المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة فارغة، إلى لجنة الصمت.



االزعيم الهلالي
09-10-2013, 10:30 PM
<b>






لست راغبا في إعادة الخطب الرنانة الداعية إلى نبذ العنصرية والألفاظ المسيئة فقد امتلأت الساحة بهذه الخطب حتى حفظناها ومللناها وهي المكررة رغم بداهتها ومعرفتنا المسبقة بها، ولست محتاجا إلى خطبة وعظية أُحذِّرُ فيها كلَّ مسؤولٍ من مغبَّةِ الظُلم في الدنيا والآخرة ساردًا مجموعة من القصص والشواهد، ولست مرغمًا على الحديث حول مواقفي وبطولياتي في وجه رافضي المساواة بين البشر، لأنني هنا أطالب بحقٍّ مشروع، والحقُّ من المسؤول يأتي قبل الواجب المُؤدَّى إليه، بلا منَّةٍ منهُ ولا فضل!

قالوا أن العنصريةَ تأتي في صدارة الأفعال المشينة لأن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" يتشدد في التحذير منها وفي عقوباته تجاه مُصْدِّريها، ولستُ هنا أرفض هذا الرأي، لكني في ذات السياق أعلم أن الفيفا يُجيز لكل اتحاد محليٍّ الاجتهاد في نبذ كل مايمسُّ الأخلاق الرياضية من قول أو فعل، لذلك لم يتردد في حظر كل اتحاد تتداخل فيه السياسة بالرياضة مثلا، ومن نفس المنطلق فليس الفيفا برافضٍ أي قرار ضد أي نادٍ أو جمهور نتيجة ألفاظٍ نابية خارجة عن الروح الرياضية والآداب الإنسانية التي يتفق حولها الجميع ولا يستطيع كائنا من كان أن ينطق بها في أي برنامج رياضي، ولو علم الناطق بها في المدرج أن آلة التصوير موجهةٌ إليه لأغلقَ فمهُ قبل أن يُكملها ولو اضطر أن يعضَّ لسانهُ ويقطعه خوفا من أن يراه الناس وهو ينطق بها!

وعليه، أتساءل: أين هم المتشدقون بقولهم (مجتمعنا محافظ) من هذا السِّباب العلني المسموع في كل بيت يشاهد مباريات أولئك الفرق التي يعشق مشجعوها الترنم به؟ وأين هم (حرَّاسُ الفصيلة) من القذف العلنيِّ القذر الذي توجد نصوصٌ دينية ثابتة في عقوبته؟ وأين هم (مُكَبْسِلُو) الوطنية وسالبوها ممن لا يشجع أنديتهم في مشاركاتها الخارجية عندما سمعوا لفظ (جوازات)؟ وأين هم (شرطة آداب الملاعب) من تصاريح رؤساء الأندية القادحة في ذمم الحكام وهم أبناء الوطن؟ وأين هم ممن شكَّكَ في رجولة مدرجٍ كامل لسنواتٍ طويلة بإسقاطٍ وقحٍ لا تبلغُ أيُّ تهمةٍ أخرى منتهاه؟ وأين هم؟ وأين هم؟ بُحَّ الصوتُ ولم نعثُر لهم على أثر، عادَ الصوتُ ومازالوا لم نعثُر لهم على أثر، حتَّى ننفجرَ فنُخطِئَ، فيظهروا -حمدا لله على سلامتهم- ويعودوا إلى ما انتهوا حَّراسُ فصيلةٍ يُكبسلون الوطنية ويضبطون الآداب العامة ويُطالبوننا بنسيان الماضي وبدء صفحة جديدة من العقوبات، ومازلنا لا نفهم لماذا نكون دومًا بداية كلِّ صفحة عقوبات؟!

نعم، قال مدرجنا (نيجيريا). لكن متى؟ هذا السؤال سيبقى إلى الأبد مُؤرِّقَهُم، لأنهم في كل دعوى يُهملون عامل الوقت ويُقدمون ردَّ الفعل على الفعل في تصرفٍ مُنطلقُهُ أحدُ أمرين: إما حماقةٌ وهي مصيبة، أو نُصرةٌ للذاتِ ولو بالظلم، وهنا تكونُ المصيبةُ أعظم، لكنها لا تكون مستغربة، لأن التاريخ يُثبت أنهم على مَرِّه كانوا هكذا، وعلى طولهِ لم يذوقوا غير العلقم والصبر، ولم يرتاحوا في غيرِ أقفارٍ مُهلكة، خادعين أنفسهم بالعشق والولاء، في حينٍ ننعمُ فيه بالذهب والمجد، دون أن نفقِدَ ولاءنا أو عشقنا، وقبل ذلك أو ذاك دون أن نفقدَ ذواتَنا ونُصبِحَ الكاذبينَ الذين يقتاتونَ على كذبهم ويصدقونهُ ثم يعيشون فيهِ حتى يبقى لا يخدعُ غيرَهم، فيضحكَ عليهم الضاحكون.

أما وإني لا أملكُ في هذا الموقف ضرا ولا نفعا، غير أن أرفع كفَّيَّ عليهم بقلبٍ إن مرَّوا به انقلبَ أسودا من كُثر ما أرهقه الظُلم والقهر والصمت -وإن كان كل عامٍ يفرحُ ببطولات مهرهُا الصعوبات- لكنها مشوبةُ بالكمد؛ فلا يوجد إنسان مهما جمع من المجد والرفعة والكرامة إلا وهو يكرهُ الظُلم ويطلب حقه مهما بلغ. وإن كنتُ لا أرجو منهم عدلا ولا أمانة، ولا في أسوأ الأحوال مساواة في الظلم، فإني مازلت منتظرا تحركا رسميا وموقفا دائما -لاينقطع-، أُكرِّر (لا ينقطع)، لأن احترافيتهم هي احترافية الأصوات والمزامير، كلما ارتفع صوتُكَ أخذت حقك، وكلما خَفَتَ الصوتُ سُلِبتَ في وضح النهار على مرآى من الشمس والملايين المشجعة والكارهة.



- حسبنا الله ونعم الوكيل. لا نشكو إلا إليه، ولا نسأل غيره، ولا نرجو عدالةً إلا عدالته.






أيها المِنْجَلُ السَّابحُ في فُسحَةِ الفضاء، أُسعِدْتَ هلالًا وعمتَ زَعِيمًا
{النمر15}



</b>