الأمّ التي عُوقِبَت بالأمومة

[عميد اتحادي]

كثيرٌ من الأمهات اللواتي رزقهن الله نعمة الأطفال، لا يعرفن كم هي عظيمة تلك النعمة، كم يتمناها كثيرات مثلهن، الأم التي لا تعرف معنى ابتسامة طفل لها، ما معنى أن يقول لها وليدها: يا أمي، ما معنى أن ترى أمامها ابنها يكبر وتتقدم حياته ويقف أمامها رجلا، لا أعرف هل تستشعر الأمهات اللاتي ينصرفن عن دورهن إلى أشياء أخرى هذه المعاني؟، أم يعشن في عبثية الحياة؟، تلك الأم التي لا همّ لها في الحياة سوى أن تخرج وتسافر وتتسوق وتقضي ساعات طويلة خارج البيت متناسية المهمة المقدسة التي اختيرت لها.
تلك الأم التي ألقت بالمسؤولية على الخادمة التي تقوم بدورها على أكمل وجه، ويتعلق بها الأولاد أكثر من الأم التي تصبح ساعات مكوثها في البيت كئيبة. هل تعي هذه الأم حجم الكارثة التي تتسبب فيها؟، لا أعلم، ولكن ما أعلمه أن هؤلاء الأمهات يعاقبهن الله بالأمومة، يعاقبهن أن اختبرهن بأطفال ابتساماتهم بالدنيا وما فيها، يعاقبهن بهذه الغريزة التي فُطرن عليها، يعاقبهن بأن لا يجدن طعمًا ولا حبًا لمهمتهن في الحياة، يا لعدالة السماء التي حرمتهن من الإحساس بالأمومة وجعلتهن يبحثن عن مرفأ السعادة في أماكن لا وجود لها إلا في عالم الخيال، كم أنت عادل يا ربّي، وكم أنت حليم على نفوس لا ترضَى بنعمك وتبحث عنها في أراضي الأنانية والأحلام الوردية.
أفيقي أيتها الأم وعودي إلى مهمتك المقدسة، كوني جديرة بثقة الله فيك أن رزقك أطفالاً، عودي واصنعي مستقبل وطنك الذي ينتظر منك رجال الغد، عودي قبل أن تجدي نفسك وحيدة بلا أي شيء، صدقيني حتى لا تكوني تلك الأم التي عوقبت بالأمومة، تلك الغريزة الأسمى والأرقى في الوجود.