المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهات حول الجنة و النار و الرد عليها منطقياَ



أهــل الحـديث
04-10-2013, 10:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الإيمان باليوم الآخر من المسائل التي شكك فيها الكثير قديماً و حديثاً . و بعض هؤلاء الناس أنكر البعث و المعاد . و قد بين الله تعالى على كون البعث حقيقة بتذكير الناس بعظمة بعض أسمائه كاسم الخالق . فكل ما في الكون سواه مخلوق و هو الوحيد الذي يَخلق و لا يُخلق. فمن خلق الخلق ابتداءاً قادر على أن يخلقهم مرة أخرى ( فسيقولون من يعيدنا قل الذي أنشأكم أول مرة) ( الإسراء 51) فالإيمان بالله الخالق البارئ المصور القادر يذهب ما بالنفس من شك باليوم الآخر و البعث.

و جزء من الناس يكون الإيمان بالجنة و النار هو العائق لديهم . و الله سبحانه هو الذي خلق الإنسان جسداً و روحاً فهو يعلم ما ينفعه و ما يضره و كيف ينزجر الإنسان عن فعل الشر و كيف يندفع لفعل الخير فهو العليم ( ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير) ( الملك 14) و بعض الناس يحسب أن الرحمة لا تكون إلا بفرش الطريق للآخر بالورد و بإعطائه مايريد. أما أن تكون بالترهيب من العذاب فهذا مما لا يخطر على بالهم . و هم لا يعلمون أن الأم الرحيمة قد تعذب رضيعها في بعض الأحيان بشيء من العذاب حتى لا يؤذي نفسه بشيء أشد ألماَ و أدوم. فهذا مما رأيته بنفسي فإن والدتي كانت في بعض الأحيان تمسك بطرف أحد أصابع أخواني حديثي الوالدة و من ثم تقوم بجعلهم يلمسون شيئاً حاراً حتى يذوقوا الألم و من ثم تصدر صوتاً ( احححححح) حتى يعرف الولد أن هذا الصوت مرتبط بشيء مؤلم و حار .هذا حتى تحميه و تبعده عن الأشياء الحارة فهي قد لا يكون لديها القدرة على مراقبته 24 ساعة في كل حركاته. فهي فقط تشير إلى مكان الخطر و تقول له ( احححح) فينتبه الطفل و يعرف أن هناك شيء مؤلم في تلك الجهة فيبتعد . فالرحمة لها صور متعددة و قد تكون في الشدة في بعض الأحيان. بل قد تكون في إذاقة الإنسان ألماَ أصغر لإنقاذه من ألم أكبر كما أسلفت. و لكن الشخص قد يتساءل كيف تقارن هذا بعذاب جهنم . و نقول له و هل تقارن علم الله بعباده بعلم الأم بولدها ( ءأنتم أعلم أم الله )( البقرة 140) . فهنا نرجع للتسليم مرة أخرى فالله الذي خلق الإنسان جسداَ و روحاَ أعلم بما يسبب الألم لجسد الإنسان أو روحه و كم مقدار هذا الآلام. و الله قد أخبر في كتابه أن ذكره للعذاب نعمة منه و رحمة بعباده في سورة الرحمن. فقد ذكر فيها أنواع النعم التي امتن بها عليهم و الشيخ السعدي ـ رحمه الله ـ قال في تفسير أحد الآيات : " و لما كان تخويفه لعباده نعمة منه عليهم , و سوطاً يسوقهم به إلى أعلى المطالب و أشرف المواهب , امتن عليهم فقال ( فبأي الآء ربكما تكذبان) ". و هذا ما تدل عليه أيضاً أسماء الله وصفاته من الرحمة و الحكمة و غير ذلك من الأسماء الحسنى . فمع صعوبة التصديق بأن التخويف بعذاب جهنم و ما فيه من أهوال رحمة بالعباد فيجب علينا الإيمان بذلك ( ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير) . و هذا العذاب حق و سيقع لبعض الناس نسأل الله العافية . و نحن نعلم أن من سيقع عليه العذاب سيقع عليه بعدل من الله تعالى فهو العدل سبحانه و أن هذا ما يستحقه المكذبون المفرطون على أنفسهم ( جزاء وفاقا ) (النبأ 26) فهم الذين ظلموا أنفسهم ابتداءأ ( و ما ظلمونا و لكن كانوا أنفسهم يظلمون ) ( البقرة 57). و الإنسان قد يفكر في أن الناس يجب أن يعطوا فرصة أخرى للتوبة بعد البعث أو أن يعطوا زمن أطول لتغيير أنفسهم قبل أن يتقرر مصيرهم النهائي .فمن المعلوم في الشرع أن الإنسان إذا مات فإنه لا فرصة لعودته إلى الدنيا دار الإختبار مرة أخرى. و الإنسان في الآخرة سيقرر مصيره إلى الأبد إما الخلود في الجنة أو الخلود في النار ( على رأي جمهور أهل العلم) .أليس هذا مدعاة إلى أن يعطى الناس فرصة أخرى للتوبة و الإصلاح؟ و الله سبحانه قد بين في كتابه أن الكفار حبن يرون النار يوم القيامة بأعينهم يتمنون الرجوع مرة أخرى إلى الدنيا ( و لو ترى إذا وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد و لا نكذب بآيات ربنا و نكون من المؤمنين ) ( الأنعام 27) هذا و الله تمنى جميل أن يرجع الإنسان فيغير من نفسه للأصلح و ينفك عن الكفر و الشرك . و لكن الله أخبر عنهم قائلاً : ( و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و إنهم لكاذبون) ( الأنعام 28). و هذا مما يحير و يسلب عقول ذو الألباب و يكاد الإنسان لا يصدقه من غرابته . فإن الله أخبر أن إذا أجاب دعوة من حقت عليه كلمة العذاب و قامت عليهم الحجة فردهم إلى الدنيا بعدما رأوا العذاب بأعينهم و أدركوه, لعادوا إلى تكذيبهم و رفضهم للحق . ذلك لأن سؤالهم الله لأن يردهم للدنيا حتى يتبعوا الرسل كذب و ليس تمنياَ صادقاَ ( و إنهم لكاذبون) . و هو الخبير بعباده العليم بهم فلا بد أن يكون ذلك حق . و وقوف الإنسان بين يدي الله تعالى و سؤاله عن أعماله التي عملها و الصراط و أهوال يوم القيامة هو أيضاً من رحمة الله تعالى بعباده و نفس الكلام الذي قلته عن عذاب جهنم ينطبق على هذه المسأئل في أن هذه المسأئل مع شدتها إلا ان هذا لا ينفي كونها رحمة .

و أما بالنسبة للجنة و لما أثاره حولها الكثير من أعداء الإسلام من الإستهزاء و الإنكار لما فيها من النعيم فهذا جوابها سهل بإذن الله . فأول هذه الشبهات هو وصفهم لشهوات الجنة بالحيوانية و بأنه لا هم للمؤمنين فيها إلا الجنس و الأكل و الراحة و غير ذلك. و هم في ذلك اخذوا بعض النصوص في الكتاب و السنة و أهملوا النصوص الأخرى . فكيف يقول هذا من قرأ الحديث الأتي : ( إذا دخل أهل الجنة الجنة , قال يقول الله تبارك و تعالى : تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة و تنجنا من النار. قال فيكشف الحجاب . فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل ( صحيح مسلم 181) و قوله تعالى : ( و رضوان من الله أكبر)( التوبة 72) .و إذا كان الهدف من العبادات هو فقط الحصول على اللذات الجسدية فلماذا بشر الله عباده الطائعين المسارعين بالخيرات بالملذات الروحية و منها القرب منه ( و السابقون السابقون ـ أولئك المقربون ) ( الواقعة 10ـ11). و أما استخدام الملذات الجسدية لشحذ همم المؤمنين لطاعة الله فهذا موجود في القرآن و هو من عند الله تعالى الذي يعلم ما يحبه خلقه و ما يريدون و كيف يندفعون إلى الخير ( ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير) فله سبحانه أن يستخدم ما يريد. و لكننا يجب أن نصف الجنة بوصف الله تعالى وصفاَ كاملاَ . فنعيم الحور ليس فقط مقتصراً على الجنس و التمتع بالنظر إلى جمال أجسادهن بل وصف الله تعالى أيضاً حسن أخلاقهن ( فيهن خيرات حسان)( الرحمن 70)( أي خيرات الأخلاق حسان الوجوه انتهى من كلام الشيخ السعدي) و وصف محبتهن لأزواجهن ( عربا أتراباَ) ( الواقعة37 ) العروب : المتحببة لزوجها. و هناك أيضاً نعيم الصحبة الصالحة و مرافقتهم في الجنة و غير ذلك مما يطول المقام لذكره هنا. و ليعلم المؤمن أن الهدف الأساسي لوصف الجنة و النار هو دفع المؤمنين و شحذ همهم للحصول على محبة الله لهم كما في الحديث ( و الله لا يلقي الله حبيبه في النار) ( الألباني صحيح الجامع 7095) فبهذا و فقط بهذا يحصل الإنسان على السعادة الحقيقية. فنعم الحياة حياة من كان حبيباَ للرحمن.

دعواتكم لي يا إخوان في ظهر الغيب و أي ملاحظات حول الموضوع .