المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حث أهل الإسلام على اغتنام العشر ذي الحجة من الأشهر الحرام



أهــل الحـديث
30-09-2013, 03:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.


حث أهل الإسلام على اغتنام عشر ذي الحجة من الأشهر الحرام

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن الموفق أيها الأحبة الكرام من اغتنم كل أعوامه و أيامه وساعاته التي كتبها الله جل جلاله له فيما يحب الباري جل جلاله ويرضى، وزاد حرصه واهتمامه على الشهور والأيام التي فضلها الحكيم العلام،فهو سبحانه العزيز القهار يخلق ما يشاء و يختار.
يقول الإمام ابن رجب-رحمه الله-:"وجعل الله سبحانه وتعالى لبعض الشهور فضلاً على بعض كما قال تعالى: (منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم)[التوبة :36] ،وقال الله تعالى:(الحج أشهر معلومات)[البقرة :197]وقال تعالى :(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) [ البقرة :185]،كما جعل بعض الأيام والليالي أفضل من بعض، وجعل ليلة القدر خيراً من ألف شهر... وما من هذه المواسم الفاضلة موسم إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعاته يتقرب بها إليه، ولله فيه لطيفه من لطائف نفحاته يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات". لطائف المعارف ( ص225)
ويقول الإمام البهوتي -رحمه الله- :" وتُضاعف الحسنة والسيئة بمكان وزمان فاضل".الروض المربع (1/269)
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:" فالحسنة تضاعف بالكم وبالكيف، وأما السيئة فبالكيف لا بالكم؛ لأن الله تعالى قال في سورة الأنعام وهي مكية (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون) [الأنعام:160]،وقال:(ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)[الحج : 25]،ولم يقل نضاعف له ذلك،بل قال : (نذقه من عذاب أليم) فتكون مضاعفة السيئة في مكة، أو في المدينة مضاعفة كيفية".الشرح الممتع (7/227)
ومن هذه الشهور التي فضلها وعظمها الحكيم الغفور ورتب عليها الأجور،وحذر من صرفها في المعاصي و الشرور ، الأشهر الحرم وهي:المحرم، ورجب، ذو القعدة، وذو الحجة، فعن أبي بكرة الثقفي-رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إِنَّ الزَّمَانَ قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يوم خَلَقَ الله السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، منها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وَشَعْبَانَ ". رواه البخاري (3025) ومسلم (1679) واللفظ له.
قال الإمام النووي –رحمه الله-:"قال العلماء معناه أنهم في الجاهلية يتمسكون بملة إبراهيم صلى الله عليه وسلم في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات، فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الذي بعده، وهو صفر، ثم يؤخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر، وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة، حتى اختلط عليهم الأمر وصادفت حجة النبي صلى الله عليه وسلم تحريمهم، وقد تطابق الشرع وكانوا في تلك السنة قد حرموا ذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرناه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الاستدارة صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السماوات والأرض".الشرح على صحيح مسلم(11/168)
وهذه الأشهر المباركة هي التي أشار إليها الباري جل جلاله في قوله تعالى:( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم)[ التوبة :36].
قال الإمام القرطبي –رحمه الله-:"(لا تظلموا فيهن أنفسكم) بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام،ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال".تفسير القرطبي(8/134)
أيها الأحبة الكرام إن من الأوقات الفاضلة التي تمر بالمؤمن وينبغي له أن يستعد لها ويغتنمها في الطاعات ، وأن لا يضيعها في اللهو والملذات، في هذه الأشهر الحرم المباركة هي العشر من ذي الحجة، التي أقسم الله بها في كتابه العزيز تعظيما لشأنها وتنبيها على فضلها،قال جل وعلا:(والفجر(1)و ليال عشر) [الفجر 1-2].
والذي عليه أكثر أهل التفسير أنها هذه العشر المذكورة هي العشر من ذي الحجة ،يقول الإمام ابن كثير –رحمه الله-: "وهو الصحيح". تفسير ابن كثير (4/507)
قد امتازت أيها الأفاضل هذه الأيام المباركة عن غيرها أن فيها اجتمع الكثير من الأعمال الصالحة والعبادات الفاضلة.
يقول الحافظ ابن حجر-رحمه الله-:"والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره ". فتح الباري ( 2/460)
أيها الأحبة الكرام إن الكثير من المسلمين في هذه الأيام المباركة لن يتيسر لهم الإتيان بأحب الأعمال إلى الله جل جلاله وهو قصد بيته الحرام لأداء مناسك الحج، إما لعدم ملك الزاد و الراحلة،أو لوجود أعذار أخرى شرعية مانعة لهم من قصد الكعبة المشرفة التي قلوب المتقين لها تحن وبالبعد عنها تئن، لكن من كرم الباري سبحانه وجوده على عباده المؤمنين أن يسر لهم الاستفادة منها والإكثار من الخيرات فيها كل بحسب استطاعته وقدرته.
يقول الحافظ ابن رجب –رحمه الله- : "لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته في كل عام فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره ، وجعل موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج". لطائف المعارف ( ص272)
فعلى من لم يوفق للذهاب لأداء مناسك الحج، أن لا يدع هذه الأيام المباركة تمر عليه دون استغلالها في فعل الطاعات والتزود من الخيرات، فالأعمال الصالحة فيها مطلوبة و الأجور فيها بفضل العزيز الكريم مضاعفة، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " يعني : العشر، قالوا : يارسول الله و لا الجهاد في سبيل الله ؟! قال : "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء". رواه البخاري (969)
يقول الحافظ ابن حجر –رحمه الله- :" وفي الحديث تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته، وأن الغاية القصوى فيه بذل النفس لله، وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة ".فتح الباري (2/460)
فسلفنا الصالح -رحمهم الله-، أيها الأفاضل عرفوا قيمة هذه الأيام المباركات، فعظموها واستغلوها فيما يُرضي رب البريات ،فعن أبي عثمان النهدي –رحمه الله- قال :" كانوا يعظمون ثلاث عشرات ؛ العشر الأول من المحرم ، والعشر الأول من ذي الحجة،والعشر الأواخر من رمضان ".قيام رمضان للمروزي(ص 56)
ومن أهم الأعمال الصالحة التي رغب فيها الشرع الكريم،في هذه الأيام الجليلة والتي ينبغي على كل مسلم أن يحرص عليها:
1-الإكثار من الصيام فيها،دون صيام يوم النحر ، فإن صومه محرم، أما غيره من أيام العشر فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصومها ،فعن هُنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر،أول اثنين من الشهر وخميسين". رواه أبو داود (2437) وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله-.
و لقد كان سلفنا الصالح –رحمهم الله- أيها الأفاضل يحرصون على صيامها، يقول الإمام ابن رجب – رحمه الله- :" وممن كان يصوم العشر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما". لطائف المعارف (ص262)
قد يقال أيها الأحبة الكرام أن هذا الحديث الصحيح –أي حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم- يعارضه ما جاء عند الإمام مسلم في صحيحه ( 1176) أن أمَّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها–قالت:" ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط ".
فالجواب عن هذا، قد ذكره جماعة من أهل العلم ،كالإمام البيهقي -رحمه الله-حيث قال بعد أن ساق الحديثين : " والمثبت – أي ما جاء في إثبات الصيام- أولى من النافي مع ما مضى من حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) – يعني بذلك الحديث الذي جاء في عموم فضل العمل الصالح ومنها الصيام". السنن الكبرى( 4/285)
ويقول الإمام النووي –رحمه الله- :"قال العلماء هذا الحديث –أي حديث عائشة (رضي الله عنها)- مما يوهم كراهة صوم العشر والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابا شديدا لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة وقد سبقت الأحاديث في فضله وثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه يعنى العشر الأوائل من ذي الحجة..."، فيتأول قولها لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائما فيه ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر". الشرح على صحيح مسلم ( 8 /72)
أما يوم عرفة فصيامه لغير الحاج فمستحب،وينبغي على كل مسلم حريص على الخير أن لا يضيعه لما فيه من الأجر العظيم والفضل الكبير، لذا حث صلى الله عليه وسلم على صيامه وذكر الأجر المترتب على ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله،والسنة التي بعده".رواه مسلم(1161) من حديث أبي قتادة الأنصاري-رضي الله عنه-.
2-كثرة ذكر الباري سبحانه وتعالى فيها،يقول الإمام ابن رجب –رحمه الله- :"وأما استحباب الإكثار من الذكر فيها فقد دل عليه قول الله عز وجل: (ويذكروا اسم الله فِي أيام معلومات) [الحج: 28]، فإن الأيام المعلومات هي أيام العشر عند جمهور العلماء". لطائف المعارف(ص263)
و من أنواع الذكر المستحب في هذه الأيام، الجهر بالتكبير المطلق، الغير جماعي للرجال،أما المرأة فتخفيه، وللأسف فإن التكبير في هذا الزمان،أصبح من السنن المهجورة!!،فلا تكاد تسمعه بين المسلمين إلا نادرا!!،ولا يفعله إلا القليل منهم!، والله المستعان، بخلاف ما كان عليه سلف هذه الأمة من الصحابة و التابعين- رضوان الله عليهم -،يقول الإمام البخاري -رحمه الله-:"كان ابن عمر، وأبو هريرة-رضي الله عنهم- يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، و يكبر الناس بتكبيرهما".صحيح البخاري ( 2/457)
3- ذبح الأضحية وهي سنة مؤكدة خاصة في حق ذوي اليسار، فينبغي إحياء هذه الشعيرة بين المسلمين تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس-رضي الله عنه- قال :"ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى". رواه البخاري(5420) واللفظ له،ومسلم (1966)
وكلما كانت الأضحية أعلى قيمة كانت بإذن الله جل جلاله أكثر أجرا ، وعلى من أراد أن يضحي أن لا يأخذ شيئا من شعره أو ظفره بعد دخول العشر إلى أن يذبح أضحيته ،لحديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من كان له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فإذا أُهِلَّ هلال ذي الحجة، فلا يَأخذنَّ من شَعْرِهِ، ولا من أظفاره شيئا حتى يُضَحِّيَ". رواه مسلم (1977)
فهذه أهم الأعمال الصالحة أيها الأحبة الكرام التي ينبغي على كل مسلم أن يحرص عليها ويسعى جاهدا في تحقيقها، وله كذلك أن يكثر من أعمال البر التي هي مطلوبة في كل وقت وحين خاصة في هذه العشر المباركة ،كالصدقة على الفقراء والمساكين، وصلة الأرحام و الصالحين، وغير ذلك من الأعمال الطيبة التي تنفعه بإذن الله جل وجلاله،وتكون سببا في رفع درجاته عند الله جل و علا.
أيها الأحبة الكرام إن مما يجب كذلك على المسلم في هذه الأيام المباركات أن يبتعد عن البدع و الخرافات التي أحدثها أهل الجهل و الشبهات،الذين لم يكتفوا بما شرع لهم رب الأرض والسموات! فأقبلوا على البدع و المحدثات ، فعليه أن يجتنبها ويحذر إخوانه من هذه الضلالات،ومن ذلك:
1-بدعة التعريف: وهي اجتماع بعض الناس في المساجد عشية يوم عرفة من كل سنة في غير عرفة، لا لأمر عارض بل يجعلون ذلك سنة راتبة ، فيفعلون ما يفعله الحاج يوم عرفة من الدعاء والثناء من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس ولقد أنكر السلف الصالح –رحمهم الله – هذا الصنيع قديما،قال الإمام ابن وهب –رحمه الله- : سمعت مالكاً - أي الإمام مالك (رحمه الله)- يُسأل عن جلوس الناس في المسجد عشية عرفة بعد العصر، واجتماعهم للدعاء، فقال: ليس هذا من أمر الناس ، وإنَّما مفاتيح هذه الأشياء من البدع". الحوادث والبدع للطرطوشي (ص 115).
وروى الإمام محمد بن وضاح القرطبي (ت 287هـ) -رحمه الله- عن أبي حفص المدني قال: اجتمع الناس يوم عرفة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، يدعون بعد العصر، فخرج نافع مولى ابن عمر من دار آل عمر،فقال : أيها الناس إن الذي أنتم عليه بدعة، وليست بسنة،إنا أدركنا الناس ولا يصنعون مثل هذا، ثم رجع فلم يجلس، ثم خرج الثانية ففعل مثلها ثم رجع". البدع و النهي عنها لابن وضاح (ص 93)
وقال الإمام محمد بن الوليد الطرطوشي الأندلسي( ت520هـ) -رحمه الله- :"فاعلموا-رحمكم الله- أن هؤلاء الأئمة علموا فضل الدعاء يوم عرفة،ولكن علموا أن ذلك بموطن عرفة، لا في غيرها ولا منعوا من خلا بنفسه فحضرته نية صادقة أن يدعو الله تعالى،وإنما كرهوا الحوادث في الدين،وأن يظن العوام أن من سنَّة يوم عرفة بسائر الآفاق الاجتماع والدعاء ، فيتداعى الأمر إلى أن يدخل في الدين ما ليس منه ،وقد كنت ببيت المقدس،فإذا كان يوم عرفة حشر أهل السواد وكثير من أهل البلد، فيقفون في المسجد،مستقبلين القبلة مرتفعة أصواتهم بالدعاء،كأنه موطن عرفة،وكنت أسمع سماعاً فاشياً منهم أن من وقف ببيت المقدس أربع وقفات، فإنها تعدل حجَّة، ثم يجعلونه ذريعة إلى إسقاط فريضة الحج إلى بيت الله الحرام". الحوادث والبدع للطرطوشي (ص 116)
2 -ومن البدع كذلك التي ينبغي التنبيه عليها ما يفعله بعض المسلمين حيث نجدهم خاصة في التكبير المقيد بدبر الصلوات في أيام التشريق أو عيد الأضحى يكبرون بصوت جماعي،مخالفين بذلك هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه- رضوان الله عليهم-.
وقد سئل الشيخ ابن باز –رحمه الله-،فقيل له :ما حكم التكبير الجماعي في العيدين وبعد الصلوات علما بأنه يذكر الناس بهذه الشعيرة المباركة؟.
فأجاب-رحمه الله-:"يكبرون،كل يكبر في صفه،وفي الطريق، لكن ليس على صفة جماعية؛ لأن هذا بدعة لا أصل له، وإلا الكل يكبر، هذا يكبر وهذا يكبر، وبهذا يتذكر الناس ويستجيب الناس، أما كونه بلسان واحد من جماعة هذا لا أصل له، وهو التكبير الجماعي أو التلبية الجماعية، لا يشرع هذا، لكن الكل يلبي، أما أن يكبر من تحرى أن يبدأ الصوت صوت أخيه وينتهي مع صوت أخيه هذا لا أصل له، ولا نعلمه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن فعل هذا يخشى عليه من الإثم؛ لأنه بدعة". فتاوى نور على الدرب ( 13/370).
فعلينا وفقنا الله و إياكم لمرضاته أن نَلتزم بما جاء في الكتاب و السنة،فإنه ولله الحمد يُغني عن كل البدع والمحدثات، التي هي مضلة عن الدين، ومبعدة عن رب العالمين، وأن نحرص على اغتنام هذه الأيام المباركات في طاعة رب البريات،والتزود من الخيرات، ولنحذر من التسويف و الكسل، فإن الأيام تمضي والساعات تنقضي، ولعلنا لا نوفق لإدراكها في السنة القادمة،والله المستعان.
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يوفقنا وإياكم لكل ما فيه الخير والصلاح لنا في الدنيا والآخرة، ويُبعدنا جميعا عن السيئات و الشرور، فهو سبحانه ولي ذلك و العزيز الغفور.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي