المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مساعدة اﻵخرين..



عميد اتحادي
29-09-2013, 02:30 PM
فمساعدة اﻵ****خرين من أعظم أبواب الخير ولها مكانة عالية جداً في اﻹ****سﻼ****م الذي جاءت عقائده وشرائعه ﻹ****صﻼ****ح العﻼ****قة بين العبد وربه، وبين العباد أنفسهم، ولهذا حث اﻹ****سﻼ****م على إيصال النفع لﻶ****خرين بقدر المستطاع ـ حتى ولو كانت هذه المساعدة ل***** فلها أجر عظيم ـ كما سيأتي، وﻷ****ن هذه المساعدة نوع من العبادة التي يرجو بها المسلم الثواب من ربه، فإن من شروط قبولها وحصول المسلم على اﻷ****جر أن تكون هذه المساعدة خالصة لله تعالى يرجو بها المسلم رضا ربه، وأن يرزقه الثواب المترتب على هذه المساعدة، ويمكن أن ينوي المسلم بهذه المساعدة أكثر من نية مما ﻻ**** تتعارض مع اﻹ****خﻼ****ص المطلوب، فيمكن أن ينوي إدخال السرور على المسلم وهذه نية مطلوبة وممدوحة ويثاب المسلم عليها - كما سيأتي في اﻷ****دلة - ويمكن أن ينوي شكر الله على نعمه عليه وأنه أغناه عن غيره فهو يخرج صدقة هذه النعمة ببذل المعونة لغيره من المحتاجين والنوايا في هذا كثيرة، أما بذل المساعدة من أجل المصالح الشخصية، فإن كنت تعني بالمصالح الشخصية أن يريد اﻹ****نسان الثناء من الناس ونحو ذلك، فإن ذلك يتنافى مع اﻹ****خﻼ****ص، وبالتالي، فثواب المسلم منها هو ما يتحقق له من مصلحة في الدنيا، أما في اﻵ****خرة فﻼ**** أجر له فيها، ﻷ****نه قد حصل في الدنيا على ما عمل ﻷ****جله، وأدلة ما ذكرناه من ضرورة اﻹ****خﻼ****ص عند بذل المساعدة أو غيرها من أفعال الخير كثيرة، بسطناها في الفتوى رقم:52210
*، فنرجو مراجعتها.
وأما إن كان المقصود بالمصالح الشخصية اﻷ****مور المشروعة التي ﻻ**** تتنافى مع اﻹ****خﻼ****ص كأن يقصد من جماع زوجته أن يعفها ويعف نفسه عن الحرام مع قضاء شهوته، فإن ذلك ﻻ**** ضرر فيه وﻻ**** يتنافى مع تحصيل اﻷ****جر ففي الحديث الشريف:قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيت لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ ...*الحديث. رواه*مسلم.
وأما عن فضائل هذه المساعدة فمنها:*أن مساعدة اﻵ****خرين نوع من اﻹ****حسان، وقد قال تعالى:*وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ*{البقرة:195}.
وقال سبحانه:*إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*{اﻷ****عراف:56).
وقال سبحانه:*نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَﻻ**** نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ*{يوسف:56}.
ومن هذه الفضائل: ما رواه*البخاري ومسلم*في صحيحيهما: أن*عبد الله بن عمر*ـ رضي الله عنهما ـ قال:*قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم ﻻ**** يظلمه وﻻ**** يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة.
فما أعظم هذا الثواب.
ومن هذه الفضائل: ما في صحيح*مسلم*عن*أبي هريرة*قال:*قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا واﻵ****خرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا واﻵ****خرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
قال اﻹ****مام*النووي*في شرح الحديث :*ومعنى نفس الكربة: أزالها.
وفيه: فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو*إشارة بمصلحة أو نصيحة*وغير ذلك، وفضل الستر على المسلمين، وقد سبق تفصيله، وفضل إنظار المعسر، وفضل المشي في طلب العلم، ويلزم من ذلك اﻻ****شتغال بالعلم الشرعي بشرط أن يقصد به وجه الله تعالى، إن كان هذا شرطاً في كل عبادة، لكن عادة العلماء يقيدون هذه المسألة به، لكونه قد يتساهل فيه بعض الناس ويغفل عنه بعض المبتدئين ونحوهم. انتهى من شرح صحيح*مسلم.
ومن هذه الفضائل: ما ثبت عن*أبي أمامة*ـ رضي الله عنه ـ قال:*قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد من العمر.*رواه*الطبراني*وحسنه*� �ﻷ****لباني.
والمصرع: هو مكان الموت، فيقي الله من يحسن إلى الناس بقضاء حوائجهم من الموت في مكان سيء أو هيئة سيئة أو ميتة سيئة.
ومن هذه الفضائل: هذا الحديث العظيم الذي يرغب في قضاء الحاجة ومساعدة اﻵ****خرين وينشط المسلم لفعل الخير،*فعنابن عمر*ـ رضي الله عنهما:*أن رجﻼ****ً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله؟ وأي اﻷ****عمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب اﻷ****عمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، وﻷ****ن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد*- يعني مسجد المدينة -*شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ـ ولو شاء أن يمضيه أمضاه ـ مﻸ**** الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة ـ حتى يثبتها له ـ أثبت الله قدمه يوم تزول اﻷ****قدام. رواه*ابن أبي الدنيا*في كتاب: قضاء الحوائج،*والطبراني*وغيرهما ، وحسنهاﻷ****لباني.
ومن هذه الفضائل: ما ثبت في مسند اﻹ****مام*أحمد*وسنن*الترمذي*و� �ال:*حسن صحيح،*وصححه*اﻷ****لباني*عن*ال� �راء بن عازب*قال:*سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من منح منيحة لبن أو ورق أو هدى زقاقاً كان له مثل عتق رقبة.
قال*الترمذي:*ومعنى قوله: من منح منيحة ورق، إنما يعني به قرض الدراهم.*قوله: أو هدى زقاقاً، يعني به هداية الطريق.
ومن هذه الفضائل: ما ثبت عن*أبي هريرة*ـ رضي الله عنه ـ قال:*سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي اﻷ****عمال أفضل؟ قال: أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً،*أو تقضي*له ديناً، أو تطعمه خبزاً.*رواه*ابن أبي الدنيا*في كتاب: قضاء الحوائج،*والبيهقي*وغيرهما، وحسنه*اﻷ****لباني.
قال*المناوي*في فيض القدير:*أفضل اﻷ****عمال:*أي من أفضلها أي بعد الفرائض كما ذكره في الحديث المار، والمراد اﻷ****عمال التي يفعلها المؤمن مع إخوانه أن تدخل أي إدخالك على أخيك المؤمن أي أخيك في اﻹ****يمان وإن لم يكن من النسب، سروراً أي سبباً ﻹ****نشراح صدره من جهة الدين والدنيا، أو تقضي تؤدي عنه ديناً لزمه أداؤه لما فيه من تفريج الكرب وإزالة الذل، أو تطعمه ولو خبزاً فما فوقه من نحو اللحم أفضل، وإنما خص الخبز لعموم تيسر وجوده حتى ﻻ**** يبقى للمرء عذر في ترك اﻹ****فضال على اﻹ****خوان، واﻷ****فضل إطعامه ما يشتهيه.*انتهى.
ومن هذه الفضائل: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:*خير الناس أنفعهم للناس. رواه*القضاعي*في مسند الشهاب، وحسنه*اﻷ****لباني.
فما أعظم هذا الدين الذي جعل مساعدة الناس بهذه المنزلة العظيمة، بل وحتى مساعدة ال*****ات، ولنقرأ هذا الحديث العظيم لنعلم فضل دين اﻹ****سﻼ****م وأن فيه صﻼ****ح الدنيا واﻵ****خرة وأن البشرية لم يصبها الشقاء إﻻ**** بعد أن تركت اﻷ****خذ بهذا الدين العظيم، ففي صحيحي*البخاري ومسلم:*عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن امرأة بغياً رأت ***اً في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها فغفر لها.
والبغي: هي المرأة الزانية.
ومع هذا، غفر الله لها بهذه المساعدة لهذا ال*****، فكيف بمساعدة الصالحين ﻹ****خوانهم وأخواتهم؟ ﻻ**** شك أن ثوابه أعظم.
وأما: هل مساعدة اﻵ****خرين أفضل أم ذكر الله؟ فنقول: لكل منهما فضائل كثيرة، والمفاضلة بينهما صعبة، ولو أمكن الجمع بين اﻷ****مرين فهو خير، وإذا كان هناك محتاج وﻻ**** يوجد من يساعده غير السائل،*ففي هذه الحالة المساعدة أفضل وقد تكون واجبة، وإذا كان المسلم من المسؤولين عن مساعدة الغير في وظيفة فالقيام بعمله في هذه الحالة أيضا أفضل من نوافل الذكر وأوجب،*والقاعدة في الترجيح بين ما كان نفعه متعديا وما كان نفعه قاصراً ما ذكره فضيلة الشيخ*ابن عثيمين*ـ رحمه الله ـ حيث قال:*قضاء حوائج المسلمين أهم من اﻻ****عتكاف، ﻷ****ن نفعها متعدٍ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، إﻻ**** إذا كان النفع القاصر من مهمات اﻹ****سﻼ****م وواجباته.*انتهى.
ونرجو مراجعة الفتوى رقم:*37130
، ﻻ**** تعارض بين ذكر الله والقيام بالعمل الصالح وخدمة اﻷ****مة.