المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ـ هل السرقة غاية أم وسيلة عند الأطفال؟



الليـ تفرق ـالي
24-02-2007, 05:21 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ـ هل السرقة غاية أم وسيلة عند الأطفال؟
قد تكون السرقة غاية في ذاتها: لأن الطفل قد يرى شيئًا معينًا يتوق إليه، وقد يدرك إدراكًا تامًا أنه ليس في وسعة أو في وسع أهله الحصول عليه، ويرى أن السرقة هي الوسيلة الوحيدة لإشباع هذه الحاجات فيلجأ إلى استخدام تلك الطريقة بالذات لسد كثير من حاجاته، ومن ثم ينمو فيه على مر الزمن ميل إلى عدم الاهتمام بحقوق الآخرين فيما يملكون، لكنه لا ينتمي إلى هذه الفئة إلا نسبة ضئيلة من أحداث الآثمين [السارقين].

ـ غير أن السرقة على المألوف ليست إلا وسيلة لغاية:

والأشياء التي يسرقها الأطفال ليست في الحقيقة هدفهم الذي يسعون للوصول إليه، بل إن الشيء المسروق ليس سوى أداة تستخدم في إصابة الهدف المرغوب، أو قد تكون السرقة نفسها وما يرتبط بها من موقف انفعالي غاية في ذاتها، والسرقة في هذه الحالات مشكلة سيكلوجية معقدة، وذلك لأن الأسباب التي تقوم عليها كثيرًا ما تكون خافية على الطفل كل الخفاء لأنها تعمل مخبوءة في اللاشعور.

ـ فلنعرض الآن بعضًا من الدوافع الشائعة المؤدية إلى السرقة، والغرض الذي قد تحققه في حياة الطفل. وما هي الانفعالات التي قد تكبحها البيئة وتعوقها فلا تجد إشباعًا لها إلا في هذا اللون من الإثم؟






دوافع السرقة عند الأطفال:

[1] الثورة والانتقام:

كانت سلمى بنتًا تبدوا عليها البلادة ليس في هيئتها ما يجذب، يلوح عليها سوء التغذية استعدادها العقلي بسيط، وقد تعودت أن تأخذ الأدوات من أدراج التلميذات وجيوبهن، وظهر من الأدلة أنها كانت تقترف ذلك منذ شهرين أو ثلاثة. ولما واجهناها بذلك بدأت تصرخ وتصيح: 'لا يحبني أحد، ولست أدري لماذا ؟ فالبنات لا يملن إلي بل يعتدين علي بالضرب والكيد، لهذا لم أسرق إلا من اللواتي أغظنني ومن لا أحبهن'.

وهنا اتبعت الطفلة أسلوب السرقة لتأخذ بثأرها من غيرها فلجأت إليه كرد فعل بدائي غريزي يقوم على الثورة والانتقام ممن اعتدين عليها.

وكان حل مشكلة هذه الصغيرة هو زيادة العناية بها في المنزل وزيادة تغذيتها، والاهتمام بأناقة ملابسها، ونقلها إلى مدرسة أخرى حتى تبدأ صفحة جديدة من حياتها في بيئة لا يعيرها فيها أحد أو تعرف شيئًا عن أثمها، وبأن يقدم إليها قليل من المعونة في أعمالها المدرسية.

[2] الغيرة من الآخرين:

هدى بنت صغيرة لم تتعب أهلها فحسب بل أهل زميلاتها، لأنها كانت تسرق أشياء غيرها من الأطفال فكانت تلبس أية 'مريلة' من حجرة الملابس في المدرسة، وتسرق الحلي من الأدراج، وإذا ما واتتها الفرصة سرقت أيضًا من بيت صويحباتها، وكانت تقصر سرقتها على ممتلكات الصغار دون الكبار، بل إنها لم تحاول مرة واحدة أن تنتفع بشيء تسرق بل كانت تعمد إلى تحطيمه وإتلافه.

ـ وبعد دراسة الحالة وجدنا أنها كانت تغير من صويحباتها عندما يعرضن عليها ملابسهن وحلاهن الجديدة.

[3] الشعور بالقوة والسطوة:

فكم من صبي ينزلق إلى السرقة ويدمنها لأنها جانب من نشاط العصابة التي تظهر الشعور بالقوة، وكثيرًا ما لا يهتم الطفل أو عصابته بما يسرقون ولا تهمهم قيمة ما يسرقون، فقط أنهم بنجاحهم في السرقة يفرحون ويشعرون بالقوة والسطوة.

ـ ولا يقترف مثل هذه السرقات إلا من كان دون المتوسط في الذكاء؛ لأن هؤلاء الأطفال يكونون قد عجزوا عن النجاح في الوجود الذي يتفق وأوضاع المجتمع.

ويمكن بوجه عام إصلاح هذا العوج فيهم بتوجيه نشاطهم وجهة اجتماعية مقبولة.





[4] الشعور بالقصور:

أحمد صبي له من العمر ثماني سنوات، كلا والديه تخرج من الجامعة، يسرق فجأة بعض النقود من أسرته ويستخدمها في شراء الحلوى وما إلى ذلك ويوزعها على رفاقه.

كان الدافع إذن عزلته وحاجته إلى الأصحاب فعرف بخبرته كيف يستطيع كسب الشهرة المؤقتة على الأقل وذلك بتمويل الشلة ببعض أنواع الترف وأطايب الحلوى التي كان يغدقها عليهم بكرم وسخاء.

فكان علاج هذا الصبي أن أرسلناه إلى أحد المخيمات الصيفية حتى يندمج مع الجماعة الجديدة ويكون له أصحاب.

[5] الصراع العقلي:

قد تكون السرقة مرتبطة بنوع من الصراع العقلي وخاصة ذلك النوع من الصراع الذي يتصل بالميول الجنسية، فكثيرًا ما يتصل بالسرقة عندئذ أمور أخرى مثل العادة السرية والكآبة والشعور بالإحباط والضعة، مما يدفع الفتى إلى الظن بأنه لا قيمة لشيء في الحياة، وأنه لن يفقد أكثر مما فقد، إذا هو أضاف إلى ذنوبه ذنبًا جديدًا وكثيرًا ما يجد الفتيان الذين تشتد عندهم الأوهام الجنسية ما يخفف عنهم عبئها في النشوة التي تبعثها السرقة.

[4] الرغبة في التقليد:

صبي في العاشرة من عمره سرق مبلغًا من أمه ثم أخبرها عقب ذلك بأيام أنه قد التحق بعمل بوظيفة ساع، بعد انتهاء ساعات الدراسة وبقي أسبوعًا لا يعود إلى المنزل إلا عشاءً ويتناول طعام العشاء مع والديه، وبعد انقضاء الأسبوع سلم لأمه نفس المبلغ المسروق ولكن مفكوكًا وهو يشعر بالفخر الكبير من أنه كان يقدم جانبًا من العون للأسرة.

وبعد ذلك بوقت قصير كشفت الأم ما فقدت وعرفت أن الصبي لم يكن يقوم بأي عمل، ولما سئل عن ذلك اعترف بأنه أخذ المبلغ وفكه ، وكان الدافع الوحيد لارتكابه هذه الفعلة رغبته في تقليد أبيه والمساهمة في تحمل أعباء الأسرة.




كيف السبيل؟

[1] لا يمكن أن يكون هناك علاج واحد يصلح لأية حالة من هذه الحالات .. لا بد إذن أن نقف على الغاية التي تحققها السرقة في حياة الطفل الانفعالية، وأن نبذل عندئذ ما نستطيع من جهد لعون الطفل على إشباع هذه الرغبة الانفعالية على وجه يرضاه هو ويقبله الله ـ عز وجل ـ وبالتالي يقبله المجتمع.

وسواء أكانت السرقة مجرد وسيلة نحو غاية يعمل الطفل على تحقيقها، أم كانت غاية في نفسها فلابد أن نعمل على ألا يجني الطفل من سرقته إلا الخسارة، أي أنه يجب على الأباء أن يدبروا الأمر حتى لا تحقق السرقة الغاية التي كانت تبتغي منها.

[2] ولا ينبغي أيضًا تهوين الذنب أو العمل على إخفائه حماية للطفل أو لسمعة أهله ولكن ينبغي أيضًا عدم إذلاله بل نشجعه على مواجهة المشكلة في صراحة وجلاء.

[3] لا بد أن يتعود الطفل قاعدة هامة وهي: 'من أتلف شيئًا فعليه إصلاحه'.

فإن سرق شيئًا لابد أن يرد هذا المسروق من مصروفه، ويحرم جزء من مصروفه لسداد هذا المسروق.

[4] وعلى المربين والأباء أن يغرسوا في نفوس أبنائهم عقيدة المراقبة لله والخشية منه وأن يعرفوهم بالنتائج الوخيمة التي تنجم عن السرقة، وتستفحل بسبب الغش والخيانة، وأن يبصروهم بما أعد الله للمجرمين من مصير فاضح وعذاب أليم يوم القيامة.

[5] تذكير الطفل بقصة بائعة اللبن في عهد عمر بن الخطاب، وكيف أن تلك البنت الصالحة التي قالت لأمها: 'إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا'. فكانت هي وزوجها عاصم بن عمر بن الخطاب أمًا وأبًا لعمر بن عبد العزيز الذي ملأ الأرض عدلاً وسلامًا.


منقول

الليـ تفرق ـالي

نور حياتي
24-02-2007, 04:08 PM
تذكير الطفل بقصة بائعة اللبن في عهد عمر بن الخطاب، وكيف أن تلك البنت الصالحة التي قالت لأمها: 'إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا'. فكانت هي وزوجها عاصم بن عمر بن الخطاب أمًا وأبًا لعمر بن عبد العزيز الذي ملأ الأرض عدلاً وسلامًا.




من جد انا في طفولتي دي القصه هي الي عمري ماكنت نساه..

الله يعطيك الف عافيه على الموضوع الرئع...


تحيتي...

لمياء الديوان
28-02-2007, 06:27 PM
احسنت موضوع حيوي


ولابد لللاسره ان تنتبه لهذه الحاله

وتحاول التعامل معها بأيجابيه

ومثلما قالت نور القصص التي فيها عبر تنفع في مثل تلك الحالات


لمياء الديوان