المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نقد لزلة عقدية في كتاب تيسير مصطلح الحديث



أهــل الحـديث
14-10-2013, 06:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
أما بعد:

فهذا نقد بشكل مختصر على زلة عقدية وقفت عليها في قراءتي لكتاب تيسير مصطلح الحديث،ولأن الله كتب الانتشار لهذا الكتاب الذي يسهل للمبتدي التعرف على علم مصطلح الحديث وبما أنه معتمد في كثير من الكليات والجامعات، فخشيت أن تروج هذه الزلة وتعتقد، فلذلك كتبت هذه المقالة المختصرة منبهاً ومحذراً ومبيناً وجه الخلل والصواب والله وحده الهادي لا إله إلا هو

قال صاحب التيسير في ص 71-72:
3- مثال المختلف:
أ- حديث: "لا عدوي ولا طيرة ... " الذي رواه مسلم، مع
ب- حديث "فر من المجذوم فرارك من الأسد" اللذين رواهما البخاري.
فهذا حديثان صحيحان، ظاهرهما التعارض؛ لأن الأول ينفي العدوى، والثاني يثبتها. وقد جمع العلماء بينهما، ووفقوا بين معناها على وجوه متعددة، أذكر هنا ما اختاره الحافظ ابن حجر، ومفاده ما يلي:
4- كيفية الجمع بينهما:
وكيفية الجمع بين هذين الحديثين، أن يقال: إن العدوى منفية وغير ثابتة، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يعدي شيء شيئا" وقوله لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون بين الأبل الصحيحة، فيخالطها، فتجرب: "فمن أعدى الأول؟ " يعني: أن الله تعالى ابتدأ ذلك المرض في الثاني، كما ابتدأه في الأول. وأما الأمر بالفرار من المجذوم، فمن باب سد الذرائع؛ أي لئلا يتفق للشخص الذي يخالط ذلك المجذوم حصول شيء له من ذلك المرض بتقدير الله تعالى ابتداء، لا بالعدوى المنفية. فيظن أن ذلك كان بسبب مخالطته له، فيعتقد صحة العدوى، فيقع في الإثم، فأمر بتجنب المجذوم؛ دفعا للوقوع في هذا الاعتقاد الذي يسبب الوقوع في الإثم.اهـ

قلت:
وهذا عين مذهب الأشاعرة الكلابية القائلين بنفي تأثير الأسباب وبأن المسبب يحصل عندها لا بها وسبب وقوعهم بهذا هو القول بالكسب الذي حقيقته قول الجبرية، فليس في النار قوة الإحراق وليس في السكين قوة القطع!قال ابن تيمية رحمه الله:
"وَمَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ السَّبَبَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي مُسَبَّبِهِ لَيْسَ عَلَامَةً مَحْضَةً وَإِنَّمَا يَقُولُ: إنَّهُ عَلَامَةٌ مَحْضَةٌ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الَّذِينَ بَنَوْا عَلَى قَوْلِ جَهْمٍ" الفتاوى 8 / 485
والجمع الصحيح الذي عليه أهل السنة أن العدوى المنفية في الحديث الأول هي العدوى التي تنفي بذاتها دون تقدير الله وكتابته لوقوع التأثر بها !
والحديث الثاني فيه العمل بالأسباب حتى يعرض نفسه الإنسان للعدوى فيمرض.
فالعدوى عند أهل السنة سبب للمرض ويحصل المرض بها.
أما ما قاله الجامع واعتمده المصنف فهو سائر على نفي الأشاعرة لتأثير الأسباب والله المستعان
والأثم الذي يقع فيه معتقد صحة العدوى عند الأشاعرة هو الشرك!

قال ابن القيم:
"ويا لله العجب!! إذا كان الله خالق السبب والمسبب، وهو الذي جعل هذا سبباً لهذا، والأسباب والمسببات طوع مشيئته وقدرته، منقادة لحكمته، إن شاء أن يبطل سببية الشئ أبطلها، كما أبطل إحراق النار على خليله إبراهيم، وإغراق الماء على كليمه وقومه، وإن شاء أقام لتلك الأسباب موانع تمنع تأثيرها مع بقاء قواها، وإن شاء خلى بينها وبين اقتضائه لآثارها، فهو سبحانه يفعل هذا وهذا وهذا، فأي قدحٍ يوجب ذلك في التوحيد؟ وأي شركٍ يترتب على ذلك بوجهٍ من الوجوه؟.
ولكن ضعفاء العقول إذا سمعوا أن النار لا تحرق، والماء لا يغرق،والخبز لا يشبع، والسيف لا يقطع، ولا تأثير لشئ من البتة، ولا هو سبب لهذا الأثر، وليس فيه قوة، وإنما الخالق المختار يشاء حصول كل أثر من هذه الآثار عند ملاقاة كذا لكذا، قالت: هذا التوحيد وإفراد الرب بالخلق والتأثير، ولم يدر هذا القائل أن هذا إساءة ظن بالتوحيد، وتسليط لأعداء الرسل على ما جاءوا به كما تراه عياناً في كتبهم، ينفرون الناس عن الإيمان" شفاء العليل ص317

وكتبه
أبو البراء المدرس
في صبيحة يوم عرفة عام 1434