة لم يرد في الشرع تخصيصها بها ، سواء أكانت هذه الأزمان أزماناً فاضلة أم لا؛ لأن ذلك من البدع المحدثة ، ولذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة ، ولا عن أحد من سلف هذه الأمة تخصيص ليلة معينة بعبادة معينة ، وهذا إجماع منهم على عدم مشروعيته ، بل إنه قد جاء عن بعض الصحابة الإنكار على من خص بعض الشهور بعبادة معينة ، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم.
· وقد أحدث كثير من المسلمين في العصور المتأخرة أعياداً واحتفالات وعبادات في كثير من الأزمان ، مع أنه لم يرد دليل صحيح يدل على مشروعيتها ، وهذه الأزمنة ثلاثة أنواع:
× النوع الأول: يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً ، ولم يحدث فيه حادث له شأن:
مثل أول خميس من رجب ، وليلة الجمعة التي تليه ، فهذا اليوم وهذه الليلة يعظمها بعض الجهال ، بصيام نهار ذلك الخميس ، وقيام هذه الليلة التي تليه ، ويصلون فيها صلاة يسمونها صلاة الرغائب ، وكل هذا لا دليل عليه ، وهو من البدع المحرمة ، وإنما أحدثت هذه الصلاة بعد الأربعمائة ، وقد وضع بعضهم حديثاً في فضلها ، وهو حديث موضوع بإجماع أهل العلم ، وقد وردت أيضاً أحاديث في فضل صيام بعض أيام رجب ، ووردت كذلك أحاديث في فضل الصلاة في بعض أيام أو ليالي رجب ، وكل هذه الأحاديث ضعيفة أو موضوعة ، وقد ثبت عن بعض الصحابة النهي أو الكراهة لتعظيم رجب بصيام أو غيره ، وثبت عن بعضهم أن تعظيم شهر رجب من عمل أهل الجاهلية فمن عظمه فقد اقتدى بهم.
× النوع الثاني: الأيام والليالي التي جاء في الشرع ما يدل على فضلها:
مثل يوم عرفة ، ويومي العيدين ، ويوم عاشوراء ، وليلة القدر ، وليلة النصف من شعبان ، فهذه الأوقات يستحب أن يفعل فيها من العبادات ما ورد في الشرع ما يدل على مشروعيته فيها ، ولا يجوز فيها إحداث عبادات ليس لها أصل في الشرع ، كصلاة الألفية ليلة النصف من شعبان التي أحدثت في القرن الخامس الهجري ، وكالتعريف بالأمصار والبلدان في يوم عرفة ، وكالاحتفال في يوم عاشوراء ، كما لا يجوز للمسلم تخصيص شيء من هذه الأوقات الفاضلة بعبادة يكررها كلما جاء هذا الوقت الفاضل مما لم يرد في الشرع ما يدل على تخصيصها بها ، كتخصيص ليلة القدر بعمرة أو بذكر خاص أو بصلاة خاصة يكررها في كل عام.

× النوع الثالث: الأيام والليالي التي حدثت فيها حوادث مهمة ، ولكن لم يأت في الشرع ما يدل على فضلها أو على مشروعية التعبد لله أو الاحتفال فيها.
ومن هذه الأوقات الليلة التي يقال إنه حصل فيها الإسراء والمعراج لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يثبت في تحديد هذه الليلة شيء.
ومن هذه الليالي أيضاً الليلة التي يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم ولد فيها ، مع أنه لم يثبت في تحديد شهر ولادته ولا يومها شيء يعتمد عليه ، بل في ذلك خلاف مشهور، وقد جزم وقطع العبيديون الرافضة في القرن الرابع الهجري أن مولده صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول ، مع أنه ليس هناك ما يرجح هذا القول.
وقد اتفق أهل العلم على أن السلف الصالح من أهل القرون الثلاثة المفضلة ، وفي مقدمتهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلوا هذا الاحتفال بالمولد النبوي ، ولذلك لم ينقل فعله ولا القول بمشروعيته عن أحد من أهل القرون الثلاثة المفضلة ، مع شدة محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم وحرصهم على الخير.
وهذا إجماع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجميع سلف هذه الأمة على عدم مشروعيته ، وعلى عدم مشروعية جميع الاحتفالات المحدثة.


الخــــــلاصـــــة







1- البدعة :هي كل إعتقاد أو قول أو فعل أو ترك تعبد به لله ، وليس في الشرع ما يدل على مشروعيته ، وتنقسم إلى بدعة في العادات كالاختراعات الحديثة وهذه مباحة ، وبدعة في الدين وهذه محرمة و كل بدعة ضلالة ، ولا يتوب الله على صاحب البدعة حتى ينتهي عن بدعته وكل عمل قائم على البدعة فهو غير مقبول.
2- البدعة في الدين أنواع :
فمنها البدع الاعتقادية: باعتقاد خلاف ما أخبر عنه الله ورسوله مثل بدعة التمثيل والتعطيل في صفات الله أو نفي القدر أو القول بأن الإنسان مجبور في أفعاله .
ومنها البدع العملية : وهي تعبد الله بغير ما شرع وقد تكون البدعة في أصل العبادة كصلاة الرغائب وصلاة الألفية ، وقد تكون البدعة بالزيادة أو النقص في عبادة مشروعة كصلاة الظهر خمس ركعات أو ثلاثة ، وقد تكون البدعة بالإتيان بالعبادة بصفة محدثة كأداء الأذكار بصفة جماعية والذكر بأعداد معينة لم يرد فيها نص من قرآن أو سنة كما يفعل الصوفية ، وقد تكون البدعة بالمواظبة على عبادة مشروعة في وقت معين كتخصيص ليلة القدر بعمرة مثلا .
ومنها بدعة الترك : وهي ترك المباح تعبدا كترك أكل اللحم أو الزواج تعبدا.
3- البدعة محرمة وتتفاوت من حيث التحريم فقد تكون كفرا أو من وسائل الشرك أو فسقا أو معصية بحسبها .
4- التوسل البدعي : هو بدعة من البدع المنتشرة وهو التوسل الذي لم يرد في الشرع ما يدل على مشروعيته مثل التوسل بذات نبي أو عبد صالح أوالكعبة أو غيرها من الأشياء الفاضلة ، والتوسل بحق نبي أو عبد صالح أو الكعبة ، أو التوسل بجاه نبي أو عبد صالح أو بركته .
5- يجوز التوسل إلى الله بالتوسلات المشروعة مثل التوسل بالعبادات الصالحة ، والتوسل في الدعاء بأسماء الله وصفاته ، والتوسل بالثناء على الله والصلاة على رسول الله قبل الدعاء ، وطلب الدعاء من رجل حي حاضر يرجى فيه الصلاح .
6- إقامة الأعياد والاحتفالات التي لم يرد في الشرع ما يدل على مشروعيتها بدعة منكرة كالاحتفال بالمولد النبوي وعاشوراء والنصف من شعبان والاسراء والمعراج وغيرها.


من كتاب السراج المنير في شرح العقيدة الإسلامية





لتحميل الكتاب أدخل على الرابط التالي - في الملتقى - المرفقات أسفل الموضوع


http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=318807)