المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيه حول نسبة تصحيح حديث (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله) للإمام أحمد



أهــل الحـديث
19-10-2013, 03:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، أَمَّا بَعْدُ :
فقد روي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في فضل العلم وحملته، فيه وصف بالعدالة لحاملي الحديث، ولفظه: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله , ينفون عنه تحريف الغالين , وانتحال المبطلين , وتأويل الجاهلين»
وقد ورد هَذَا الحديث من طرق متعددة:
منها: رواية إبراهيم بن عبدالرحمن العذري مرسلا، جاء من طرق لاتخلو من كلام مع إرساله.
ومن حديث إسامة بن زيد رضي الله عنه، بسند لايصح.
ومن حديث عبدالله بن مسعود، بسند ضعيف.
وكذا من حديث علي بن أبي طالب، وأبي أمامة الباهلي، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وغيرهم، بأسانيد ضعاف لاتصح.
قال العراقي في التقييد والإيضاح:: ((وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيء، وليس فيها شيء يقوي المرسل المذكور)) .
وليس مقصدي هنا تخريج الحديث وبيان طرقه، وإنما قصدت بيان ما روي عن الإمام أحمد رحمه الله من تصحيحه لهذا الحديث.
فقد روى الخطيب البغدادي في شرف أصحاب (ص: 29):
حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الفقيه، قال: حدثنا أبو بكر الخلال، قال: قرأت على زهير بن صالح بن أحمد، قال: حدثنا مهني وهو ابن يحيى قال: سألت أحمد يعني ابن حنبل عن حديث معان بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين» فقلت لأحمد: كأنه كلام موضوع قال: لا، هو صحيح. فقلت: ممن سمعته أنت؟ قال: من غير واحد. قلت: من هم؟ قال: حدثني به مسكين، إلا أنه يقول: معان، عن القاسم بن عبد الرحمن. قال أحمد: معان بن رفاعة، لا بأس به.
وقد رواه ابن عساكر من طريق الخطيب، واعتمد على هَذِهِ الرواية عدد من أهل العلم في نسبة تصحيح الحديث للإمام أحمد، إلا أن هَذَا السند الَّذِيْ ساقه الخطيب البغدادي فيه مقال، حيث قال الخطيب: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى زُهَيْرِ بْنِ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُهَنِّا وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ يَعنِي ابْنَ حَنْبَلٍ عَنْ حَدِيثِ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُذْرِيِّ،...
فقوله (حُدِّثْتُ) لم يبين هنا من حدثه بهذا السند، وهذه علة في السند، لجهالة شيخ الخطيب.
وقد يقال بأن هذه الجهالة لاتضر، لأن الخطيب أبان عن شيوخه الذين حدثوه عن أبي بكر الخلال، فقد ترجم الخطيب في تاريخ بغداد: (12/ 229) لعبدالعزيز بن جعفر فقال:
عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، أبو بكر الفقيه الحنبلي المعروف بغلام الخلال حدث عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، ومحمد ابن الفضل الوصيفي، وسعيد بن عجب الأنباري، وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وعلي بن طيفور النسوي، وجعفر الفريابي، وأحمد بن محمد بن الجعد، وإبراهيم بن محمد بن الهيثم القطيعي، ومحمد بن محمد الباغندي، وقاسم بن زكريا المطرز، وحامد بن شعيب البلخي، ومحمد بن الحسين بن شهريار، والحسن بن الحسين الصواف، والحسين بن عبد الله الخرقي، وعبد الله بن ناجية، وأبي بكر بن المجدر، وأبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد.
حَدَّثَنَا عنه أحمد بن علي بن عثمان بن الجنيد الخطبي، وبشرى بن عبد الله الفاتني.انتهى.
فقد ذكر الخطيب هنا من حدثه عن غلام الخلال وهم: أحمد بن علي الخطبي، وبشرى الفاتني، وقد ترجم لهم في تاريخه ووثقهم، إلا أن عدم تصريحه بمن حدثه في السند يبقى مشكلا، فلا يمكن الجزم بأن من حدثه هو أحد الشيخين المذكورين، خاصة مع شهرة الخطيب البغدادي بتدليس الشيوخ.
فهذه علة تقدح في السند.
ويضاف لهذا -إن صح السند - أن الإمام أحمد إنما صحح الحديث المرسل من رواية إبراهيم العذري، ولم يصححه مسندا مرفوعا.
فلا يصح على هَذَا نسبة تصحيح الحديث بإطلاق عن الإمام أحمد.
والله تعالى أعلم.
وكتب:
عبدالرحمن بن عمر الفقيه الغامدي، صبيحة السبت، الرابع عشر من شهر ذي الحجة لعام 1434هـ.