تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : غلط ابن حزم في نسبة قول خاطئ، وغلط عليه غيره فنسبوا إليه القول الخاطئ نفسه !



أهــل الحـديث
28-09-2013, 04:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم





ينسب بعض المشايخ إلى الإمام ابن حزم القول بجواز تنكيس الطواف.

وهذا القول لاتجوز نسبته إلى ابن حزم، بل هو مخالف لأصول مذهبه رحمه الله، ولايحتمل من مثل مقام أبي محمد في سعة الاطلاع والفقه،،

بل ابن حزم ينص صراحة في موضعين من"المحلى" على أنه لابد من جعل الكعبة عن يسار الطائف.


ومن أسباب مثل هذا الأخطاء في نسبة بعض الأقوال الغريبة إلى هذا الإمام= هو أن بعض من يطالع شيئا من كتبه التي يحكي فيها الإجماعات قد لايفهم طريقته في حكايتها،،


وبيان ذلك-باختصار-= أن لابن حزم طريقتين في حكاية الإجماع:-


الطريقة الأولى:

حكاية الإجماع صراحة دون ذكر للمحترزات.


مثال ذلك:
حكاية الإجماع على وجوب الوضوء لأداء الصلاة.





الطريقة الثانية:

حكاية الإجماع على حكم شيء ما، بعد ذكر المحترزات التي لايكون الحكم مجمعا عليه إلا بعد استثنائها.

مثال ذلك:
حكاية الإجماع على صحة وضوء من تمضمض، واستنشق، واستنثر، وغسل وجهه، وغسل يديه، ومسح رأسه، ومسح أذنيه، وغسل رجليه.

فحكاية الإجماع هذه نعني بها= أنه لاخلاف في صحة وضوء من فعل جميع ماذكر، لا أن جميع ما ذكر مجمع على شرطيته؛

لأن بعض ما ذكر قد اختلف العلماء في صحة الوضوء دون فعله، ولم يجمعوا على كونه شرطا للصحة.





- وقد أشار ابن حزم إلى هتين الطريقتين في مقدمة كتابه"المواخذ"[الذي طبع باسم"مراتب الإجماع"].

وأطلق على الطريقة الأولى:(الإجماع اللازم)،

وعلى الطريقة الثانية(الإجماع الجازي).



- وما أكثر ما أرى الخطأ في نسبة بعض الأقوال إلى ابن حزم، خاصة في كتاب الحج، وقد جمعت شيئا من أخطاء الناس على ابن حزم، مما لم يقله ابن حزم أصلا، بل بعضها ينص في عدة من كتبه على عكس ما ينسب إليه فيها، بل بعض ما نسب إلى ابن حزم=يحكى ابن حزم نفسه الاتفاق على خلافه[كمسألة السعي 14شوطا !]



والله أعلم













-وقد قع لابن حزم خطأ من جنس الخطأ السابق[الخطأ في نسبة الأقوال] في المسألة السابقة نفسها[التي نسبت إليه خطأ]؛ حيث نسب[في كتابه"المحلى"7/97] إلى أبي حنيفة جواز تنكيس الطواف.



- وهذا القول لايعرف عن أبي حنيفة، بل المعروف في كتب الأحناف عدم الجواز.

-انظر مثلا:
(مختلف الرواية2/773)،(المبسوط)،(بدائع الصنائع)،(تبيين الحقائق)،(فتح القدير)،(حاشية ابن عابدين)،(البحرالعميق2/1150)




- بل لايعرف عن أحد من أئمة المذهب القول بالجواز، إلا ما ذكر الكاساني أنه قد يفهم من كلام القدوري في شرحه على الكرخي.

وحتى هذا[الذي ذكر الكاساني في كتابه"بدائع الصنائع" أنه قد يفهم من كلام القدوري] مع كونه لايعرف له فيه موافق من أئمة المذهب= فإنه مخالف لما قرره جمهور علمائهم في كتبهم[كماذكر القاري في منسكه347]، فضلا عن مخالفته الأدلة الشرعية.

بل أشار أبومنصور الكرماني في كتابه"المسالك في المناسك"2/787 إلى كون ما قد وجد في بعض كتب الحنفية من القول بالجواز= هو من سهو الكاتب.



ثم إن الذي وجدته-أنا- في شرح القدوري = هو النص على الكراهة.
[كما في مخطوطتي "دامات باشا"(85/أ)،و"ولي الدين"(189/أ)].


وهذا لايلزم منه عدم التحريم، حيث إن الكراهة عند الحنفية على قسمين؛ تنزيهية وتحريمية.

والثاني هو المشهور في الكتاب والسنة وكلام السلف[والتنبيه على كونه المشهور قديما=أمر مقرر في عدة من كتب أتباع المذاهب الأربعة وغيرهم، ومتأخروا الحنفية أكثر اختصاصا بهذا الاستعمال عن غيرهم من بقية المذاهب الأربعة].


وهو الذي ينبغي حمل كلام القدوري عليه؛ لكونه الموافق لما عليه أكثر علماء المذهب الحنفي وغيرهم [أشار لنحو هذا القاري في منسكه]، ولأن القدوري نفسه أشار إلى التحريم في شرحه هذا نفسه،

وكذا في كتابه الآخر:"التجريد"4/1861، ونص فيه على أنه قول الأصحاب-كذا دون استثناء-.







فائدة:شرح القدوري لمختصر الكرخي كتاب كبير في الفقه الحنفي، ينقل منه بعض الحنفية كثيرا، كما تجد ذلك في أحد أهم كتب الحنفية؛"بدائع الصنائع"[ولكنه مع كثرة اعتماده عليه لايكاد يسميه إلا قليلا].

والكتاب حقق في جامعة الإمام بالرياض في سبع رسائل دكتوراه.