المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على الشيخ الحازمي في موضوع الفتوى التونسية



أهــل الحـديث
24-10-2013, 01:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ...
فقد أرسل لي أحد الفضلاء شريطاً لفضيلة الشيخ أحمد الحازمي حول فتوى تونسية في مسألة العذر بالجهل ،وذكر أن الشيخ حفظه الله يكفر في هذا الشريط من يعذر بالجهل ،فقلت له حينها أني أستبعد هذا من الشيخ فعلمية الشيخ وسعة اطلاعه على تقريرات أهل العلم في هذه المسالة تمنع من ذلك والشريط عبارة عنً رد للشيخ على فتوى تونسية مفادها وصف من يكفر العاذر بالجهل بأنه جاهل وليس من العلماء ولا طلبة العلم وأنه لو قرر أخطأ العاذر بالجهل أو حتى بدعته لكان للكلام وجه معتبر إلى غير ذلك مما في هذا المعنى ..

وحين استمعت إلى الشريط الأول وجدت أن كلام الأخ صحيح، وأن الشيخ ينحو في تقريره إلى هذا المنحى الخطير ؛ فقلت في نفسي إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم تأملت في كلامه الشيخ فوجدت قد أخطأ خطأ بيناً في هذه المسألة وذهب فيها مذهب أهل الغلو بلا دليل واضح وصريح ،وإنما بحشد كلاماً كثيراً على معنى لا يختلف عليه كحقيقة التوحيد مثلاً أو الإجماع على ما يتضمنه من معان الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ووجوب إفراده سبحانه بالعبادة ثم يستدل بهذا على كفر من يرتكب ما يخالف ذلك بدعوى أن هذه المعني ليس فيها خلافاً وأنها مجمع عليها !، ثم يلحق به من لم يكفر بنفس الدعوى !!!
وهذا من أعجب ما رأيت من استدلالات !!
فالشيخ يكفر من يعذر بالجهل تارة لكونه لم يكفر بالطاغوت وتارة لكونه لم يفهم حقيقة الإسلام وتارة لكونه قد أنكر معلوماً من الدين بالضرورة وفي ذات الوقت ينقل عن أهل العلم أن كفر هذا هو من نوع التكذيب للنصوص الشرعية ..
- وفي وقفات متفرقة سأقف مع ما ذكره الشيخ من دلائل وأعلق عليه بحسب الإمكان حتى يأت المتخصصون فيتناولون كلام الشيخ بشيء من البسط والتأصيل ،مع العلم أني ما كنت يوماً أتوقع أن أقف هذا الموقف مع الشيخ الحازمي خاصة فأنا أفيد من طلابه شيئاً كثيراً في شتى العلوم الشرعية التي يتصدر الشيخ حفظه الله لشرحها ، وهذا الخطأ الفادح يؤكد لي أن ثمة فرق بين الإلمام بالعلوم الشرعية وحفظ أدلتها وبين استعمالها واتخاذها كأدوات في تقرير المسائل ،و لعل الشيخ أن يطلع على هذا الكلام فيرده أو يصححه أو يقبله والله الموفق ...

الوقفة الأولى :
بدأ الشيخ كلامه في الدقيقة ( 24) عن محل النزاع بدعوى أن الدليل من الكتاب والسنة والإجماع على كفر من يشرك بالله وكفر من توقف في كفره أو تردد فيه ،ثم نقل عن الرازي القول بوجوب الدليل على المثبت والنافي ! وهذه القاعدة محل خلاف بين أهل العلم هل يلزم النافي الدليل كالمثبت أم أن الدليل على المثبت المدعي فقط ؟ على ثلاثة أقوال استدل من يقول بالوجوب بقوله :"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين " ورد ذلك بأنه قد يفرق بين أن يكون النفي في معنى إقامة الدعوى كما في هذه الآية وبين أن يكون النفي في مقابلة الإثبات لأن النافي هنا لا يقيم دعوى بنفيه وإنما يمنع دعوى المثبت ويستصحب الأصل لعدم الناقل التام عنده والقول الثاني لا يلزم النافي بالدليل لقوله صلى الله عليه وسلم البينة على المدعي واليمين على من أنكر فجعل البينة على المدعي فقط ورد ذلك بأن اليمين من جملة الأدلة وقيل غير ذلك .. فإن قلنا بلزوم الدليل على النافي كان استصحاب الأصل هو دليله، فإن احتج بأن استصحاب الأصل إنما يكون عند عدم الناقل قيل وجود الناقل التام الخالي من المعارضة هو محل النزاع أصلاً فكيف يحتج بمحل النزاع ؟! فإذا ما تنزلنا مع الشيخ بلزوم الدليل على النافي في هذه المسألة قيل الأصل هو إسلام كل من ينطق بالشهادتين أو ولد لأبوين مسلمين أو فعل ما يدل على إسلامه كالصلاة أو غير ذلك مما هو مقرر في مظانه فإذا ارتكب هذا الشخص شركاً وقيل هذا مشرك أم لا فاختلف في وصفه الجديد كان لمن يعذر بالجهل والاكراه والخطأ أن يتمسك بالأصل وهو كونه مسلماً لأن الناقل ليس تاماً في حقه بل لابد من أن يكون هذا الشخص عاقلاً مريداً عالماً بأن هذا شرك مخرج من الملة ، بصرف النظر عن صحة ذلك من عدمه فهذا محل النزاع ...
يبقى بعد ذلك أن ننظر في دليل المثبت هل من يرتكب الشرك يسمى مشركاً أم لا ؟ وهل من يعذره بالجهل أو غيره يلحق به أم لا ؟ وما يهمنا هنا ليس حكم من يرتكب الشرك وهل يعذر بالجهل أم لا فهذه المسألة الخلاف فيها واقع بين أهل العلم وكل له أدلته التي يستدل بها ، ومع الإقرار أنها خلافية إذا اقتصر فيها على دلالة النصوص و لم يستدع تقريرها أصولاً باطلة تخالف أصول أهل السنة في مسائل الإيمان والكفر أو الأسماء والأحكام أو غير ذلك فقد اتفق مع الشيخ فيما ذهب إليه في هذه المسالة من أن الجهل لايمنع من وصف الكفر والشرك وأن من أشرك بالله هو مشرك ولو كان جاهلاً لأنه لم يأت بالتوحيد لا يكون مؤمناً ولا مسلماً على تفصيل مذكور في محله .. -أما كفر العاذر بالجهل فهذه أختلف فيها مع الشيخ أيما اختلاف وأرى أنه لم يأت عليها بدليل قطعي أو نص صريح من الكتاب والسنة بل يعتمد فيما ذهب إليه أصالة على قول بعض أهل العلم من المتأخرين والذي يحتاج كلامهم إلى دليل يدعمه والذي أدعي أنهم قد قيدوه في مواضع أخرى من كلامهم أو قيده إخوانهم من أهل العلم، وقد كرر الشيخ مطالبته لمن ينفي ذلك بأن يأت من كلام السلف ما يخالف قوله، مع أنه لم ينقل من كلام السلف شيئاً في هذا المعنى بالتحديد !!!

- والخطير في كلام الشيخ من وجهة نظري هي محاولة إقحام تكفير المشركين في صلب التوحيد وأصل الدين وجعله من حقيقة الكفر بالطاغوت كما في الدقيقة (25) فهذا هو المنزلق الخطير يشاركه فيه كثير من أهل الغلو والتكفير كأبي مريم عبد الرحمن المخلاف وقد هؤلاء كلامهم على هذا المعنى أن تكفير المشركين من أصل الدين على اختلاف بينهم في طريقة إدخاله فهذا يجعله من باب الولاء والبراء وهذا يجعله الكفر بالطاغوت وهذا يجعله من باب فهم حقيقة الإسلام كما ذهب الشيخ هنا في هذا الشريط !! فهل لنا إذا خالفا الشيخ في هذا المعنى أن نقول أن الشيخ لم يتبين أصل الدين وحقيقة الإسلام ؟! ومما يدل ابتداء على وهن أدلة الشيخ على هذا المعنى أنه حفظه الله قد جعل تصور مسألة كفر العاذر متوقف على الكثير من المقدمات ومتوقف أيضا على تصور حقيقة الدين والكفر بالطاغوت ،فقال في الدقيقة .25.25: "والكلام فيما يتعلق بالعاذر لابد في مقدمات يسبقها في من تعلق بمن تلبس بالشرك الأكبر وحقيقة كذلك الإسلام إذا فهمت هذه المقدمات حينئذ فهم ما يتعلق بمن لم يكفر المشركين أو صحح مذهبهم أو تردد أو شك في كفرهم حينئذ الأصل ماذا أنه يلحق بهم لكنه لن يتصور هذا الحكم الشرعي حتى تعرف حقيقة الإسلام وحتى تعرف حقيقة الكفر بالطاغوت .. " ا.هـ فمقتضى كلامه أن تكفير العاذر ليس فيه أدلة واضحة من الكتاب والسنة أو الإجماع كما ذكر ذلك مرارالأنه لا يتصور وجود هذا الأدلة ثم يقول بأن تصور تكفيره يتوقف على فهم مقدمات وبيان حقائق !!!

- في الدقيقة (26) يبدأ الشيخ بالشروع في الرد على الفتوى وذكر الأدلة على تكفير مرتكب الشرك وتكفير من يتوقف في تكفيره بقوله أنه لا يخفى على أحد أن الله سبحانه قد أرسل رسله وأنزل كتبه للدعوة إلى التوحيد وهو عبادته وحده والكفر بالطاغوت وذكر أن حقيقة الإسلام هي الإيمان بالله والكفر بالطاغوت وأن الكفر بالطاغوت معناه ترك الشرك وعدم التلبس به وقال :" وكذلك تكفير المشرك فكل من الوصفين داخل في الكفر بالطاغوت " وليس فيما ذكر دليل على ما يدعيه فالكفر بالطاغوت لا يدخل في معناه تكفير المشركين فضلاً عن تكفير من لم يكفرهم ، وقد أمر الله بالكفر بالطاغوت في غير ما آيه فقال تعالى :"ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " وفسر حقيقة احتناب الطاغوت في قوله : "والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله .. " الآية ،فبين حقيقة الإجتناب للطاغوت باجتناب عبادته وترك الإشراك به، وهذا المعنى ذكره الشيخ ولكنه أقحم معه تكفير المشركين بلا دليل !!! قال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل:"يؤمنون بالجبت والطاغوت"، أن يقال: يصدِّقون بمعبودَين من دون الله، يعبدونهما من دون الله، ويتخذونهما إلهين." ا.هـ فلا يدخل في حقيقة الكفر بالطاغوت إلا ترك عبادتها والبراءة منها وهذا هو معنى الكفر بها أصالة فلا تتضمن تكفير المشركين فضلاً عن تكفير من لم يكفرهم اللهم إلا أن يكون ذلك من تمام الكفر بهم والبراءة من عابديها فيكون من كمال التوحيد ولوازمه لا من أصله وحقيقته إذ أن ذلك يحتاج إلى دليل خاص وليس ثمة دليل على ذلك إلا كلام بعض أهل العلم وقد قيدوه بما يفيد عدم دخوله في الأصل كما سيأتي .. - ثم أخذ الشيخ بعد ذلك في تقرير ضرورة فهم حقيقة الإسلام وأنه لا يصح إسلام من لم يقف على حقيقة التوحيد وأن التوحيد ليس مجرد قول باللسان أو انتساب للإسلام بل هو قول وعمل وفهم وتطبيق إلى غير ذلك مما يكون في هذا المعنى ونقل الشيخ على ذلك الكثير من أقوال أهل العم وما ذكره لا خلاف فيه مطلقاً فهذه المعاني يقولبه الجميع المكفر وغير المكفر وليس فيها دليل على محل النزاع وإنما هي دليل على ماجاءت فيه من وجوب فهم حقيقة الدين وأن ذلك مدار نجاة العبد وتحقيق إسلامه وإيمانه ...
- وهنا يلزم التنبيه على ضرورة التفريق بين حقيقة الإسلام وحكم الإسلام ، فحقيقة الإسلام هي مدار النجاة وهي ما نقل الشيخ عليه كل هذه النقولات ولكن حكم الإسلام يكون في الظاهر لمن يخالف هذه المعاني بما ينقضها ،فلا يتوقف الحكم بالاسلام فهم هذه المعاني إلا أن يُعرف عنه عدم فهمه لحقيقة الإسلام قبل دخوله فيه فيبين له حقيقة الإسلام وأنه كذا وكذا، أما المسلم أصلاً سواء ممن نطق بالشهادتين أو ولد لأبوين مسلمين أو غير ذلك فهو مسلم يحكم له بالإسلام ظاهراً وتجري عليه أحكامه بلا خلاف مالم يتلبس بكفر ظاهر أجمعت الأمة على أنه كفر مخرج من الملة وتقوم بذلك عليه البينة الشرعية فلا يكفر مسلم لم يرتكب الشرك بحجة أنه لم يفهم التوحيد أو أنه جاهل بحقيقة الإسلام فيكفر دون سبب ظاهر فهذا باطل وكسر لقاعدة جريان الحكم على الظاهر وخلط بين حقيقة الإسلام والحكم به فكل من أظهر الإسلام ولم يظهر خلافه حكم له به حتى وإن علم عن باطنه كفر ونفاق أو جهل وتكذيب ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المنافقين أعظم شاهد أوضح دليل، فلم يُجر عليهم صلوت الله وسلامه عليه أحكام الكفر مع علمه ببواطنهم عن طريق الوحي أنهم من المنافقين وقوله لئلا يقال إن محمد يقتل أصحابه فهذا فيمن لم يظهر منه نفاق أو كفر وقامت البينة الشرعية عليه بذلك ...
- وجميع ما ذكره الشيخ لا خلاف فيه وليس فيه دليل على كفر العاذر بالجهل الذي يتوقف في تكفير من تلبش بالشرك !!! وطريقة الشيخ فيها شيء من الغرابة فهو لا يأت بنصوص واضحة وصريحة على كفر العاذر أو حتى المتلبس بالشرك ووجوب تسميته مشركاً وإنما يركّب كلامه على كلام أهل العلم وعلى نصوص الكتاب والسنة على سبيل الاستنتاج على طريقة (فإذا كان إذن ) ويرفق ذلك بالإكثار من القول : ( أنه لا يتصور عقلاً) فمثلاً يورد كلاماً لابن جرير الطبري أو ابن القيم كقوله في المدارج في الدقيقة (31) من الشريط الأول : " فإن الدين الذي هو نفس الإسلام عند الله هو شهادة أن لا إله إلا الله والقيام بحقها" ثم يركب عليه من عند نفسه قوله : "وأعظم ما يدخل في حقها ماذا ؟ فهم معناها والعمل بمقتضاها ومن عبد غير الله تعالى وحينئذ لم يفهم معنى الكلمة ولم يتحقق بالعمل بمقتضى الكلمة فكيف يوصف بكونه ماذا مسلما بل هو مشرك وهذا لا نزاع فيه كما ذكرت سابقا " ا.هـ وليس الإشكال في وجوب فهم معناها أو العمل بمقتضاها وإنما تركيب كلامه على كلام ابن القيم رحمه الله حتى يبدو للسامع وكأن الكلام كله لابن القيم وأن ابن القيم يقول لا نزاع على ما ذكره الشيخ ! وحقيقة الأمر أنه لا خلاف فيما ذكره ابن القيم رحمه الله ولا ما ذكره الشيخ أيضاً ولكن الربط بينهما بهذه الصورة يوحي بشيء من التدليس لأن ابن القيم لم يبين ما حقها ولم ينص على أن من لم يأت بذلك يمتنع وصفه بالاسلام - وهذا هو محل النزاع الذي ينقل الشيخ كلام ابن القيم لأجل التدليل عليه بينما هذا المعنى لم يقرره ابن القيم بل هو من كلام الشيخ فيبقى النقل لا قيمة له ولا موجب لذكره كشاهد أو دليل على المعنى المعين الذي ذكره ! وقل مثل ذلك في نقله بقية كلام ابن القيم رحمه الله وبعده كلام ابن تيمية وابن رجب وغيرهم فجميعه ليس فيه دليل على المعنى المعين الذي هو محل النزاع وإن كان فيه دليل على بيان حقيقة التوحيد والشرك والإيمان والكفر وغير ذلك مما لا خلاف أصلاً حول تقريره، بينما الخلاف هو فيما يركبه الشيخ من معاني على هذا الكلام ،وقوله لا يتصور عقلاً أن يوصف بالاسلام من يفعل الشرك ويخالف هذه الحقيقة المجمع عليها وتكراره لهذا المعنى من أعجب ما في كلام الشيخ ولولا حسن ظننا بالشيخ لوصفنا كلامه بالتدليس !!!

- وفي الدقيقة ( 46 ) يختم الشيخ مقدمته الأولى بنتيجة لم يذكر عليها دليل خاص وإنما كما سبق يأتي بكلامه على طريقة الاستنتاج فيركبه على كلام أهل العلم ثم يزعم أنه لا خلاف عليه ،ويكون كلام أهل العلم ليس في تقرير هذا المعنى - تكفير من لم يكفر مرتكب الشرك لعذر بالجهل- بل في تقرير معاني التوحيد وما يتضمنه من أصول ومسائل ولنتأمل كلام الشيخ في هذا المقطع من الدقيقة (46 ) حيث قال : "وهو أنه إذا فهم حقيقة الإسلام امتنع أن يوصف من تلبس بالشرك بكونه مسلماً ، ومن وصفه بكونه مسلماً مع كونه تلبس بالشرك حينئذ لم يفهم حقيقة الإسلام " ا.هـ
وهذا التلازم ليس حقيقياً نعم قد يكون فيمن يشرك ويعبد غير الله ممن ينتسب للإسلام فهذا يصح أن يقال بأنه لم يفهم حقيقة الإسلام أما من يتوقف في تكفيره لما يراه أدله تمنع من ذلك فلا يقال له أنه لم يفهم حقيقة الإسلام ومعنى التوحيد ، فإن العاذر بالجهل لا يخالف في حقيقة الاسلام التي ذكرها الشيخ ولا في أن من يتلبس بالشرك ينقض توحيده على العموم ولكن يقرر مثلاً بأن المكره والجاهل والمخطئ معذور ومستثنى من الوصف بالشرك ويقول لك : إن اتفقت معي في أن المكره والمخطئ مستثنى من الوصف بالشرك مع ارتكابه واختلفت معي في الجهل فليس ذلك يعود بالضرورة على عدم فهمي لحقيقة الإسلام وإنما قد يكون لاختلافي معك في دلالة النصوص التي تقرر العذر بالجهل ،هذا على أقصى تقدير والشاهد أنه ليس بالضرورة عند من يعذر بالجهل ويتوقف في وصف من تلبس بالشرك بأنه مشرك أن يكون ذلك عن عدم فهم حقيقة الإسلام وبالتالي فقول الشيخ بعد ذلك بان من لم يفهم حقيقة الإسلام لم يكن كافراً بالطاغوت لا محل له ! ثم يتابع الشيخ كلامه فيقول :
"فإذا لم يفهم حقيقة الإسلام لم يكفر بالطاغوت وإذا لم يكفر بالطاغوت لم يكن مسلما هو نفسه لم يكن مسلماً البتة إلا إذا فهم المراد بالكفر بالطاغوت وفهم المراد بحقيقة الإسلام فلا يجوز أحد اجتماع حقيقة الإسلام والشرك بالله تعالى مع إقراره أنه يعبد غير الله تعالى إلا من فارق الإسلام ، وهذا كلام واضح من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو مجمع عليه بين العلماء " ا.هـ
فقوله وهذا كلام واضح من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ليس كما وصف الشيخ فكلام شيخ الإسلام ليس في أن من لم يكفر من تلبس بالشرك لم يفهم حقيقة الاسلام ،ولا أن تكفير من تلبس بالشرك يدخل في معنى الكفر بالطاغوت بل كلامه رحمه الله في تقرير التوحيد وما يتضمنه من معان وهذا نص كلام شيخ الاسلام رحمه الله : " بل التوحيد الذي لا بد منه لا يكون إلا بتوحيد الإرادة والقصد وهو توحيد العبادة وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله أن يقصد الله بالعبادة ويريده بذلك دون ما سواه وهذا هو الإسلام فإن الإسلام يتضمن أصلين: أحدهما: الاستسلام لله والثاني: أن يكون ذلك له سالما فلا يشركه أحد في الإسلام له وهذا هو الاستسلام لله دون ما سواه " ا.هـ فليس في كلامه شيئاً على ما ذكر الشيخ فهو رحمه الله يقرر معنى التوحيد وأنه يتضمن أصلين أحدهما الاستسلام لله والثاني أن يكون ذلك له سالما فلا يشركه أحد في الاسلام ،وهذه معان مقرره في الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم ولا خلاف عليها البتة بين من يعذر أو من لم يعذر وليس فيها دليل على المعنى المعين الذي يحتج به الشيخ ويقول في آخره بأنه واضح وأنه مجمع عليه بين العلماء. فما هو مجمع عليه بين العلماء حقيقة التوحيد وما يتضمنه من معان لا أن من يعذر الجاهل بجهله لا يفهم حقيقة الاسلام وأنه كافر !!! وكم يطعن بمثل هذه الاستنتاجات الفارغة في مشائخ وأعلام إن لم يكونوا قد فهموا حقيقة الاسلام والتوحيد فليس على وجه البسيطة من يفهمه !!!

وهذا رابط الشريط : http://www.youtube.com/watch?v=8X4WuNxHgpU
والله الموفق