المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القول الفصل في حُكم لحية الرجل إن شاء الله ..بحث بقلمي



أهــل الحـديث
24-10-2013, 06:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

نرجو ان تعم الفائدة ان شاء الله من هذا البحث ، و إذا كان لديكم تعليقات و ملاحظات فلتتفضلوا جميعاً فأنا طالب علم و اعشق طلب العلم من المهد الى اللحد


اختلف الفقهاء و العلماء في حُكم اللحية على القول الاول و الثالث ، اما القول الثاني فقال به بعض المجتهدين ...و هذه الاقوال :
1-كراهة حلق اللحية فقط
2-انها سُنّة نافلة يُثاب فاعلها و لا يُعاقب تاركها
3-وجوب إعفاء اللحية ، و هم اثنين : من يقول ان انها فرض و حرام حلقها و ان حالقها يرتكب ذنب عظيم ، و مَن يقول بأنها واجبة و لا يجوز حلقها و ان حالقها آثم

و سنذكر رأي كل واحد منهم ، و سنرى بالنهاية بعد المقارنة ان القسم الثاني من الرأي الثالث هو الأصح و الأرجح منطقياً و عقلياً ...و عموما

و على كل حال من الاحوال نقول ما قاله الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ معقبا على اختلاف الفقهاء في هذه المسألة :
((هذه هي الآراء، ولكل مسلم أن يختار منها ما يطمئن إليه قلبه، وإن كنت أرى أن أدلة الطلب قوية وأن القول بالوجوب هو قول جمهور الفقهاء فهو أرجح، وعليه فمن أعفى لحيته يطمئن إلى ثوابه، ومن حلقها لا يجزم بعقابه))

*****

الرأي الاول :
قال أصحاب الرأي القائل بالسُنَّة والندْب بأن الأمر بمُخالفة المُشركين لا يتعيَّن أن يكون للوُجوب، فلو كانت كلُّ مُخالفةٍ لهم مُحتَّمة لتحتَّم صبْغ الشعر الذي وَرَدَ فيه حديث الجماعة :

1-"إن اليهود والنصارى لا يَصبغون فخَالِفُوهم". (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي) مع إجماع السلف على عدم وُجوب صبْغ الشعر ، فقد صبَغ بعض الصحابة، ولم يصبغ البعض الآخر كما قال ابن حجر في فتح الباري .

2- وعزَّزوا رأيهم بما جاء في كتاب نهج البلاغة : سُئل عليٌّ ـ كرَّم الله وجهه ـ عن قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "غيِّروا الشَّيْبَ ولا تَشَبَّهُوا باليهود". فقال: إنما قال النبي ذلك والدِّينُ قُلٌّ، فأما الآن وقد اتَّسع نطاقه، وضرب بجرانه فامرؤٌ وما يَختار ..
مِن أجل هذا قال بعض العلماء: لو قيل في اللحْية ما قيل في الصبْغ مِن عدم الخُروج على عرف أهل البلد لكان أولَى، بل لو تركت هذه المسألة وما أشبهها لظُروف الشخص وتقديره لمَا كان في ذلك بأس.

3- وقد قيل لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة ـ وقد رُؤي لابسًا نَعْلَيْنِ مَخْصُوفيْن بمَسامير ـ : إن فلانًا وفلانًا من العلماء كرِهَا ذلك؛ لأن فيه تَشَبُّهًا بالرهبان !! فقال: " كان رسول الله يلبسُ النعال التي لها شعْر، وإنها مِن لبس الرهبان..."
وقد جرَى على لسان العلماء القول : بأن كثيرًا ممَّا ورَد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مثل هذه الخِصال يُفيد أن الأمر كما يكون للوُجوب يكون لمُجرد الإرشاد إلى ما هو الأفضل، وأن مُشابهة المُخالفين في الدِّين إنما تَحرُم فيما يُقصد فيه الشبه بشيء مِن خصائصهم الدينية، أمَّا مُجرَّد المشابهة فيما تجري به العادات والأعراف العامة فإنه لا بأْس بها ولا كَراهة فيها ولا حُرمة.
لمَّا كان ذلك كان القول بأن إعفاء اللحية أمر مَرغوب فيه ، وأنه من سُنَن الإسلام التي ينبغي المحافظة عليها مقبولاً، وكان مَن أعفَى لحْيته مُثابًا، ويُؤجَر على ذلك، ومَن حلَقها، فقد فعل مَكروهًا، لا يأثَمُ بفِعله هذا اعتبارًا لأدلة هذا الفريق

والقول بالكراهة لحلق اللحية صرح به في كتاب الشهادات البجيرمي في حاشيته على شرح الخطيب لمتن أبي شجاع في الفقه الشافعي
وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى كما في شرح مسلم (1/154) : "يكره حلقها وقصها وتحريقها أما الأخذ من طولها وعرضها فحسن"
وقد قال شطا الدمياطي في حاشيته النفيسة في المذهب "إعانة الطالبين" 2 / 240 عند قول الشارح (ويحرم حلق اللحية) ما نصه :
"المعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام - أي القاضي زكريا الأنصاري كما هو اصطلاح المتأخرين- وابن حجر في التحفة والرملي والخطيب - أي الشربيني - وغيرهم : الكراهة"


*****

الرأي الثاني :
و رأيهم قريب جداً من الرأي الاول ، إلا انهم لا يكرهون حلق اللحى . ذهبوا إلى القول بأن إعفاء اللحية سُنَّة يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها ، وليس بحرام، ولا يُعَدُّ مِن الكبائر إستدلالاً بما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ((عشْرٌ مِن الفطرة : قصُّ الشارب، وإعفاء اللحْية، والسواك ..إلخ)) حيث أفاد الحديث أن إعفاء اللحية من السُنَن والمَندوبات المَرغوب فيها إذ كل ما نصَّ عليه من السُنَن العادية
و لعل قائل يقول ردّاً على من يقول بـ"تحريم او عدم جواز" حلق اللحية : في السابق وقتها كانت اغلب العرب تُعفي لحاهم و كان هذا الامر شائعاً كشئ من عاداتهم و تقاليدهم ، لذلك كانوا يعتبرون حالقها انساناً شاذاً مُغيراً للخِلقة "مرتكب كبيرة" و متشبه بالنساء "مخنث" و متشبه بغير المسلمين ..اما الآن مع تغيّر الزمان و تغير احوال العِباد فلا يمكن اطلاق احكام كانت سائرة في السابق ، لعدم وجود نصوص صريحة بالسنة النبوية بالنهي عن حلق اللحية ، و كل من يقول بالتحريم هم بعض العلماء و الفقهاء ، و كل ما ورد بالاحاديث الامر فقط بدون التوضيح : "هل الامر واجب ام مستحب؟"


*****

الرأي الثالث :
القسم الاول منهم :
يستدلون بأن اللحية جزء من خلق الانسان ، و حلقها يُعتبر بذلك تغيير لخلق الله مما يستوجب اللعن ، كذلك ان اللحية هي من خصائص الرجال و من اصل خلقته و فطرته ، فإذا حلقها تشبّه بالنساء و هذا كذلك يستوجب اللعن . فقد قال النبي صل الله عليه و سلم : ((لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ)) فذكر ان سبب لعنهن انهن غيرن خلق الله . و جاء بصحيح البخاري عن ابن عباس ر.ا.ع ((لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)) فذكر علّة اللعن و هي تشبه كلا الجنسين بالآخر
فحلق اللحية في رأيهم دخل في محظورات الكبائر لانه تغيير لخلق الله و تشبه بالنساء . حتى ان العديد من العلماء في السابق يعتبرون حالق اللحية ديوث مخنث و لا تجوز اخذ شهادته ..و ورد ان عمر بن الخطاب كان يرد شهادة من ينتف لحيته
و السبب الثالث ان النبي صل الله عليه و سلم قال "اعْفُوا اللِّحَى وَقُصُّوا الشَّارِبْ، وَخَالِفُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى"
فلما امر باللحية قال ((اعفوا اللحى)) و معنى الإعفاء توفيرها او إكثرها ، فما البال بمن لا يمتثل لأمر النبي ص فقط بإطالتها فضلا عن الذي يحلقها تماماً ! ثم ذكر العلّة (خالفوا المجوس..) اي عموما من هم غير المسلمين ، و مُشابهة المُشركين لا تجوز في كل شئ ، مثلاً قال صل الله عليه وسلم "ليس منا من تشبه بغيرنا ، لا تشبهوا باليهود و لا بالنصارى ، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع ، و تسليم النصارى الإشارة بالكف " . السلسلة الصحيحة (2194 ) و سنن الترمذي ..وفي لفظ "من تشبه بقوم فهو منهم" [رواه الإمام أحمد]
انظر الفتوى رقم 63792 من موقع الفتاوى :
((ضابط التشبّه ـ كما ذكره أهل العلم ـ هو أن يفعل المتشبِه ما يختص به المتشبَه به. وليس يلزم أن يكون مختصا به في كل الأزمان وعلى مر العصور. بل متى كان الشيء خاصا بجهة معينة، لا يشاركها فيه غيرها، كان الفاعل لذلك الشيء متشبها بتلك الجهة. وبالمقابل متى زال اختصاص الجهة بما كانت تنفرد به وتتميز به لم يكن الفاعل له متشبها بها. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإن قلنا: النهي عنها (أي: عن المياثر الأرجوان) من أجل التشبه بالأعاجم، فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة. انتهى. وقال أيضا: وقد كره بعض السلف لبس البرنس لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: لا بأس به. قيل: فإنه من لبوس النصارى. قال: كان يلبس ههنا)) ..فحلق اللحية من ضمن ما تختص به بلاد الغرب الغير مُسلمة ، و لذلك وجب مخالفتهم و إعفاء اللحى ما بالحديث الشريف
و إن قال قائل ان هناك يهوداً و نصارى و حتى هندوس يُطيلون لحاهم ، فأين الأمر بمُخالفة التشبّه بهم ؟ و الرد : ان رُهبانهم و علماءهم فقط هم المُختصين بالرهبنة و التدين و هم فقط في مجتمعاتهم اللذين يُطيلون لحاهم ، اما سائر شعبهم فعادة اغلبه على مر العصور حلق لحاهم ، فجاء الامر هنا بمخالفة هذا الفعل المُشين و النجس ، و يتفق اصحاب القسم الثاني من الرأي الثالث مع هذا كما سيأتي ..
*****
قال شيخ الإسلام بن تيمية في شرح العمدة ((فأما حلقها فمثل حلق المرأة رأسها وأشد لأنه من المثلة المنهي عنها وهي محرمة) وقال أيضاً في الفتاوى الكبرى ( ويحرم حلق اللحية ويجب الختان))
وقال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار ( يحمل الإعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم "جزوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المجوس" فهذه الجملة واقعة موقع التعليل وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغرب ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد)
وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد (يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال)
و الأصل ان المسلمين على مر عقود لم تكن من عاداتهم "كما هو الان" حلق اللحية ، فهذه العادة لم يتبعها المسلمون إلا منذ نهايات القرن الـ19 و بدايات القرن الـ20 وقت الإحتلالات و دخول الفكر الاوروبي في بلاد العرب ، فهذه العادة إذاً دخيلة و مخالفة حتى لعاداتنا و ديننا ، و للأسف مع مرور عشرات السنين اصبح الامر عادياً لأغلب الناس و نسوا قديمهم تماماً و لعل لا احد يعرف شيئاً عن إعفاء اللحية ..فالواجب ان يُقلع المسلمون عن هذا ، و لا يجب الاحتجاج بأن العصر غير العصر و كل الناس تحلق لحاهم ، فهل إذا كل الناس حلقت حواجبهم و تنمصوا ستفعل مثلهم حسب الموضة ؟ هل إذا حلقت اغلب نساء اوروبا و نساء بلدك شعورهن "و تشبهوا بالرجال" تبعاً للموضة ستفعلين مثلهن ؟ او مثلاً احدث قصّات الموضة التي طلعت من بلاد الغرب ، و التي للأسف يتبعها الكثير من الشباب هذه الايام ، هي حرام للحديث الشريف الذي يحرم القزع ، و القزع هو ترك جزء و حلق جزء
**
و غير ذلك فاللحية زينة الرجال ..ففي الحديث المرفوع "رغم انه حديث ضعيف" : رواه الديلمي في "الفردوس بمأثور الخطاب"(4/157-غير المسندة) من طريق الحاكم النيسابوري-ولم يروه في المستدرك فلعله في تاريخ نيسابور-: أخبرنا ابن عصمة : حدثنا الحسين بن داود بن معاذ حدثنا النضر بن شميل حدثنا عوف عن الحسن عن عائشة -رضي اللهُ عنها- مرفوعاً : ((ملائكةُ السماءِ يستغفرونَ لذوائبِ النساءِ، ولِحى الرجال، يقولون: سبحان الله الذي زين الرجال باللحى، والنساء بالذوائب)) ، و رغم ضعف الحديث إلا انه صحيح المعنى فالمرأة تفقد جمالها إذا كانت بدون شعر"ذوائب" و الرجل يفقد مظهره الوقور الجميل بدون لحيته
وبنظرة علمية في العديد من الكائنات الحية نجد أن الله سبحانه وتعالى قد خصّ الذكر ببعض الصفات التي تجمّله وتحسّنه، ومنها الشعر المحيط بالرأس كالأسد، ومعظم ذكور الطيور الجميلة

و حتى الشيخ الكبير ، فاللحية تصغر من مظهره و تخفي الكثير من تجاعيده و تخفف عليه الكثير ، خلاف كبير السن حليق اللحية ، و في احاديث عن النبي صل الله عليه و سلم يقول ((لا تنتفوا الشيب فهو نور المؤمن)) ..فاللحية بالنسبة للكبير على الاقل زينة و راحة

و من هذه النظرة الفلسفية ، يقولون بأن حلق اللحية تغيير و تشويه لخلق الله ، مثلما يفقد الاسد جزء اساسي من مظهره إذا حلق له شعره ، و ذكر الطاووس إن كان بدون ريشه و لا عُرفِه ..


القسم الثاني منهم "و هو ما اميل اليه" :
و يقولون بوجوبه لا بفرضها ، و يقولون بإثم حالقها لا بلعنه مثل القسم الاول
و يقولون بأدلة استنباطية فقهية مُقنعة ..يقولون بأن اللحية على ايّاً كان كل حال ، واجبة وجوب النظافة و الطهارة للحديث الذي رواه الإمام مُسلم في صحيحه :
عن عائشة عن رسول الله صل الله عليه و سلم : ((عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، واستنشاق الماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وانتقاص الماء)) .قال زكريا : قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة ، زاد قتيبة، قال وكيع: "انتقاص الماء : يعني الاستنجاء" . و في روايات اخرى يُذكَر من ضمن سنن الطهارة او الفطرة ((الاستحداد و الختان))
و اما كلمة (الفطرة) فقد جاءت كذلك بحديث النبي ص ((كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ..الحديث)) . وأصل الفطرة، في اللغة بمعنى الخلق، وقال أبو البقاء: الفطرة: هي الصفة التي يتصف بها كل موجود في أول زمان خلقته ..وقد يراد بالفطرة جانب معين منها، وهو فطرية التدين، قال الفيروز آبادي: كلّ مولود يولدَ على الفِطْرة: أَى على الجبلَّة القابلة لدين الحقِّ.اهـ ..وقال المناوي في التعاريف: الفطرة الجبلة المتهيئة لقبول الدين، كذا عبر ابن الكمال، وقال الراغب: هي ما ركب الله في الإنسان من قوته على معرفة الإيمان، وقال الشريف: الخلقة التي جبل عليها الإنسان. اهـ ..في النهاية لا اختلاف في ان الفطرة هي الإسلام وهي التي تقبل الطيب وتنفر من القبيح والخبيث ، فالكلمة جاءت من الفطر اي الفرق او الشق بين شيئين و هو الفاروق بين الخبيث و الطيب و يتحقق في ذلك نفس معنى الخَلق الإلهي المُحكَم و كذا يتحقق بذلك معنى الإسلام و هو الدين الفاروق

و هذا رداً على الرأي الثاني القائل بأن اللحية سنة نافلة ! ففهمهم للحديث خاطئ ، فكيف تكون الفطرة او سنن الطهارة و النظافة نافلة مستحبة ؟! هل يمكننا القول بأن الختان مستحب فقط؟ او ان قص الاظافر مستحب غير واجب؟ او ان الاستنجاء غير واجب؟
كيف و المرء يصبح لديه مرض السرطان بسبب عدم الاختتان ؟ و الذي لا يقص اظافره تنمو تحتها الجراثيم و التي تسبب المنظر المُشين و الرائحة الكريهة و ايضا يمكن ان تتسبب في امراض معينة ، ففي الحديث الشريف"رغم انه ضعيف" ((قصوا أظفاركم فإن الشيطان يجرى ما بين اللحم والظفر)) ..إلخ ، و غيرها من الاعراض التي تحدث لتارك النظافة و سننها
لا ، بل إن هذه النظافات من شروط حسن إسلام المرء ، بل هي من الواجبات المفروضة ، و الذي يعيش نجساً فهو مسلم بالإسم فقط و ليس بالفعل و لا فرق بينه و بين المجوسي و النصراني ! و لذلك قال صل الله عليه و سلم ((اعفوا اللحى و احفوا الشوارب خالفو المجوس و النصارى)) فالأمر بالحديث بمخالفة هؤلاء المشركين ليس لمجرد مخالفتهم لشخصهم و لكن مخالفتهم لسبب نجاستهم في كل ما يفعلونه
و بما ان اللحية ذُكِرَت ضمن هذه السنن فإذاً هي منها و حكمها مثل حُكم اخواتها ، فهي كما بصريح الحديث من سنن الفطرة او الطهارة العشر
بالتالي فاللذي يحلق لحيته ، مثله مثل الذي يدع اظافره تطول و منظرها يُشمئز منه ! و مثله مثل الذي لا ينتف او لا ينظف ابطه و لا يحلق عانته فتنمو الجراثيم عنده و تسوء رائحته ! و كالذي لا يغسل فمه "ليس شرطاً السواك" فتنمو الجراثيم و تصفرّ اسنانه و تسوء رائحة فمه
و اللحية الشعر الوحيد "علمياً" بجسد الرجل الذي لا يمكن نتفه إلا بصعوبة بالغة لإحتواءه على كمية غزيرة من مادة الكيراتين ، و يختلف عن اي شعر اخر بالجسد في تكوينه و تركيبه ، و العلم الحديث يؤكد بالفعل ان اللحية من سنن النظافة بل إن لها منافع كثيرة غير ذلك
يقول الدكتور "نظمي خليل أبو العطا" (الأستاذ بعلوم عين شمس و المدير الحالي لمركز ابن النفيس بالبحرين و صاحب العديد من المؤلفات العلمية والإسلامية) :
((حلق اللحية يفقد الرجل العديد من المميزات الصحية التي يتمتع بها مطلق اللحية: ـ فعند الحلاقة يزيل الإنسان الطبقة الخارجية من الجلد، وهذه الطبقة تمثل خط دفاع ميكانيكي ضد العدوى بالعديد من الأمراض، والذي يحلق لحيته يصبح عرضة للعدوى بالكائنات الحية الدقيقة المحرضة؛ خاصة الأمراض الفيروسية والبكتيرية والفطرية مثل الثعلبة وغيرها. ـ وإذا علمنا أن جرح الجلد أثناء الحلاقة وسيل الدم من الأمور الشائعة، وكما أن عادة التقبيل في الوجه انتشرت بين الرجال هذه الأيام، وأن اختلاط الدم وارد بين أصحاب هذه العادة في السلام، إذن فالذي يحلق لحيته عرضة للإصابة بالإيدز والالتهاب الكبدي إذا اختلط دمه بدم المريض الذي يقبله. ـ إذن الذي يحلق لحيته فتح منافذ العدوى الجلدية على مصارعه، وأفقد وجهه ميزة خط الدفاع الجلدي الذي منّ الله به عليه. ثالثاً: شعر اللحية في الشتاء يدفئ الوجه، ويحمي العصب الوجهي من التعرض المباشر للبرد؛ خاصة عند قيادة السيارة بسرعة في الصباح الباكر البارد، وهذا يحمي المسلم من بعض أنواع الشلل الوجهي النصفي. رابعاً: شعر اللحية في الصيف يلطّف الوجه بنظام التبريد بالتبخير بنظام أواني المياه المحاطة بالأقمشة المبللة عند تعرضها لتيار الهواء وهذا يضفي على المسلم الراحة أيام الصيف الحارة ...كما أن اللحية تغطي تجاعيد الوجه المبكرة، وكذلك ترهل جلد الرقبة الذي عادة ما يعاني منه العديد من الرجال مبكراً))
و هذا رابط المصدر للتأكيد :
http://www.nazme.net/ar/?p=show_articles&id=104


و في دراسة بريطانية تؤكد الإيجابية الكبيرة للّحية :
جاء بموقع جريدة الاهرام بتاريخ 20-2-2013 ((كشفت دراسة طبية بريطانية حديثة النقاب عن الفوائد الطبية لإطلاق اللحى وتأثيره الإيجابى على صحة الإنسان خاصة فيما يتعلق بإبطاء عوامل التقدم فى السن والحماية من أشعة الشمس الضارة المسببة للسرطان . وقال باحثون بجامعة "كوينزلاند الجنوبية": إن اللحية تقدم حماية كبيرة ضد أضرار أشعة الشمس وارتباطها بسرطان الجلد، ووجدوا أن أجزاء الوجه التي تغطيها اللحية والشوارب كانت أقل تعرضا للأشعة فوق البنفسجية الضارة، مقارنة مع المناطق الخالية من الشعر بالوجه بمقدار الثلث . واستخدم الباحثون تقنيات قياس الجرعات، التي تقيس كمية الأشعة أوالإشعاع الممتصة، وأظهرت النتائج أن اللحى تقدم ما يترواح بين 90 و95% من الحماية ضد الشمس، اعتمادا على طول الشعر ...وأكد الدكتور روب هيكس، بجامعة لندن، أن اللحى والشوارب تساعد في تقليل أعراض الربو الناتجة عن التعرض لحبوب اللقاح والغبار، حيث أن الشوارب التي تصل إلى منطقة الأنف تعمل على منع المواد المثيرة للحساسية من الوصول الى الأنف عن طريق الاستنشاق من قبل الرئتين ...بدوره، أوضح الدكتور نيك لوى، أخصائي بشركة لمستحضرات العناية بالجلد، أن اللحية تعمل على إبطاء عملية التقدم فى السن وظهور علامات الشيخوخة، وتعمل على إبقاء المياه على سطح الجلد وتركه فى حالة رطبة عن طريق حمايته من الرياح التي تعمل على جفافه . وقالت الباحثة كارول ووكر "إن اللحى تساعد على محاربة السعال، وإن الشعر الكثيف الذي ينمو تحت الذقن والرقبة يعمل على رفع درجة حرارة الرقبة ويساعد فى الوقاية من نزلات البرد، وإن الشعر بمثابة عازل يبقي الانسان دافئا، حيث إن اللحى الكاملة التي تبعد الهواء البارد وترفع درجة حرارة الرقبة ستكون ذات فائدة إضافية عند الطقس البارد"))

و انطلاقاً من هذا ، فنقول بوجوب اللحية لهذا الدليل الثاني طبقا للقاعدة الفقهية التي تقول ((وجوب دفع الضرر المحتمل)) فاللحية تساعد على دفع ضرر امراض عديدة من الممكن ان تلحق الاذى بالانسان

***

يجدر كذلك التنبيه و الإشارة لمن يعملون عمليات بـ"أشعة الليزر" لإزالة شعر من جسدهم و بالأخص لحاهم "كُليّاً" ...لا خلاف بين احد ان هذا من المُحرمات لانه تغيير لخلق الله ، و إذا كان على حلق اللحية فهو على الاقل افضل من إزالتها نهائياً . و يُستحسن استخدام اشعة الليزر في غير معصية الله بل في طاعة الله ، فبدلاً من إتلاف لحيتك كليّاً الأولى ان تُتلف شعر إبطك و عانتك

كذلك من الامور التي لا خلاف عليها ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنهم، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا مَثَلُ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ» . و قال الله تعالى بسورة النور :((إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ))
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ((فالمحسن هو من لا يأتي بكبيرة إلا نادرا ثم يتوب مِنْهَا، وَمَنْ إِذَا أَتَى بِصَغِيرَةٍ كَانَتْ مَغْمُورَةً فِي حَسَنَاتِهِ الْمُكَفِّرَةِ لَهَا، وَلَا بُدَّ أَنْ لا يَكُونَ مُصِرًّا عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135] وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ وُجُوهٍ ضَعِيفَةٍ. وَإِذَا صَارَتِ الصَّغَائِرُ كَبَائِرَ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا، فَلَا بُدَّ لِلْمُحْسِنِينَ مِنِ اجْتِنَابِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الصَّغَائِرِ حَتَّى يَكُونُوا مُجْتَنِبِينَ لِكَبَائِرِ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ)) ..فحلق اللحية او غيرها من الامور "و إن كانت من الصغائر" فلا يجوز الاستخفاف بكونها صغيرة و تعمّد حلقها فبذلك اصبح حراماً و ارتكاباً لكبيرة

و عموماً سواءاً كانت اللحية نافلة ، او سُنّة ، او واجبة ، او فرض ، و إن اختلف العلماء في حكمها ...فلن يختلف احد على اي حال في حديث النبي صل الله عليه و سلم الذي امر به بإعفاء اللحية ..فبما ان الحديث به "امر" مُعيّن ففاعله يُثاب على فعله ، فاي أمر نبوي و الهي الذي يفعله الانسان يُثاب عليه ، و اي نهي نبوي و الهي يتجنبه الانسان يُثاب عليه
و عامةً سواءاً كان الامر بالحديث بالوجوب او بالنافلة ، فلا شك ان فاعل الامر النبوي سيُثاب ، فهذا الاحرى ان يُفعل بالامر النبوي اولى من تركه سواءاً كان سُنّة ام واجب

و لا ندري لماذا المُسلم المُلتزم بشرع الله و بفرائضه و سُننه لا ينال من الناس إلا السخرية و الإستهزاء ..ففي بعض البلاد يُعتبر الشخص الملتحي المُلتزم انسان يُسخَر منه ، بينما إذا وجدت قسّ نصراني ملتحي او هندوسي ملتحي او مغني جاز امريكي ملتحي ، يُعامل افضل مُعاملة بينما المُسلم الوحيد الذي يُسخَر منه ! هل السخرية من اللحية ام من كونه مُسلم ؟ نسأل الله السلامة و الصبر و الثبات على الحق

هذا و الله اعلم