المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تَخريج حَديث «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ» باطلٌ لا يصح !



أهــل الحـديث
24-10-2013, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وبعد:
إن الجهد العظيم الذي بذلهُ أئمةُ هذا الدِين في حفظ السُنة النبوية وتَنقيتها وغربلتها وتفتيش الأسانيد وبيان عللها وصحتها وضعفها ، وبيان أحوال الرواة في مصنفاتهم وأقوالهم التي نقلها عنهم تلامذتهم أو خَطوها بأقلاهم فحُفظت لنا عبر التاريخ ، فخلفوا لنا تُراثاً ضخماً وعلماً صَلداً يَفتخرُ به الصَغير والكبير ويعد مفخرة لهذه الأمة المحمدية، وتتجلى العناية الربانية لها في تهيئة رجال حُفِظَت بهم السنة النبوية كالإمام مالك، وأحمد، والشافعي، والبخاري، ومسلم، وأبي حاتم، وغيرهم رحمهم الله أجمعين ، وألحقنا ركبهم وأتبعنا بهم ورزقنا شيئاً مِن علمهم العَظيم .
لما كَان الغَالب على أفعالهم عَدم التَصريح بالأسباب التي لأجلها يُعلون الأحاديث ، او الأسباب التي " ارتأوا من خلال ترجيح رواية راوٍ على آخر أو تضعيف حديث فلان في مكان، وتصحيحه في مكان أخر، إذ لم يبينوا لنا أسباب ذلك إلا في بعض الأحاديث التي تعد قليلة الى جنب ما سكتوا عنه، وإنما كانت تلك القرائن والأسباب قد وقرت في نفس الناقد حسب " .
فتجلت جلالةُ الأئمة المُتقدمين - رحمهم الله - في النقد الحديثي للمتن والسند دُون إنفصالٍ تامٍ عن بعضهما البعض حتى شهد لهم من أتى مَن بعدهم بأنهُ لا يمكن أن يكون الذين أتوا مِن بعد هؤلاء إلا أن يكونوا على خُطاهم وأن يسيروا بطريقتهم في النقد ، فيقول الحافظ شمس الدين الذهبي - رحمه الله - في تَرجمة أبو بكر الإسماعيلي في تذكرة الحفاظ (3/948) : (( صنَّف الصحيح وأشياء كثيرة، من جُملتها مسند عمر ت، هذَّبه في مجلدين، طالعتُه، وعلَّقْتُ منه، وابتهرت بحفظ هذا الإمام، وجزمتُ بأن المتأخرين على إياسٍٍ من أن يلحقوا المتقدمين في الحفظ والمعرفة )) ، فعلى جلالة الحافظ الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام جزم لأبي بكر الإسماعيلي وهو من الأئمة المُتقدمين بالعلم العَظيم والفهم الجَزيل والحفظِ والمعرفة وهذه شهادةٌ منهُ على قصور علم مَن بعدهم مُقارنة بهم ولا يحسبن القارئُ أنا بذلك هدرنا جهد المُتأخر كيف لا ونحنُ لا نسنتغني عن ما ألفه الحافظ ابن حجر كذا الذهبي ! ودُونك إمامُ الصنعة الحافظ الدارقطني ، واعلم أيها الأخ الكريم أن كثيراً من المُتأخرين ممن سبق الحافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - على طريقة الأئمة المُتقدمين سالكاً لنَهجهم في التعليل والتصحيح والتضعيف ، كالدارقطني وابن رجب والذهبي - رحمهم الله أجمعين - فلا يحسبن القَارئُ أنا لجهد غيرنا مُنكرين أو لفضله في العلمِ شاكين بل الحقُ ولا خِلاف فيه أننا نقر لهم بالجُهد ونشهدُ لهم بالفضل والجلالة ، لكن الأمر كما قال الحافظ الذهبي - رحمه الله - في ترجمة ابن خلاد في السير (16/69) : (( قال الخطيب: كان لا يَعرف شيئًا من العلم، غير أن سماعه صحيح، وقد سأل أبا الحسن الدارقطني، فقال: أيما أكبر الصاع أو المُدّ؟ فقال للطلبة: انظروا إلى شيخكم ، وقال أبو نعيم: كان ثقة ، وكذا وثقه أبو الفتح بن أبي الفوارس، وقال: لم يكن يعرف من الحديث شيئًا ، قال الذهبي : فمن هذا الوقت، بل وقبله، صار الحفاظ يُطلقون هذه اللفظة على الشيخ الذي سماعُه صحيحٌ بقراءة مُتقنٍ، وإثباتِ عَدْلٍ، وترخَّصُوا في تسميته بالثقة.وإنما الثقة في عُرْف أئمة النَّقد كانت تقع على العَدل في نفسه، المتقن لما حمله، الضابط لما نَقَل، وله فهمٌ ومعرفةٌ بالفنِّ، فتوسَّعَ المتأخرون.مات ابن خلَّاد في صفر سنة تسع وخمسين وثلاثمائة )).
قال في التذكرة (2/627) : (( فبالله يا شيخ: ارفق بنفسك، والزم الإنصاف، ولا تنظر إلى هؤلاء الحفاظ النظر الشَّزْر، ولا ترمقنَّهم بعين النقص، ولا تعتقد أنهم من جنس محدثي زماننا، حاشا وكلا... وليس في كبار محدثي زماننا أحدٌ يبلغ رتبة أولئك في المعرفة، فإني أحسبُك لِفَرْطِ هواك تقول بلسان الحال إن أعوزَكَ المقال: مَنْ أحمدُ؟ وما ابن المديني؟ وأي شيء أبو زرعة وأبو داود؟ هؤلاء مُحدِّثون ولا يدرون ما الفقه؟ وما أصوله؟ ولا يفقهون الرأي، ولا عِلْمَ لهم بالبيان والمعاني والدقائق، ولا خبرة لهم بالبرهان والمنطق، ولا يعرفون الله تعالى بالدليل، ولا هُم من فقهاء الملة.
فاسكُتْ بحِلمٍ، وانطِقْ بعلمٍ، فالعلم النافع هو ما جاء عن أمثال هؤلاء.
ولكن نِسبتك إلى أئمة الفقه كنسبة محدثي عصرنا إلى أئمة الحديث، فلا نحن ولا أنت، وإنما يَعرف الفضلَ لأهل الفضل ذو الفضل، فمن اتقى الله راقب الله واعترف بنقصه )) أهـ ، حتى كان المُتأخر يُحسن الحَديث وقد أنكرهُ أئمة النَقد وجهابذة المُحدثين ممن هو في عصر الحافظ ابن حجر ثُم مَن أتى بعدهُ حتى حسن السيوطي - رحمه الله - رواية المتروكِ والمُنكرِ ! لمُجرد أن يكون للحديث طُرق وشواهد ومُتابعات وأما توسعهم في هذا فليس بمرضي على جلالتهم بل إن الحق الذي لا مرية فيه أن الحَديث لو كَان الضعفُ فيه خفيفاً وكان الخطأ مُحتملاً فإنهُ يصلح عندها للاعتبار أما لو كان الخطأ فيه راجحٌ فإنهُ لا يصلحُ للمتابعة والشَاهد ، فلابد مِن السير على خُطى هؤلاء الجَهابذة في النقد والتعليل وأن لا ننكر عليهم تعليلاتهم وكأنهُ ظهر لنا مالم يظهر لهم في هذا الشَأن وما أغرب أن يأتي أحدٌ من هذا الزمن المُتأخر جداً ويقول : (( ظهر لي مالم يظهر للإمام أحمد )) أو يقول : (( ولعل هذا الشاهد لم يطلع عليه الإمام أحمد ! )) ، وهذه والله آثفة ومُصيبة المصائب نسأل الله تعالى العافية والسلامة .

**********

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ» أهـ . حَسنهُ الشَيخ الألباني لشَواهدهِ .

@ التَخريج ودِراسةُ الأسانيد .
يروي الحَديث كُلٌ مِن : [ عقبة بن عامر الجهني ، ولهُ شاهدٌ من رواية عبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عُمر ، وجابر بن عبد الله ] - رضي الله عنهم - .
[1] أما حَديث عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - .
أخرجه الترمذى (4/384، رقم 2040) وقال: حسن غريب. وابن ماجه (2/1140، رقم 3444) ، والحاكم (1/501، رقم 1296) وقال: صحيح على شرط مسلم. والبيهقى (9/347، رقم 19367) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (3/281، رقم 1741) .
قُلت : وهذا الحَديث ضعيفٌ جداً انفرد به بكر بن يونس ورواهُ عنهُ جمعٌ من أصحابه .
قَال الطَبراني في الأوسط (6272) : (( لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ إِلَّا بَكْرُ بْنُ يُونُسَ، وَلَا يُرْوَى عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ )) .
قَال حُسين سليم مُسند أبو يعلى المُوصلي (1741) : (( إسنادهُ ضعيف )) .
قال الترمذي في السنن (2040) : (( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ )) .
قال ابن القطان في بيان الوهم (5/818) : (( وحسنه وهو ضعيف )) .
قال ابن طاهر المقدسي في الذخيرة (6151) : (( وَأوردهُ فِي تَرْجَمَة بكر بن يُونُس بن بكير الْكُوفِي: عَن مُوسَى بن عَليّ، عَن أَبِيه، عَن عقبَة بن عَامر. وَهَذَا لَا يرويهِ عَن مُوسَى غير بكر. قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث يَعْنِي بكرا )) أهـ .
قُلت : أما قول الطبراني فإعلالُ بتفرد بكر بن يونس وهو ممن لا يحتمل تفردهُ بالحَديث عَن موسى بن علي بن رباح لضعف الرجل فالحَديثُ بهِ ضَعيفٌ جداً ، وقد قَال بعضُ المُتأخرين أنهُ ممن اختلف فيه ! وهذا عندي فيه نظر لما سيأتيكَ الآن ، وأما قول الإمام الترمذي حسنٌ غريب هذا مِن الإمام تعليلٌ للحَديث فلا يصحُ الاستدلال بها على أنهُ قد حسنهُ - رحمه الله -.
قَال العَجلي : (( لا بأس به )) .
قال البُخاري : (( مُنكر الحديث )) .
قال أبو حاتم : (( منكر الحديث، ضعيف الحديث )) .
وقال أبو زُرعة : (( واهي الحديث، حدث عَنْ مُوسَى بْن عَلِيٍّ بحديثين منكرين، لم أجد لهما أصلا من حديث مُوسَى )) ، وما يرويهِ بكر بن يونس مِن حَديث موسى بن علي ! فالحَديث استنكرهُ جبلٌ من الجِبال الحَافظة وهو أبو زُرعة الرازي على اعتدالٍ فيه ! .
وقال ابن عدي : (( عامة ما يرويه لا يتابع عليه )) ، كذا ضعفهُ الحافظ الذهبي - رحمه الله - والذي يتبينُ أن الرجل ضعيفُ الحَديث جداً ، وقد استنكرَ حديثهُ عن موسى بن علي أبو زُرعة الرازي وأما قولهم لا يتابع عليه ! فإن مَن ينفرد بحَديث ولا يتابع عليه وإن كان ثقةً فقد يستنكرهُ الأئمة لقرينة في الحَديث دَلت على ضعف هذا الحَديث عنهُ ، فما ظنك لو الذي إنفرد بهِ ضعيفٌ جداً ، ولا يَصل الراوي إلي مرتبة مُنكر الحَديث حتى تكثر النكارة فيما يرويه ! .
ودُونك الحَافظ ابن رجب في شرح العلل يَقول (1/274) : (( فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان، أحدهما مسلك الإمام أحمد ومن وافقه، وهو يرجع إلى الكلام في إسناد الحديث، لشذوذه وانفراد طاوس به، وأنه لم يتابع عليه، وانفراد الراوي بالحديث مخالفا للأكثرين هو علة في الحديث، يوجب التوقف فيه، وأنه يكون شاذا ومنكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح، وهذه طريقة المتقدمين كالإمام أحمد، ويحيى القطان ويحيى بن معين )).
قَال الحَافظ ابن رجب في شرح العلل (1/208) : (( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد وإن لم يرو الثقات خلافه: "إنه لا يتابع عليه " ويجعلون ذلك علة فيه اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفرد الثقات الكبار، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه )) ، قُلت وذلك أيها النَبيه ممن كثر حفظهُ واشتهرت عدالتهُ وعلم إتقانهُ وكان مبرزاً في العلم مُتقناً لما يُحدث به فإن ذلك إن إنفرد بحديث فإنهم يصححونه ، وقد يستنكرون تفردات الثقات الكبار ولهم في كُل حديث نقد خاص ، فما ظنك بمنَ عرفَ ضعفهُ وبان جلياً رجحانُ الخطأ في حديثه ووجود النَكارة فيما يرويه لما ورد عن مثل البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وابن عدي ! يَقول الشَيخ خالد بن منصور الدريس - حفظه الله - : [ ومما يدل على أن بعض النقاد من المحدثين كان يرد بعض الأحاديث بالتفرد، ما وجدناه في كلام أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310هـ) عند كلامه على علل الأخبار التي يخرجها في كتابه (تهذيب الآثار) يقول : (وهذا الحديث عندنا صحيح سنده، لا علة فيه توهنه، ولا سبب يضعفه، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح، لأنه خبر لا يعرف له مخرج عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه، والخبر إذا انفرد بنقله عندهم منفرد وجب التثبت فيه ] أهـ .
وهذا حالُ من انفرد برواية الحَديث ممن عرف ضبطهُ واتقانهُ والاعلال بالإنفراد في حَديث الصدوق أولى منه في الثقة وقد يُقبل تفرد الثقة بالحَديث إن دارت القرائنُ وثبت أنهُ احتمل تفردهُ وصحَ ما أتى بهِ ، أما وإن لم يُتابع ولم يأتي بما لا يُخالفُ أصلاً أو روى عن شيخ مشهورٍ مالا يعرفهُ تلامذةُ هذا الشَيخ المشاهير فإن هذا عند الأئمة لا شك في أنهُ علةٌ تقدح في صحة الحَديث ، وربما يستنكرُ الأئمة المُتقدمون تفردات الثقات الكبار للقرائن التي تُحيط بوقوع الخطأ أو الوهم فيما يرويه وذلك لأن لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم والخطأ دارجٌ على الناس وذلك شعبة وهو أمير المؤمنين في الحديث كان يخطئ في الأسماء ، والعبرةُ أن رد التفرد لا يأتي بإطلاقهِ إنما يقوم على القرائن والمرجحات في الأحاديث فإن كان صدوقاً فهو أولى بالشك فيما تفرد به من الثقة وقد يُعل حديث الثقة لما ذكرنا ، وغاية ما أريد أن أصل إليه أن الحَديث لو تفرد به مُنكر الحَديث أو مَتروك الحديث فإن هذا ضعيفٌ جداً عند أهل العلمِ والمعرفة ! فقد استنكر لبكر أحاديثاً رواها عن موسى بن علي ! فهل مثل هذا يُحتمل تفردهُ برواية الحَديث ؟! .
قال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه (2216) : (( هَذَا حديثٌ بَاطِلٌ، وبكرٌ هَذَا مُنكَر الحديثِ )).
واعترض الشَيخ الألباني - رحمه الله - على قَول الحافظ الإمام أبو حاتم الرازي " باطل " فقال الشَيخ - رحمه الله - : (( كذا قال " باطل "! ولا يخلو من مبالغة )) أهـ .
والحقُ أن الإمام ابي حاتم - رضي الله عنه ورحمه - لا يستعملُ هذه اللفظة إلا للتعبير عن نَكارة ما انفرد به هذا الراوي أو الخطأ أو الوهم ، وقول الترمذي إعلالٌ للحديث منهُ - رحمه الله - فالرواية من هذا الطريق مُنكرةٌ لا تصحُ بل لا يصحُ مِن هذه الطرق الأربعة شيء وكُلها مُنكرة وقد تساهل مَن حسنها لشواهدها لأن الإمام أحمد بن حنبل قال : (( المُنكر أبداً مُنكر )) .

*****************

[2] ما روي من طريق عبد الله بن عُمر - رضي الله عنه - .
الحَديث أخرجه الإمام الدارقطني في غرائب مالك مِن أربعة وجوه :
[ الوجه الأول ] عَلِيُّ بْنُ قُتَيْبَةَ الرِّفَاعِيُّ .
قَال ابن عَدي في الكَامل (1360) : (( قَدْ حَدَّثَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ قُتَيْبَةَ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ عَنْ مَالِكٍ وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ بَاطِلَةٌ عَنْ مَالِكٍ )) أهـ.
قال ابن الجوزي في العلل (1453) : (( وعلي بْن قُتَيْبَة يُحَدِّثُ عَنِ الثِّقَاتِ بَالْبَوَاطِيلِ )).
وقال ابن طاهر في ذخيرة الحفاظ (6151) : (( قَالَ ابْن عدي: وَهَذَا مُنكر بَاطِل، وَالْحمل فِيهِ على ابْن قُتَيْبَة هَذَا )) ناقلاً عن ابن عدي - رضي الله عنه - قولهُ في الحَديث .
[ الوجه الثاني ]مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْوَلِيدِ الْيَشْكُرِيُّ.
قال الدارقطني في الموسوعة (3274) : (( إنهُ ضعيف )) .
قال الشَيخ نَاصر الدين الألباني - طيب الله ثراه - : (( واليشكري كذبه الأزدي وهو محمد بن عمر بن الوليد بن لاحق نسب إلى جده.قال ابن حبان: لا تجوز الرواية عنه. وقال أبو حاتم: أرى أمره مضطربا )) أهـ ، قال الخَطيب البغدادي : (( هذا حديث غريب من حديث مالك بن أنس عن نافععن ابن عمر. تفرد بروايته محمد بن الوليد اليشكري، وتابعه علي بن قتيبةالرفاعي عن مالك، وليس بثابت من حديثه )) ، وهذا الرجل مُتهمٌ بالكذب كما قال الشَيخ الألباني - طيب الله ثراه - ، فقد كذبهُ الأزدي وكذبهُ مالك ، وقال الذهبي : (( ضعيف )) فلا يصحُ من روايتهِ عَن مالك .
[ الوجه الثالث ] عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَافِعٍ الْعَامِرِيُّ .
قال الدارقطني - رحمه الله - في الموسوعة (2267) : (( كل من رواه عن مالك، ضعيف )).
قال العقيلي في الضعفاء (3/73) : (( لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَلَا رَوَاهُ ثِقَةٌ عَنْهُ، وَلَهُ رِوَايَةٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِيهِ لِينٌ أَيْضًا )) ، وقال الدارقطني لسان الميزان (5/310) : (( عبد الوهاب واه جدا ووقع عند العقيلي عبد الوهاب البناني )) ، وقد قال الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال (5327) : (( ألصق بمالك حديثاً )) ولا يصحُ من هذا الطريق أيضاً .
[ الوجه الرابع ]خِدَاشُ بْنُ الدَّحْدَاحِ .
قَال الحافظ في لسان الميزان (2924) : (( عن مالك بخبر منكر ليس من حديثه )) .
وقد ضعفهُ الدارقطني انظر موسوعة أقوال الإمام (1/239) ، فلا يصحُ حديثهُ أيضاً لضعفهِ الشَديد.
[ الوجه الخامس ] عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مِهْرَانَ الرِّقَاعِيُّ .
قال الحافظ ابن حجر في اللسان (5360) : (( أورد له الدَّارَقُطْنِيّ في «الرواة عن مالك» وفي «غرائب مالك» من طريق محمد بن الخليل الخشني، عن عبد الملك بن مهران الرقاعي، عن مالك، وغيره، عن نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنهما، رفعه «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام» ... الحديث، وقال لا يصح عن مالك، ولا عن نافع، وكل من رواه عن مالك ضعيف )) أهـ.
قال العقيلي في الضعفاء (3/34) : (( صَاحِبُ مَنَاكِيرَ، غَلَبَ عَلَى حَدِيثِهِ الْوَهْمُ، لاَ يُقِيمُ شَيْئًا مِنَ الْحَدِيثِ )) ثُم ساق لهُ عددا من الأحاديث المنكرة التي لا يعرف لها وجه ولا تصحُ مِن طريق ، وبهذا الخِتام يتبين أن ما روي من طريق ابن عُمر شديد الضعف لا يصح فغدا حديثهُ في خانة المناكير لشدة ضعف من رواهُ عن مالك ووهن حديثهم ! فكيف يصلح ليكون لحديث عقبة شاهداً يُقويه ويحسنهُ كما قَال الشَيخ الألباني - طيب الله ثراه - ، إذ أن هذا فيه نظرٌ بالغ .

*****************

[3] ما روي عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - .
أخرجهُ البزار (1010)، والحاكم 4/ 410 ، والطبراني في المُعجم الأوسط (9093) ، وأبو نعيم في الطب النبوي (709) مِن طريق مُحمد بن العلاء عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدَّهِ، مَرْفُوعًا بِهِ .. الحَديث .
قُلت : وهذا شَديد الضعف لا يصح ولا يَرقى أن يَكون لما سبق شَاهداً .
قال البزار في المسند المُعلل (1010) : (( وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ )) أهـ .
وقال الطبراني في المُعجم الأوسط (9093) : (( لَا يُرْوَى هَذَانِ الْحَدِيثَانِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الثَّقَفِيُّ )) أهـ .
قَال الحَاكم في المُستدرك : (( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ )) .
قَال الشَيخ المُحدث الألباني - طيب الله ثراه - مُتعقباً قَول الحاكم وموافقة الحافظ الذهبي في السلسلة الصحيحة (2/364) : (( كَذَا قَالَ! وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَهُوَ عَجَبٌ مِنْهُمَا، فَإِنَّ مَا بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالْحِزَامِيِّ لَمْ أَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُمْ، وَقَوْلُهُ: "الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ" كَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى جَدَّهِ، وَلَمْ أَدْرِ اسْمَ وَالِدِ الْوَلِيدِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ أَوْلاَدُهُ: "إِبْرَاهِيمُ وَحُمَيْدٌ وَعُمَرَ وَمُصْعَبٌ وَأَبُو سَلَمَةَ". وَقَدْ رَاجَعْتُ تَرْجَمَةَ الْوَلِيدِ مَنْسُوبًا إِلَى كُلٍّ مِنْ هَؤُلاَءِ الْخَمْسَةِ فِي "الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ" وَغَيْرِهِ فَلَمْ أَعْثُرْ عَلَيْهِ )) أهـ ، وهذا سَندٌ مسلسلٌ بالمجاهيل لا تقومُ به الحُجة ولا يستشهدُ بهِ فزاد السَابق نكارةً إلي نكارته .

*****************

[4]ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - .


أخرجهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي "طَبَقَاتِهِ" (ح1262) وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِي "طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ" (1/54)، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْحِلْيَةِ" (10/221) وَفِي "أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ" (ح40629)، وَمِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِهِ" (40/340).
[ تَنبيه ] كُنت قد بلغتُ النِهاية في الحَديث حتى وَجدتُ مبحث الأخ أبو مُسلم العقاد - نفع الله به - هُنا في مُلتقى أهل الحَديث وكان لهُ السبق في التَخريج ودراسة الحَديث والحُكم بنكارته ورد قول من قال بتحسين الحديث لشواهدهِ ومُتابعته وقد أجاد وأفاد وأحسن في تَخريجه ، وإني لأرى والله أن تَخريج هذا الرجل بلغ حُسنه أن فاق دراستي المُتواضعة لهُ ولعلي أدرجهُ ليطلع عليه المُطلع وإني لأرجوا أن يكون في مبحثي ولو قليل زيادة عن مبحث الأخ أبو مسلم هُنا (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=180446) .
والحَديث يروى مِن طريق أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تُرَابٍ عَسْكَرُ بْنُ الْحُصَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّخَعِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنَ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قُلت : وهذا حَديثٌ غريب تفرد به ابن مُصعب عن أبو تُراب عسكر بن الحصين عن أهل أصبهان ، مُحمد بن عبد الله بن مُصعب كان من أهل التقوى ولم يكن من أهل الإتقان او الحَديث أو كان لهُ عانية بهِ حتى يقبل منه ما انفرد به عن الأصبهانيين ، وأبو تُراب ليس ممن يُحتمل تفردهُ في الحَديث وخاصةً أنهُ قد تفرد بروايته عن ابن نُمير وهو من أعيان الحُفاظ وشيخُ البخاري فلم يكن هذا الرجل الصالح من أهل العناية بالحَديث والإتقان وقد تفرد عن أصحاب ابن نُمير بهذا الحَديث وهذا يشعرك بأنهُ أخطأ فيه ، وإني لأكاد أجزم أنهُ أخطأ فيه ولم يؤده على الوجه الصحيح .
قد أخرجهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي "سُنَنِهِ"، وَأَبُو يَعْلَى فِي "مُسْنَدِهِ" هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ نُمَيْرٍ أَيْضًا ولكن من رواية بكر بن يونس - وقد تقدم حاله - ، فتَكون رواية ابن ماجة في السنن وأبي يعلى في المُسند - وقد ضعفها حسين سليم أسد - هي المعروفة ، وأما ما روي مِن غير ما رواهُ الإمامان ابن ماجة وأبي يعلى فشاذٌ مُنكر لا يصح . والله أعلى وأعلم بالصواب.

[ الخُلاصة ] رحم الله الشَيخ المُحدث الألباني ، والسيوطي ، كذا الحافظ الجبل الجهبذ ابن حجر - رضي الله عنهم ورحمهم - فقد حسنوا الحَديثَ وقوى الشَيخ الألباني أمرهُ وليس فيما ذهبوا إليه صَواباً وهو اجتهادٌ منهم في التَصحيح ولكن الحقَ أحقُ أن يقال ويتبع ، من أن الحديث شاذٌ ومُنكر لا يصحُ عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي نسبته إلي النبي العدنان تساهلٌ شديد وإني على قصر نظري وعلمي لأرى أن الحَديث لا أصل لهُ ، وهو الصوابُ إن شاء الله .

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان الرجيم .
وصلي اللهم وسلم على الحبيب مُحمد وعلى آله وصحبه وسلم.



أملاهُ العَبد العاثرُ الفقير /
أبو الزهراء بن أحمد آل أبو عودة الغزي الأثري
17/ مِن ذي الحجة / 1434هـ
- غفر الله لي ولوالدتي ووالدي وشيوخنا والمُسلمين أجمعين -