المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدم صحة نسبة القول بجواز الرمي قبل الزوال أيام التشريق إلى أحد من الصحابة.[تقرير مختصر]



أهــل الحـديث
13-10-2013, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم


(تتبعت هذا كثيرا، زمنا طويلا، فلم أجد عن صحابي واحد ما يدل على الرمي قبل الزوال؛ لا من قوله ولا من فعله.
كلهم يرمون بعد الزوال، كما رمى النبي عليه الصلاة والسلام).

انتهى من تعليق الشيخ ابن باز-القديم- على بلوغ المرام(ش27/د9).


- وهذا أيضا مقتضى صنيع غير واحد من أئمة الحديث والأثر وأئمة فقه الاختلاف[=مايسمى بالفقه المقارن] وغيرهم؛ أنه لايثبت جواز الرمي قبل الزوال في أيام التشريق عن أحد من الصحابة.
منهم: ابن المنذر في"الإشراف"، والبيهقي في"السنن الكبير"و"الخلافيات"، وابن عبدالبر في"التمهيد"و"الاستذكار"، وابن قدامة في"المغني"، والزيلعي في"نصب الراية"، وابن حجر في"الفتح".

ومن المصنفين في المناسك:المحب الطبري في"القرى"ص524[أحسن كتب المناسك المطبوعة]، وابن الضياء في"البحر العميق"4/1878-1882[أكبر كتب المناسك المطبوعة].

- فهؤلاء كلهم وغيرهم عندما يحكون الخلاف العالي[=أقوال المتقدمين] لا يذكرون في أقوال المجيزين اسم صحابي، ومن ذكر منهم اسم صحابي= يعقبه ببيان ضعف نسبة هذا القول إليه.


- بل صرح محمد بن الحسن الجوهري بحكاية إجماع المتقدمين على أنه لا يجزئ الرمي قبل الزوال في أيام التشريق، وأشار إلى أنه لم يحدث الخلاف إلا في زمن أتباع التابعين.
[انظر: كتابه"نوادر الفقهاء" ص67]

- وكذا القاضي عياض صرح في كتابه"إكمال المعلم"4/ بحكاية القول بعدم إجزاء الرمي قبل الزوال عن كافة السلف، حاشا خلافا من بعض من هم بعد الصحابة.

- وتبعه على هذا التصريح نفسه أبوالعباس القرطبي في كتابه"المفهم"3/402.


- ومقتضى تصريح هؤلاء الثلاثة= أنه لم يثبت عندهم عن أحد من الصحابة القول بجواز الرمي قبل الزوال في أيام التشريق.



قلت: وقد تتبعت أنا-مع قصوري وتقصيري- ذلك منذ سنوات، وبحثت في كتب المناسك، واستقريت كتب الآثار وغيرها، وراجعت البحوث الخاصة بهذه المسألة= فلم أجد عن أحد من الصحابة إلا ما لايصلح أن يورد على من ينفي ثبوت جواز الرمي قبل الزوال عن أحد من الصحابة؛
لأن ما ينسب إلى بعض الصحابة= عليه عدة اعتراضات؛ من حيث عدم ثبوته ومن حيث عدم صحة دلالاته على جواز الرمي قبل الزوال في أيام التشريق.
[فلعله يتيسر لاحقا إن شاء الله نشر تفصيل تلك الاعتراضات]


بل الغريب هنا= هو أنه ليس أحد من هؤلاء الصحابة الذين ينسب إليهم-خطأ- القول الجواز= إلا وتجد عنه قولا بعكس هذه النسبة الخاطئة[فضلا عن غيرهم من الصحابة ممن لم ينقل عنه إلا التصريح بعدم الجواز].



- حتى إمام المناسك الذي لفتواه في أحكام المناسك تعلق بالصحابة؛ من حيث إن بعض الصحابة كان يحيل سائليه عن المناسك إليه[كما روي عن ابن عمر(رواه ابن أبي خيثمة في تاريخه وأبونعيم وغيرهما)،ونحوه عن ابن عباس(رواه ابن عساكر)] أعني: التابعي عطاء بن أبي رباح= فإن الصحيح عنه رحمه الله أنه كان لا يرى الرمي قبل الزوال، وقد كرر السائل سؤاله عن ذلك= فكرر عطاء المنع.
وهو الثابت عنه رحمه الله، وقد رواه ابن أبي شيبة بإسناد على رسم مسلم.

- وأما رواية جواز الرمي قبل الزوال عن عطاء= فإنه لايعرف لها سند.
[ولعله لأجل ذلك كان بعض العلماء يقتصرون على ذكر رواية المنع عنه فحسب، دون إشارة إلى القول الآخر المنقول عنه]

- وقد نقل عن عطاء أيضا قول ثالث؛ وهو أنه لو رمى قبل الزوال جهلا أجزأه.
رواه سعيد بن منصور في"سننه"[كما ذكر صاحب"القرى" ص524، لكنه لم يذكر سنده، فالله أعلم بحال سنده]





والكلام هنا للإشارة المختصرة إلى القول المحرر عن الصحابة في هذه المسألة، لا في استيفاء أدلة المسألة.

ومن باب الاستطراد=فخلاصة ما يظهر لي-والله أعلم- في المسألة= أن اشتراط أدلة أقوى من الأدلة التي سردها موجبو الرمي بعد الزوال في أيام التشريق= غفلة[ممن اطلع عليها] عن مراتب الاحتجاج في جنس هذه المسائل، وأن هذه طريقة ضعيفة ليست على جادة الحجاج في جنس هذه المسائل.

فإن قلنا بأن مسألتنا من أصول باب المناسك=فلضعف طريقتهم وجه، وإن قلنا بأنها من فروع باب المناسك=فلضعف طريقتهم وجه آخر.


- وأضعف من ذلك أنك ترى بعض من يعارض أدلة الموجبين= يعتمد في معارضتها[بلسان المقال أو بلسان الحال] على أدلة التيسير العامة، مع بعض حوادث التدافع عند الجمرات.
وهذا أيضا نفس فقهي ضعيف، وخطأ في إعمال الأصول العامة مع الأدلة الفرعية، وغفلة عن المخارج الفقهية الظاهرة، بل المنصوص عليها؛ كالتوكيل.


والحمدلله والله أعلم