المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعض نقولات الحافظ الذهبي عن شيخ الاسلام ابن تيمية في تاريخه



أهــل الحـديث
30-09-2013, 03:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله أما بعد :
كنت أبحث بواسطة محرك بحث المكتبة الشاملة عن ترجمة لشيخ الاسلام ابن تيمية في تاريخ الاسلام
للحافظ الذهبي ولو كانت تابعة لا مستقلة لأنها غير موجودة فيما بين أيدينا من طبعات تاريخ الاسلام
فوجدته نقل وأكثر النقل عن شيخ الاسلام بقوله وقال شيخنا فأحببت إفرادها في موضوع للفائدة
- شرف الدين ابن السُّكَّريّ. المتوفى: 671 هـ
عدْلٌ، رئيس، مشهور. وقف دارَه بالقصاعين لأهل العلم والحديث، وهي الّتي يسكنها شيخنا ابن تيمية.
قال في ترجمة : ابنُ كُلّاب، هُوَ أَبُو محمد عَبْد اللَّه بْن سَعِيد بْن كُلّاب المتكلم الْبَصْرِيّ
.... وفي ترجمة الحارث بْن أسد المحاسبي للخطيب: أَنَّهُ تخرج بأبي محمد عَبْد اللَّه بْن سَعِيد القطّان الملقب، فيما حكاهُ هُوَ، كُلابًا. وأصحابه كُلابية؛ لأنه كَانَ يجر الخصوم إلى نفسه بفضل بيانه، كأنه كُلاب.
قَالَ شيخنا ابن تَيْمية: كَانَ لَهُ فضل وعِلْم ودين، وكان ممن انتُدِبَ للردّ عَلَى الجهْميّة، ومن قَالَ عَنْهُ: إنه ابتدعَ ما ابتدعه ليُظهر دين النصارى عَلَى المسلمين كما يذكره طائفة، ويذكرون أَنَّهُ أرضى أخته بذلك، فهذا كذب عَلَيْهِ، افتراهُ عَلَيْهِ المعتزلة والجهمية الذين رد عليهم، فإنهم يزعمون أنه من أثبت فقد قَالَ بقول النَّصَارى.
قَالَ شيخنا: وهو أقربُ إلى السنة من خصومه بكثير، فلمّا أظهروا القول بخلْق القرآن، وقال أئمة السنة بل هُوَ كلامُ اللَّه غير مخلوق، فأحدث ابن كُلاب القول بأنه كلامٌ قائمٌ بذات الربّ بلا قدرة ولا مشيئة. فهذا لَم يكن يتصوّره عاقل، ولا خطرَ ببال الجمهور، حتى أحدث القول بِهِ ابن كُلاب. وقد صنّف كُتُبًا كثيرة فِي التوحيد والصفات، وبيّن فيها أدلة عقلية عَلَى فساد قول الجهمية. وبيّن أن علو اللَّه تعالى عَلَى عرشه ومباينته لخلقه معلومٌ بالفِطرة والأدلة العقلية، كما دلّ عَلَى ذَلِكَ الكتاب والسنة. وكذلك ذكرها الحارث المحاسبي فِي كتاب " فَهْم القرآن ".
وفي ترجمة محمد بن جرير بْن يزيد بْن كثير بْن غالب، أبي جعفر الطَّبَرِيّ
وذهب شيخنا ابن تيمية، وهو من أهل الاجتهاد لاجتماع الشرائط فيه: أنّ الحالف عَلَى شيء بالطلاق لم تطلق منه امرأته بهذه اليمين، سواء حنث أو بر. ولكن إذا حنث في يمينه بالطلاق مرة قَالَ: يكفر كفارة يمين. وقال: إنّ كَانَ قصد الحالف حضًا أو منعًا ولم يرد الطلاق فهي يمين. وإنّ قصد بقوله: إنّ دخلت الدار فأنت طالق، شرطاً وجزاءاً فإنها تطلق ولا بد. وكما إذا قَالَ لها: إنّ أبريتني من الصداق فأنت طالق، وإن زنيت فأنت طالق. وإذا فرغ الشهر فأنت طالق؛ فإنها تطلق منه بالإبراء، والزنا، وفراغ الشهر، ونحو ذَلِكَ. لكن ما علمنا أحدًا سبقه إلى هذا التقسيم ولا إلى القول بالكفارة؛ مَعَ أنّ ابن حزم نقل في كتاب " الإجماع " لَهُ خلافًا في الحالف بالعتاق والطّلاق، هَلْ يكفر كفارة يمين أم لَا؟ ولكنه لم يسم من قال بالكفارة. والله أعلم.
والذي عرفنا من مذهب غير واحد من السلف القول بالكفارة في الحلف بالعتق وبالحج، وبصدقة ما يملك. ولم يأتنا نص عَنْ أحدٍ من البشر بكفارة لمن يحلف بالطلاق. وقد أفتى بالكفارة شيخنا ابن تيمية مدّة أشهر، ثمّ حرَّم الفتوى بها عَلَى نفسه من أجل تكلم الفُقَهاء في عرضه. ثم منع من الفتوى بها مطلقاً.

علي بْن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الهيثم، أبو الفرج الأموي الأصبهاني الكاتب
قلت الذهبي : رأيت شيخنا ابن تيمية يضعّفه ويتّهمه في نقله ويستهول ما يأتي به، وما علمتُ فيه جرحًا إلّا قول ابن أبي الفوارس: خلّط قبل أن يموت. وقد أثنى علي كتابه " الأغاني " جماعة من جِلَّة الأدباء. ومن تواليفه كتاب " أخبار الطُفَيِليّين "، كتاب " أخبار جحظة "، كتاب " أدب السماع "، كتاب " الخمّارين ".

وقال سألتُ شيخنا ابن تيميّة عن مذهب السّالمية فقال: هم قوم من أهل السنة في الجملة من أصحاب أبي الحسن بن سالم، أحد مشايخ البصرة وعُبَّادها، وهو أبو الحسن أَحْمَد بن محمد بن سالم من أصحاب سهل بن عبد اللَّه التَّسَتُّريّ، خالفوا في مسائلٍ فبدعوا.

وسمعتُ أبا عثمان يعني الصَّابونيّ النيسابوريّ الواعظ المُفسِّر، شيخ الْإِسلام : وقت أن ودَّع النّاس يقول: يا أهل سلماس، لي عندكم أشهر أعِظُ وأنا في تفسير آيةٍ وما يتعلّق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة، لما تَعَرضْتُ لغيرها والحمد لله.
قلت: هكذا كان واللَّه شيخنا ابن تَيْمية، بقي أزيد من سنة يفسر في سورة نوح، وكان بحرًا لَا تُكَدِّرهُ الدِّلاء رحمه اللَّه.

بيبي بنت عبد الصّمد بن عليّ بن محمد، أم الفَضل، وأم عزَّى الهرثميَّة الهَرَويّة، المتوفى: 477 هـ
راوية الجزء المنسوب إليها.
عن عبد الرحمن بن أبي شُرَيْح صاحب البغويّ، وابن صاعد
قال بعد حديث موضوع : عَنْ جَابِر قال: بينا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فِي مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ دَخَلَ أَبُو بكر وعمر من بَعْضِ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ، مَعَهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ يتمارون، وقد ارتفعت أصواتم، يردّ بعضهم عَلَى بَعْضٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَا الَّذِي كُنْتُمْ تُمَارُونَ قَدِ ارْتَفَعَتْ فِيهِ أَصْوَاتُكُمْ وَكَثُرَ لَغَطُكُمْ "؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَيْءٌ تكلَّم فِيهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فَاخْتَلَفَا، فَاخْتَلَفْنَا لاخْتِلَافِهِمْ.
فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: فِي الْقَدَرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَدِّرُ اللَّهُ الْخَيْرَ، وَلَا يقدَّر الشَّرَّ. وَقَالَ عُمَرُ: يُقَدِّرُهُمَا جَمِيعًا.
فَقَالَ: أَلَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا فِيهِ بِقَضَاءِ إِسْرَافِيلَ بَيْنَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ مَقَالَةَ عُمَرَ، وَقَالَ مِيكَائِيلُ مَقَالَةَ أَبِي بَكْرٍ؛ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ
تأملتُ هذا الحديث يومًا فإذا هو يشبه أقوال الطُّرقيّة، فجزمت بوضعه، لكونه بإسنادٍ صحيح. ثمّ سألت شيخنا ابن تيمية عنه، فقال: هذا الحديث كذب، فأكتُب على النُّسخ أنّه موضوع.
قلت: والظّاهر أنّ بعض الكذابين أدخله على البغويّ لمّا شاخ وانهرم.
وأمّا ابن الجوزيّ فقال في الموضوعات: المتَّهم به يحيى بن زكريّا، قال ابن مَعِين: هو دجّال هذه الأمّة



وسمعت شيخنا ابن تَيْميَة يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّيْخ عز الدين أحمد الفاروثي يقول: سَمِعْتُ شيخنا شهاب الدّين السُّهْرَوَرْدِيّ يَقُولُ: عَزَمْتُ عَلَى الاشتغال بالكلام وأُصول الدّين، فقلت في نفسي: أستشير الشَّيْخ عَبْد القادر. فأتيتُه فقال قبل أن أنطِق: يا عُمَر ما هُوَ من عُدَّة القبر، يا عُمَر ما هُوَ من عُدَّة القبر. قَالَ: فتركته.

عَبْد المغيث بْن زُهير بْن زُهير بْن علويّ. المحدِّث أَبُو العزّ بْن أَبِي حرب الْبَغْدَادِيّ، الحربيّ. 583 هـ
(ترجمة عبد المغيث هذا سأوردها كاملة لما فيها من العبر)
أحد من عُني بهذا الشأن. قرأ الكثير، وحصَّلَ، ونَسَخَ، وخَرَّج، وصنّفَ.
قَالَ ابن الدُّبِيثيّ: كَانَ ثقةً صالحًا، صاحب سُنَّة، منظورًا إِلَيْهِ بعين الدِّيانة والأمانة.
سَمِع أَبَا القاسم بْن الحُصَيْن، وأبا العز بْن كادش، وهبة اللَّه بن الطبر، وأبا غالب ابن البناء، فَمنْ بعدهم.
وحدَّث بالكثير، وأفاد الطلبة، ونِعْمَ الشيخ كان.
كان مولده في سنة خمسمائة، وتُوُفّي فِي الثالث والعشرين منَ المحرَّم.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الشَّيْخ الموفَّق، والحافظ عَبْد الغني، وحَمْد بْن صُديق الحراني، والبهاء المقدسي، وأَبُو عَبْد اللَّه الدُّبِيثيّ، وخلْق سواهم.
وصنفّ كتابًا فِي " فضائل يزيد " أتى فِيهِ بالعجائب، ولو لَمْ يصنِّفه لكان خيرًا لَهُ. وعمله ردًا عَلَى ابن الجوزي. ووقَعَ بينهما عداوة لأجل يزيد، نسأل اللَّه أن يثبت عقولنا، فَإِن الرجل لا يزال بعقله حَتَّى ينتصب لعداوة يزيد أَوْ ينتصر لَهُ، إذْ لَهُ أُسوة بالملوك الظَّلَمة.
وذكر شيخنا ابن تيمية قَالَ: قَدْ قِيلَ: إن الخليفة الناصر لما بلغه نَهْيُ الشَّيْخ عَبْد المغيث عَنْ لعنة يزيد قَصَده متنكِّرًا، وسأله عَنْ ذَلِكَ، فعرَفَه عَبْد المغيث، ولم يُظْهِرُ أَنَّهُ يعرفه، فَقَالَ: يا هَذَا، أَنَا قصدي كف ألْسِنة النّاس عَنْ خلفاء المسلمين، وإلا فلو فتحنا هَذَا الباب لكان خليفة الوقت هَذَا أحق باللعن، فَإنَّهُ يفعل كذا؛ وَجَعَل يُعَدِّد خطايا الخليفة، حَتَّى قَالَ: يا شيخ ادعُ لي. وذهب.

يونس بن يُوسُف بن مساعد الشَّيْبَانِيّ المخارقي المشرقي القنيي، 619 ه
هذا شيخ الطائفة اليونُسية، أولي الزعارة والشطارة والشَّطح، وقِلة العقل، أبعد اللَّه شَرَّهم
قُلْتُ: وسمعت ابنَ تَيْمِيَّة ينشد ليونس:
موسى عَلَى الطّور لَمَّا خَرَّ لي ناجَى ... واليثربيّ أَنَا جبتوه حَتَّى جا
فَقُلْتُ: هَذَا يحتمل أن يكون أنشده عَلَى لسان الرُّبوبية، ويحتمل أن يكون وُضع عَلَى الشَّيْخ يُونُس، فإنّ هَذَا البيت ظاهره شطح واتّحاد.
وفي الجملة لم يكن الشَّيْخ يُونُس من أولي العلْم، بل من أولي الحال والكَشْف، وَكَانَ عَرِياً من الفضيلة، وَلَهُ أبيات منكَرة، كقوله
موسى عَلَى الطّور لَمَّا خَرَّ لي ناجَى ... واليثربيّ أَنَا جبتوه حَتَّى جا
وَكَانَ شيخنا ابن تَيْمِيَّة يتوقّف في أمره أوّلًا، ثُمَّ أطلقَ لسانه فيه وفي غيره من الكبار، والشأن في ثبوت ما يُنقَل عن الرَّجل، واللَّه المطَّلع.
عبدُ القادرِ بْن عَبْد القاهر بْن أَبِي الفَرَج عَبْد المنعم بْن أَبِي الفَهْم، الفقيهُ الإمامُ ناصحُ الدّين أَبُو الفَرَج الحرّانيّ الحنبليُّ رأيتُ شيخنا ابْن تيميةُ يُبالغُ فِي تعظيمِ شأنِه ومعرفتِه بالمذهب
عَلِيّ بن أَحْمَد التُّجِيبي، الإمامُ أَبُو الْحَسَن الحراليُّ الأندلُسيُّ، 637 هـ
وله " تفسيرٌ " فِيه أشياءُ عجيبةُ الأسلوب. ولَمْ أتحقَّقْ بَعْدُ ما كَانَ ينطوي عَلَيْهِ من العقدِ. غيرَ أَنَّهُ تكلَّمَ فِي علم الحروف والأعداد وزَعَم أَنَّهُ استخرجَ علمَ وقتِ خروج الدَّجَّال، ووقتِ طلوعِ الشمس من مَغْربها، ويأجوج ومأجوج. وتكَلَّم ووَعَظَ بحماةَ. وصَّنف فِي المنطقِ، وفي الأسماءِ الحُسنى، وغير ذَلِكَ. وله عبارةٌ حلوة إلى الغاية وفصاحةٌ وبيان. ورأيتُ شيخنا المجدَ التونسي يتَغالى فِي " تفسيره "، ورأيتُ غيرَ واحدٍ مُعَظِّمًا لَهُ، وجماعةً يتكلمونَ فِي عقيدتِه. وكانَ من أحلمِ الناس بحيثُ يُضْرَبُ بِهِ المثل. وكان نازلاً عند قاضي حماة ابن البارزي رحمه اللَّه.
حكى لنا القاضي شَرَفُ الدين ابن البارزي: أَنَّهُ تَزَوَّجَ بحماةَ، قَالَ: وكانت زوجتُه تؤذيه وتشتمه وهو يتبسم ويدعو لها. وأنَ رجلًا راهنَ جماعةٌ عَلَى أن يحرجه، فقالوا: لا تَقْدِرُ، فأتاه وهو يَعِظُ وصاحَ، وقالَ: أنت كَانَ أبوك يهوديًا وأسلم! فنزلَ من الكرسيّ إِلَيْهِ، فاعتقدَ الرجلُ أَنَّهُ غَضِبَ وأنَّه تَمَّ لَهُ ما رامَه حتَّى وَصَلَ إِلَيْهِ، فقلعَ فرجيةً عَلَيْهِ وأعطاهُ إياها، وقال: بَشَّرَك اللَّه بالخيرِ الّذِي شهِدْتَ لأبي بأنه ماتَ مُسلمًا.
وكان شيخُنا ابنُ تيميَّة، وغيرُه يَحُطُّ عَلَى كلامِه ويقولُ: تَصوُّفُه عَلَى طريقَة الفلاسفَة.

وفي ترجمة ابن عربي مُحَمَّد بْنُ عليّ . الشيخُ، محيي الدّين، أَبُو بَكْر، الطائيُّ، الحاتميُّ، الأندلُسيّ المعروف بابن العَرَبيّ. ويعرف أيضًا بالقُشَيريّ 638 ه
قَالَ الشَّيْخ عز الدّين بن عَبْد السلام فِي ابن العربي هذا: شيخُ سوءٍ، كَذاب، يَقُولُ بِقدم العالم ولا يُحَرِّمُ فرجًا. هكذا حدَّثني شيخنا ابن تيمية الحراني به عن جماعةٍ حدثوه عن شيخنا ابنِ دقيق العيد أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخ عزَّ الدين يَقُولُ ذَلِكَ. وحدثني بذلك المقاتليّ، ونقلُته من خطِّ أَبِي الفتح ابن سَيِّد الناس أَنَّهُ سَمِعَه من ابنِ دقيق العيد.
قلتُ: ولو رَأَى كلامَه هذا لحكمَ بكفره، إلا أن يكون ابن العربي رجع عن هذا الكلام، وراجعَ دين الإِسلْام، فعليه من اللَّه السلام.
وقد تُوُفّي فِي الثاني والعشرين من ربيع الآخر.
ولابن العربي توسُّع فِي الكلام، وذكاءٌ، وقوةٌ حافظةٌ، وتدقيقٌ فِي التصوف، وتواليفُ جمةٌ فِي العِرْفان. ولولا شطحاتٌ فِي كلامه وشعره لكانَ كلمةَ إجماع، ولعلَّ ذَلِكَ وَقَعَ منه فِي حال سكرِه وغيبته، فنرجو له الخير.
..عَلِيّ بْن أَبِي الْحَسَن بْن مَنْصُور الشَّيْخ أَبُو الْحَسَن، وَأَبُو مُحَمَّد الحريريّ، مقدّم الطّائفة الفقراء الحريريّة أولي الطّيبة والسّماعات والشّاهد
قلت الذهبي : رحم اللَّه السّيفَ ابن المجد ورضي عَنْهُ، فكيف لو رَأَى كلام الشيخ ابن العربيّ الَّذِي هُوَ محض الكُفْر والزَّنْدقة؟ لقال: إن هذا الدجال المنتظر. ولكنْ كَانَ ابن العربيّ منقبضًا عَن الناس، إنما يجتمع بِهِ آحاد الاتّحادية، ولا يصّرح بأمره لكل أحد، ولم تشتهر كُتُبه إلا بعد موته بمدّة. ولهذا تمادى أمره، فلما كان على رأس السبعمائة جدّد اللَّه لهذه الأمّة دينها بهتْكه وفضيحته، ودار
بين العلماء كتابه "الفصوص". وقد حطّ عَلَيْهِ الشَّيْخ القُدوة الصّالح إِبْرَاهِيم بْن معضاد الْجَعْبَريّ، فيما حَدَّثَنِي بِهِ شيخُنا ابن تَيْميّة، عَن التّاج البرنْباريّ، أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم يذكر ابنَ العربيّ فَقَالَ: كَانَ يقول بقِدَم العالم ولا يُحرِّم فَرْجًا.

وقد صنَّف شيخُنا ابن تيْميّة غير مسألةٍ فِي أن أحوال هَؤلَاءِ وأشباههم شيطانية، ومن هذه الأحوال الشيطانية الّتي تضل العامة أكْلُ الحيات، ودخول النَّارَ، والمشْي فِي الهواء، ممن يتعانى المعاصي، ويخل بالواجبات. فنسأل الله العون على اتّباع صراطه المستقيم، وأن يَكْتُبَ الإيمانَ فِي قُلُوبِنَا، وَأَنْ يُؤَيِّدَنَا بروحٍ منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد يجيء الجاهل فيقول: اسكُتْ لَا تتكلم فِي أولياء الله. ولم يشعر أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تكلم فِي أولياء الله وأهانهم، إذْ أدخل فيهم هَؤلَاءِ الأوباش المجانين أولياء الشياطين، قَالَ الله تعالى: {وإن الشياطين ليُوحُون إلى أوليائهم لِيُجادلوكم} ثمّ قال: {وإنْ أطعْتموهم إنّكم لمُشركون}، وَمَا اتبع النّاس الأسود العَنْسي ومُسيلمة الكذاب إلّا لإخبارهما بالمغيبات، ولا عُبدت الأوثان
إلاّ لذلك، ولا ارتبط خلقٌ بالمنجّمين إلّا لشيءٍ من ذَلِكَ، مَعَ أن تسعة أعشار ما يُحْكى من كذِب الناقلين. وبعض الفُضلاء تراه يخضع للمولهين والفُقراء النصابين لمّا يرى منهم. وَمَا يأتي بِهِ هَؤلَاءِ يأتي بمثله الرُّهبان، فلهم كشوفات وعجائب، ومع هذا فهم ضُلاّلٌ من عَبَدة الصُّلبان، فأين يُذْهب بك؟! ثبّتنا الله بالقول الثّابت وإيّاك.


إسماعيل ابن عزّ القضاة عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد بن أبي النمر، الشّيْخ الزّاهد، العابد، العالم، فخرُ الدّين، أَبُو الفداء الدمشقي. 689
كان كاتباً، أديباً، شاعرًا، خدم فِي الجهات، وتزهَّد بعد ذَلِكَ
وكان شيخنا ابن تيميّة يعظّمه ويبالغ، حتّى وقف له على أبيات أوّلها:
وحياتكم ما إن أرى لكم سوى ... إذ أنتم عين الجوارح والقوى
فَتَأَلَّمَ لَهُ وَقَالَ: هَذَا الشِّعْرُ عَيْنُ الاتِّحَادِ.
قُلْتُ: إِنَّمَا إراد أن ينظم قوله: " فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ. . . ". الْحَدِيثَ، فقال: سياق الحديث يدلّ عَلَى بُطلان هذا. وهو قوله
" فبي يسمع وبي يبصر "، وما فِي الحديث أنّ الباري تعالى يكون عين الجوارح، تعالى اللَّه عَنْ ذَلِكَ.
قلت: لم أجد هذه اللّفظة " فبي يسمع وبي يبصر