المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الردُّ على تاج الدين السبكي في بَعْضِ دَعَاويه في "طبقاته" أنَّ فلاناً أَشْعَرِي!



أهــل الحـديث
24-10-2013, 09:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




الردُّ على تاج الدين السبكي
في بَعْضِ دَعَاويه في "طبقاته" أنَّ فلاناً أَشْعَرِي

كتبه
أبو معاوية
مازن بن عبد الرحمن البحصلي البيروتي


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه.

أما بعد، فلتاج الدين السبكي ( ت 771 هـ ) في كتابه " طبقات الشافعية الكبرى " مزاعم لا تصح ادعى فيها أن بعض كبار العلماء من الأشاعرة وليسوا كذلك، ولم يأتِ بأدلة على مزاعمه إلا ما نقله عن ابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" أو ما زعمه هو بنفسه بلا برهان على كلامه، وهذا ليس حجة كافية عند المحققين خاصّة إذا ورد عن أولئك العلماء نصوص تفيد أنهم على عقيدة السلف الصالح في إثبات آيات الصفات وأحاديثها وإمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، وقد بيّنت خطأ بعض مزاعم ابن عساكر في مقالي على الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=306376


وهذا ما تجمع عندي حتى الآن عن بعض من زعم تاج الدين السبكي أنهم من الأشاعرة، وليسوا منهم، يسّر الله دراسة باقي تراجم كتاب " طبقات الشافعية الكبرى " وإظهار الحق والذب عن عقيدة علمائنا السلفيين، والله من وراء القصد .



1 - الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري ( ت 311 هـ ):
نقل السبكي في ترجمته لابن خزيمة في طبقاته (2/135/ط. دار المعرفة) تأويله لحديث الصورة, ثم قال أن تأويل ابن خزيمة "شاهد صحيح لا يرتاب فيه من أن الرجل بريءعما ينسب إليه المشبهة[1] وتفتريه عليه الملحدة, وبراءة الرجل منهم ظاهرة في كتبه وكلامه (!!) ولكن القوم يخبطون عشواء ويمارون سفها". وتغاضى السبكي النظر عن أن تأويل ابن خزيمة لحديث الصورة[2] ذكره في "كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل التي وصف بها نفسه" الذي ملأه من أوله إلى آخره بإثبات الصفات لله عز وجل, كصفة الوجه والعينين واليدين والاستواء والكلام والضحك والنزول وغيرها من الصفات. فلماذا أعرضت يا سبكي عن كتاب الرجل بأكمله وتعلقت بهذه المسألة الواحدة, فنقول لك : "إن كلام ابن خزيمة في "كتاب التوحيد" شاهد صحيح لا يرتاب فيه من أنه سلفي العقيدة, بريء عما نسبته إليه من الأشعرية".


2 - أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي ( ت 342 هـ ):
ذكر السبكي في "طبقاته" "أن مشايخ الحاكم الذين كانت له بهم خصوصية من المتصلبة في عقيدة الأشعري, كالشيخ أبي بكر بن إسحاق الصبغي..."اهـ.

قال عبد الغافر الفارسي : "اختص الحاكم بصحبة إمام وقته أبي بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي, فكان في الخواص عنده والمرموقين". السياق لتاريخ نيسابور (المنتخب/ص 16(

وترجم الحاكم للصبغي أول ترجمة في طبقة شيوخه من "تاريخ نيسابور", وذكر أنه توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة, أي أن سن الحاكم وقتها كان إحدى وعشرين, فهو شيخه الذي تأسس عليه منذ بداية طلبه للعلم, فهل عقيدة شيخه أشعرية كما "زعم" السبكي؟
قال البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" (ص 531): قال أبوعبدالله الحافظ[أي الحاكم]: قال الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه: "قد تضع العرب (في) بموضع (على), قال الله عز وجل: {فسيحوا في الأرض} وقال: {لأصلبنكم في جذوع النخل} ومعناه على الأرض وعلى النخل, فكذلك قوله {في السماء}, أي: على العرش فوق السماء, كما صحت الأخبار عن النبي صلّى الله عليه و سلم"اهـ.

وفي بيان الصّبغي لعقيدته الذي عرضه على ابن خزيمة قال : "وأنه ينزل تعالى إلى السماء الدنيا فيقول: "هل من داع فأجيبه". فمن زعم أن علمه تنزّل أو أمره, ضلّ, ويكلّم عباده بلا كيف. {الرحمن على العرش استوى} لا كما قالت الجهمية : إنه على الملك احتوى, ولا استولى, وأنّ الله يخاطب عباده عودا وبدءاً, ويعيد عليهم قصصه وأمره ونهيه, ومن زعم غير ذلك فهو ضال مبتدع".اهـ. ( نقله الذهبي – عن الحاكم في "تاريخ نيسابور" – في سير أعلام النبلاء (14/381( )


3 - الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله ( ت 405 هـ ):
عدّ تاج الدين السبكيُّ الحاكم أشعريّاً في طبقات الشافعية الكبرى (4/162), وذكر أنّ مشايخه الذين كانت له بهم خصوصية من المتصلّبة في عقيدة الأشعري, كالشيخ أبي بكر بن إسحاق الصبغي, وأبي بكر بن فورك, وأبي سهل الصعلوكي, وذكر أن ابن عساكر أثبته في عداد الأشعريين في كتابه "تبيين كذب المفتري".
قال البيروتي: ذكر ابنُ عساكر الحاكمَ في كتابه في الطبقة الثانية، وهم أصحاب أصحاب الأشعري، من غير أن يأتي بدليل من كلام الحاكم أو غيره يشهد له بالأشعرية، وهاكم ما قاله الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص139) – عند كلامه على الإمام ابن خزيمة : - "
وأنا أذكر في هذا الموضع من دقيق كلامه الذي أشار إليه إمام فقهاء عصره أبو العبّاس بن سريج ما يستدل به على كثير من علومه, ... سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : سمعت أبا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة يقول : من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر بربه, يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه, وألقي على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بنتن ريح جيفته, وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين, إذ "المسلم لا يرث الكافر" كما قال صلى الله عليه وسلم".اهـ.
قال البيروتي: يعدُّ الحاكمُ هذا الكلام من "دقيق كلامه" و "ما يستدل به على كثير من علومه" من أنه "من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر بربه, يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه", فلو كان الحاكم كما "زعم" السبكي أشعريا لما أثنى على كلام ابن خزيمة, لأن الأشاعرة ينكرون بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته, ولعدَّ الحاكم هذا الكلام من الضلال المبين بدلا من الثناء على قائله. ولكنه أثنى على قائله, لأنه يوافق عقيدته السلفية, عقيدة السلف الصالح أصحاب الحديث.
أما قضية ( مشايخه الذين كانت له بهم خصوصية من المتصلّبة في عقيدة الأشعري )، فارجع إلى ما كتبته أبي بكر أحمد بن إسحاق الصبغي.


4 - محمد ابن الإمام أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل أبو نصر الإسماعيلي ( ت 405 هـ )
ذكره ابن عساكر في كتابه في الطبقة الثانية، وهم أصحاب أصحاب الأشعري، من غير أن يأتي بدليل يشهد له بالأشعرية.
ووهّى الذهبي قول ابن عساكر بأشعريته في ترجمته في تاريخ الإسلام ( 401 – 420 هـ / ص 120 / ط. التدمري ) فقال: وزعم ابن عساكر أنه كان أشعريًّا.
قال البيروتي: الأصل أن يكون الابن سائراً على العقيدة التي سطّرها والده في كتابه " الاعتقاد "، عقيدة السلف الصالح أصحاب الحديث، ولأنّ والده هو شيخه الأول الذي أخذ عنه العلم، ومن زعم أنه أشعري عليه أن يأتي بالدليل، وجاء في ترجمته في " التبيين ": ترأس في حياة والده أبي بكر الإسماعيلي وبعد وفاته إلى أن توفي، وكان له جاه عظيم وقبول عند الخاص والعام في كثير من البلدان، وأول ما جلس للإملاء في حياة والده أبي بكر الإسماعيلي في سنة ست وستين في مسجد الصفارين إلى أنْ توفي والده، ثم انتقل إلى المسجد الذي كان والده يملي فيه، ويملي كل يوم سبت إلى أن توفي.
أما السبكي فقلّد ابن عساكر تقليداً أعمى – من دون تحقيق - وقال أن أحمد ابن الإسماعيلي وأهل بيته كلهم أشاعرة! فقال في ترجمة الرجل في "طبقاته": وقول شيخنا الذهبي في ترجمة المذكور ( وزعم ابن عساكر أنه كان أشعريًّا ) لا يتوهم منه أن الأمر عنده بخلاف ذلك، فإن أشعرية هذا الرجل وأهل بيته أوضح من أن تخفى ولكن شيخنا على عادته في الإيهام غضًّا من الأشاعرة سامحه الله. اهـ.
قال البيروتي: والعجب أن السبكي لم يذكر في ترجمته لوالده الإمام أنه أشعري! ولعلّ السبب أن لوالده المصنف المشهور كتاب " اعتقاد أئمة أهل الحديث " الذي قال فيه ( ص 34 / ط. الفتح – الشارقة ): اعْلَمُوا - رحِمَكُمُ اللهُ - أَنَّ مَذَاهبَ أَهْلِ الحَدِيْثِ الإِقرَارُ بِاللهِ وَملاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَقبولُ مَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللهِ، وَمَا صحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لاَ مَعْدِلَ عَنْ ذَلِكَ.
وَيعتقِدُوْنَ بِأَنَّ اللهَ مدعُوٌّ بِأَسمَائِهِ الحُسْنَى، وَموصوفٌ بِصفَاتِهِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ بِهَا نَبِيُّهُ، خَلَقَ آدَمَ بيَدَيْهِ، وَيدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ بِلاَ اعْتِقَادِ كَيْفٍ، وَاسْتوَى عَلَى العِرشِ بِلاَ كَيْفٍ، فإنه انتهى إلى أنه استوى على العرش، ولم يذكر كيف كان استواؤه،
... وَذكرَ سَائِرَ الاعْتِقَادِ.
والنص نقله الذهبي في كتابَيه " سير أعلام النبلاء " و " العلو للعلي العظيم "، والكتاب طُبِعَ بتحقيق د. محمد الخميس في دار الفتح/ الشارقة في الإمارات سنة 1416 هـ / 1995 م، ومطبوع في دار العاصمة/ الرياض .
فلعل السبكي يدري بمصنفه المشهور هذا فما تجرأ على الادعاء أنه أشعري!


5 - الخطيب البغدادي ( ت 463 هـ )
نقل الذهبي في ترجمة الخطيب في "تاريخ الإسلام" قول عَبْد الْعَزِيز الكتاني: إنه، يعني الخطيب، ... كان يذهب إِلَى مذهب أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِيِّ رحمه اللَّه.
قلتُ ( أي الذهبي ): مذهب الخطيب فِي الصفات أنها تمر كما جاءت؛ صرَّح بِذَلِك في تصانيفه.
قال البيروتي: نقل الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ( 18 / 284 ) بإسناده إلى الخطيب البغدادي، قال: أَمَّا الكَلاَمُ فِي الصِّفَات، فَإِنَّ مَا رُوِيَ مِنْهَا فِي السُّنَن الصِّحَاح، مَذْهَبُ السَّلَف إِثبَاتُهَا وَإِجرَاؤُهَا عَلَى ظوَاهرهَا، وَنَفْيُ الكَيْفِيَة وَالتَّشبيه عَنْهَا، وَقَدْ نَفَاهَا قَوْمٌ، فَأَبطلُوا مَا أَثبَتَهُ الله، وَحققهَا قَوْمٌ مِنَ المُثْبِتين، فَخَرَجُوا فِي ذَلِكَ إِلَى ضَرْب مِنَ التَّشبيه وَالتَّكييف، وَالقصدُ إِنَّمَا هُوَ سُلُوْك الطّرِيقَة المتوسطَة بَيْنَ الأَمرِيْن، وَدينُ الله تَعَالَى بَيْنَ الغَالِي فِيْهِ وَالمُقصِّر عَنْهُ.
وَالأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الكَلاَم فِي الصِّفَات فَرْعُ الكَلاَم فِي الذَّات، وَيُحتذَى فِي ذَلِكَ حَذْوُهُ وَمثَالُه، فَإِذَا كَانَ معلُوْماً أَن إِثْبَاتَ رَبِّ العَالِمِين إِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ وَجُوْدٍ لاَ إِثْبَاتُ كَيْفِيَة، فَكَذَلِكَ إِثْبَاتُ صِفَاته إِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتُ وَجُوْدٍ لاَ إِثْبَاتُ تحديدٍ وَتَكييف.
فَإِذَا قُلْنَا:للهِ يَد وَسَمْع وَبصر، فَإِنَّمَا هِيَ صِفَاتٌ أَثبتهَا الله لِنَفْسِهِ، وَلاَ نَقُوْل:إِنَّ مَعْنَى اليَد القدرَة، وَلاَ إِنَّ مَعْنَى السَّمْع وَالبصر:العِلْم، وَلاَ نَقُوْل:إِنَّهَا جَوَارح.
وَلاَ نُشَبِّهُهَا بِالأَيدي وَالأَسْمَاع وَالأَبْصَار الَّتِي هِيَ جَوَارح وَأَدوَاتٌ لِلفعل، وَنَقُوْلُ:إِنَّمَا وَجب إِثبَاتُهَا لأَنَّ التَّوقيف وَردَ بِهَا، وَوجب نَفِيُ التَّشبيه عَنْهَا لِقَوْلِهِ:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشُّوْرَى:11]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَد}[الإِخلاَص:4]. اهـ.
أما السبكي فنقل قول الكتاني ثم تعقيب شيخه الذهبي عليه، ولم يأتِ بدليل في إثبات أشعرية الخطيب.


6 – عبد الكريم بن محمد، الحافظ أبو منصور السمعاني ( ت 562 هـ )
نقل السبكي في ترجمة محمد بن عبد الملك الكرجي الشافعي ( ت 532 هـ ) – وهو شيخ السمعاني – أن السمعاني ترجم لشيخه قائلاً:
أبو الحسن من أهل الكرج رأيته بها إمام ورع عالم عاقل فقيه مفت محدث شاعر أديب له مجموع حسن، أفنى طول عمره في جمع العلم ونشره ...
ثم قال ابن السمعاني: وله قصيدة بائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مائتي بيت قرأتها عليه في داره بالكرج . اهـ.
قال ابن السبكي: قلت: ثبت لنا بهذا الكلام - إنْ ثَبَتَ أن ابن السمعاني قاله - أن لهذا الرجل قصيدة في الاعتقاد على مذهب السلف موافقة للسنة، وابن السمعاني كان أشعري العقيدة، فلا نعترف بأن القصيدة على السنة واعتقاد السلف إلا إذا وافقت ما نعتقد أنه كذلك، وهو رأي الأشعري!! إذا عرف هذا فاعلم أنا وقفنا على قصيدة تعزى إلى هذا الشيخ وتلقب بـ "عروس القصائد في شموس العقائد" نال فيها من أهل السنة وباح بالتجسيم فلا حيا الله معتقدها ولا حيى قائلها كائنا من كان ... اهـ.
وذكر ابن السبكي من أبياتها:
عقائدهم أن الإله بذاته ...... على عرشه مع علمه بالغوائب
وقال السبكي بآخر كلامه: ولو أمكن إعدامها ( القصيدة ) من الوجود كان أولى والأغلب على الظن أنها ملفقة موضوعة وضع ما فيها من الخرافات من لا يستحي، ثم أقول: قبح الله قائلها كائنا من كان وإن يكن هو هذا الكرجي! فنحن نبرأ إلى الله منه! إلا أني على قطع بأن ابن السمعاني لا يقرأ هذه الأبيات ولا يستحل روايتها.

قال البيروتي: ذكر القصيدة الذهبي في ترجمة الكرجي في "تاريخ الإسلام" وغيره، ونقل بعض أبياتها.
وذكرها ابن حجر في "المعجم المفهرس" وساق سنده إليها فقال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر الحنبلي في كتابه، عن محمد بن المحب، أنبأنا محمد بن عبد الهادي سماعاً، أنبأنا موسى بن محمد بن عمر المديني ( قال البيروتي: هكذا وجدته! والصواب: أبو موسى محمد بن عمر ) في كتابه، أنبأنا أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي الناظم لبقيته .
وأتى ابن السبكي بتكلفات باردة وعجيبة ليثبت أن القصيدة ( أنها إما مكذوبة عليه كلها أو بعضها والذي يرجح أنها مكذوبة عليه كلها )!
والعجب أنه نقل تصريح السمعاني بقراءته للقصيدة على صاحبها - وأنها على اعتقاده واعتقاد السلف - في قوله: وله قصيدة بائية في السنة شرح فيها اعتقاده واعتقاد السلف تزيد على مائتي بيت قرأتها عليه في داره بالكرج . اهـ.
ثم يأتي ابن السبكي ويكابر ويكذبها ! قاتل الله التعصب كم يعمي صاحبه!
وقال الدكتور عبد الرحمن العثيمين في حاشيته على "الذيل على طبقات الحنابلة" لابن رجب لما ترجم للكرجي: ويظهر أن هذه القصيدة هي التي تُسَمَّى "عروس القصائد وشموس العقائد" وقد أذهلت هذه القصيدة التاج السبكي فتخبط في الرد عليها ، واستخدم عبارات سوقية لا تناسب وقار العلم ... ( ثم ذكر بعض تخبطاته ثم قال ) :
هذا المتحير المضطرب الذي لا يدري ما يقول، وهو أمَامَ شيخٍ شافعي من بني جلدته محقق علامة محدث ينهج منهج السلف الصالح مذهب أهل السنة والجماعة، ولولا أن القصيدة في غاية القوة والبيان، والتأثير في سامعها لما انبرى السبكي للرد عليها؛ لذا لا يلتفت لقوله الصادر عن غير روية، وكلام السبكي كله مدخول يمكن الرد عليه بالتفصيل، وكيف يقطع بأن السمعاني لم يقرأها هل يدعي علم الغيب؟! لا يستبعد ذلك على أهل الكشف والزيف .اهـ


7 - عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن هبة اللَّه بْن المطهر بْن عَلِيّ بْن أَبِي عَصْرون بْن أَبِي السّريّ. ( ت 585 هـ )
قاضي القضاة شرف الدّين أَبُو سعد التَّمِيمِيّ، الحديثي، ثم الموصلي الفقيه، أحد الأعلام.
قال الذهبي في ترجمته في "تاريخ الإسلام": وقد سُئل عَنْهُ الشَّيْخ الموفق، فَقَالَ: كَانَ إمام أصحاب الشافعي فِي عصره، وكان يذكر الدرس فِي زاوية الدَّوْلَعيّ، ويصلي صلاةً حَسَنَة ويُتِمّ الرُّكوع والسجود. ثُمَّ تولى القضاء فِي آخر عمره وعَمِي، وسمعنا درسه مَعَ أَخِي أَبِي عُمَر، وانقطعنا عَنْهُ، فسمعت أَخِي رحِمَه اللَّه يَقُولُ: دخلتُ عليه بعد انقطاعنا فَقَالَ: لِمَ انقطعتم عني؟ فقلت: إن ناسًا يقولون إنك أشْعرِيّ. فَقَالَ: واللَّه ما أَنَا بأشْعرِيّ. هذا معنى الحكاية. اهـ.
ضاق السبكي بهذه القصة ذرعاً، خاصة أن ابن أبي عصرون من أصحاب مذهبه، فكيف ردّها ؟ ردّها بمحض الظن !
قال: انتهى كلام الذهبي نقلته من خطه وأخشى أن تكون الحكاية موضوعة للقطع بأن ابن أبي عصرون أشعري العقيدة،
وغلبة الظن بأن أبا عمر لا يجتريء أن يذكر هذا القول،
ولا أحد يتجرأ في ذلك الزمان على إنكار مذهب الأشعري لأنه جادة الطريق،
ولا أظن أن ابن أبي عصرون يفتخر إذ ذاك بهما ويعاتبهما على الانقطاع،
وليس في الحكاية من قوله فسمعت أخي إلى آخرها ما يقرب عندي صحته غير أنهما انقطعا عنه لكونه مخالفا لهما في العقيدة والله يعلم سبب الانقطاع. اهـ.

فأين أدلتك يا سبكي على أن الرجل أشعري؟!
أين قطعت بأشعريته؟! على ماذا بنيت زعمك؟! على ( غلبة الظن ) و ( لا أظن )!!
قال النبي صلى الله عليه وسلّم: إياكم والظن ، فإنّ الظن أكذب الحديث .

8 -