المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أساس القول بالموجود الذي لا يشار إليه .



أهــل الحـديث
29-10-2013, 07:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده أما بعد :
من بين أبرز مواطن التأثر في العقيدة الاشعرية بالاعتزال ـ و إن كانتا معا تحكمان العقل على النقل و تقدمانه في حال الاختلاف و التعارض ـ قضية تكلم فيها معتزلو الاشاعرة أو متمشعرو الاعتزال إن صح القول ألا و هي الكلام عن الموجود الذي لا يشار إليه .
و لابأس أن نستقصي أساس هذا القول و منبته و الشبهة العقلية التي ساقت الناس إليه واقفين في مناقشتها على ما قرره الغزالي في كتاباته المنطقية كالمقدمة و المعيار و محك النظر .
إن تعامل المناطقة و ما ورثه عنهم الاشاعرة ذووا النتزاع العقلي المحض القريب من الاعتزال بخلاف ما كان عليه الاشاعرة الأوائل مسألة الكلام في الموجود باعتبار وجوده المطلق و كيف خلص القوم إلى تجريده من المميزات المختصة بالمعينات الخارجية فأثاروا مسألة الوجود الكلي الذي قالوا بماهيته الخارجية منطلقين في ذلك الى القول بأنه يمكن اطلاق الوجود مجردا عن الجهة و عن الاوصاف التي سموها "القرائن الغريبة ".
و أساس هذا القول انهم رأوا ان العقل البشري يستخلص من المحسوسات الصور الذهنية غير تلك التي يسمونها الصور الخيالية حيث أن المخيلات تدخل في الاطار العقلي بما هي عليه في الخارج تمام التمام و لكن فرقوا بين ما يتخيل و بين ما يتعقل فجعلوا التجريد عن المميزات المقترنة بالمحسوسات في الخارج أصل القول بنفي الاتصاف و القول بعدم الاشارة حيث أوهموا الدارس و المتلقي أنه لما امكن العقل تجريد المحسوسات عن آحاد أوصافها الثابتة بها في الخارج لدليل على امكانية وجودها من غير جنس الأوصاف ،و ثمة فرق شاسع بين التجريد عن آحاد الأوصاف و بين التجريد عن أجناس الاوصاف فنتفق معهم في القول بتجريد احاد الصفة و لسنا نتفق معهم في القول بتجريد الصفة مثاله الذي يرى الفرس الواحد يدرك برؤيته الفرسية المطلقة كما مثل له الامام الغزالي في مقدمة المستصفى و لكن هذه الفرسية المطلقة يشترك فيها الكبير و الصغير و الاشهب و الكميت و الأبيض و الاسود لما ؟؟ لأن العقل قد جرد المعني الكلي من الصورة الحسية مما هي عليه من قرائن تميزت بها في الخارج فالتجريد واقع على آحاد الأوصاف و لكن هل يمكن الحديث عن فرس من غير شكل بعيدا عن تحديد مقداره و شكل ذاك الشكل فالتجريد لآحاد الشكل لا لمطلق الشكل و بهذا هم لبسوا و أسسوا للقول بوجود موجود لا يشار اليه اعتبارا من تجريد الاحاد الى القول بتجريد المطلق يقول الغزالي في المقدمة ص 107:" فإذا رأى فرسا واحدا أدرس الفرس المطلق الذي يشترك فيه الصغير و الكبير و الأشهب و الكميت و البعيد منه في المكان و القريب بل يدرك الفرسية المجردة المطلقة منزهة عن كل قرينة ليست ذاتية لها فإن القدر المخصوص و اللون المخصوص ليس للفرس ذاتيا بل عارضا أو لازما في الوجود إذ مختلفات اللون و القدر تشترك في حقيقة الفرسية " نعم لكن لنسأل السوال التالي وهل الفرسية المطلقة التي اشترك فيها المختلف في اللون و القدر تخلو من ان تكون ذات شكل أو ذات لون بعيدا عن تحديد اللون لكن لا يخلو الامر من ان يكون ذا لون و ذا قدر و ذا شكل أما آحاد اللون وآحاد الشكل و آحاد القدر نقر بالتجريد له و لا نقر بتجريد المطلق له .