المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوام وعماد قاعدة التوحيد



أهــل الحـديث
29-10-2013, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




قَوام وعماد قاعدة التوحيد



***********************************************



أمرنا الله أن ننظر إلى معجزاته ونتأمل فى خلقه وآياته وحثنا سبحانه وتعالى على البحث والفحص فى بَديع صُنعه وصَنْعته لنرى الحجة الناطقة
فى قدرته فيزداد الذين آمنوا إيماناً ويوقن الذين اتبعوا الباطل بوحدانيته .



سبحانه وتعالى أحاط بكل شىء علما ووسع كل شىء رحمة وحلما . لا يساهمه أحداً فى الخلق أو يساويه ولا ينازعه أحداً فى الملك أو يناويه ..
شهِد لنفسه وكفى به شهيداًبأنه هو الله لا إله إلا هو فقال جل شأنه :
(إِننِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا) (شَهِدَ اللَّهُ أَنهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ)



تعالى سبحانه فى عليائه وتعالى سبحانه بجلاله وعظيم سلطانهالعظمة إزاره والكبرياء رداؤه خلق الخلق وجنسهم بإرادته وعنت الوجوه
لعظمته ولجلاله وهيبته وأشفقت القلوب من سطوته .



يقول فى كتابه : ( َمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَر )



سبحانه ربٌ لكل العالمينورب كل شىء وفاطرهوربكل خلق وبارئه . أقرّ العباد أم أنكروا . علموا أم لم يعلموا .



نطق ففصل وحكم فعدل . وعده حق ووعيده صدق .



هو المتفرد بالوحدانية والمتعزز بعظمة الألوهية القائم على نفوس العالم بآجالها والعالم بتقلبها وأحوالها والمانّ عليهم بتواتر آلائه
والمتفضل عليهم بسوابغ نعمائه . هو الغنى ونحن الفقراء إليه وهو المُسْتغنى به ولا يُستغنى عنه .



....



سبحانه وتعالى واحد أحد لاشريك له ولاولد . لو أراد سبحانه أن يصطفى ولداً من خلقه وعبيده لاصطفاه فهو الإله .



( لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ )



....



سبحانه وتعالى واحدٌ فى ذاته وواحدٌ فى صفاتهوواحدٌ فى أفعاله .لاينبغى البقاء إلا له ولا يمتنع الفناء إلا منه .



لو كان هناك إله أو آلهة غير الله لتعددت الإرادات واختلف المشيئات ولذهب كل إله بما خلق وتعالى عمن سواه هذا



يريد أن يأتى بالشمس من المشرق وهذا يريد أن يأتى بها من المغرب هذا يريد أن يجعلها تشرق وهذا يريدها أن تغرب هذا يريد أن يُسْكِن
المتحركات وهذا يريد أن يحرك الساكنات هذا يريد ليل وهذا يريد نهار هذا يريد أن يمنع الماء وهذا يريد أن يمنع الهواء هذا يريد وهذا
يريد فلن يستقيم الكون والنواميس التى وضعها الله للحياة . يقول تبارك وتعالى :



( وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) .



....



آيات الله فى خلقه تعجز عن سردها العقول وتضيق بها كل النقول . جعل الله لكلٍ منها ميزان موزون إن بدلناه أو غيرناه فإنا
لهذا الميزان قد أخللناه .



أمرٌ وحكمٌ وقهر .. إتقانٌ ونظامٌ وتدبيرٌ وإحكام . خلقٌ ليس له نظير . خلقٌ خلقه العلى القدير .



كون واسع فسيح يحتاج إلى من ينظمه ويسيّره .



هل هناك من استطاع الخروج من ملك الله أو ملكوته . هل من أحدٍ أمكنه أن ينازع الله فى عزته وجبروته .



هل هناك من سَمّى نفسه الله . هل هناك من خَلقَ خلقاً أوسيخلق خلقاً ليصير به نِدّا لله .



( أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء )



( أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ )



سبحانه وتعالى هوالعزيز الحكيم وهو العلى العظيم وهو الغفور الرحيم . هو الواحد القهار وهو العزيز الجبار .



كل شىء يرجع إلى إرادته وكل مافى الكون خاضع لمشيئته .



نحن جميعاً عبيد لله . البشرية كلها بمختلف أطيافها وشتى قبائلها وتنوع شعوبها وعبر العصور والقرون والأزمان لا المؤمن منهم استغنى
بإيمانه عن معونة وفضل الله ولا الكافر استبد بأمرٍ خرج به عن قدرة وعلم الله .



.......



سبحانه وتعالى جلّ عن مثل يطاوله أو يشاكله أو ند أو نظير يقابله .



تقسيم الوحدانية إلى توحيدٍ للربوبية وتوحيد للألوهية أو توحيد للأسماء والصفات أو غير ذلك ما هى إلا آراء وأهواء فلم يرد فى كتاب
الله ولا فى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرو عن الصحابة والتابعين رضى الله عنهم ما يدل على هذه التفرقة أو هذا التقسيم .



....



سبحانه وتعالى أزلىٌ بلا ابتداء وأبدىٌبلا انتهاء الخلق لايدركه ولا يمكن أن يدركه. لا تمثله العيون بنواظرها ولا تتخيله القلوب بخواطرها .
ليس متناهياً بحد ولامتقدراً بصورةوليس متغيراًبصفة أومختصاً بجهة . لايماثله أى موجودلأنه البارى لكل مافى الوجود.
( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ ) .



استواؤه على العرش وقبضته للسماوات والأرض وكرسيه ويده وعينه ووجهه الكريم وكل ماضربه الله للناس من الأمثال فى كتابه فى صفاته
ما هو إلا لكى يرتقى فهمهم لمراده . يقول عز وجل :



(وَتلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلناسِ .. وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ )



أمرنا سبحانه وتعالى أن لا نتجاوز بنظرنا من البحث والتأمل فى الخلق والآيات إلى النظر والبحث فى الذات فالعقول



محجوبة عن درك حقيقته لأن العقول خلقت للعبوديةلا للإشراف والبحث عنالربوبية.



فإن تجاوز الإنسان بنظره من الخلق والآيات إلى البحث فى الذات فقد ارتاد أفقاً لا علم له به وجاب بحراً لامنجى له منه وعمِى من حيث أبصر
وجهل من حيث استبصر وسينأى عن اليقين والإيمان وسيسبح فى ظلمات الريب والخسران .



سبحانه وتعالى بإرادته كل رشد وغى وبمشيئته كل نشر وطى وكل بيان فى وصف جلاله حصر وعىّ .



إن تجاوز أى عبد من العبيد قدرة عقله وتعدى منتهى فكره فقد اقترف أمراً إمرا وتجاوز مجاوزةً جوراً وظلماً وكان عن العقل خارجاً
وفى تيه الجهل والجاً . يقول جل شأنه :( َولا تقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ).



....



الزنادقة والوضاعون أثبتوا الصفات لله بهدف التجسيد والتشبيه والتجسيم ونفوا الصفات عنه سبحانه وتعالى للنفى والتعطيل .
بثوا من السموم ما افتروا به كذباً على الله ونفثوها إفكاً وبهتانا بين المسلمين حتى يؤدى ذلك إلى اشتباكهم فى ورطة الجهالات وسوء الضلالات وينغمسوا فى الكلام والسفسطة وفى الجدل والجدال .



سبحانه وتعالى لا تحوزه جهات ولا تحده صفات . منزه فى كلامه ومتفرد بجلاله وكماله عن مشابهة أىٍ من مخلوقاته .
فهو ليس من شىء . ولا فى شىء . ولا على شىء .
لو كان من شىء لكان محدثاً مخلوقاً . ولو كان فى شىء لكان محيزاً محصوراً . ولو كان على شىء لكان محمولاً . تعالى الله عن كل ذلك علواً كبيراً .



(إِنهُ بِكُل ِّشَيْءٍ مُحِيطٌ ).



الأفهام فى عز سلطانه معقولة والأوهام قاصرة ومقهورة والشواهد دون عزته منطمسة والعلوم مندرسة والعقول مختلطة ملتبسة .
لقد غرِقت فى بحور سرمديته عقول العقلاء وبرقت فى وصف صمديته علوم العلماء ولم يدرك منه أهل الأرض والسماء إلا على الصفات والأسماء .



....



سبحانه وتعالى لا يحصره مكان ولايغيره مرور زمان . تعالى سبحانه عن المكان . وتعالى سبحانه عن الزمان .



يقول فى كتابه ومحكم آياته : (وَإِذْ قَالَ اللَّهُيَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْت قُلْت لِلناسِ اتخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْدُونِ اللَّهِ قَالَ



سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْت قُلْتهُ فَقَدْ عَلِمْتهُ تعْلَمُمَا فى نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنكَ أَنْت



عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَاقُلْت لَهُمْ إِلَّا مَاَأمَرْتنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ .....)



هذا خطاب من اللهإلى نبى الله عيسى عليه السلام فىيوم القيامة مع أن القيامة لم تقم ولم يحشر الناس ولم تجمع الرسل



ولم يحضر سيدنا عيسى للسؤال ليقول ما قالومع هذا : فإن ماسيكون كأن قد كانوما سيوجد كأن قد وجد وما سيقال كأن قد قيل
وما سيحدث كأن قد حدث.



ويقول جل شأنه : ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ .. إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ
إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ
مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )



هذا قول إبليس اللعين فى يوم القيامة لمن أضلهم وسول لهم الكفر والعصيان ولم تقم القيامة ولم يحشر الناس ولم يقفوا أمام
الواحد القهار للسؤال حتى يقول الشيطان ما قال وما سيقوله لهم ...



وفى كتاب الله آيات وآيات ......



.......



أوضح الله لنا البيان وأنزل إلينا القرآن وأمرنا بالنظر إلى قدرته وبديع صُنعه وصنعته وأفسح لنا الأعمار وأمدها وأمهلنا فيها
للتوبة والإستغفار .. فما الذى يحجب الكافر أو المشرك عن الإيمان والإيقان أو يمنعه . يقول جل شأنه :



( وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ )



.......



لقد قهر الله جميع مخلوقاته وقهر كل مافى أرضه وسماواته . فالكل قد أسلم لله . أسلموا لله طائعين وعاصين . أسلموا لله مؤمنين وكافرين .
أسلموا لله جبراً وقسراً عنهم . أسلموا لله خضوعاً وانقياداً وإذعاناً لمن برأهم وخلقهم ولمن يحييهم ويميتهم .
( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَات وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً )



أمر الله السماوات والأرض أن يأتيا إليه طوعاً أو كرهاً فاختارا الطاعة خوفاً ووجلاً من أن يأتوا إليه مُكرهين ومُجبرين .



يقول جل ذكره : ( فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئتيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتا أَتيْنَا طَائعِينَ ).



لذا : نراهم فى نسقهم ثابتين وللنواميس التى وُضِعوا لها غير عاصين لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل



سابق النهار وكل فى فلك يسبحون لا تغيير ولاتبديل لهم إلى يوم الدين .



أما الإنسان .. فبإرادته اختار أن يحمل الأمانة وأن تكون له حرية الإختيار . بإرادته طلب أن يتحمل تبعة طاعته أو معصيته .
آثر لنفسه الثواب أوالعقاب فيما يأمره الله به وينهاه عنه . اختار لنفسه الجزاء . يقول جل شأنه :



( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ )



وعلى مر العصور والدهور وبفضل الله ورحمته أنزل الله إلينا الرسالات والشرائع فكان منا العاصى وكان منا الطائع .



الطائعون : هم من نهجوا نهج التوحيد والإيمان فآمنوا بالله وصدقوا أنبيائهم التى أرسلها الله لهم ( قبل وبعد الرسالة ) .



هم من أسلموا لله طائعين فاستحقوا بطاعتهم النجاة من العقاب والعذاب والفوز بما أعده الله من جنة الخلد والنعيم .



والعاصون : هم من كفروا وأشركوا بالله وزاغوا عن الهدى والحق وكذبوا الرسل والأنبياء ( قبل وبعد الرسالة ) .



وهؤلاء مسلمين أسلموا لله جبراً وكرهاً عنهم واستحقوا بعصيانهم وعدم امتثالهم نار جهنم وسكنى الجحيم .



وخير مثال لهؤلاء العصاة : فرعون اللعين وقومه .



فلقد طغى فرعون وتكبر فى الأرض وكان فاجراً كفّارا . كفر بالله وادّعى أنه رب وإله وكان عاتياً جبارا . حين أخذه الله أخْذاً وبيلاً أخْذ
عزيز مقتدر علم أنه عبداً ذليلاً ومقهوراً من الله . أيقن حال غرقه وقبل موته بأن هناك إله واحد لا إله غيره هو من آمنت به بنى إسرائيل ..
تيقن وقت احتضاره بأن الله هو الإله الحق وأنه الواحد القهار .



آمن هذا اللعين بما كانت تؤمن به بنو إسرائيل . آمن بمن كان ينكره ويكفر به . ولكن أنّى له هذا الإيمان وأنّى له الإقرار بالعبودية
ولقد رأى بأس الله وجاءه وعد العزيز الجبار .



( حَتى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنت أَنهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ )



أدرك فرعون أن لاحول له ولا قوة وأنه عبداً صاغراً ومسلماً مستسلماً لله . علم أنه مقهوراً من الله . ومن أطاعه من قومه ومن بطانته
وملأه وحاشيته وجنده مصيرهم هو مصيره وعذابهم مع عذابه شرب الحميم وسكنى الجحيم النار بهم موقدة وعليهم مؤصدة .



************************************************** **********************



سعيد شويل