إبراهيم الحارثي
04-02-2007, 12:47 AM
الرباط- فيما شرعت العديد من الأحزاب المغربية في الاستعداد لخوض الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر 2007، يواجه حزب (الاستقلال)، المشارك في الائتلاف الحاكم، موقفاً حرجاً بعد حدوث انشقاقات داخلية ترتب عليها استقالة عدد من كوادره وإعلانهم تأسيس حزب جديد يحمل اسم "الوحدة والديمقراطية".
وبرر المنشقون خروجهم عن الحزب باستيائهم الشديد من "كيفية إدارة الحزب"، و"تحكم الصلات العائلية في اختيار المناصب داخل هياكل التنظيم"، وهو ما رفضه قياديو الحزب من جهتهم، مؤكدين انعدام تأثير هذه الخطوة، التي جاءت "لعجز المنشقين عن تحقيق مكاسب داخل الهيئات التنظيمية للحزب"، على استعداداته للانتخابات التشريعية.
جلول الجريسلي أحد القيادات المنشقة عن "الاستقلال" وعضو اللجنة التحضيرية للحزب الجديد قال في تصريح لإسلام أون لاين.نت: إن سبب انشقاقهم يرجع بالدرجة الأولى إلى "غياب الديمقراطية والشفافية داخل التنظيم، وهيمنة فكر العائلة على العلاقات البينية للقيادات والأعضاء".
وأضاف الجريسلي، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب الكاتب العام (الأمين العام) لنقابة الاتحاد الديمقراطي للشغالين بالمغرب المنشقة عن "الاتحاد العام للشغالين بالمغرب" الذي يسيطر عليه حزب الاستقلال، أن "ممارسات خاطئة عدة ميزت تصرفات قيادات الحزب، وأثرت سلبا على مصداقيته وحركته داخل المشهد السياسي المغربي".
فضيحة "النجاة"
وللتدليل على صحة كلامه ضرب جلول مثلا بوقائع جرت خلال انتخابات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) خلال سبتمبر الماضي، حيث تمت ملاحقة عدد من النواب المنتمين لحزب الاستقلال قضائيا بتهمة استعمال المال لشراء أصوات الناخبين.
وأضاف: "كذلك، لم نعد قادرين على تحمل آثار فضيحة النجاة السلبية علينا كمناضلين وكمؤسسة حزبية، ومما لا شك فيه أن تورط الأمين العام عباس الفاسي فيها أفقد التنظيم كثيرا من أسهمه لدى المواطنين المغاربة".
وترجع أصول "فضيحة النجاة" إلى عام 2002 حينما كان الفاسي وزيرا للتشغيل وقتها، حيث نسقت الحكومة المغربية مع شركة "النجاة" الإماراتية لتشغيل آلاف المغاربة، لكن اتضح فيما بعد أنها شركة وهمية نصبت على الجميع وربحت من وراء العملية مبالغ طائلة، حيث كانت تلزم كل مرشح بتقديم مبلغ يناهز الـ100 دولار.
ابتزاز انتخابي
من جهته نفى عضو اللجنة التنفيذية للحزب أحمد خليل بوستة في حديث لإسلام أون لاين.نت وجود تأثير لهذا الانشقاق، قائلاً: إن حزبه "له من المبادئ والثوابت والقيم ما يحصنه ضد أي عثرات، وإن الخروج الأخير للغاضبين لن يؤثر لا من قريب ولا من بعيد على موقع الحزب وحصيلته خلال الانتخابات المقبلة".
وبرر بوستة خروج الغاضبين بأنهم لم يستطيعوا مسايرة التطورات بالحزب، مفنداً الأسباب التي يسوقها المنشقون من أن الحزب تسوده بعض الاختلالات على مستوى العلاقات والمفاهيم بقوله: "إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يتحدث هؤلاء عن هذه الأخطاء بنظرهم في السابق؟".
وأضاف نجل أمحمد بوستة الأمين العام السابق للتنظيم: "بل أكثر من ذلك، أغلب هؤلاء شاركوا في حملات انتخابية سابقة وكانوا يقنعون الناس بأن حزب الاستقلال هو أحسن حزب في البلاد".
الرأي نفسه تبناه عبد الواحد الطالبي العلمي عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال الذي اعتبر في تصريحات لصحف محلية الأسبوع الماضي أن المنشقين أقدموا على هذه الخطوة "ابتزازا لمواقع انتخابية مع اقتراب الانتخابات التشريعية وضمانا لمصالحهم الشخصية الضيقة، وذلك من خلال اللجوء إلى التشويش على الموقع الريادي للحزب على الخريطة السياسية الوطنية".
انشقاق متوقع
من جانبه اعتبر الباحث في الشؤون الحزبية خليل الزاهي أن الانشقاق في حزب الاستقلال كان مسألة وقت ليس إلا؛ لأن "هذا التنظيم فيه من المشاكل الداخلية ما يرشحه لأن يكون أقرب الأحزاب إلى الانشقاقات".
وأضاف في تصريح لإسلام أون لاين: "على الرغم من أن الاستقلال من أعرق الأحزاب المغربية، وأثر بشكل واضح في تاريخ الحديث للبلاد، فإن قبول عباس الفاسي (الأمين العام للحزب) بالحقائب الوزارية القليلة التي منحت له عام 2002 وترشيحه بعض الشباب المقربين منه للتك المناصب شكل منعطفا حاسما في مسار الحزب، حيث اقتنع الكثيرون بأن الأمور على غير ما يرام".
وحصل حزب الاستقلال على المرتبة الثانية من حيث النتائج الانتخابية التشريعية عام 2002، لكنه فاجأ الجميع بقبوله خمس وزارات فقط إحداها وزارة بدون حقيبة لزعيم الحزب.
وأوضح زاهي أن "ما زاد الطين بلة هو أن الوزراء هم كلهم شباب ليس لهم باع نضالي كبير داخل الحزب، بل ما شفع لهم هو كون آبائهم من الرواد الأوائل في حزب الاستقلال، ويحتلون مراتب متميزة في تاريخ التنظيم".
ولم يستبعد الباحث حدوث انشقاقات أخرى قريباً إذا لم يتدارك مسئولو الحزب هذا الأمر "خاصة أن الشباب لا يجد الفرصة لإبراز ذاته داخل الحزب، في وقت يسيطر فيه قدماء المؤسسين على دوائر اتخاذ القرار".
يذكر أن حزب الاستقلال يشارك في الحكومة الحالية إلى جانب كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية والتجمع الوطني للأحرار واتحاد الحركات الشعبية، ويحظى بـ52 مقعدا في البرلمان، فضلا عن حضوره المهم في مجلس المستشارين.
وتأسس الحزب في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي على يد الزعيم الوطني الراحل علال الفاسي، وحدث أول انشقاق في صفوفه عام 1959 بانفصال التيار اليساري بقيادة عبد الله إبراهيم والمهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد وتأسيسهم لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي تحول لاحقا إلى "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" عام 1975.
وبرر المنشقون خروجهم عن الحزب باستيائهم الشديد من "كيفية إدارة الحزب"، و"تحكم الصلات العائلية في اختيار المناصب داخل هياكل التنظيم"، وهو ما رفضه قياديو الحزب من جهتهم، مؤكدين انعدام تأثير هذه الخطوة، التي جاءت "لعجز المنشقين عن تحقيق مكاسب داخل الهيئات التنظيمية للحزب"، على استعداداته للانتخابات التشريعية.
جلول الجريسلي أحد القيادات المنشقة عن "الاستقلال" وعضو اللجنة التحضيرية للحزب الجديد قال في تصريح لإسلام أون لاين.نت: إن سبب انشقاقهم يرجع بالدرجة الأولى إلى "غياب الديمقراطية والشفافية داخل التنظيم، وهيمنة فكر العائلة على العلاقات البينية للقيادات والأعضاء".
وأضاف الجريسلي، الذي يشغل في الوقت ذاته منصب الكاتب العام (الأمين العام) لنقابة الاتحاد الديمقراطي للشغالين بالمغرب المنشقة عن "الاتحاد العام للشغالين بالمغرب" الذي يسيطر عليه حزب الاستقلال، أن "ممارسات خاطئة عدة ميزت تصرفات قيادات الحزب، وأثرت سلبا على مصداقيته وحركته داخل المشهد السياسي المغربي".
فضيحة "النجاة"
وللتدليل على صحة كلامه ضرب جلول مثلا بوقائع جرت خلال انتخابات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) خلال سبتمبر الماضي، حيث تمت ملاحقة عدد من النواب المنتمين لحزب الاستقلال قضائيا بتهمة استعمال المال لشراء أصوات الناخبين.
وأضاف: "كذلك، لم نعد قادرين على تحمل آثار فضيحة النجاة السلبية علينا كمناضلين وكمؤسسة حزبية، ومما لا شك فيه أن تورط الأمين العام عباس الفاسي فيها أفقد التنظيم كثيرا من أسهمه لدى المواطنين المغاربة".
وترجع أصول "فضيحة النجاة" إلى عام 2002 حينما كان الفاسي وزيرا للتشغيل وقتها، حيث نسقت الحكومة المغربية مع شركة "النجاة" الإماراتية لتشغيل آلاف المغاربة، لكن اتضح فيما بعد أنها شركة وهمية نصبت على الجميع وربحت من وراء العملية مبالغ طائلة، حيث كانت تلزم كل مرشح بتقديم مبلغ يناهز الـ100 دولار.
ابتزاز انتخابي
من جهته نفى عضو اللجنة التنفيذية للحزب أحمد خليل بوستة في حديث لإسلام أون لاين.نت وجود تأثير لهذا الانشقاق، قائلاً: إن حزبه "له من المبادئ والثوابت والقيم ما يحصنه ضد أي عثرات، وإن الخروج الأخير للغاضبين لن يؤثر لا من قريب ولا من بعيد على موقع الحزب وحصيلته خلال الانتخابات المقبلة".
وبرر بوستة خروج الغاضبين بأنهم لم يستطيعوا مسايرة التطورات بالحزب، مفنداً الأسباب التي يسوقها المنشقون من أن الحزب تسوده بعض الاختلالات على مستوى العلاقات والمفاهيم بقوله: "إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يتحدث هؤلاء عن هذه الأخطاء بنظرهم في السابق؟".
وأضاف نجل أمحمد بوستة الأمين العام السابق للتنظيم: "بل أكثر من ذلك، أغلب هؤلاء شاركوا في حملات انتخابية سابقة وكانوا يقنعون الناس بأن حزب الاستقلال هو أحسن حزب في البلاد".
الرأي نفسه تبناه عبد الواحد الطالبي العلمي عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال الذي اعتبر في تصريحات لصحف محلية الأسبوع الماضي أن المنشقين أقدموا على هذه الخطوة "ابتزازا لمواقع انتخابية مع اقتراب الانتخابات التشريعية وضمانا لمصالحهم الشخصية الضيقة، وذلك من خلال اللجوء إلى التشويش على الموقع الريادي للحزب على الخريطة السياسية الوطنية".
انشقاق متوقع
من جانبه اعتبر الباحث في الشؤون الحزبية خليل الزاهي أن الانشقاق في حزب الاستقلال كان مسألة وقت ليس إلا؛ لأن "هذا التنظيم فيه من المشاكل الداخلية ما يرشحه لأن يكون أقرب الأحزاب إلى الانشقاقات".
وأضاف في تصريح لإسلام أون لاين: "على الرغم من أن الاستقلال من أعرق الأحزاب المغربية، وأثر بشكل واضح في تاريخ الحديث للبلاد، فإن قبول عباس الفاسي (الأمين العام للحزب) بالحقائب الوزارية القليلة التي منحت له عام 2002 وترشيحه بعض الشباب المقربين منه للتك المناصب شكل منعطفا حاسما في مسار الحزب، حيث اقتنع الكثيرون بأن الأمور على غير ما يرام".
وحصل حزب الاستقلال على المرتبة الثانية من حيث النتائج الانتخابية التشريعية عام 2002، لكنه فاجأ الجميع بقبوله خمس وزارات فقط إحداها وزارة بدون حقيبة لزعيم الحزب.
وأوضح زاهي أن "ما زاد الطين بلة هو أن الوزراء هم كلهم شباب ليس لهم باع نضالي كبير داخل الحزب، بل ما شفع لهم هو كون آبائهم من الرواد الأوائل في حزب الاستقلال، ويحتلون مراتب متميزة في تاريخ التنظيم".
ولم يستبعد الباحث حدوث انشقاقات أخرى قريباً إذا لم يتدارك مسئولو الحزب هذا الأمر "خاصة أن الشباب لا يجد الفرصة لإبراز ذاته داخل الحزب، في وقت يسيطر فيه قدماء المؤسسين على دوائر اتخاذ القرار".
يذكر أن حزب الاستقلال يشارك في الحكومة الحالية إلى جانب كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية والتجمع الوطني للأحرار واتحاد الحركات الشعبية، ويحظى بـ52 مقعدا في البرلمان، فضلا عن حضوره المهم في مجلس المستشارين.
وتأسس الحزب في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي على يد الزعيم الوطني الراحل علال الفاسي، وحدث أول انشقاق في صفوفه عام 1959 بانفصال التيار اليساري بقيادة عبد الله إبراهيم والمهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد وتأسيسهم لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي تحول لاحقا إلى "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" عام 1975.