تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأنبياء والرسل مخيرون وليسوا مسيرين



أهــل الحـديث
19-10-2013, 06:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قرأت على النت في احد المواقع هذا الموضوع ...
راجيا" علمائنا الاجلاء رفد الموضوع او رفضه بالادلة والبراهين وفقكم الله لما يحب



الانبياء والرسل مخيرون وليسوا مسيرين

كتبه : نهرو طنطاوي

سبق أن قلنا إن من الاعتقادات الخاطئة لدي الغالبية العظمي من الناس، أن الأنبياء والرسل قد خلقهم الله ليكونوا أنبياء ورسلا فقط، لا خيار لهم ولا إرادة في ذلك، أو بعبارة أخري يعتقد معظم الناس أن الأنبياء والرسل قد برمجهم الله علي الإيمان به وبرسالاته، أو قد أنزلهم الله من السماء، أو خلقهم علي صورته، فلا يمكن أن يكونوا غير أنبياء ورسل، ولا يمكن أن يكونوا غير مؤمنين بالرسالات إيمانا راسخا لا يتزعزع، وأن الأنبياء والرسل لابد وحتما أن يؤمنوا بالرسالات فورا ودون تردد، ولا بد أن يمتثلوا للرسالات امتثالا آليا دون تردد أو مناقشة. هذه كلها اعتقادات خاطئة، لأنها تجعل الأنبياء والرسل أناسا مسلوبي الإرادة، لا خيار لهم ولا مشيئة، وكأنهم دمي في يد الله يحركهم كيف يشاء.
إلا إن التفكر في أحوال الأنبياء والمرسلين في القرآن الكريم يجد أن الأنبياء والمرسلين كان لهم خيار حر وإرادة مستقلة، ويدل علي هذا أن النبي محمدا عليه الصلاة والسلام كاد أن يفتن عن القرآن، وكاد أن يركن إلي المشركين والوثنيين، لولا أن الله ثبته، قال تعالي: (إِن كَادُواْ لَيفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ لِتفْتَرِي عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذًا لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً. وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيهِمْ شَيئًا قَلِيلاً. إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيرًا). 73 75 الإسراء).
بل لقد حذر الله الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام عدة مرات من الشك والمرية في القرآن وفي حقيقة ضلال عبادة الأصنام، ففي المرة الأولي أمره إن كان يشك فيما أنزل إليه من قرآن فليسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبله، ثم حذره الله من أن يكون من الممترين، أي القاطعين لصلتهم بالله، وحذره ثانية أن يكون من الذين كذبوا بآيات الله، قال تعالي: (إِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ. وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآياتِ اللّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ). (94 95 يونس). وفي آية أخري نهي الله رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، عن المرية أي أن يختلط الأمر عليه في شأن القرآن، فقال تعالي: (لاَ تَكُ فِي مِرْيةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يؤْمِنُونَ). (17 هود). وفي آية أخري حذر الله رسوله من أن يكون في مرية مما يعبد المشركون، أي لا يختلط عليك أمر عبادة غير الله، واختلاط الشيء علي الإنسان بأن لا يعرف هل هو صواب أم خطأ، فقال الله له: (لاَ تَكُ فِي مِرْيةٍ مِّمَّا يعْبُدُ هَؤُلاء مَا يعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يعْبُدُ آبَاؤُهُم مِّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيرَ مَنقُوصٍ). (109 هود).
بل لقد نص القرآن علي أن هناك نبياً أو رسولاً أوحي الله إليه وآتاه الآيات، فكفر بها وانسلخ منها وأغواه الشيطان، فاتبع هواه وأخلد إلي الأرض، قال تعالي: (اتْل عَلَيهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَينَاهُ آياتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَي الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيهِ يلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يتَفَكَّرُونَ). (175 176 الأعراف).
ونستخلص من كل هذا أن الأنبياء والرسل جميعا كانوا مخيرين، بين الخير والشر، بين الكفر والإيمان، بين الشك واليقين، بين الريبة والاطمئنان، ولم يكونوا بالصورة التي يتخيلهم عليها الناس، فالناس يتخيلون أن الله لم يختر للنبوة والرسالة إلا أناساً قديسين أبرارا وفي أعلي درجات الإيمان واليقين، كلا، بل اختار الله للنبوة والرسالة أناسا عاديين، مثلهم مثل بقية الناس، لكنهم لم يصلوا إلي أعلي قمم الإيمان واليقين والبر إلا بعد أن جاءهم الوحي من الله بالعلم والحكمة والآيات البينات، فآمنوا بها بعد شك وتردد وريب وعدم اطمئنان، فهم لم يصلوا إلي أعلي درجات الإيمان واليقين دفعة واحدة، بل أخذوا وقتا من بعد نزول الرسالة، حتي وصلوا إلي تلك المنزلة السامية من الإيمان واليقين، وإلا لماذا شفع نوح في ابنه الكافر بعد علمه بأنه مات كافرا؟، وقد عاتبه الله في ذلك، ولماذا طلب إبراهيم من الله أن يريه كيف يحيي الموتي ليطمئن قلبه؟، ولماذا طلب موسي من الله أن ينظر إليه؟، ولماذا حذر الله الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام من الشك والريبة فيما أنزل إليه من قرآن، بل إن الرسول كاد أن يفتنه المشركون عما أوحي إليه، بل كاد أن يركن إليهم لولا أن ثبته الله.
بل لماذا كفر ذلك الرجل الذي أوحي الله إليه وأتاه الآيات البينات، فانسلخ منها وأغواه الشيطان، فاتبع هواه وأخلد إلي الأرض؟