المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شكر وتقدير للشيخ عصام هادي على تحقيقاته ولدار الصديق على نشرها/ كتبه محمود خليل



أهــل الحـديث
31-10-2013, 04:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
كل إنسان في هذه الحياة له ما يفرح به، وهناك من يفرح إذا تيسرت له معصية، ويفخر، ويضحك، {وذهب إلى أهله يتمطى}، وهناك من تتساقط دموعه فرحًا إذا تيسرت له طاعة، ويشعر في مكنون نفسه أنه؛ والله لولا الله ما اهتدينا.
ومن أعلى أنواع الفرح، هذا الذي يشعر به طالبُ العلم، عندما يرى أن الله تعالى يسر له السبيل، وفتح أمامه كل مُغلق.
والكتاب؛ هو من أدوات العلم، بل من أهمها.
وقد شاء الله سبحانه أن أعيش أكثر من أربعين سنة من عمري مع هذا الكتاب، أجلس معه أكثر من جلوسي مع زوجتي وأولادي وأهلي وإخواني، تقريبا هو كل هؤلاء.
وطوال هذه المدة تلقيت من الصدمات، والكدمات، واللكمات، والتصحيفات والتحريفات، الكثير والكثير، بل يخرج هذا عن الحصر، فكل تحريفة في نص، وكل تصحيفة في أسماء رواة الحديث، تأتي في وجهي لكمةً، وفي قلبي طعنة، حتى لو كانت في كتاب من كتبي، بل تكون أقسى.
ولكم أن تتخيلوا حجم هذه الأحجار التي قُذفت في وجهي، وسجلت لكم بعضها هنا، وفي مواقع أخرى، وعلى حواشي كتبي، في مواضيع الجامع لما تصحف في المطبوع، ورأيتم كيف استمات بعض المحققين والناشرين في الدفاع عن عيوبهم، وتحريفاتهم، حفاظا على (أكل العيش ـ الخبز).
وكلما صدر كتاب ووصلني، شهد الرحمن الرحيم، كنت أدعو الله أن تكون الأخطاء فيه (مقبولة)، وأقول: استر يارب، ثم تأتيني المصائب والبلايا.
وفي وسط هذه التجارة بالكتب، والتلفيق المسمى بالتحقيق، واستخدام أسماء محققين توقفوا عن التحقيق لترويج الكتاب، في وسط هذا الظلام ظهر ضوء في آخر النفق.
فكانت طبعة مسند أحمد، الصادرة عن جمعية المكنز، والتي لم يحقق كتاب منذ أكثر من مئة سنة على هذا المستوى، فأزاحت عن وجهي غبارا تَكَوَّن وتجمع بسبب اليأس.
نعم، عليهم ملحوظات، وليس هناك من لا يخطئ، ولكن هناك فرق بين الخطأ المقبول، والخطيئة.
ورغم ما حدث بيني وبين إخوتي في دار التأصيل، إلا أنني أقول الحق: إن الخلل في منهج التحقيق هو السبب المباشر في كون هذه الدار لم تقف في أول قائمة المتقنين في هذا العالم، الذي مات فيه الإتقان، وعندهم الكفاءة لذلك وأكثر، فهم يكتبون الخطأ وهم يعرفون أنه خطأ، فليس من المعقول أن تكتب في سنن النسائي: عربي بن يونس، في الأصل، ثم تعلق في الحاشية: هكذا في (م)، والصواب: عيسى بن يونس، كما في تحفة الأشراف.
هذا خلل في المنهج، وهم يعرفون أن النسائي لم يكتب بخط يده في حياته: عربي بن يونس، وهم يعرفون أن النسخة (م) نسخة فيها من التحريف والتصحيف ما يندى له الجبين.
وما زلت حزينا على الجهد العظيم الذي بذلوه، ومقابلات النسخ الخطية، وإثبات الفروق، ولولا المنهج المذكور، لتفوقت أعمالهم على أي أعمال أخرى.
وبعد هذا الضوء الذي رأيته في آخر النفق، رأيتُ كوكبًا أضاء نصف الطريق، بل أزال همومًا كثيرة من قلبي، وشعرت أن هذه الأمة سيظل فيها الخير، بل والأمل.
جامع الترمذي ـ سنن ابن ماجة ـ وأخيرا سنن أبي داود.
ومع بشائر العائدين من الحج، أرسل تكرما أخي أحمد الخضري جزاه الله عني كل خير، أرسل خيرا كثيرا: السنن لأبي داود، تحقيق الشيخ عصام موسى هادي، الناشر دار الصِّدِّيق.
وبداية أقول لجميع طلبة العلم، الباحثين عن الإتقان: اترك جميع ما عندك من طبعات، لهذه الكتب، وليكن مرجعك في القراءة، والنقل، والتحقيق، عن طبعات دار الصِّدِّيق.
وأكرر ما قلته في مشاركات سابقة، فأنا لا أعرف دار الصِّدِّيق، ولا أعرف الشيخ عصام، وقلت: وهذا لجهل مني، وليس لجهالة فيه.
ومن قبل راجعت سنن ابن ماجة، وجامع الترمذي، وبدأت منذ أيام في مراجعة سنن أبي داود للشيخ عصام، وعندي مئات الأخطاء والتعليقات على الطبعات السابقة، وخرجت من طبعة دار الصِّدِّيق بهذا الدعاء للشيخ عصام وللقائمين على دار الصِّدِّيق:
جزاكم الله عن الإسلام خيرًا، وعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بِرًّا، وعن طلبة العلم رزقًا حلالا طيبًا يبارك لكم الله فيه.
فقد أزلتم الهم، ورفعتم الكرب، فأكملوا الطريق، هذا هو الطريق، أنتظر ومعي الجميع من طلبة العلم الصغار: المجتبى للنسائي، والسنن الكبرى له، والكثير، لإضاءة باقي الطريق.
وقد بدأت في إبدال مصادر «المسند المصنف المعلل» بطبعات دار الصِّدِّيق، لطبعات الكتاب القادمة.
ولي مؤاخذة واحدة؛ هي أن الشيخ عصام يكتب في الأصل وليس في الحاشية قبل الحديث كلمة (صحيح) أو (ضعيف)، وهذه ظنها بالفعل بعض طلبة العلم من أصل الكتاب، وأن هذا قول ابن ماجة مثلا، أرجو أن يكون هذا في الحاشية، فالنص ملكٌ لمؤلف الكتاب، والحاشية ملكٌ للمحقق.
جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين كل خير.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً}.
محمود محمد خليل الصعيدي